حوار غير مباشر مع الجبهة الشعبية … هل يكون للخيانة وجهة نظر !

بقلم : دكتور الجبرتى

تابعنا خلال الفترة السابقة وفي عدة مجلات الكترونية ، مقالات من كوادر سابقين للجبهة الشعبية ، يختلفون حول رئاسة أسياس للدولة والتنظيم الشيوعي ودكتاتوريته عليهم وتنظيمهم ، وكيف انهم وبكل صراحة يبلِغون فكر أسياس الشيوعي وليس الطائفي ، ورؤيتهم التي تتفق معه فيما يجري في ارتريا من احلال وابدال للسكان وتلوين للثقافة ، وهدم لدور العبادة الاسلامية وتمييع للثقافة الاسلامية ، وتنمية سياسية وووغيرها مما ينفذون !! وان المشكلة تكمن فقط في دكتاتوريته عليهم ، وعدم توفير فرصة لهم لممارسة نفس الفكر والاعمال التنموية السياسية علي منهج الجبهة الشعبية ، لابعاد السياسو قبليين والسياسو دينيين الرجعيين عن تجربة ادارة الدولة ، او حتي المشاركة فيها ، بل حتي البوح برغباتهم . تماما كما تريد الافكار اليسارية ، و ما تبقي من زملاء شيوعيون ، اقتداءا بليينين وماركس ، في مناهجهم المادية الاقتصادية والسياسية .

             السؤال هو هل هنالك فكر أصلا للجبهة الشعبية وأعضائها السابقين والمتبقين ، حول موضوعات الفكر السياسي والدولة والاقتصاد والسياسة في عمومياتها ؟ هل يستطيع محلل علمي أن يقرأ افكارهم ، ويتبين خطاهم ، ويتوقع توجهاتهم ؟ هل يمكن مجاراة  كل من عبر بوابة الجبهة الشعبية للوصول معه لرأي محدد ؟ أوفكرة ذات منهج ؟ للحوار والحديث حولها ؟ أن تكون مخدوعاً وتائها  لما يزيد عن ثلاثين عاما ، هل يجعل منك عاقلا أو سياسيا صاحب فكر كنت تتنظر النتائج لتعرف طريق الهروب ؟

               ثم لماذا لا ولم يفكر أو يخطط الأعضاء الباقون والهاربون في الجبهة الشعبية ، بعقل متوسط حتي ، لتحقيق ما يرونه من إصلاح أو انقلاب ؟ لماذا يكونون كالمخدرين خارج وداخل الجبهة الشعبية ؟ لماذا لم يموت أو يستشهد الرفقاء والزملاء يوميا من أجل الإصلاح ؟ أم أنهم يرون الآخر أسوأ مما هم عليه ؟ كيف يجعلون من أنفسهم قيادات بديلة ، وهم أفراد لم يستطيعوا التغيير من الداخل ؟

              إن من يقول أن أسياس  هو شخص متحكم بكل صغيرة او كبيرة بالنظام الحاكم في ارتريا ، مخطئ ان كان يعتبر شخص اسياس  هو كذلك . اسياس هومؤسسة كاملة تختصر في اسمه ، وهذا هو الأصح سياسيا وفكريا . لان الاستبداد منظومة والدكتاتورية مؤسسة دائما .

           هذا هو القصور الفكري والرؤية المعتمة الذي تَربي عليه كوادر الشعبية ، والمجتمع الارتري أيضاً في الداخل عقب الإستفتاء الارتري ، الذي نالت بموجبه ارتريا استقلالها . إضافة الي بعض القاصرين ايضا خارج ارتريا والنظام الارتري من المجتمع ومن يلبسون عباءة السياسة . فالشعبية جعلت من أفرادها أغبياء وتحتفظ بهم أغبياء  .

             يروج الهاربون من أعضاء الجبهة الشعبية الي خارج إرتريا منذ سنوات ، أنهم معارضين للنظام وانهم يرغبون (يحلمون ) في تغيير اسياس ، مع بعض التعديلات الشكلية في نظام إدارة الدولة. وأقاموا لهم مجموعة تتكون من وزراء وسفراء وقيادات أخري هاربة من يد تنظيم الجبهة الشعبية . وأقاموا لهم سمنارات وحشود جاءت لتنصت وتسمع افكارهم وحلولهم لتغيير النظام ، ظنا منهم انهم سيكونون اكثر فاعلية من غيرهم من التنظيمات المعارضة سابقا في الخارج . وبعد أعراس وحفلات وسمنارات صاخبة تمخضوا فولدوا لنا ضراطا ضخما متكررا .

             أثناء عرضهم لمجموعتهم التي لا تحمل أي إسم في دول الملاجئ الارترية ،  وخلال مقابلاتهم للتنظيمات الارترية ، شرحوا انهم يرون كذا وكذا من اجل تنظيم العمل المعارض ، ويريدون أن يتبنوا سمنارا جامعا للمعارضة الارترية بكل اشكالها ، من اجل توحيد العمل وتطويره . موضوع جيد .. لكن عند سؤالهم عن بديهيات العمل التنظيمي وعن ما هيتهم وماهية مجموعتهم واسمها ، اضافة الي هيكلهم الاداري الذي يريدون الاخرين ان يعرفوا رأسه من قعره ، ليعرفوا التسلسل التنظيمي لهم وليكون التواصل لتنفيذ كلماتهم الجيدة هذه ، كل حسب مسؤوليته وموقعه من العمل ، وليتحمل كل من الطرفين مسؤولياته تجد اجابة صادمة وغريبة ايما غرابة علي دنيا العقول والادارة ثم السياسة .         

              نحن ندير أعمالنا علي مستوي افقي (عشرين رأس ) وليس لنا رئيس محدد؟! أو اسم معروف ؟! ؟ وليس هنالك اي التزام شخصي او جماعي لما نقوله افرادا او جماعات ؟؟؟ ولن نستطيع تكليف اوتحديد شخص لتنفيذ ما تحدثنا عنه ؟؟؟ وليس هنالك اي مسؤولية لاي شخص عن ما يقوله او يفعله الفرد او الجماعة منا ؟؟ !!!!!

            طيب ، من سيواصل الحوار معنا لاحقا ؟ لا أدري ، قد اكون انا او غيري من المجموعة حسب الظروف !!! طيب من انت ؟ وماهوموقعك لنحدد قرناءك ليتعاملوا معك لا حقا ؟ انا كل شيئ !!! ولا شيئ !!!

            اذا قابلت شخصا بهذا العقل وبهذا الاسلوب وبهذا التنظيم ، كيف  ستشخص حالته العقلية ؟ هل ستكرر الونسة معه ؟؟ ام ماذا ستقول في تقريرك لتنظيمك او مؤسستك أو اصحابك انك قابلت من ؟؟ وكيف ولماذا وأين ومتي ؟؟؟؟؟ الا ان يكونوا يصدقون وحيا جديدا وسحرا غامضا لا يراه إلا  قوم اسياس  ….

           تأكيدا لما سبق ، بعد الإطلاع علي كتاباتهم حول النظام واسياس ، ورؤيتهم ، تجدهم يتقافزون في مختلف البرامج بدون هدي ، اضافة الي انك اذا بحثت داخل الفكرة التقدمية التي يطرحونها ، ستحتاج الي الرجوع قليلا الي الوراء والتنهد والبحث في ضواحي الكلمات عن رابط بين كل فقرة وفقرة ، وبين كل جملة وأخري .

                لا أدري لماذا مات ود فكاروا بهذه السرعة وبقي الآخرون ؟ ولماذا لم تكن معارضتهم وهجماتهم علي النظام ولو بقدر ربع العشر مما قاله ود فكاروا ؟ فقد كان الأوضح والأقوي أسلوبا في فضح النظام ومواجهته ، وقد وجد من المجتمع الإرتري قبولا يساوي ألف ضعف مما وجده الآخرون . أنفق أمواله وتحرك في بضعة أشهر حول الملاجئ والمنافي واستطاع تحريك الجميع . والبقية أخذوا يتسللون داخل التنظيمات والتحالف ثم المجلس وحتي رئاسته . فجأة مات ود فكاروا ، وبقي الاخرون يروجون لأفكارهم ومشروعاتهم . لماذا لم يتسلل السم إليهم ؟

             لا نشكك في الأفراد هنا فالتعميم مخل أينما كان ، إلا أن ظاهرة مستوي التفاعل بين الأفراد الهاربين من الشعبية ، وتواصلهم مع التنظيمات المعارضة ، ومحاولات قيامهم بتجمع يوازي التحالف أو المجلس ، إضافة الي عدم اقتناعهم بجدوي المعارضة وبرامجها ، وطرحهم لفكرة مؤتمر جامع ، وغيره مما يفيد برؤيتهم المشتركة مع الشعبية ، بان لا معارضة أصلا ليعترف بها ، كل هذه الملاحظات وغيرها ،  تشي بشيئ ما ، نحاول جاهدين البحث عن الجزء المفيد منه والصادق في رفع المعاناة عن المواطن الارتري الذي ظلوا يقتلونه ويسجنونه ويعذبونه لعشرين عاماً أو ضعفها .

          سألني أحد الشباب اليافعين المتيقظين عنهم ، وعن جدواهم واحتمالات اختراقهم للمعارضة المثقوبة بنفسها أصلا ، وإذا ما كان أسياس أو الشعبية  أو مَن ورائهم يحاول صناعة معارضة شبيهة بالمعارضة السودانية التي تشارك في الحكم بوزراء بدون قواعد ؟ ماذا يريد هؤلاء وماذا يستطيعون أن يفعلوا من أجل أن يغفروا سيئاتهم ، أرواح الاطفال الابرياء والنساء الارامل والثكالي ، الشباب الغرقي ، و مقطعي الأوصال ومن تعيش أجزاء منهم في أجساد الاروبيين وغيرهم من البشر . أعجبني سؤال الشاب وفطنته وما بدي عليه من هم وفكر وبحث . وأنا هنا أحول السؤال الي كل من يعمل بالسياسة الارترية المعارضة ، وكل من لديه شئ من هموم هؤلاء الشباب والارامل واللاجئين وووو . و أضيف أيضا سؤالاً آخر إلي أسئلته ، لماذا هنالك بعض ممن معنا يرحبون بهم ويرفعون شأنهم ، ويروجون لأفكارهم ويدافعون عنهم ؟ مالذي يحدث ؟ الحياة أسئلة ومحاولات للإجابة ، ونحن نسأل بحثا عن إجابة  . هنالك حوار خفي يدور ، بطريقة ما، لغرض ما ، قد يقوم به من يعقله أو قد يقوم به مغفلين نافعين للنظام؟

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34704

نشرت بواسطة في يونيو 10 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

3 تعليقات لـ “حوار غير مباشر مع الجبهة الشعبية … هل يكون للخيانة وجهة نظر !”

  1. انت مثال حي لآخر جملة في خربشاتك

  2. لقد أعيت الحماقة من يداويها … هؤلاء الذين ذكرت استاذ الجبرتي خلايا ادمغتهم بنيت على مدى العمرعلى الطاعة العمياء وعدم اشغال العقل إلا في حدود ما يؤتمر به للتنفيذ لقد نجحت الشعبية من أن تجعل منهم عبارة عن آلات ميكانيكة تستجيب لأوامر البرمجة التي صممت لها…دعني استعير من مقالتك (…الشعبية جعلت من أفرادها أغبياء وتحتفظ بهم أغبياء) يؤسفنى أن اقول أن هؤلاء هم حالة ميؤوس منها لا تصلح إلا أن تؤرشف وتوضع جانبا لأنها في العموم غير صالحة للتعامل معها في أي مشروع وطني في المستقبل.

  3. jandour

    نعم للحوار لا حليف لارتريا الا مع نفسها.

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010