قراءة فى العقل الارترى ( الحلقة الأولى ) : الرمز الوطني
بقلم / عمر جابر عمر
قد يكون الرمز (شيئا) ماديا مثل العلم – الوطن – او حيوانا مثل الجمل الذى اصبح شعارا للدولة _ وبغض النظر عن الا تفاق او الاختلاف فى التصميم او الالوان فان العلم يظل رمزا وطنيا يجد الاحترام من جميع الارتريين
المشكلة تبدا عندما نطبق ذلك المفهوم على الافراد السؤال : من هو الرمز الوطنى فى البشر ؟ هل هو من كان ام يمكن ان يكون (كائن حى ) ؟ بعبارة اخرى هل هو من الماضى ام انه جزء من الحاضر ؟؟ الرمز هو من يتمتع باعجاب وتأييد مجموعة من الناس تبدأ بالاسرة والاصدقاء وتمتد الى القرية والعشيرة ثم تمتد جغرافيا – اقليميا ووطنيا – حتى تصبح عامة تحظى بتأييد الاغلبية قد يكون الرمز اجتماعيا وثقافيا او رياضيا … الخ وقد يكون سياسيا يعبر عن اراء ومواقف الاخرين انه رائد فى مجال معين وسباق فى اتخاذ المواقف وموفق فى اقناع الاخرين بما يدعوا اليه وقد لا يكون الرمز فى فى بداية الامر معروفا او مقبولا من الجميع خاصة اذا كان المجتمع منقسما فى ولائه وانتمائه وغير موحد فى اهدافه _ وهو الحال الذى كان عليه الارتريون فى فترة تقرير الممصير 1942- 1952 . المسلمون لاسباب تاريخية واجتماعية اتخذوا من حامد عواتى رمز للنضال الوطنى بعد ان قاد المقاومة المسلحة . المسيحيون لم يقتنعوا بذلك اول الامر ايضا بسبب مواقف النخبة التى كانت توجه حركتهم وتحدد مواقفهم . وللمسيحيين ايضا رموزهم وان لم تجد التأييد من معظم المسلمين (راس تسما- ولد آب ولد ماريام… الخ) ولكن هنا يبرز خلط عام فى مفهوم الرمز الوطنى . حامد عواتى لم يخرج وحده بل خرج ومعه نفر من الرعيل الاول دفعوا حياتهم ثمنا لما امنوا به لم يكن من اجل فئة او طائفة معينة بل باسم الوطن كله والشعب عامة . هل يمكن ان نعتبر هؤلاء الرعيل (رموزا) وطنية؟ وماذا عن قيادات حركة التحرير وجبهة التحرير ؟ والقائمة طويلة لا تنتهى . الرمز هو من اتخذ موقفا يعبر عن الاخرين وشغل موقعا يمكنه من التوجيه والارشاد وضرب المثل على التفانى والاخلاص والتضحية فى سبيل ما امن به لنأخذ مثلا : قيادات الرابطة الاسلامية – كانت كثيرة ولكن من وقف فى الواجهة واعلن بصوت عال نيابة عن الاخريين محليا ودوليا (الامم المتحدة ) كانا فارسين اثنين اثنين هما ابراهيم سلطان وعبد القادر كبيرى. وهو موقف سباق فالمطالبة باستقلال ارتريا كانت تتطلب جرأة وشجاعة وبعد نظر . ومن عارض انزال العلم الارترى فى البرلمان كثيرون ولكن ادريس محمد ادم بحكم كونه رئيسا للبرلمان عبر عن ذلك الموقف ودفع مقابل ذلك ثمنا تمثل فى تجريده من وظيفته ثم لجوئه الى الخارج وتاسيس جبهة التحرير واستحق بذلك وصف (الرمز) وماذا عن الاخرين ؟ انهم رواد وقيادات وطنية وبحكم المواقع والادوار التى لعبوها . ان كل رمز هو قائد وطنى وليس بالضرورة ان كل قائد وطنى هو رمز وطنى !؟ الاعتراف بهذه الحقيقة يضيف ويتسع بقدر ما يتم تحقيق نجاح على الارض لتطبيق ما تم التبشير به – بالاضافة الى وجود وفاء والتزام من الاجيال اللاحقة وانعكاس ذلك على الاعلام والمناهج الدراسية للدولة . اما اذا كان ولى الامر لا يهتم بالتاريخ بل يكون ما يقرره هو ما يريده هو التاريخ الرسمى للعباد والبلاد عندئذا تختفى الرموز ويصبح الحال كما هو الان فى ارتريا . الخلاصة : لكل فئة او قرية او اقليم الحق ان يكون لها رمزها ولكن عندما نريد تصعيد ذلك الرمز الى مستوى الوطن كله فان علينا اتباع مقاييس ومراعاة معايير جديدة حتى يقتنع بها الجميع او الاغلبية . ان يكون ما اتى به ذلك الرمز او بشر به جديدا (مثل الاستقلال المسلح) وان يكون ذلك الرمز معبرا عن طموحات وتطلعات الاكثرية ثم وهذا هو المهم ان يكون الرمز ثابتا على المبدأ- مدافعا عن الشعار حتى يتحقق او يسقط دونه. العقل الارترى منقسم الان حول تصنيف وتحديد تلك المعايير وبالتالى تسمية الرموز بصورة مشتركة. الوقت وعمق وتجزر التجربة المشتركة ستوحد ذلك المفهوم فى العقل الارترى وليس هناك حدود لعدد الرموز- فالمستقبل واسع وجالات الابداع متعددة والشعب الارترى (ولاد) لم يصب بالعقم . الحلقة القادمة : الوحدة الوطنية
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34616
أحدث النعليقات