عيد الاستقلال في بلادي ايقاع حزين و طعم مالح حتى إشعار اخر

هذا العام  الكل احتفل على طريقته بمناسبة عيد الاستقلال  ككل الأعوام ..لاشيء جديد يذكر لصالح الانسان الارتري كإنسان.. الحالة كما هي على صعيد المعارضة والنظام ..المعارضة لم تنتقل من مرحلة الترتيبات الداخلية الي مرحلة الهجوم نحو أهداف تحرير المجتمع  من طغيان الديكتاتور..  مازالت المعارضة  في دائرة الترتيبات ،تلك الترتيبات  التي استهلكت الورقة والخطاب والزمن ..وان غياب هذا الانتقال الفاعل  نحو الهدف هو غياب دور الجماهير لانها لم تقوم بدورها  كما يجب ..لان الجماهير هي البيئة الحاضنة  واذا لم تتوفر هذ البيئة  للعمل ان نسبة نجاح العمل السياسي والاجتماعي  اقرب الي الفشل المؤكد..لان الانتصارات  وتحقيق حلم المستقبل  لا يمكن ان يتحقق على ارض الواقع  اذا لم تتوفر  أدوات وضرورات  شروط  هذا الانتصار.. و احدى هذه الضرورات هي البيئة الحاضنة وهذه البيئة  لم تتوفر  وفق شروط الاحتياجات  المطلوبة ، الي جانب غياب الممارسة اليومية الصحيحة لعمل المعارضة ..فان الخطاب الاداري اليومي للمعارضة لم يتصرف وفق  شروط اولويات المرحلة وكذلك لم يتصرف وفق  ذهنية التدبير بالامكانيات المتوفرة  ..ولهذا لم تراكم التجربة بشكل موضوعي  مايجب مراكمته  في ميدان العمل و لم توفر حتى  الان أدوات الرعب   تلزم بها النظام في ملعب السياسة  ..
 وان سمات اي ديكتاتوري لا يؤمن بالحوار و اشراك الاخرين  في العمل السياسي اليومي الا عند يحس ان الخطر بدا يحاصر جزء من صلاحياته..  ساعتها يفكر في  كيفية الخروج  من الأزمة باستخدام  لغة وأدوات تناسب المرحلة .. وحتى هذه اللحظة لم تتم مواجهة النظام الديكتاتوري كما يجب  ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها.. وان كل المحاولات التي تمت وتتم من اجل مواجهة النظام  لم ترقى الي المستوى المطلوب ..ولهذا نراه يواجه ازماته دون اي مضايقة من احد وهذا كان واضح في خطاب هذا العام ..
 ففي خطاب هذا العام عبر اسياس افورقي  دون اي مراوغة  عن وعيه.. اي قدم الصورة الحقيقية  المشبعة  بجنون العظمة ، التي تقيس كل شيء على ذاتها  .. انها المسطرة  لتاريخ والسياسة  والاقتصاد واذا لم تتطابق  الأشياء  مع المسطرة   تصنف ضمن فئة الخلل  وتخضع للإصلاح في ورشة النظام .. وان السجن  والاقصاء هو احدى ورش إصلاح  هذا النظام ..
ووفق هذا الفهم أطل  هذا العام من منصة الديكتاتورية  ليعلن على الملأ  ما أعلنه سابقا وهو  تقديم صورته الممتدة من الميدان اليومنا هذا..
 وبرغم من التحولات الفسيولوجية  نتيجة العمر والمرض على جسم الديكتاتور،والتحولات الموضوعية التي حدثت وتحدث في العالم.. فالرجل  لم يتغير في تفكيره ووعيه  مازال يردد نفس العبارات الممتلئة بآلتهم للآخرين ..ويوزعها بشكل تقليدي الي الاتجاهات المعروفة سلفا ..قائلا: هؤلاء كانوا بالامس ضد خيار الشعب الارتري في تقرير مصيرة  واليوم ضد بناء وتقدم الانسان الارتري اقتصاديا واجتماعيا …الخ.. وبهذه الطريقة السهلة يهرب النظام من المسؤوليات التي يجب فعلها داخل البلاد و هي : خلق  دولة المؤسسات  والاعتراف بالمشاكل  الحقيقية  الاقتصادية والاجتماعية  والسياسية والثقافية التي تواجه الانسان الارتري .. و ان مواجهة تلك المشاكل يتم عن طريق حلول مناسبة بدل الهروب  من الواقع وخلق الشيطان لرميه  بكل الشتائم ..
الهروب من المشاكل  لايخدم القضية بل يساعد الي تراكم  وتعقد المشكلة  ولهذا نرى كل يوم فصل جديد من فصول معاناة الشعب الارتري يتدفق على نهر الحياة  …وسوف تستمر هذه المعاناة اذا لم يترك النظام الهروب من حقائق الديمغرافية والتاريخ و تلبيس  كل إخفاقاته وخيباته للآخرين ..
الدولة منذ ان وجدت  لم توفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة للإنسان وكذلك الفرص  بشكل متساوي .. بل نرى كل صباح  يتسع مساحة  الظلم طاردا من الارض مكونات  العدل والمساواة لصالح التهميش والتمايز  ..وهكذا أصبحت الدولة عنصر طارد بامتياز نتيجة فشلها السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. هذه هي صورة النظام الحديثة والتقليدية، هو ، هو ،صادق مع نهجه  نهج الديكتاتور  ويعمل ليل نهار  من اجل ترسيخ   هذا المبدأ الذي يؤمن به..
إذن المطلوب من المقاومة  اولا- اجاد  فعل وخطاب  متسلح بكل الوسائل  حتى يتم تعطيل وتفكيك المشروع القائم ،هذا المشروع الذي ينهش ويتغذى  من جسم معاناة المجتمع الارتري..
ثانيا-  ان احتفال المعارضة بعيد الاستقلال  كل عام  يجب ان تنطلق من  مبدأ  الوقوف مع الذات  حتى تتعرف  هذه الذات اين أخفقت  وأسباب الاخفاق  وبذلك  تتجنب  الاخفاق وتكراره …  والبحث الدائم وبشكل واعي وسائل  اختصار المسافات  مسافات وصول الي الهدف ..
ثالثا-  الجماهير هي صاحبة المصلحة في التغيير اولا وأخيرا  وحتى الان لم تنخرط في العمل بالمستوى المطلوب  وبتالي عليها ان ترفع من مستوى مساهماتها حتى نضمن الوصول الي الهدف  .. لان اي عمل لا ينجح اذا لم تكن له حاضنة شعبية..
      محمد اسماعيل هنقلا

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34625

نشرت بواسطة في يونيو 1 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010