الملف الجزء الاول – الحلقة الثانية

العلاقات الارترية – الامريكية

عمر جابر عمر

مرحلة الدولة : –

فى عام 1993 اعترفت امريكا بالدولة الارترية المستقلة وفى يونيو من نفس العام تم فتح السفارة الامريكية فى (( اسمرا )) .

الاستراتيجية الآمريكية تجاه ارتريا بعد الاستقلال كانت تهدف الى : 1/ تحقيق الاستقرار الاقليمى – 2 / بناء علاقات سلام وتعاون مع اثيوبيا – 3 / اقامة نظام ديمقراطى – 4 / المساهمة الايجابية فى حل مشكلة القرن الافريقى . ( كما سنرى لاحقا ، ارتريا لم تلتزم باى من بنود تلك الاستراتيجية ) بل عملت على نسف كل تلك الاسس .

كذلك فان هدف امريكا كان اخضاع السودان واحتوائه وافشال برنامج الدكتور الترابى بنشر المشروع الحضارى الاسلامى .

لذا قامت امريكا بدعوة كل من اثيوبيا واوغندا ورواندا وارتريا للقيام بالمهمة – واطلقت على قيادات تلك البلاد وصف زعماء النهضة الافريقية الجدد !!!

وكان اسياس أكثرهم حماسا واستعدادا للتعامل مع امريكا لقناعته بانه أكثر الاربعة خبرة بالشئون الدولية !؟ ( غرور الشعبية ) .

وقدمت امريكا مبلغ 20 مليون دولار لكل منهم

* فى عام 2004 قدمت امريكا مساعدات انسانية واغذية بمبلغ 65 مليون دولار

* قال اسياس فى صيف 1995 : ان ايام الحكومة السودانية اصبحت معدودة وسيسقط النظام قريبا .

* بعد حرب الخليج الاولى كانت هناك معدات عسكرية فى الكويت تم شحنها الى ارتريا ( ملابس عسكرية – أحذية – معدات اخرى )

* سبحت افريم وزير الدفاع وبعض كبار الضباط زاروا قواعد عسكرية وتم تدريبهم فى دورات سريعة ومكثفة

* تمت دعوة اسياس لزيارة حاملة طائرات امريكية فى البحر الاحمر وحملته طائرة هيلكوبتر ليقوم بجولة فى حاملة الطائرات – تلك كانت رسالة الى السودان ولاقناع اسياس بأهميته !

* أثناء التحضير لحرب العراق كانت الجبهة الشعبية جزء من التحالف وقام السفير الارترى فى واشنطن – جرماى اسمروم – بتوجيه دعوة علنية الى امريكا لاستخدام ارتريا كقاعدة عسكرية – وفى محاولة رخيصة لجعل العرض مقبول قال: حتى جبال ارتريا تشبة تورا بورا ! ؟

* أمر اسياس ببناء مطار فى مصوع بمدرجات طويلة وحديثة لاستقبال الطائرات الحربية الامريكية العملاقة ، وكان ينتظر موافقة امريكا لبناء قاعدة لها فى ارتريا – وتم صرف الملايين على بناء المطار الذى اصبح مهجورا تهبط فيه طيور البحر والغربان !

الطلاق وانتهاء شهر العسل

فى يونيو 1998 رفضت ارتريا انهاء الخلاف الحدودى بينها وبين اثيوبيا بسلام . رفض أسياس كل محاولات امريكا للتوسط بين البلدين بل انه وجه اتهاما وشتائم الى بعض ممثلى الولايات المتحدة .

ثم اتهم اسياس امريكا بالتأمر ضده وقلب نظام حكمه وبعدها اعتقل أعضاء من السفارة الامريكية بتهمة العمالة للمخابرات الامريكية !؟

بعد سبتمبر 2001 حاول ( رونالد رامسفيلد ) وزير الدفاع الامريكى رأب الصدع واصلاح العلاقات ولكن وزير الخارجية ( كولن باول ) رفض ذلك بشدة وقال انه نظام غير ديمقراطى وضد حقوق الانسان .

كانت القشة التى قصمت ظهر البعير اختيار امريكا لجيبوتى لتكون قاعدة لقواتها فى المنطقة .

فى عام 2005 أمرت الحكومة الارترية بوقف نشاط منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الانسانية الامريكية USAID

الخلاصة :

امريكا وضعت معايير محددة ترتبط بمصالحها حين قررت التعامل مع الجبهة الشعبية ضد جبهة التحرير الارترية واليوم طبقت معاييرا جديدة ترتبط أيضا بمصالحها – كان الخيار بين تحالفها الاستراتيجى والتاريخى مع احفاد (( أكسوم )) وقلعة المسيحية فى القرن الافريقى وبين رئيس متقلب المزاج مستغرق فى عبادة الذات يقود بلدا لاتؤمن أمريكا بأحقيته فى الاستقلال !؟

أعود الان الى ما ذكرته فى البداية عن السؤال الذى طرحه ( أسياس ) والجواب الذي قاله ضابط المخابرات الآمريكية :

— السؤال : ما هى الضمانات لاستمرارية دعمكم لنا ؟؟

— الجواب : استمرار تواصل المصالح وعدم تقاطعها! ؟

القراءة الخاطئة للعلاقات الدولية والاقليمية وخلط الاولويات وتقديم الثانوى على الرئيسى كل ذلك أدخل القيادة الارترية فى نفق مظلم ودخلت البلاد كلها – ارتريا – فى عزلة وحصار ومحنة لا تعرف عواقبها .

بمتابعة وتحليل علاقات وتحالفات امريكا فى العالم يمكن رصد وتسجيل الحقلئق التالية:

1) يمكن ان تتساهل وتغض الطرف عن بعض التجاوزات فى سجل حقوق الانسان والحريات العامة من قبل الحلفاء.

2) يمكن ايضا ان تصبر على بعض الخطوات التى يتخذها الحلفاء والتى قد تسبب ازعاجا مؤقتا وسوء فهم عابر.

3) لكنها لا يمكن ان تتسامح مع من يلحق الضرر بمصالحها ويصبح عقبة امام تنفيذ استراتيجيتها – ذلك هو الخط الأحمر فى علآقاتها مع الآخرين !

انتهى هذا الجزء