قراءة حول آليات التحول الديمقراطي2

بقلم: عمر محمد صالح

المحور الأول : الوحدة

حقاً…… لا طريق للوحدة الحقيقية أمامنا سوى الإتفاق حول كينونة القيم  الدينية وصيرورتها كأقوى القيم الإجتماعية تاثيراً على عملية الوحدة الوطنية .. ذلك أنها كآلية تنظيمية تمتلك مفاتيح  القراءة الصحيحة لمعايير السلوك الإجتماعي تجاه قيم الخير والشر والخطأ والصواب .. كما تمتلك إرادة التوجيه والتأثير على غيرها من القيم الإجتماعية ذات الطابع السياسي والثقافي والإقتصادي والقانوني ..الخ ، لتساهم بصورة فاعلة في صناعة الفكر والشعور (الفردي والجماعي) وتركيب الوعي وفق درجات إستجابة الكيان الإرتري وتفاعله الجاد مع موجهات هذه القيم ، فينسحب هذا التفاعل الى جيل الأبناء إرتقاءاً الى مستوى التوحد والإلتقاء والتماسك والإلتفاف مع جيل الأباء حول ضرورة الإستجابة لقيم الإلتزام بالخير والفضيلة كعناصر مقوية لبناء الوحدة والوفاق الإجتماعي .. وضرورة نبذ قيم الشر والرزيلة كعناصر طاردة لعملية التماسك الأخلاقي في البناء الإجتماعي ….

هذا بإختصار شديد مجمل الدور التنظيمي للقيم الأخلاقية (المنبثقة من جزورالقيم الدينية) في ترسيم حدود العلاقات السيادية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والقانونية وتدعيم بناء الوحدة الوطنية على أرقى مستويات الإستجابة الوجدانية والسلوكية لمقتضيات إستمرارها كأساس متين يقوم عليه بناء التغيير الديمقراطي وقواعد البناء الدستوري للدولة الديمقراطية المنشودة …

ولعل من أهم ما تتطلبه المرحلة من عضوية الملتقى هو النجاح في إجتياز ألغام المراحل السابقة التي كانت مفاهيم حراكها يفترض وجود إختلاف في تصميم البناء الأخلاقي للشريكين (المسلم والمسيحي) وذلك إستجابة لإنعكاسات النظرية التقليدية القديمة المستنبطة من الفكر الغربي ذلك الفكر الذي لا يسترعي إنتباهه سوى المجرى الإعتقادي والتعبدي الظاهري لحركة الرافدين (القيم الإسلامية والمسيحية) الذين يقسمان على ضوء ذلك الحراك الوطني ومن ثم الكيان الوطني عمودياً الى خطين متوازيين .. ولعل هذا المستوى من التفكير التقليدي هو الذي قد أغرق الحراك النضالي سابقاً في أوحال النظريات البديلة (الوافدة من الغرب والشرق) وذلك عملاً منهم بالمبدأ الجدلي للنظريات المادية التي تتجاهل جسر التواصل الأخلاقي الممتد بين الكيانين المسلم والمسيحي لكون نظرتها الأخلاقية تنبني على مبدأ التحلل من القيم الأخلاقية الموروثة من قبل المجتمع .. وذلك بناءاً على رفضها التأريخي لعودة القيم الدينية لمنصة التوجيه الإجتماعي مرة أخرى وذلك عملاً بالمبدأ البديل (العلماني) والمرتبط بإفرازات تأريخية مرَّ بها المجتمع الغربي وحده دون غيره من المجتمعات .. الأمر الذي أسقط الحلول العملية لتلك المجتمعات بسقوط القيم الأخلاقية المنبثقة من القيم الدينية عن معالجة أزمة الديمقراطية ..وبات يهدد التماسك الذي يتميز به البناء الأخلاقي للمجتمع الإرتري (المسلم والمسيحي) في المستقبل بسبب محاولات تطبيع قيم هذا البناء النظري للجدلية المادية (المتحللة من القيم الدينية) مع قيم البناء الإجتماعي الإرتري الراسخ من خلال قيمه الأخلاقية المرتبطة إرتباطاً وثيق بجزور قيمه الدينية (الموجهة لإعتقاده وسلوكه) .. فإن كانت النخبة الإرترية سابقاً قد تجاذبتهم نوازع فكرية تتناقض مع عقيدتهم ومع أهداف الثورة الأخلاقية نتيجة للعبئ والضغوط النفسية الكبيرة الواقعة عليهم  لحداثة التجربة وقلة الخبرة النضالية في فترة التحرير … فإن إنقشاع ذلك العبئ وتلك الضغوط والمبررات السابقة من قلب الحراك النضالي الراهن يجب أن يُحدث التغيير المنشود في الوجهة الفكرية والسلوكية العامة للنخبة السياسة بعد إستفادتها من إرهاصات التجربة المريرة الماضية وبلوغها مرحلة متطورة في الفهم والتنظير السياسي والتنظيمي .. ومن ثم عليها من خلال عضوية الملتقى السعي لتركيز الوعي وتكثيف الحضور بهدف الإمساك بخيوط الوحدة والبدء في عملية تشريح للمراحل السابقة وإجراء جراحات ماهرة لإستئصال الأورام الخبيئة والأمراض المعيقة للتطور في إتجاه تفعيل أهداف ملتقى الحوار الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي المقسمة الى محاور هامة سترسي القواعد الأخلاقية لإرادة التغيير

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=2998

نشرت بواسطة في أبريل 11 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010