أمسية كانت اسمها تقوربا

اُمسية تقورباوية في مدينة ملبورن مع الرعيل وأبناء الرعيل الاول.. ان تذكر المكان والزمان وتفاصيل الأحداث الموغلة في التاريخ  اذا أردنا ان نتحدث عنها كتابيا او شفهية للجماهير ، نحتاج الى لغة سردية جازبة ، لان عصر السرعة  والثورة التكنولوجية أفرزت  نفسيات ملولة  وأثرت بهذا السلوك الى كل من لا ينتمي اليها..
فالمناضل محمد اسماعيل همد  هزم هذه النفسية الملولة عبر حديثه الشيق .. فكان سرده  خليط بين الجدية والقفشات وبهذه الطريقة أوصل رسالته  دون اي متاعب .. انها كانت لحظات ممتعة  تجولنا عبر المحاضرة الي ربوع تاريخ النضال الارتري ما قبل وبعد تقوربا.. انها كانت اُمسية الثورة الارترية  بشكل عام  وأمسية جبهة التحرير بشكل خاص ..
 اذا كان سبتمبر هو الحروف الاولى لتاريخ  التحول الاستراتيجي في  مسيرة كيفية مخاطبة التعنت  الاثيوبي تجاه الحق المشروع للشعب الارتري.. فان تقوربا كانت تتويجا لتلك الاستراتيجية عسكريا  ..
 وان معركة تقوربا لم تأتي من فراغ بل هي امتداد وتراكمات لمعارك جيش التحرير السابقة ..في  دمبلاس -وتلاأي – وجنقرين..
  وهكذا جاءت المعارك لاحقاً امتداد لتراكمات تقوربا  وما قبلها حتى وصلت المسيرة الي الهدف المطلوب عبر جسر الضحيات ..لكن لم يتطابق واقع اليوم مع حلم الرعيل الاول وتلك التضحيات التي دفع  الشعب الارتري ثمنها من اجل إيصال الهدف الارتيري الي العدالة والاستقرار والتنمية المتوازنة  .. ومع انزياح الواقع عن هدف حلم الشعب الارتري  انزاح الاستقرار والمستقبل الامن عن ارتريا ،وكان هذا الانزياح  نتيجة  ابتعاد ارتريا عن ذاكرتها النضالية وواقع انتمائها الحقيقي  .. وحتى نعود الي المسار الصحيح  يجب ان نعترف بسيادة ارتريا  ،وان سيادة ارتريا  هي جغرافيتها  وديمغرافيتها وذاكرتها الكلية وليس الذاكرة المجزأة كما فعلت الشعبية التي تمارس بشكل ممنهج جرف ذاكرة الانسان وانسان الذاكرة غير المرتبط بذاكرة الجبهة الشعبية ..
 وأول من  انتهك سيادة ارتريا هي الشعبية عبر حرف مسار التاريخ عن مساره الصحيح  من خلال تحالفها مع قوى اجنبية في ضرب قوى وطنية ارتريا،وهذااليوم  كان بداية التاريخ  تاريخ الخرق لسيادة الوطنية .. وكذلك تم حرف مسار شعور النمو الوطني عن مساره عبر ثقافة التجرنة، وهذا ايضاً كان اعتداء من اعتداءات الشعبية على الثقافة الارتريا عبر دعم سيادة ثقافة جزئية على حساب ثقافة  النمو الوطني المتفق عليها ارتريا( اللغة العربية ،والتجرنية )..
 وبشكل واضح نلحظ نشاط اجتماعي وثقافي مدعوم ماديا ومعنويا من اجل خدمة المشروع الراهن .. فإن المشروع القائم  مبني على الاقصاء  التاريخي ،  إقصاء التاريخ الذي يعبر عن حقيقة وواقع حلم الانسان الارتري ، التاريخ المتطابق زمانيا ومكانيا مع مسيرة النضال الارتري  السلمي والعسكري ..
 بشكل مختصر ان القراءة المشوهة للتاريخ تولد رؤوية مشوهة ..وهذا هو ما هو حاصل اليوم في المشهد الارتري الاجتماعي والثقافي  نتيجة القراءة المشوهة للتاريخ الارتري .. إذن الواقع الارتري  القائم لا يعبر عن السيرورة التاريخية لتضحيات  النضال الارتري ..تضحيات كل الفئات الاجتماعية  دون استثناء .. انها حالة الردة بكل المقايس  .. وحتى نواجه هذه حالة الردة يجب ان نخلق وعي وطني   ينطلق من ارضية الخلفية التاريخية التي  رصفها مشروع التحرر الوطني الارتري عبر كل مكوناته الاجتماعية  ،والذي كان يعتمد  في خطابه اي المشروع الوطني على أسس مغايرة لخطاب الاستعمار الاثيوبي ..خطاب يتحدث عن ملامح الانسان الارتري ووعي هذا الانسان لذاته ، الذات المغايرة عن الذات الاثيوبية …وبنى على هذا الفهم الشعب الارتري فهم وعي الذات  في مقاومة الاستعمار الاثيوبي  وإعلان ثورته ..فهم يعتمد وينطلق من الواقعية الاجتماعية والتاريخية للشعب الارتري..  وهكذا انطلق حلم التحرير  نحو الهدف متسلحا بوعي ضرورات المرحلة وشروطها حتى جاء الانتصار على العدو كما يجب..
ان ارتريا هي مجموعة ضرورات وحقائق تاريخية اذا أردنا ان نحافظ على استقرار وتقدم  هذا البلد الاجتماعي والاقتصادي .. علينا ان نحافظ على هذه الضرورات والحقائق التاريخية  بعيدا عن الفذلكات  والمزايدات السياسية  التي لا تخدم غرض المشروع الوطني ..
في الختام : عاشت  تقوربا  وكل البطولات التي  جسدها الرعيل الاول ..وان تقوربا  ليس مناسبة عابرة كعبور بالونات الاحتفال على الهواء .. بل هي محطة تاريخية نتوقف عندها لاستيعاب  درس الماضي ونتزود منها زادا يخدم الحاضر.. وتعزيز جذور ثقافة الاعتراف المتبادل بعيدا عن لغة الاكراه.. وهذه اللغة لغة الاكراه لا تخدم الا واقع الأزمة.. وبهذه المناسبة نردد مع الشاعر الجزائري /محمد العيد آل خليفه البيضاني.
رحم الله معشر الشهداء و جزاهم عنّا كريم الجزاء
لم أجد في الرجال أعلى وساماً من شهيد مخضّب بالدّماء
       محمد اسماعيل هنقلا

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=33752

نشرت بواسطة في مارس 19 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

10 تعليقات لـ “أمسية كانت اسمها تقوربا”

  1. عبدالله

    بدأ يصحح في الأخطأ الاملائية واللغوية بعد ما ورد تعليق بأنه من (الأعمام الجدد) — وهذه الحيلة جاء بها لإبعاد نفسه عن هذا الوصف الذي جاء في التعليق ولكن نسي بأن العم يمكن أن يستخدم أدواته للقيام بعملية التصحيح — وهذا المنحى من التصرف يؤكد بأن التعليق أصاب كبد الحقيقة

  2. محمد طه

    انزع انفك وكفى .

  3. نزع الأنوف يبدأ من عندك يا طه- لان انت من ادخلت ثقافة الأنف عندما بدا الحوار يبن محمد حامد ومحمد رمضان وعبداللة ومحمد رمضان .تامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم

  4. محمد طه

    انا أحاور الكاتب وهذا حقي فالرجاء من متعدد الاسماء نزع أنفه بعيداً عني .

  5. يا هنقلا المقال ليس وثيقة قانونية حتى ترفقه بمذاكرة توضيحية نه مقال سياسي واضح الخطاب . وان ارتريا هي مجموعة ضرورات ديمغرافية وجغرافية . لا ادري منطلق السؤال ؟!! من عبارة الضرورات هل هو من منطلق عقلية الرقابة ام جهل ام خبث سياسي !!!! ألطف يارب في كل شيء حكايا يامحمد طه

  6. محمد طه

    غاب علي نباهة هنقلا ان الصحيح لغوياً هو ” أُمسية كان اسمها تقوربا وليس كانت اسمها تقوربا أقول هذا من اجل الفائدة وليس علي سبيل التصيد .

  7. محمد طه

    الضرورات بالمعنى الذي ذهبت إليه لا دورا لها ويبدو أنك لفقت المعنى والشرح الذي لا يركب مع الحال . أما انك لم توفق في الشرح واما كنت ترصف الكلمات دون قصد ودون فهم معناها .. كيف تتكون الاوطان من الضرورات التى تقول بها ؟

  8. الضرورات هي وسائل التعايش السلمي لهذا التنوع ومراعات خصوصياته .. بعيدا عن التحجيم والتعليب ويجب القبول بالحالة الموجودة وهذا لا يعني عدم مغادرت الحالة بل تتم المغادرة وفق شروط تناسب مرحلة الانتقال الاقتصادي والاجتماعي .. وهذا الانتقال بدوره ينعكس على المجتمع .. وحتى الان ان شعور الذات كمجتمع إرتري لم يتبلور..ماهو متبلور حتى الان هو الشعور بالوطنية وهذا الأخير يظهر مع الاخر المعتدي .

  9. محمد طه

    مقالة معقولة ولكن ماذا يقصد الكاتب من عبارة ” ان ارتريا هي مجموعة ضرورات وحقائق تاريخية ” ؟ المطلوب توضح الضرورات وما المقصود منها ؟

  10. عبدالله

    مقال رائع جدا وسرد جميل للمناسبة التي سطرت لتغيير مجرى التاريخ — هي حقا منعطف لتحرير الانسان الارتري قبل أن تكون تحرير الجغرافيا — جزاك الله خيرا أخي الفاضل محمد هنقلا

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010