نقاش بدون أقنعة

ولدالمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي من اجل ان يكون إطار ناظم  لجهود قوى المعارضة المشتته..وكذلك عنوان وطني لمرحلة جديدة..وساهمت قوى  المعارضة ومعها قوى المجتمع المدني في خلق هذا الجسم السياسي، ووفق هذه الإرادة السياسية ولد في الزمان والمكان المحددين..وللاسف  انتقلت اليه الأزمة قبل ان يجف حبر بيان إعلان ولادة العمل المعارض الارتيري..لان لم يعط المولود جرعة مناعة مناسبة كما يجب ساعة ولادته، وهذه الجرعة  تتمثل في آلية التفاهم وقوانين تسير عمل المرحلة الانتقالية للائتلاف السياسي .. وكذلك  الاستفادة عبرالقراءة الناقدة  من التجارب السابقة ( التجمع ، التحالف ، التضامن ..الخ )من التجارب الأولى للعمل السياسي المعارض ..وان قراءة هذه المراحل من التجارب  هي مصدر معرفة الطرق السالكة وغير السالكة وأسباب العوائق ان كانت هناك عوائق  ،حتى نتجنب تكرار نفس الأزمة..وان تكررت  الأزمة نعالجها بالتجربة المتراكمة والحضور الواعي ..
لكن للأسف كل هذ لم يحدث ..وكأن لاتوجد تجربة وذهنية واعية تضبط ايقاع الخطوات السياسية..ونتيجة هذا الغياب للوعي ،دخل الجسم السياسي الجديد  الي  قاعة أزمة تنازع الصلاحيات  وحتى هذه اللحظة يعيش أزمة تنازع الصلاحيات بامتياز..وكل طرف يبرر تصرفاته بأنها تنطلق من  شرعية ارضية اللوائح التي تنظم المجلس منذ ان وجد…
  إذن نحن امام مشهد جسم سياسي  انتهت صلاحيته ،قبل ان يقدم فائدة للعمل السياسي الذي أنشئ من اجله  وضمن هذا الفهم نقرأ أزمة المشهد السياسي الارتيري… وبهذا أصبحت ازمة الانسان الارتيري  هي نفس الأزمة  على صعيد النظام والمعارضة  ..على صعيد النظام انتهاكات بالجملة لكرامة الانسان الارتيري ، وبحثا عن انسانيته خرج هاربا الي كل اتجاهات الارض.. البعض وصل الي المكان الامن كبطل منتصر على المغامرة واحتفل بعيد ميلاده الاول على ارض الحياة الجديدة.. والبعض الاخر انخرط في الحياة البحرية  واستبدل هويته الارتيرية الي هوية الموت الجماعي (لامبيدوزا )..وعلى صعيد المعارضة تنطلق الأزمة من ارضية الاستهتار بالزمن والانشغال بفروع الأمور، واهمال القضايا الرئيسية…صحيح العامل السياسي والجغرافي غير مساعد للتقدم بشكل مطلوب  نحو  تغيير النظام حتى اعلان اخر ..لكن المطلوب والمتوفر عند  المعارضة  هو العمل بشكل صحيح وبالإمكانيات المتاحة وحتى الان لم نشاهد  سلوك حسن التدبير للإمكانات المتوفرة ،وهنا يكمن الخلل..وان خطاب الانتقاد للوضع السياسي  يدخل من هذا الباب، من باب الأشياء المتاحة.من اجل اصلاح الخلل  وسير في الاتجاه الصحيح..
 إذن حتى تكون الانطلاقة صحيحة  يجب ان ينطلق المجلس بالطاقات المتوفرة..
– اولا -وضع الحصان امام العربة ..اي ترتيب الاولويات وهي:
١- خلق وعي يؤمن بالمشاركة.
-٢- حذف  عبارة الاقصاء من القاموس السياسي الارتيري المتداول،  وعند حدوث أي أزمة  يجب اللجوء الي الحوار.
-٣-ان تتحمل كل التنظيمات السياسية بدرجة متساوية في تفعيل وتطوير اليات المجلس..
إذن عبر التفاهمات وترتيب الاولويات نستطيع بناء قاعدة الانطلاق نحو تغيير الواقع السياسي والاجتماعي الارتيري ..وبهذه الطريقة نخلق أدوات الانتصار علي الظلم  وتكون المسافة اقرب الي بناء وقع سياسي  ديمقراطي  يمارس سلوك النقد الذاتي .. وهكذا نتجنب معارضة فاشلة تعيد إنتاج فشلها في المحطات القادمة…
– اقتراح حول الأزمة القائمة :
١-قبل اجتماع المجلس الطارئ …يجب ان تجتمع قيادات التنظيمات  وتقدم رؤوية للمرحلة الانتقالية وكذلك رؤوية في كيفية انعقاد المؤتمر والتحضير له بصورة تتناسب مع تطلعات وإمكانية التنظيمات السياسيةالارتيرية التي تعتبر الرافعة الاساسية لهذا المجلس..يكون هذا التصور مادة نقاش الاجتماع الطارئ ..
-٢-ترك الهيكل التنظيمي كما هو على مستوى رئاسة المجلس وكذلك على مستوى  رئاسة اللجنة التنفيذية  الي حين دخول قاعة المؤتمر.. حتى نحافظ على توازن خطوات سير الجسم
-٣-خلق آلية في هذا الاجتماع الطارئ للتعاون مع اللجنة التحضيرية ومساعدتها بالشكل المطلوب حتى تنجز عملها كما يجب..
   في الختام شيئ طبيعي ان يواجه اي جسم سياسي أزمة سياسية و المهم في الامر ليس حدوث الأزمة ..بل المهم هو  الكيفية التي يواجه بها  الجسم السياسي الاشكالية ، والمفروض يساهم كل فرد وفق امكانياته في مواجهة الأزمة ..لان الأزمة في الأصل هي جماعية وبتالي يجب مواجهتها بروح جماعية ومسؤولية متساوية..
المجلس الوطني للتغير الديمقراطي هو تجربة من تجارب العمل السياسي الارتيري  ويجب ان نحافظ عليه ونطوره عبر مساهمة نقدية واعية .. وان نجاح وفشل هذه التجربة سوف تحدد مستوى وعينا ومقدراتنا في مواجهة الحاضر وبناء المستقبل.. وبتالي نحن امام حدث  تاريخي نكون او لا نكون.. وأتمنى ان نكون على مستوى الحدث  التاريخي وان نوعى لمتطلبات شروط المرحلة القادمة  ..
               محمد اسماعيل هنقلا
                       ملبورن

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=31918

نشرت بواسطة في نوفمبر 4 2014 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

3 تعليقات لـ “نقاش بدون أقنعة”

  1. الأستاذ الأخ/ هنقلا .. المحترم
    تحياتي الحارة
    تقديري الثمين لقلمك الذي ينم عن وعي عميق وملتزم في معالجتك لعديد قضايا في ساحة قضايا شعبنا. ماذهبت إليه من تشخيص لأزمة المجلس الوطني الإريتري للتغيير الديمقراطي يدركه كثر من الذين يثيرون الغبار أمام أي محاولة للخروج من معضلاته القائمة، برغم إدراكهم لتوفر إمكانية المعالجة، خاصة وأن ساحات العمل العا م المعارض لم تخلو من شبر نجلس فيه، ونتحاور ونتفاكر ونقارع الحجة بمثيلتها، ونحدد الأولويات والثانويات ، ونضع لها أطرا للبحث والمعالجة ..! كذلك كيف نتشارك من الألف إلى الياء ، وفي كل سياق..!! لكن القضية ليس في ذلك..! للأسف بات أسلوب إستبطان المرامي والغايات وإستغلال كل المناسبات يمثل فهمنا للعمل العام والسياسي منه بوجه خاص ..!! تلك هي المعضلة التي تقف أمام المعالجات الرصينة ، مثل التي طرحت وتطرح لعديد قضايا شعبنا.. لك دعمي وتقديري كمثقف ملتزم ومتزن في أطروحاته. ولينتنا نرتقي جميعا لهذا المستوى ..ليتنا..!!

  2. محمود حامد

    عين الصواب ماقلت أمل أن يجد صوتك آدان صاغية حتى أن نتخلص من هده الازمة والتى نحن من خلقها واكتوينا بنارها واستفاد منها الدكتاتور اللعين وعملائه الخونة,كفان من خيبات الامل آن اوان الوقوف مع النفس ونبد الانانية كما يجب نبد المصالح الانية الضيقة والنظر الى الوطن الدى ضاع بروح وطنية خالصة.

  3. عبدالله

    الأخ / هنقلا — تحياتي لك

    مقال رائع واتفق معك في كثير مما ذهبت إليه ولكن أختلف معك في موضوع الاجتماع الطارئ — إذا كانت دورة هذا المجلس منتهية وهذا المجلس لم يقدم شيء خلال الفترة المتاح له للقيادة فإنه لا يرجى منه خيرا من خلال إنعقاد الاجتماع الطارئ ولذلك المطلوب هو تشاور قيادات التناظيم السياسية وحل مشكلة التحضيرية لكي تقوم بواجبها في تحضير للمؤتمر الثاني للمجلس الوطني بالشكل والمضمون المطلوب — أرجو من قيادة المجلس الوطني المنتهية صلاحيتها أن لا تقف حجر عثر أمام التحضيرية وأمام إنعقاد المؤتمر الوطني الثاني للمجلس الوطني — أي فشل في إنعقاد المؤتمر الوطني الثاني يتحملها الطبيب / يوسف برهانو ونائبه أسملاش

    المبالغ التي سوف تصرف للاجتماع الطارئ يجب أن يتم توفيرها للتحضيرية والمؤتمر الوطني الثاني

    مقررات وهيكل المؤتمر الوطني الأول يعتبر من المكتسبات المتقدمة للشعب الارتري ولذلك أي مساس بهذه المكتسبات يعتبر خط أحمر — وكل من يسعى لتفتيت هذا العمل الوطني الرائد سوف يكون سقوطه من الحلبة السياسية الارترية إلى الأبد مدوي جدا جدا جدا

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010