أزمة المجلس الوطني الارتري، كيف الخروج منها؟
هاشم سمرة 23/10/2014م
طفحت على السطح من جديد أزمة المجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي وظهر للعيان بعد ان تغيب المجلس عن الساحة عقب ازمته الاخيرة التي نتجت عن اقالة القيادة التشريعية لرئيس المكتب التنفيذي، ثم سحب القرار تحت رفض تنظيمي وضغط جماهيري وهمس الحلفاء. الازمة الحالية التي اعادت المجلس الوطني الى السطح هي عدم التوازن والثقة بالاخر وسوء النية المبيتة بين قياداته وكوادره وغياب الانضباط وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة التنظيمية والوطنية غيرها.
معاناة المجلس الوطني ولدت معه وسبقته الى البروز والظهور منذ اول سقوط لعضوية احد المنتخبين من شمال امريكا، ثم اكتساب عضويته وتتابع عمليات السقوط والهبوط والتراجع في مجمل اداء المجلس الوطني الى ان وصل الى مرحلة الاعداد لعقد المؤتمر الثاني الذي شكلت له لجنة تحضيرية بعدد محدد لعضويتها ومعلن ولكنه يزيد يوميا وبشكل مضطرد تحت مسميات وبنود لم تكن جزء من اللوائح المنظمة للعمل وقد جرى الحديث عن هذه اللوائح من قبل قيادات المجلس الوطني من فوق المنابر الاعلامية المختلفة ولم يبالي بها احد.
لم تتاح فرصة لهذا المجلس ليقدم نفسه الى الشعب الارتري ناهيك تمثيله والدفاع عن حقوقه امام المحافل الاقليمية والدولية وقد انتهت فترة عمر المجلس بين المؤتمرين قبل ان ينجز شيئا يحسب له وكل الذي يتعلق به من نشاطات هو بعض الاجتماعات هنا وهناك وهي بغرض تصفية الحسابات والانقضاض من بعضهم البعض متناسين القضية التي من اجلها عقد المؤتمر وانبثق منه هذا المجلس. اللوم بالفشل لا يقع على المجلس الوطني وحده ولا يمكن تحميله كل الاخفاقات لان القوة التنظيمية التي تقف من ورائه لم تدعمه بالمستوى المطلوب ولا الجماهير الارترية المعارضة وصاحبة المصلحة في وجود المجلس لم تلتفت اليه بعد آخر يوم من المؤتمر الاول في مدينة اواسا الاثيوبية، وكان المجلس الوطني نسيا منسيا الا ممن تم تسليمهم المهام فتصرفوا فيها على غير هدى حيث لم يعودوا بها الى التنظيمات الراعية للمجلس ولا الى الجماهير التي من المفترض تكون حريصة على المجلس.
دار صراع عنيف بين قيادتي المجلس على مكاسب لم تتحقق اصلا ثم انضمت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الى هذا الصراع لتكون جناح آخر يتوسط المتصارعين ادى مؤخرا الى انهيار كل ما يتعلق بمراحل الاعداد للمؤتمر الوطني الثاني، توقف الجميع امام حقيقة ان المجلس الوطني لم يكن الا اسما على ورق ومن يراه غير ذلك يرى سرابا.
التنظيمات الوطنية التي رعت قيام المجلس الوطني كانت اول من تخلى عنه مبكرا فاتجهت الى العمل خارجه حيث بدأت بفتح قنوات حوار مع جهات خارج المجلس وبدأت بالتنسيق والتحالف والتكامل مع تلك القوى بعيدا عن المجلس بل شاركت في تهميش المجلسس وضربه من الداخل مما اوحى للقريب والبعيد ان المجلس الوطني لم يعد خيارا للقوى التي تنتمي اليه وبدأت الجماهير تنصرف عنه حتى لم تعد تذكره الان.
التنظيمات الوطنية كانت تدعو الى اجتماعات وحوارات وعقد ورش مع قوى اخرى بعيدا عن المجلس وبعض المتنفذين في المجلس كانوا يشاركون في تلك الاجتماعات ويقودونها بصفاتهم التنفيذية وكانوا يتهكمون على زملائهم في المجلس بما يوحي بان لديهم اكثر من مدخل الى العمل ولا يهم عندهم موت المجلس من حياته طالما ان تنظيمهم قادر ان يوفر لهم المنافذ، هذه الممارسات ساهمت في قتل روح العمل في المجلس الوطني واضعفت الامل في اعضائه وعطلت مشاريعه.
ما تقوم به التنظيمات الوطنية من تحالفات وعقد ورش وسمنارات ومشاورات خارج المجلس توحي بان هذه التنظيمات لم تكن مرتاحة لحالة المجلس الوطني مما يعني حجم الاخفاقات التي صاحبت العمل الذي ادى الى قيام المجلس الوطني وتغييب قوى من المشاركة فيه لكن الان يتم التواصل معها باثر رجعي وبعيدا عن المجلس الوطني وكأن التنظيمات الوطنية رضخت لمطالب تنظيمات اخرى ترى في المجلس الوطني غير جدير ولا يمثل شيء. والا لما رأينا مؤخرا الصدام في المواقف بين قيادتي المجلس الوطني التشريعية والتنفيذية واختلافهما في الدعوة الى اجمتاع طارئ بدلا عن مؤتمر مقرر له سابقا وله لجنته التحضيرية ورفض للاجتماع الطارئ ومضي كل طرف الى وجهة مختلفة.
الحديث عن جهات الاخفاق في المجلس لن يكون مفيدا الان والمطلوب اجراء مراجعات سريعة وتقديم تصورات وحلول للمشكلة القائمة بهدف الخروج منها باقل الخسائر وصولا الى تفاهمات تفضي الى موقف مشترك وموحد لمواجهة متطلبات المرحلة الحالية والمقبلة في النضال.
صحيح المجلس الوطني شهد تراجعا في ادائه لكن القوى السياسية الاخرى ظلت تعمل فرادى وجماعات وتواصلت فيما بينها وهذا يجعلنا نعول على تواصلها وعلاقاتها ولذلك لابد من جعل هذا التواصل قاعدة انطلاق نحو عمل مشترك وهذا يسبقه اعادة التوازن للمجلس الوطني الارتري في الاجتماع القادم الذي ننتظره جميعا معارضين له كنا او مؤيدين وعلينا الان ان نهئ انفسنا لتقديم التنازلات المطلوبة للانتقال من الوضع غير المناسب الذي يعيشه العمل المشترك تحت مظلة المجلس الوطني وخلق وضع أفضل يساعد على انجاز متطلبات التغيير الديمقراطي ومن اجل انجاز هذا يتطلب التوجه الى كل القوى الوطنية والحديث اليها والاخذ والعطاء معها ثم تضمين اراءها ضمن خطط الاصلاح الهادفة للمجلس الوطني في اجتماعه القادم وجعل المجلس الوطني مظلة جامعة حقيقية لكل القوى الوطنية صاحبة المصلحة في التغيير الديمقراطي والعاملة له بقدر امكانياتها.
المطلوب الان فتح المجال امام كل القوى السياسية لاشراكها في المجلس الوطني طالما ان أغلب التنظيمات الراعية للمجلس الوطني لها علاقاتها وتواصلها مع التنظيمات خارج المجلس وعليها الان تفعيل هذا التواصل لمصلحة المجلس الوطني على ان يتم اشراك الجميع دون اقصاء احد. وبذلك نكون قد حققنا شرط اولي من شروط العمل المشترك لاسقاط الدكتاتور واقامة دولة المؤسسات.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=31795
أحدث النعليقات