الرحيل المر لرجل من الرعيل الاول للثورة الإرتيرية
بقلم . محمد طه توكل 30/9/2014
ترجل فارس آخر في مسرحية لا تنتهي وبطريقة استفزازية في سيناريو استهداف الشخصيات الوطنية دون أي مراعات لسجلهم النضالي أو اعتبار للشعب الذي أنجب هؤلاء الإفزاز. كنا في الأيام القليلة الماضية نتبادل التعازي على روح الشهيد أحمد فرس واليوم نتبادلها في رفيق دربه النضالي وابن منطقته وبلده الشهيد/ الشيخ حسن إبراهيم سالم الذي جاءت وفاته بذات الطريقة التي أصبح يسلكها الشرفاء من أبناء الوطن على يد أفورقي وأعوانه سجن لا يعرف نهاية وحياة مليئة بالظلم والتعذيب والاضطهاد نهايتها موت بالإهمال وستظل الرواية والمسرحية مفتوحة لا تعرف النهاية والكل صامت.
لكن نفعل أمام هذا الوضع المأسوي قليل من الواجب في أن نعطي خلفية عن هذه الشخصيات التي تمضي في طريق النضال وتدفع الثمن أمام جبروت وطغيان أفورقي وزمرته. نسرد شيء من تاريخهم وهو سبب وجيه في أن زج بهم في السجون حتى نهاية حياتهم وقطعاً تبدأ رحلة الأوفياء من يوم انتقالهم؛ لأن المبادئ لا تموت والقيم لا تندثر وعندما تدفع دونها الدماء تبدأ مرحلة جديدة في سبيل الحرية والانعتاق.
إنه الشهيد/ الشيخ حسن إبراهيم سالم من أبناء منطقة مصوع ومن الأسر الكبيرة التي عملت في التجارة التي كانت إحدى أعمدة الثورات الإرتيرية من خلال عملها التجاري الذي سخرته من أجل الوطن ودعم الثورة إلى جانب كثير من أبناء مصوع الذين قدموا الكثير من أجل الحرية الغالية. وهو واحد من الرعيل الأول للثورة الإرتيرية ظل يدفع ثمن الحرية ضد جبروت والمستعمر وغسوته حتى جاءت الحرية ممهورة بالدماء الذكية ليواصل كغيره من الأوفياء يدفع الثمن تحت ظل حرية منقوصة ويكون الثمن أغلى وأكبر تحت وطأة الدكتاتور الذي سخر كل جهوده لإقصاء الأحرار والزج بهم في غياهب السجون .
وعاش هذه المأساة الشهيد/ حسن وشاهدها بأم عينه التي كان يحلم أن يشاهد بها وطن تظلله الحرية و يعلوه الازدهار ربما كانت أصعب أيامه عندما تم تعيين حاكم لمصوع من غير أبناء جلدتها لتكون أول ظاهرة لم يفعلها حتى المستعمر أن يتم تعيين “ودعندي” الذي أصبح مهندس التغير الديمغرافي في عملية إحلال وإبدال ينتقص فيها حقوق أبناء الوطن الحقيقيين إقصاءات وإبعاداً قام بتوزيع الأراضي لآخرين وحرم السكان الأصليين. تعمد أن يحرم القدامى وأصحاب الأراضي وزع على كل من هو جديد لتكون المهزلة الكبرى عندما طلب أحد قادة وصناع الجبهة الشعبية قطعة أرض وهو المناضل رمضان محمد نور الذي حرمه من إعطاء قطعة أرض في مسقط رأسه مما اضطر تدخل محمود شريفو الرجل الثاني ومسؤول الحكومات المحلية وقتها الذي هو الاخر انتهى به المطاف في سجون افورقي ضمن مجموعة الـ 15 المعروفة بالمجموعة الإصلاحية. وأصدر شريفو وقتها قرار بإعطاء رمضان محمد نور قطعة أرض في مسقط رأسه. ليس هذا فحسب فالشهيد حسن موقفه مماثل عندما تقدم بطلب لبناء معهد ديني في مبادرة منه لإعطاء المواطنين الذين حاصرتهم الجبهة الشعبية بمناهج تعليم أفسدت عليهم تعاليمهم وقوبل حسن بالرفض من قبل “ودعندي” حتى تنازل الشهيد حسن من طلبة بالمدينة. فقال أنا أقبل أن تعطوني إياها في الضواحي والأرياف ولكن لا يجدي ذلك شيء في عمل منهجي وعندما سألو ” ودعندي” وقتها قال أن هناك شيء لا يسمح لي به لاتخاذ أي قرار إلا من الرئيس مباشرة هما إعطاء تراخيص المساجد والمدارس هكذا تحكم إريتريا من رأسها إلى أسفلها لا صوت يعلو فوق صوت أفورقي ولكن تدخل محمود شريفو للمرة الثانية وأصدر قرار بمنح الشهيد حسن قطعة ارض للمعهد وهذا للتاريخ وتمت المصادقة بالمعهد للشهيد حسن إبراهيم واجتهد ونجح في بناء المعهد على ضواحي مصوع “بحدش ألم” المنطقة الجديدة في ضواحي مصوع التي هي نفسها واجهت التغيرات والطمس لهويتها فأطلق عليها النظام “مطوع” وحتى هذا الاسم لم يبق على حالة خاصة عندما قبل بها المواطنين على علاتها. ليتحول الطاء إلى سين القصد منها إلى طوعوا معناها نادا وهنا المحاولة إلى تجرنة مصوع بعد أن تجرنة السكان محاولة لتجرنة الاسم كل ذلك بهدف تغيير معالم المدينة وتاريخها حتى على مستوى العروبة ظل العمل على نفي عروبتها بكتابة أخطاء على اسم المعالم الرئيسية فيقولون للحلاقة محلات قطع الرأس.
أما رجل الغاية الذي ينطلق من القيم لا توقفه هذه المهازل ولا تثنيه عن هدفه فقد عمل الشهيد/ حسن على بناء المعهد من خلال تبرع حصل عليه من بنك التنمية الإسلامي السعودي بقيمة 269 الف دولار وحتى عندما توقف العمل لإنشاء وإكمال المعهد الذي أكمله من إحدى المحسنين من أبناء مصوع وتواصل جهده في مواصلة المسيرة تم اعتقاله في العام 2006 أثناء عودته من السعودية بعد أن جمع اموالا لدعم المعهد الذي كاد أن يتوقف العمل فيه بسبب نقص الدعم وتم اعتقاله بمدينة مصوع في عملية استفزازية دون أي مراعات لنضاله وسنه الذي بلغ وقتها فوق الستين زج به في سجن (قدم ) ليتم ترحيله إلى سجن (أفعبت) الذي يعتبر من اسوء السجون وضعاً حيث يسجن الشخص دون أي مراعات ويتلزز الطاغية بمشاهدة سيناريو تساقط الشخصيات الوطنية كأوراق الخريف في مشهد متكرر لا يعرف التوقف ليس هذه السجون فحسب فقد مر الشهيد قبل انتقاله بأكثر من سجن حتى انتقل واقفا كالطود والجبل الاشم كغيره من الشرفاء .
وربما الشهيد/ حسن يكون أفضل من غيره في أن وجد من يدفنه بعد أن ساءت حالته الصحية قبل يومين من موته حتى تم نقله إلى اسمرا ووجد من يدفنه. وهناك كثير ممن لا يعرف مصيرهم في دهاليز السجون فقد رملت زوجاتهم دون أن يعرفوا نهاية أزواجهم ويتم الأطفال دون أن يعرفوا عن آبائهم شيء قصة ومسرحية هزلية يملؤها الصمت غموضاً من كل أبناء الوطن ولأهل مصوع خاصة الذين يقضون الطرف عن أفعال الجبهة الشعبية نقول لهم يمكن أن تصمت عن السياسات التي انتهجها النظام من تغير ثقافي واجتماعي وسياسي منهجي. لكن هل نسكت أمام استهداف الشخصيات الوطنية التي صنعت الثورة ؟ وأمام استهداف الإنسانية التي تموت واقفة بلا ضمير ولا مبالة من أحد. ؟ إأنها أسوأ السيناريوهات العبثية التي لا يقبلها الضمير الإنساني. ويبقى التحدي الاكبر هو ان نتوحد في التصدي لهذا الممارسات التي أصبحت تنال من الجميع ونتجاوز الخصومات للعمل برؤية موحدة لمستقبل أفضل بعيدا عن الصراعات والتناقضات التي استغلها أفورقي وجعلها مطية للوصول الى أهدافه بل صنع من شبيهاتها في خلق الصراعات على مناطق كانت امنة من التشرذم ولم يبقى لنا سلاح الا العمل المشترك من اجل الخروج الذي يليق بما دفعه هؤلاء الشهداء وستستمر هذه المهزلة اذا لم نعمل ونسارع .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=31585
أحدث النعليقات