ماذا بعد الانسلاخ..؟؟!!
بقلم / عبده يوسف أحمد
7/9/2015م
لست أدري..! أيحق أن نحتفي بكل منسلخ من العصابة الحاكمة في أسمرا..؟! لست هنا في مقام جوازه من عدمه..ولكن بقليل من التريث والتعقل يمكن أن نرى الصورة واضحة جليّة تغنينا عن الاستغراق في التفاؤل وأخذ الأمور بعاطفة لن تجد ما يدعمها على الأرض .
في البدء : نسجّل صوت شكر لمن اتخذوا هذه الخطوة التي جاءت متأخرة -كما يقال- أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي ، لست غالياً ولا راجماً بالغيب ، أحداث عايشها كثير من المتابعين للشأن الارتري طوال عقد ونيف حينما بدأت (أسراب) المنشقين من الشعبية تضرب باب المعارضة (بكبرياء) ورصيدهم في شرف المعارضة (الخروج والانسلاخ) من أول يوم في الأرض (الجديدة) التي ما ألفوها ولا عاشوها بين يوم وليلة يبحثون عن دور الأستاذية والتعالي لمست ذلك بنفسي عندما التقيت قبل أعوام بحي الزهور في الخرطوم بقيادات كبيرة كانت تتصدر المشهد حينها وتسعى أن تلحق بركب المعارضة الارترية برصيد تضعه في خزانة المجاهر (للعداء) و(المحارب) للعصابة والبحث عن تموضع جديد.
لا أعمم هنا أن كل القيادات المنسلخة تفكر بنفس الوتيرة وتتوسد تلك الأفكار.. ولا شك عندي بأن مشروع المعارضة المطروح رغم صعوبة إختراق المشهد إلا أن ما يجمعها أكبر مما يفرقها وجاء (الوافدون) الجديد.. لا للمشاركة الفاعلة النوعية التي كان يُنظر لها بتفاؤل ولكنهم نحو منحى التشكيك والانفعال والتشنج في المواقف التي تلت ذلك مخيبة للآمال بل ومفرقة للجماعة.. وفي ظني عدم الانسجام ربما يفرضه الواقع في البدايات ولكن أن يكون أمرا راتباً فهذا ما يقلق وما يزعج جماهير الشعب الإرتري والأمر أشبه بمريض هدّه المرض يحتاج إلى وقت للإستشفاء ولكن طال أمده فلا أحد يعلم متى يتسق عمل هؤلاء مع قرار الإنشقاق والخروج المدوي.
ماذا فعل الهاربون طوال السنين الماضية..؟؟!
سفراء
وزراء
ضباط وقيادات أمنية كبيرة.
قيادات تنظيمية وطلابية.
حتى لا أتهم بأني وضعت كل المنسلخين في خانة واحدة أقول: جموع الهاربين من جحيم الجبهة الشعبية هم ثلاثة فئات:
الفئة الأولى: هربت عندما ضاقت ذرعاً لتوجهات العصابة لمست وذاقت التضيق الذي جرى عليها وهذه الفئة آثرت أن تصمت مع أنها مطّلعة على ملفات تدين النظام وهؤلاء يمثلون رجال أمن وعسكريين صمتوا: ربما (رهبة أو رغبة) خشية أن تطالهم يد الغدر في أي مكان.. خوف لا مبرر له في مقابل ما يريده الشعب الارتري في سبيل تدعيم حقوقه وتصحيح الأخطاء وفضح الجرائم التي ارتكبتها العصابة طوال عقود وسكوتهم يمثل جريمة أخرى إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون.
الفئة الثانية: قيادات سياسية- وإن كان من العسير أن نفصل بين قيادات سياسية وأخرى عسكرية في الجبهة الشعبية –هذه القيادات كان لها دور كبير في مراحل مختلفة في الجبهة الشعبية هذه الفئة أثرت أن تخوض تجربة المعارضة على استحياء تريد أن تعيد (مجدها) وأفول نجمها في الاستحواذ على العمل المعارض تود أن يكون لها يد طولى في كل ما يجري في الساحة دون أن تتوافق مع المحيط المعارض بل إستدعت مرارات الماضي الذي لم تستطيع الخروج من دائرة الكراهية التي سكنت القلوب لعقود طويلة مما جعلها تنفر وتتثاقل في المضي قدماً في مشروع إسقاط العصابة ، من أول وهلة بدأت محاولات السيطرة ومحاولة توجيه العمل السياسي حسب رغبتها وأهوائها، لا حسب مقتضيات المرحلة كان واضحاً إصرارها على المضي قدماً في سياستها واختيارها المنطقة(الرمادية) ومازالت تمسك العصا من المنتصف بين ولائها القديم للجبهة الشعبية ومشروعها الذي انهار أو يكاد ، وبين الوضع الجديد غير (المستثاق) الذي وجدوا انفسهم فيه ، موقف لا يحسدون عليه مما اضطرهم في البحث عن ارض جديدة وما علموا ما طرأ في فضاء السياسة طوال عقود كانوا على النقيض هناك في كنف الشعبية ..!!
انتظرتهم الجماهير عقد ونيف ولم تجد ما صاحب انسلاخهم من سخب تُرجم على أرض الواقع بعمل حقيقي لم يبدأ ما خرجوا بسببه للاسف وما زلنا ننتظر..!
فئة الثالثة: لا تنتمي للتنظيم وولائها لحظي في خضم الحياة التي عاشتها في معسكرات ساوا بعضهم أخذه بريقها حتى غدا لا تفارقه رقصاتها فيذهب للرقص في سفاراتها متى ما تيسر سرعان ما ينسى هؤلاء معاناتهم وهروبهم من جحيم الشعبية واغلب هؤلاء لا يجدون من يوجههم إلى الطريق الصحيح في تعريف الوطنية وحقوق المواطنة الحقة وهذا خلل (منهجي) استفادت منه العصابة في تكثيف الدعاية بأن الوطن مستهدف وأنها في حرب مقدسة تحمي الوطن من شر المتربصين به. والحقيقة هم من يتربصون بأمن الوطن والمواطن حتى أصبح الوطن في مهب الريح.
بالنظرة الموضوعية نقول: ماذا وجدنا بعد هذه الانسلاخات من حجم الإضافة المنتظرة في تطوير العمل المعارض والدفع به إلى الأمام على حسب متابعتي المتواضعة يكاد يكون معدوماً ربما لطبيعة منفستو الهروب بالجملة إذ يرى كثير من قيادات الجبهة الشعبية أن مصوغات الخروج والانسلاخ ليس إنتقاداً للفكرة ولا مراجعة موضوعية في أصل الخلاف الموجود ولا في البحث عن صياغات لمشروع جديد وتصور عملي يخرج الساحة من حالته البائسة ويوقف العصابة في مشروع نحر الوطن وإنهاء الانحدار الهائل في كل شيء بعيداً عن فكرة الترميم (لصنم) الشعبية والحلم الشاذ الذي يظهر على السطح بين فترة وآخري حتى يستمر المشروع الكبير وقد تابعت طوال سنوات ولم أرى من ينتقد المنهجية العوراء للجبهة الشعبية ويناقش لب المشكلات ..اغلب المنسلخين –حسب علمي-لم يصوبوا انتقادهم في أصل المشكلات والاعتلالات الذي أفشل مشروع الشعبية وأن جرائم حقوق الانسان رغم ضخامتها وفذاعتها الا أن الكثيرين أثروا الصمت من الحديث وما لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ 14 يونيو 2014م في الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الارتري لم تجد إلأ اليسير في مقابل الأهوال المسكوت عنها إلا ما ندر مما جاء على لسان البعض .. ومعلوم أن بعض الجرائم ربما طالت بعضاً ممن هم بين ظهرانينا اليوم.
كان الأولى لهؤلاء البحث عن أخطاء الشعبية وفضح جرائمها وفتح صفحة جديد مع جماهير الشعب لكن بعضهم يرغب ويتمنى في الجبهة الشعبية (المحسّنة) أملاً في الخروج من أزمات الوطن وربطنا للأسف سنوات أخرى حالكة كسابقاتها دون أن ينظروا لأحلامنا ولا لرغباتنا ولا لمستقبلنا كما (بشرونا) قبل عام ونيف.
أما احتفائنا لخبر إنسلاخ قنصل السابق في دبي السفير/ الأمين نافع بتاريخ 26/7/2015م ومن قبله انسلاخ سكرتير مندوب ارتريا بالاتحاد الأفريقي بتاريخ 12/5/2015م وهروب قنصل سفارة ارتريا باستراليا بشير إدريس نور بتاريخ 27/4/2015م من داخل البلاد بمساعدة بعض أركان النظام كما جاء في الاخبار .. نؤكد الشكر لهم على اتخاذهم هذه الخطوة الشجاعة آملاً أن يكونوا إضافة لمعسكر المعارضة في مواجهة العصابة وأن لا يكونوا مثل الكثيرين الذين خاب ظننا فيهم ولم يقدموا شيئاًحتى الساعة إلا من بعض الجهود المقدرة من أفراد يعملون بجد ومثابرة.
الأمر واضح من كوننا في أمسّ الحاجة أن نجد من يُوجع العصابة ويذيقها طعم الألم أكثر من الانسلاخ الدبلوماسيين..كما تبين بأننا ننتظر عن أي إنجاز ضد العصابة بيدنا أو بيد (غيرنا) كان هروباً أو إنسلاخاً أوحروباً بأي جارحة.
لست متحمساً للاحتفاء وحق لمن أراد أن يحتفي (بالهروب) لكنني سأحتفي بهم يوم أن أجدهم في مقدمة الركب يقاتلون أسياس وزمرته لا أن يتحفونا بعبارات لا تحمل في مضمونها غير ما تحمل من ريب وتحقير وتسفيه نضالات ورجال اشاوس كتبوا تاريخ أمة بمداد من دم.
لو تحلى بعض هؤلاء بالشجاعة أن ينفضوا أيديهم بالكليّة من العصابة ويقدموا خدمة للشعب الارتري كافة و يغسلوا أيديهم من أفكارها ويضعوا أيديهم مع بقية القوى الارترية ليبنوا وطناً يكون فيه الإنسان الارتري وكرامته في سلّم الأولويات وحقوق أنسانه مصونة ومنصوصًه ومرعيه.
نقول للمنسلخين : الخروج من الجبهة الشعبية وإعلان الانسلاخ ليس نهاية المطاف ولا إنجازاً وطنياً تقفون عنده ولا بطولة مدعاه تلزموننا بالولاء المطلق لكل ما تقومون به.
لابد أن تكون بداية لمسيرة نضالية ضد العصابة الحاكمة وأن تكونوا على المحجّة البيضاء ناصعة جليّة لا غموض فيها.
ألا فاليعلم هؤلاء : هل أنتم مع إسقاط العصابة ودحرها وإسقاط مشروعها اللا وطني..؟؟
أم اكتفيتم بالانسلاخ ..؟؟؟!!!
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35346
نشرت بواسطة فرجت
في سبتمبر 7 2015 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أخي الكريم/ محمد علي حامد شكراً على التعليق المفيد
أشكرك أخي الكريم على التعليق المفيد ..صحيح أن تأثير الافراد المنسلخين كل على حدى ربما كان ضعيفاً وثبت ذلك طوال سنوات تلت ذلك لكن لا ننسى بأن كثير من قياداتها المؤسسة والتي كان لها دور بارز خرجت ..لذا الهزال وعدم الثقة الذي تعيشه العصابة فيه نصيب لمنسلخين.والشعبية ليست كما كانت بوتها وجبروتها ..ولم يتبقى لها ألا التلاشي ربما هو عامل وقت ..وما يبقيها ضعف المعارضة ..وهي اليوم أون من بيت العنكبوت.
يذكرني مقال ( ماذا بعد الانسلاخ ) بالحديث الشريف الذي يستهل ب ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً) ، ولله المثل الاعلي ولكن يبدو لي حتي لو انسلخ أتباع ( أسياس ) عن حظيرته عن بكرة أبيهم لا يؤثر ذلك في ملكه العضوض ، لأنهم وبصراحة مؤلمة كانوا علي أقصي هامش السلطة ولم يكونوا يملكوا شيئاً من أمور وأسرار اللعبة القذرة ، لأنهم ببساطة كانوا مجرد بيادق يتلهّي بها ( إبن مدهن ) ويحركها أنّا يشاء ، فلا أظن غيابهم خسارة تذكر في ملكه ولا مكسب ٌ كبير يفرح به الشعب المكلوم ، فأرجو ألاّ نتمني علي الله الأماني .