ارتريا بين زوال النظام الرسمى وبقاء المجتمع العميق !
بقلم / أحمد نقاش
ان الشارع السياسي الارترى فى هذه الايام يشهد حراك سياسي شديد دون الوصول الى النتائج العملية التى يترقبها الشارع السياسي الارترى والتى فى حاجة اليها الوطن ككل قبل حدوث الانهيار.لعل هذا الحراك الارترى وما يحدث من التدافع فى المحيط الاقليمى لارتريا ما بين ثورات الشعوب وعودة الفلول فيما اصطلح عليه فعل الدولة العميقة هو الذى اوحى لى لاختيار عنوان هذا المقال بعد انقاطع طويل عن القراء الكرام بسبب انشغالى بالسياسة العملية التى اراها هى الاخرى تتخبط وتتعثر كثيرا لعدم وجود المقومات الحقيقة لانتاج الفعل السياسيى التذى يتجاوز التنظير وكذلك بسبب سوء النواية واختلال التوازن فى التخطيط ما بين طرفى المعادلة الوطنية وبقاء القناعات الاسمنتية على حالها واختلاف اولوياته واهتماماته المصلحية.وفضلت استخدام المجتمع العميق بدل الدول العميقة بسبب قصر عمر الدولة الارترية قياسا على عمق الصراع المجتمعى ما بين طرفى هذه المعادلة منذ قديم التاريخ بشكله العرفى الذى تبلور فى اربعنيات القرن الماضى بشكله السياسى محليا فى تناغم تام مع الصراع الاقليمى والدولى .
عند ما طرحت المسألة الارترية فى الامم المتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية انقسم المجتمع الارترى الى قسمين لا ثالث لهما رقم تعدد الاعراق واللغات والاقاليم لان اساس الصراع السياسى فى ارترىا مبني حقيقة على الثقافة والدين والمصير المشترك لكل منهما، لذا سارع كل منهما لتأسيس آليات العمل السياسي لتوعية جماهيره واصدقائه من دول الجوار والعالم أجمع. وقام معظم اصحاب الثقافة التقرينية بتأسيس حزب الوحدة (اندنت) من عام 1942 وقام اصحاب الثقافة العربية بتأسيس حزب الرابطة الاسلامية من عام 1946 وكان الاول يدعو الى الوحدة مع اثيوبيا ليس كرها للاستقلال الذاتى لكن خوفا من الشقيق الاكبر فى تلك المرحلة لان الشقيق الاكبر كان متماسك البنيان والصفوف.والثانى كان يدعو الى الاستقلال الوطنى دون قيد او شرط لانه لم يكن يستقيم عقلا الانضمام الى دولة يضطهد فيها اخوتهم فى العقيدة وهم اكثرعدد فيها،هذا ما عبر عنه المناضل الشهيد (عبد القادر كبيرى ) فى احد رسائله الى صديقه من الساسا الصومالين .
بعد اقرار الاتحاد الفدرالى مع اثيوبيا من قبل الامم المتحدة ودخول الاستعمار الاثيوبى و جيش الامبراطور الاثيوبى الى الوطن الارترى كانت السلطة الفدرالية الفعلية فى ارتريا للنخب السياسية لحزب الوحدة الارترى الذى استقوى على اخيه بالغريب الذى جاء من وراء الحدود – وكذلك يفعلون- ثم عمل على تاسيس المجتمع العميق لتامين المكاسب والاستفادة منها فى حمى الاستعمار الاثيوبى بقدر المستطاع ،فى الوقت الذى بدأت تنهار مؤسسات الرابطة الاسلامية نتيجة الممارسة الاستعمارية الغير مشروعة وان بقيت نفوس جماهير الرابطة والكتلة الاستقلالية مشوحونة كرها للاستعمار،وعقب انزال العلم الارترى والغاء اللغة العربية وضم الوطن نهائيا الى اثيوبيا طفح الكيل وبلغ السيل الزبي وعند اذن تأسست حركة التحرير فى السر قبل بضع سنين ثم تسارعت وتيرت الغضب وانفجرت الثورة بقيادة القائد عواتى فى المنخفضى الغربى من الوطن من عام 1961 وبسرعة لحقى بهم اخوتهم من المرتفع والمنخفض الشرقى بقيادة المناضل قرجيمات على شوم سليمان وكان هذا الانفجار بشكلى عفوى دون تخطيط عميق يتناسب مع ابعاد القضية الوطنية محليا ودوليا.
عند ما تصاعدت وتطورت الثورة من ناحية وسقط النظام الامبراطورى فى اثيوبيا من ناحية اخرى انتقل المجتمع العميق بشكل سريع من موقع الى اخر لتأمين المصالح عملا بالقول المأثور فى عالم السياسة ” لا توجد عداء او صدقات دائمة لكن توجد مصالح دائمة ” ام المجتمع البسيط هلل واستبشر خيرا بهذا القدوم الميمون لشقيقه الاصغر عملا بالقول المأثور فى الكرم البدوى ” يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل ” وتمكن المجتمع العميق من الثورة بما اكتسبه من الخبرة مع المستعمر فى ادارة امور السياسة وكيفية السيطرة، واضحى الشقيق الاكبر يتيم على مائدة الليأم وكان هذا اكثر وضوحا عقيب قيام الدولة الارتريا من عام 1991.
الطبيعة البدوية ان كانت بسيطة فى تعاطيها لسياسة الا انها عصية على ترويدها على الظلم بسهولة ويسر ان الشقيق الاصغر بفعله هذا كسب معركة الا انه لا يمكن ان يربح الحرب كلها لان دوام الحال من المحال هكذا انتقل الشقيق الاكبر الى خيار المعارضة فى المنفى وصبر وصابر من اجل الحفاظ على راية المعارضة والمقاومة للنظام الديكتاتورى فى اسمرا، بينما الاخرون كبروا وهللوا بنزول الملاك افورقى من جبال الساحل الى قصور اسمرا وحناتها العامرة . وعندما ساءت احوال الوطن والمواطن من جانب وانكشفت سوءة النظام وعورته القبيحه، من جانب اخر وبلغ جنون العظمة عند افورقى مبلغه واصبح يهدد بفشل المشروع القومى انتقلت نخب المجتمع العميق الى قوى المعارضة كرها لجنون النظام وليس لمشروعه، وبدأ الشقيق الاكبر يوسع من دائرة المعارضة لاستعاب القوى الوطنية القادمة دون دراسة لتجربته القديمة لان الكرم مطبوع فى جبلته والبساطة جزء فى تعامله، وقام بتاسيس التجمع الوطنى ثم التحالف الوطنى الا ان كل هذه المؤسسات تم شيطنتها لشيئ فى نفس يعقوب ،ثم تم تأسيس المجلس الوطنى الارترى بعد جهود كبيرة بذلت بوثائقه الوطنية التى تحمى حقوق الجميع لهذا السبب تعرض ويتعرض هذا المجلس الى هزات كبيرة للقضاء عليه محليا واقليميا منهم من نعلمهم وأخرين من دونهم لا نعلمهم الله يعلمهم.هكذا يلاحظ ان مسار المعارضة الارترية يسير فى الاتجاه المجهول، المعارضة القديمة انهكها الدهر بدأت تضعف وتتشتت وتنقسم على نفسها والجديد يتخبط لدرجة انه اضحى يتعامل مع الفعل السياسي كأنه مودة او طلعة كل ما ظهر شخص هرولوا من ورائه لعمرى لو جاء رأس النظام نفسه معلنا انه معارض لذاته الدكتاتورية لوجد من يصفق له ويسعى معه من اجل التغيير الديمقراطى وانقاذ الوطن – انه انفصام فى العمل السياسي – يبدو نحن فى زمن لا يهتم به الناس بالمعاير والاخلاق المطلوبة فى قيادة الامة لاخراجها من معاناتها المزمنة، ونخب المجتمع العميق او الدولة العميقة ان جاز التعبير تخطط من جديد هنا وهناك للحفاظ على المكتسبات التى تحققت فى غفلة من الزمن ولو كان ذلك عبر التحالفات المشبوهة لان الغاية عندهم تبرر الوسيلة. ودول الجوار تراقب وتترقب بصمت ولا تفصح ماذا تريد، ودول العالم تنظر و تنتظر واركان النظام تتصارع وتتأكل تخلى منجوس يختفى وفيلبوس يتقدم وافورقى يتفرج ،وشباب الوطن يهاجر الى المجهول.
الشقيق الاكبرفى مجموعه (نخبة+المجتمع) يبدو كذلك انهكته محاولة الاصلاح وتحمل متاعب الوطن والحفاظ على المشروع الوطنى الذى كان احد سماته البارزة وبدأ يفكر فى تقزيم نفسه الى قبائل وقوميات واقاليم لعل وعصى هذا يقنع الشقيق الاصغر ويهدئ من روعه اذا شاهدهم وهم اقزام. هكذا اذا ان معجزة كتيب او منشور افورقى “نحن واهدافنا” لم يكن فقط فى تحقيق النصر لصاحبه بل ان الضحية اضحت تؤمن ببعض نصوص الكتاب وتطبقه على نفسها !! لذا نخشى من ان نصحي يوما على وطن بلا اثر او شعب بلا خبر ونخبة بلا عمل .اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه .
فى الختام اتمنى للجميع التوفيق وللوطن الارترى السلامة من كل سوء… ورمضان كريم .
لتواصل : ahmednegash99@gmail.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30992
الأستاذ / أحمد نقاش
عندما تحس جنرالات الجيش بأن جيشها أصابه الوهن تسعى إعادة ترتيبه أيضا عندما تكون البوصلة مفقودة وأختلط الحابل بالنابل يتم البدء من الصفر بقواعد جديدة ومتينه مستصحبتا في بنائها الجديد عبر من أخطاء الماضي
تم تكوين الأحزاب والتنظيم الوطني الأول من عناصر تكوين الشعب الارتري الأولى أي القبائل والمناطق والدين وهذا الشعب يمكنه أن يكون مرتا أخرى أحزاب وتناظيم وطنية جديد ولكن هذه المرة على اسس واضحة وقوية
التشذي الحاصل في الساحة الارترية ليس نهاية المطاف كما هي أيضا ليست الجولة الأخيرة في العمل الوطني لأن ما يجمع هذا الشعب أكثر مما يفرقه وبالتالي هذه التكوينات القومية والقبلية والمناطقية هي مجرد مرحلة عابرة وما يتبعها سوف يكون أقوى في الصمود ودحر الأعداء
الشعب الارتري أنتصر في السابق ليس بالمال ولا بالكثرة ولكن أنتصر بالإرادة — الإرادة أقوى من المال والسلاح وهذه الميزة تجعل القبائل الارترية على مصاف القبائل والعشائر والشعوب الأخرى التي صنعت الانتصارات في أوطانها
القبائل والمناطق التي تعاقدت في السابق في تكوين أحزاب وتنظيم وطني يمكنها اليوم ايضا أن تتعاقد وتكون أحزاب وطنية من جديد على اسس لا توقعها في أخطاء الماضي —- وبكل تأكيد هذا الذي سوف يحدث وإن غدا لناظره قريب
اولا الشكر موصول لموقع فرجت الذى يتح التفاعل ما بين الكاتب والقراء من خلال باب التعليقات وكما اشكر الاخوة المعلقين بل المساهمين كل من الاخوة عبدالله وعلى واحمد الارترى .
الاخ عبد الله اتفق معاك على ان السياسيون يجب ان يلموا انفسهم لان فشلهم هو الذى اوصل المجتمع الى هذه الحال ز الا انى اختلف معاك ان القبائل والقوميات تجاوزت السياسين لانهم هم نفس السياسيون الذين يقودنها فى معظمهم وان لم يكنوا كلهم . اما المقارنة ما بين عشائر العراق وعشائر ارتريا هناك فرق شاسع من حيث الحجم والوفاق والعمق فى قوة العرف والالتزام والخبرة والاقتصاد فضلا عن المحيط وكثير من الامور لا يتسع المجال لذكرها هنا . ام قول اخى عبدالله اننا نستهين بهذه القبائل والقوميات لا ادرى فى اى فقرة او سطر وجدت هذه الاستهان ان كان التعليق على المقال ام اذا كان على الاستنتاج وانت حر لان الاستنتاج ليس بالضرورة ان يتطابق مع مقاصد سطور المقال لكن نؤكد لك اننا لا نستهين بالفرد وما بالك بالمجتمع الذى نحن جزء منه ونسهر من اجله .
اما الاخ على مع احترامى لما تفضل به الا انه يبدو لديه خلط فى المفاهيم للمصطلحات الاجتماعية ومفردات علوم الانسان المجتمع البسيط لا تعنى التقيليل او الذم انما هى وصفة علمية للمجتمع معين فى احد مراحل تطوره ولهذه المرحلة اجابيتها وسلبياته لعل هذا واضح فى سطور المقال اذا تم فهمه بكلياته ودون بتر الكلمات عن سياقها العام .
وكما لا يعنى صفة المجتمع العميق عظمة او مدح انما هى صفة لفعل مجتمعى فى حماية مصالحه اما ما ذكرته انت قد يكون صفة للمجتمع فى حد ذاته وهذا قابل للنقاش والبحث والتمحص وهى فى كل الاحوال صفات والنتيجة الفعل العميق فى حماية المصالح هذا ما قصدنا به المجتمع العميق .
ام الاخ احمد الارترى اتفق معك فى الوصف للنظام الارترى لكن المقال قصد منه ان يلفت النظر الى ابعد من النظام الذى قد يتغيير فى اى لحظة فى حينها تزول كل الاوصاف المرتبطة به دون الوصول الى حقيقة المشكلة لذا الحديث حول المجتم العميق ابعد عمقا من النظام لان النظام نتيجة وليس فعل وافكار نظام الجبهة الشعبية الموجودة بالفعل كانت موجودة بالقوة وفق الاصطلاح الارسطى . اما تعبير المجتمع عن مظالمه فى شكل تاسيس منظمات هذا شئ محمود والمقال لم يتحدث حول تاسيس او عدم تأسيس انما تحدثت السطور حول مأسات التجزء والتقزم لان مالم يعالج بالتكتل والوزن الثقيل اعتقد أصعب معالجته بالتجزء والوزن الخفيف ام اذا كان حديثك من باب التعامل مع الواقع هذا فيه نظر لان من طبيعة البشر البعض يتحدث حول ما هو كائن والبعض الاخر يتحد حلول ما يجب ان يكون . والشكر لكم جميعا .
سبب المأساه التي يعاني منها الشعب الإرتري اليوم هي ( الشوفينية التقرينياوية ) فأهل التقرينيا هم من مكنوا الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي من ضم إرتريا إلى بلاده و بتالي تمكينه من تصدير تخلفها السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي – و على أكثر من صعيد – إلى إرتريا مما أدى إلى تفجير حرب التحرير الإرترية في الأول من سبتمبر – كما يعلم الجميع – .
ذات الشوفينية أفرزت لنا تنظيم ( الجبهة الشعبية ) الذي مكن إسياس و عصابته من السلطة و النفوذ و إحداث حالة نزيف بشري – ماثلة للعيان – و إعتقال عشرات الآلاف من أصحاب الرأي و أيضا إرتكاب جرائمه بحق المسلمين .
إذا الصبر على أذى الشقيق الأصغر بدعوا الحفاظ على الوحدة الوطنية غير فعال لا وبل له نتائج عكسية لا بد للقوم أن يعلموا حدودهم و من يقول النظام غير طائفي فحتما هو واهم .
نحن ممنوعون من أبسط الحقوق نحن مقتهضون و مظلومون و مهمشون . فكيف لا نغضب ؟ و كيف للكراهية أن لا تنتشر ؟ و كيف لوحدة الوطنية أن تستمر على ضوء هذه المظلوميات ؟
لا بأس في أن نؤسس منظمات تنادي بحقوقنا المسلوبة و لا بأس أن نتكتل طائفيا و عرقيا. مادام الموكل بهذا الأمر فضل الصمت خشية خدش حياء الوحدة الوطنية “المزعومة ” .
هناك ( مجتمع عميق ) متعصب عنصري منعزل لا يحب أن يتعايش مع جيرانه بسلام .
سبب تعصب الناس لقبائلهم و عشائرهم في الماضي هو أن القبلية توفر لأبنائها الأمن و العدل و العمل ( الزراعة – رعي الغنم ) بحيث لا يوجد فقير فقراً مدقعاً أو خائف أو مظلوم و متى ما تمكنت الدولة من توفير هذه الأمور إنخفض الولاء للقبلية و تعزز الولاء للوطن .
الأصل أن الوطان تبنا لأجل صيانة كرامة شعوبها أما في بلادنا نشاهد العكس تماماً .
عميق؟! والله لا عميق ولاشي قل مجتمع متعصب أو عنصري أو منعزل لايحب ان يتعايش مع جيرانه، العميق هو المتسامح الذي يقبل الآخر وهذه متوفره في من سميته المجتمع البسيط،صحح كلامك ياأستاذ
السياسيون يجب أن يلوموا انفسهم إذا كانت القبائل والعشائر والقوميات أصبحت تتجاوزهم بعد أن سئمت من الانتظار — أولا متى سوف تصحى المعارضة السياسية؟ وايضا ما هي الفترة الزمنية التي يجب أن ينتظرها الشعب الارتري للمعارضة السياسية؟
عندما ينعدم المدافع عن المجتمع الشعب يقوم بما يستطيع أن يقوم به ولنا مثال في عشائر العراق الشقيق التي جعلت أمريكا تترنح وتهزم في العراق —- واليوم ايضا نشاهد مصير إختفاء المالكي تحت ضربات عشائر العراق
وقديما قالوا أهلنا الطيبين (قببوا ورثكا) — النخب السياسية الارترية المسلمة أستهانت بمشروع إسياس (نحن واهدافنا) والنتيجة كانت بأن إسياس ورثها وأخرجها من المولد بدون حمص —- ومن يدري قبائل وقوميات إرتريا التي تستهينون بها يمكن أن ترث إرتريا — (مش جائز يا أستاذ أحمد نقاش؟)