مساهمة في اثراء المناقشات في المؤتمر العام لجبهة الإنقاذ الوطني الأرترية

الجزء الأول:

مقدمة:

لن اتمكن من المشاركة في المؤتمر العام التوحيدي لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية. بيد ان هذه المناسبة  الثورية تحتم عليّ كعضو في التنظيم المساهمة في انجاح اعمال المؤتمر العام. فذلك، لا محالة دفعة الى الأمام للنضال  من اجل اقامة البديل الديمقراطي.

وحتى تحقق تلك المساهمة اهدافها لابد من التحلي بالموضوعية ، وطرح الأمور بالصراحة البناءة والشفافية ، لاسيما في حالتي هذه، حيث  انني سأساهم في اعمال المؤتمر عبر مواقع الإنترنت،  التي تتيح المجال لإعداد  اكبر للتجاوب .

ويشجعني على هذه المساهمة وبالطريقة التي اخترتها، التقاليد الدمقراطية لجبهة الإنقاذ الوطني، حيث كانت تتيح المجال لأعضاء سائر التنظيمات الدمقراطية الأخرى، للمساهمة في مناقشات مسودات البرنامجين، السياسي والتنظيمي، اضافةَ الى ذلك لا تختلف القضايا، السياسية والتنظيمية التي تطرح نفسها امام التنظيمات المعارضة بإعتبارها تناضل جميعا، حسب اهدافها المعلنة، لأسقاط الدكتاتورية وإقامة البديل الدمقراطي وسيادة القانون، بغض النظر عن المعالجة أ و المقاربة لكل من اطرافها، ولا شك ان مناقشات كهذه تخلق المناخ الملائم لإزالة اللبس والحساسيات وتقرب المسافات وتخلق الأرضية المشتركة والصلبة لوحدة الأفكار والمواقف.

.

في هذا السياق اود ان القي الأضواء على بعض قضايا الموقف الراهن ، التي ستفرض نفسها على المؤتمر وهي:

1-  طبيعة النظام

2-  مسألة الوحدة الوطنية

3-  اسلوب النضال

4-  القضايا ذات الصيفة القومية

5 – الدين والمجتمع والدولة

6-  العلاقات الخارجية

وفي هذا الجزء من االمناقشة او المساهمة سأتناول الحديث عن المواضيع الأربع الأولى.

 

اولاً طبيعة النظام:

ارتريا، في هذه اللحظة التاريخية الراهنة، ترزح تحت نير الدكتاتورية. والهدف الأساسي للقوى الدمقراطية هو اسقاط النظام الدكتاتوري واقامة البديل الدمقراطي. لهذا فالتناقض الرئيسي هو النظام الدكتاتوري.

ماذا نعني بالنظام الدكتاتوري؟

نعني بذلك قيادة المؤسسات السياسية وقيادة الادارة العسكرية والمدنية والشخصيات صاحبة المصلحة في استمرار هيمنة النظام الدكتاتوري، من مختلف الأنتماءات الدينية واللغوية والعرقية والاقليمية.

لا يغير من هذه الحقيقة محاولة النظام استغلال التناقضات الثانوية. وبشكل اكثر تحديدا نناضل من اجل ازاحة هذا الكابوس واقامة بديل دمقراطي يضمن بشكل اساسي:

–          سيادة القانون

–          تداول السلطة بشكل سلمي

–          التعدد الحزبي

–          الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية

–          الحريات الأساسية

–          حياة برلمانية سليمة

–          حق المواطنة بمفهومها الحديث

–          خلق المناخ الملائم لتعزيز الوحدة الوطنية

–          المساهمة في تعزيز السلام على الصعيدين، الإقليمي والدولي.

يجب على تنظيمنا ، منطلقا من هذه المفاهيم الدمقراطي، ان يلعب دوره اكثر من ذي قبل لمواجهة حملات تزييف الوعي. تلك الحملات الادمقراطية والاموضوعية، التي تتجلى في ادعاء ان النظام الدكتاتوري يمثل اقليما او طائفة دينية بعينها.

وتلك التي تحاول ايهامنا ان التناقض الرئيسي يتمثل في شخص رأس النظام فقط …. ومحاولات اخرى تحاول ان تقدم لنا (وعاء ) البديل الدمقراطي فارغا من مضمون سياسي  واجتماعي واضح.

اكدت لنا  تجارب الثورات والحركات السياسية الناجحة ان وضوح الرؤية اكثر الطرق لتحقيق الهدف.

ثانياً: مسألة الوحدة الوطنية:

هذه قضية مركزية في كافة مراحل النضال الوطني والدمقراطي.، اذ تعني بشكل اساسي حشد كافة الطاقات ، المادية والمعنوية، لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف المرجوة.

ومعالجة هذه القضية المحورية، يتطلب، في البدء، الأقرار بحقيقة بديهية، وهي ان المجتمع الأرتري ذو تعدد ديني ولغوي واقليمي واثني، كما ان مستوى التطور المادي غير متوازن ، ليس بين المدينة والريف فقط، بل بين مختلف الأقاليم، وتحديدا اكثر وضوحا بين المنخفضات والمرتفعات.

لا يسمح المجال ، هنا، مناقشة الخلفية التاريخية والاسباب الأقتصادية والاجتماعية لهذه الحقيقة.

والتحدي الاساسي الذي يواجهنا، في هذا الصدد، هو مسألة  مخاطبة هذا التعدد لإستنهاض كافة الطاقات والمساهمة في صنع القرار.

وهذا يتطلب وضوح اجندة النضال الدمقراطي الارتري.

وسوف يتضمن ذلك في المقدمة، مسألة المشاركة في السلطة والثرو

ليس هذا بالأمر السهل في وقت تطل برأسها اطروحات ايدولوجية خارج السيرورة،التاريخية لتطور المجتمع الارتري لا تأخذ في الإعتبار شروط الزمان والمكان.

ولا اجافي الحقيقة اذ ازعمت ان بعض تلك الاطروحات تخدم بشكل غير مباشر، النظام الدكتاتوري. لهذا فالتوصل الى مقاربة موضوعية لمسألة الوحدة الوطنية في غاية الأهمية.

ثالثا: اسلوب النضال:

نضال سلمي ام مسلح؟

هذا تساؤل عبثي في ظل استمرار  النظام الدكتاتوري في مواقفه المعادية لطموحات جماهير شعبنا.

المسألة المركزية هنا، هي تقييم طبيعة النظام الراهن.

اذا من المنطقي ان تناضل كافة القوى والشخصيات السياسية، التي تؤمن بأن ارتريا ترزح تحت نير الدكتاتورية، وضرورة اقامة البديل الدمقراطي، خوض كافة اشكال النضال لتحقيق اهدافها. وليناضل كل على حسب قناعاته وامكانته وليحترم اسلوب نضال وقناعات الآخرين.

رابعاً : القضايا ذات الصيغة القومية:

هل افرز التطور الإجتماعي والإقتصادي تشكيلات قومية محددة في ارتريا؟

ام اننا  لازلنا في طور  مجموعات  قومية؟

ام ان ما نشاهده ليس الا تشكيلات قبلية او اقليمية؟

القومية مفهوم حديث. هناك معايير لتحديد قومية ما.

وتؤكد تلك المعايير ان التشكيل القومي جاء محصلة نهاية للتطور الإقتصادي والإجتماعي  والسياسي لعقود طويلة.

ويعني ذلك  انه تجاوز للتشكيلات القبلية والإقليمية ، ولكن ساد الساحة الإرترية فهم متعسف لمفهوم القومية.

فنتيجة لتخلف الحركة السياسية وافتقارها لدليل سياسي واضح، إكتفى البعض باللغة كمعيار وحيد لتحديد القومية…. وزاد الطين بلة إصرار اطراف ارترية على نقل تجارب اخرى تختلف اوضاعها السياسية والإقتصادية والإجتماعية عن اوضاع الواقع الإرتري ….. ولازالت في مرحلة  “التجربة” .

ووفقا لهذا الفهم شاعت مقولة  “القوميات” التسع، مع ان المعيار الذي اعتمده هذا الفهم كان يفترض زيادة عدد القوميات بإضافة ” الدهلكية”  و “ايليت”.

وقد تسببت محاولة النظام الدكتاتوري فرض مفهومه المتعسف حول المسألة القومية الى حدوث ردود فعل سلبية… وساهمت في تزييف الوعي السياسي.

وبغض النظر عن التصنيف الصحيح للتشكيلات البشرية في الواقع الأرتري … فهذا امر يحدده ، في الختام نقاشات موضوعية  يساهم فيها مفكرون ومراكز بحث.

لكن المسألة التي طرحت نفسها في اجندة النضال  ضد الدكتاتورية  هي تشبث بعض الأطراف بصيغة  حق (تقرير المصير حتى الإنفصال)

لاشك ان الإعتراف  بحق تقرير المصير، لكافة التشكيلات البشرية، جزأ لا يتجزأ من الخيار الدمقراطي.

وماذا يعني حق تقرير المصير لأي مجتمع قومي او اثني … الخ؟

يعني ، بإختصار اتاحة الفرصة امام اي من تلك التجمعات تحديد مصيرها بطريقة دمقراطية نزيهة ودون تدخل من ايه اطراف خارجية. وقد يكون خيارها التأكيد على الإعتراف بالحقوق الثقافية او اي شكل من اشكال الإدارة الداخلية في اطار الدولة الواحدة… ولا يستبعد ايضا خيار الإنفصال.

ولا تلجأ مجموعة قومية او اثنية  … الخ الى خيار الإنفصال الاّ اذا سدت امامها الطرق، وتصعيدا لنضالها من اجل وضع افضل.

وتأتي الأقليات في مقدمة النضال  من اجل الدمقراطية والعدالة ، ويناء الدولة  الدولة  المدنية، بمفهومها المعاصر، وسيادة القانون. وفي ظل اوضاعنا الراهنة … يعتبر التأكيد من قبل البعض على حق تقرير المصير حتى الإنفصال مصادرة لخيار المجموعات القومية او الأثنية التي يدعى الدفاع عن مصالحها وتطلعاتها.

كما انه يثير المخاوف  والشكوك في صفوف القوى المعارضة …. التي تحتاج في هذه المرحلة النضالية الى تعزيز الثقة بينها، وسد كافة الثغرات التي يمكن ان ستغلها النظام الدكتاتوري. ومع ذلك فعلى القوى الدمقراطية ان تدافع عن مبدأ حق تقرير المصير لمختلف المجموعات القومية او الأثنية كجزء لا يتجزأ من اجندة النضال الدمقراطي. وان تناضل في هذه المضمار لإشاعة مفهوم دمقراطي للقضايا ذات الصيغة القومية لمواجهة حملات تزييف الوعي السياسي …. والهدف الرئيسي في هذه المرحلة التاريخية الراهنة حشد كافة الطاقات المادية والمعنوية، لإسقاط النظام الدكتاتوري.

التقيكم في الجزء الثاني

عمر محمد احمد  – روتردام /اكتوبر 2012

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=26524

نشرت بواسطة في أكتوبر 20 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010