ارتريا: بين التاريخ والجغرافيا!؟
عمر جابر عمر
في عام1993 حقق الشعب الارتري مشروعه الوطني الذي ناضل من اجله لعقود طويلة واعلن قيام دولته الوطنية .اخذ مكانته بين الامم ودخل التاريخ من اوسع ابوابه لكن النخبه السياسيه التي كانت على راس السلطة فشلت في اكمال المشروع الوطني :
بناء دولة مدنية ديمقراطية- ليس ذلك فحسب بل عملت على افراغ الوطن من كل معانيه ومضامينه التي ناضل وضحى من اجلها الشعب الارتري.
–اصبح المواطن بلا وطن …واصبح الوطن سجنا كبيرا لمن هم في داخله وجدارا عازلا لمن يقيمون خارجه .
–اصبح المواطن لا يشعر بالانتماء ولا يجد وطنا يحتمي به او يدافع عنه او يفخر به .
–اصبح الوطن عليلا ليس في الافق ما يبشر بشفائه . وفي هكذا اوضاع مأساويه فأن المواطن يلجأ الى رابطة (( الفطرة)) التي تحميه ويجد فيها الامن والامان والانتماء… قد تكون تلك الرابطة هي الدين أو الاقليم او العشيرة او حتى الاسرة .
تتوقف حركة التاريخ لتصبح الجغرافيا هي خارطة تشكيل العلاقات والمواقف … وتلك هي من علامات انهيار الكيان ( الوطن ) العليل.
لقد شهدت المعارضة الارترية منذ سنوات ظاهرة التنظيمات ((القومية))… تعاملت معها بواقعية لان تلك التنظيمات لم تخرج عن المجرى العام (التحالف – المجلس الوطني) ، ولأنها ثانيا التزمت بالبرامج والمواثيق التي خرجت بها مؤتمرات المعارضة ولإنها ثالثا كانت تمثل ((خصوصية )) ثقافية واجتماعية تجعلها مختلفة عن الاخرين. في الفترة الاخيرة شهدنا ميلاد (رابطة ابناء المنخفضات الارترية ). لم يسجل التاريخ الإرترى المعاصر ظهور حركة سياسية أو اجتماعية موحدة باسم أبناء المنخقضا ت … حتى عندما حدث الانشقاق فى الرابطة الإسلامية كانت التسمية (شرقية وغربية). والمصطلح بداية أطلقه الإيطاليون لتشجيع عمالهم وموظفيهم للذهاب الى المناطق الحارة وتقديم الحوافز المادية لهم. ثم جاء الأثيوبيون وساروا على نفس النهج (مناطق شدة). والتقى أبناء المنخقضات بعد ذلك فى الثورة الأرترية مع بقية المكونات الإرتيرية ثم فى الاستفتاء على الاستقلال. واذا كان المصطلح أستخدمهالإيطاليون لتسهيل وجودهم فى إرتريا قما هو سبب ظهوره الأن ؟
السؤال: ماذا يجمع ابناء المنخفضات ؟؟
هل هو الدين؟
كلا هناك مسلمون ومسيحيون ووثنيون في المنخفضات…
هل هو التجانس الثقافي؟
كلا.. هناك عدة لغات وعادات مختلفة وتراث متباين.
هل هي مصالح مشتركة؟
كلا … هناك الرعي والزراعة وصيد الأسماك والتجارة.
ربما كان المناخ الحار؟
كلا — من يعيش فى عصب وتسني يعيش في اجواء حارة لا يعرفها من يعيش في الهضبة الوسطى او جبال الساحل.
ماذا يجمع بينهم؟
انها المظالم والمطالب المشتركة… وتلك يتقاسمونها مع بقية مكونات المجتمع الارتري . لكنها كما قلنا تمثل ظاهرة افرزنهاالاوضاع المأساوية التي يمر بها الوطن العليل . وبهذا المعنى فأننا لاندينها وبالمقابل لانؤيدها:
1 –لاندينها لانها حالة غير طبيعية لاوضاع غير طبيعية…ولاندينها لاننا نؤمن بحق كل ارتري (او جماعة ارترية) في التعبير عن طموحاتهم .
2- وبالمقابل نحن لانؤيدها لان القائمين عليها لايمثلون من يدعون تمثيلهم ولا نفويض لهم … ولا نؤيدهم لاننا لانؤمن بأن هذا الطريق الذي سلكوه يحقق المطالب التي رفعوها.
ما هو المخرج ؟
عليهم اولا ان يضعوا قدراتهم وخبراتهم في الاطار الوطني العام ويناضلون مع غيرهم – مع اختيارهم لاى اسم – في اطار الكيان الوطني الواحد، ولكن غياب الآليات والوحدة والرؤية المشتركة يجعل من تلك المطالب مستحيلة التحقيق.
الشعب الإرترى ليس حقلا للتجارب — يكفيه ما يعانيه من النظام الدكتاتورى — وأذا كان اليوم يمر بمحنة طارئة فإن المخرج هو التمسك بالثوابت الوطنية والنضال المشترك من أجل بناء دولة إرتريا المدنية والديمقراطية دولة لكل الإرتريين وبكل الإرتريين. كان الله فى عون الشعب الإرترى عليهم السير مع حركة التاريخ وشروط البقاء فيه وليس اتباع حقائق الجغرافيا الساكنة – تلك لايمكن تغييرها في حين ان التاريخ يمكن صناعته وتشكيله.
اذا غاب الكيان الكبير فلا منخفضات ولا مرتفعات … ثم من يطالب من ؟
الجميع لهم مطالب ولكن غياب الآليات والوحدة والرؤية المشتركة يجعل من تلك المطالب مستحيلة التحقيق . الشعب الارترى ليس حقلا للتجارب — يكفيه ما يعانيه من النظام الدكتاتورى — واذا كان اليوم يمر بمحنة طارئة فإن المخرج هو التمسك بالثوابت الوطنية والنضال المشترك من أجل بناء دولة إرتريا المدنية والديمقراطية دولة لكل الإرتريين وبكل الإرتريين.
كان الله فى عون الشعب الإرترى
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32415
أحدث النعليقات