خواطر قومي4 … التنظيمات القوميه الارتريه ورقصة الموت

خالد الشريف

واعترف علينا الاعتراف ايضا ان النظام الحاكم ذات الأغلبية من الحمساويه  لم  يجبر االقوميات ، بالتخلي عن عقيدتها أو تقاليدها أو حتى هويتها والعمل على منحها بعض تمايزها الثقافي واعترف بوجودها و المشكلة الحقيقية بين السلطه الحاكمه والحقوق السياسيه ولاقتصاديه للقوميات الارتريه تبدأ عندما يصبح لهذا التمايز الثقافي، وجود سياسي مميز، مع وجود رغبة من جانب القوميات فى أن تحظى بنصيب فى عملية صنع القرار داخل المجتمع الذى تعيش فيه،اي ان التمايز والاختلاف مقبول اذا حصر في الاطار الفلوكلوري والفني وذالك لأسباب تتعلق بالمصالح السياسية والاقتصاديه الخاصه لقوميه التجرينيا  وبناء عليه اصبح الاضطهاد الديني والقومي واقع معاش في ارتريا ادى الى تغييرات ديموغرافية وجيوسياسية جعلت من بعض القوميات أقليات مجهرية مهددة بالزوال نتيجه لهذا تشويه للمشهد الجيوسياسي والثقافي والاجتماعي والديموغرافي في الوطن  مما خلق حاله رفض من جانب القوميات التي ترفض التهجير والتضحية باقليمها ومواردها واستقلالها وذلك بتكوين تنظيماتهم  السياسيه معارضه للنظام  يعبرون من خلالها عن موقفهم إزاء القضايا الاجتماعية أو السياسية فى الوطن بعد ان اصبحت مسألة الاضطهاد للمكونات الاجتماعيه والسلب المنظم  اللأراضي وأبعادها السياسية والاقتصادية والديموغرافية مرشحة للأستمرار وليس ثمة إتجاه نحو استيعابها  بين اطياف المنظمات المعارضه .

بزوغ المنظمات القوميه خلق في اجواء العمل المعارض لاول مره فكره السياسة التعددية التي تقوم على الاعتراف بالتنوع في الثقافات واللغات والهويات، واعطاء وزناً أكبر للحقوق الجماعية والمصالح الخاصة للقوميات المختلفة، حيث تؤكد على مباديء المساواة بين المواطنيين ولكن في إطار من التمييز والاستقلالية، مما جعل من فكره المشاركة السياسيه بتراضي بين مكونات الوطن امر ممكن.

ولاكن اصبح تجاوز الإشكالية الناجمة من النزاع بين المنظمات القوميه وبعض احزاب المعارضه الاريتريه  حول بعض المفاهيم اصبح امر مستعصي على الحل و لذالك بمجرد أن يدور الحديث حول قضايا حقوق مكونات الشعب الثقافيه والاقتصاديه و السياسيه  نجدها تثير درجة كبيرة من الحساسية عند البعض ومرد ذالك ربما بسبب التغييب المقصود الذي تعاملت به معظم المنظمات السياسيه الارتريه مع مسألة حقوق القوميات لمده طويله جعل هذه المسألة متأخرة في سلم إهتمامات و في غياب كامل لدور الباحثين ومراكز الابحاث  التي تسلط الضوء وتعطي طرح علمي دقيق وانساني لهذه المساله.

وذالك انتج اختلاط المفهوم الخاص بالقوميات وحقوقها الاقتصاديه والسياسيه والثقافيه وبعض المفاهيم المقاربة لها  كالإثنية، والعرقية ، والعنصرية ونجحت القوى المناوئه للحقوق القوميات في تسويق قضيه القوميات على انها تعتبر بمثابة إثارة نزاعات عنصريه و فكرة تتعامل مع أقضايا الوطن من خلال نظرة التمايزات العرقية تؤهل الى تقسيم الوطن والتي تنسب عاده الى شماعه المؤامرات الاثيوبيه  الاستعمارية ومن سخريه القدر ان نفس هذا  التفسيروهو تفسير الشائع في الخطاب السياسي عند النظام الحاكم  لوصم جميع اطياف المعارضه سواء الاسلامي اواليساري .

وعتقد ذالك ما حذا بمنظمه مثل المنظمه الديمقراطيه لعفر البحر الاحمر والتي و إن كانت تعيش في واقع دولي واقليمي  يقر لها بالوجود المستقل والمتميز و في عصر الديمقراطية وحقوق الانسان والمجتمع المدني وحرية الشعوب في تقرير مصيرها ، فإنه في الوقت نفسه تجد نفسها في واقع  يدفعها إلى التنازل عن الكثير من الحقوق التي نادت و ناضلت من أجلها واصبحت شيئا فشيئا داخل مصيده الطرح الثنائي الطائفي و الانخراط في ندوات ومحاورات سياسيه غامضه (مخرجات ورشة فرانكفورت و البيان الاخير للتنظيم بخصوص اللغه العربيه و وماسبقها من تنازلات في المجلس الوطنى الارترى للتغيير الديموقراطى مما قد تفقداها  المصداقيه عند قواعدها وحلفائها التقليديين من المنظمات القوميه الاخرى و هذه الأمور وغيرها جعلت االمنظمات القوميه المختلفة أسيرة مأزق تتنازعها فيه العديد من الأبعاد المعنوية .

أن توجه الجديد عند بعض المنظمات القوميه  بالمراهنة علي الطرح الشمولي اليساري او ثنائي الطائفي لن تؤدي إلي أي نتائج في الحالة الارتريه  الحالية خاصة وان النظام التجرينا الحاكم وحلفائهم من المعارضه سيحاولون بكل مافي وسعهم  أن يحافظوا على المكتسبات الحاليه و يدفعوا نحو تنازلات لن  تحقق لشعبنا حقوقه العادلة ولن يعالج الاثار المترتبه من حالة الحرمان من الحقوق والاضطهاد الطويل الأمد من قبل هذا النظام .

وقد اصبح جليا لكل مراقب أن التضحية بالحقوق الجماعية والمصالح الخاصة للقوميات المختلفة هو شرط لتحقيق اي تفاهمات مع هذه المنظمات الشموليه ، وبالتالي ليس من مصلحة حقيقية للمنظمات القوميه فيه، وسيخدم النظام و واتباعه ايدلوجيا من المعارضة التي ظلّت أمينة لعجزها التاريخي أمام النظام، فتبنت رؤية آنيه وقاصره ومحدودة للازمه الاريتريه ، تتمثل باللغه العربيه او الانتخابات وانهاء التجنيد القسري طويل الامد، وهذا الأمر نتيجة  سياسة عامة تحكمت في عقل من يقود المعارضة، فتوزعت تبعيتها لايدلوجيات وافكار لاتمت للوضع الاريتري بصله مثل توجهات اليساريه الماركسيه و العروبيه و الاسلام السياسي بشقيه الاخواني والسلفي وغيرها، وكانت النتيجة، تحوّل قضايا غياب التوزيع العادل للسلطه والثروه بين مكونات المجتمع  وحقوق الانسان إلى مسائله حقوق مدنيه ومشكله شخصيه تتعلق بسلوك رأس النظام وتشويش العالم بأسره عن ماهية وحقيقه مايحدث في ارتريا .

المنظمات المعارضة الفاشلة هذه قادتها رؤيتها تلك من فشل إلى آخر منذ زمن بعيد، وهذا رافقها طيلة مشوارها السياسي حتى وصلت إلى المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي والذي بدوره توضح للارتريين  ان هذا المجلس بحكم الميت سريرا و أن المعارضة فاشلة بالكامل في فهم حقيقه الازمه داخل الوطن ومشكلاته وأصبحت تابعة لتوجهاتها الايدلوجيه والفئويه والمصالح الشخصيه.

و يتوجب على المنظمات القوميه بدلا من ممارسه طقوس رقصه الموت هذه  الاسراع و العمل على إيجاد شركاء وحلفاء من القوى الاجتماعية المتضررة من نهج احتكار السلطة من أبناء المكونات القومية والدينية المتطلعة نحو المساواة السياسية والعدالة الاجتماعية و المنظمات الارتريه المعارضه ذات منهج وطروحات غير مؤدلجة والعمل على إعادة صياغة حقوق القوميات الى بنى إيجابية متوافقة في إطار وطني قادر على الفعل وتذويب التعددية القوميه في بوتقة مجتمع مدني حديث ويعمل على تجاوز النموذج المتنافر للتكوين القومي الذي يراهن ويروج له البعض.

فالمنظمات القوميه  معنيّة ومن جديد برؤية مشكلاتها، وتحديد أهدافها وتوضيحها للجمهور، والعودة إلى تفعيل نشاطات جبهه القوميات المعطل ، التي ربما لم تتخل عنها ولكن لم تحافظ عليها، وطرح مشروع كامل لتمكين القوميات التي تناضل من اجل البقاء  في اداره مواردها والمشاركه العادله في سلطه والثروه , وان أي خلافات أو صراعات سياسيه او ثقافيه اخرى يمكن حسمها  بالاقرار بحقوق القوميات لانها هي الطريقه الوحيد للوصول اي طرف او مكون اجتماعي في تحقيق الذات على مستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

هذه الرؤية هي وحدها من ينقذ الوطن وكل رؤية تأتي بهذا الإطار ستساهم في تخليص االقوميات الارتريه المضطهده من مشكلاتها، ومنها تبعيتها لمعارضة بائسة ذات توجهات الشموليه  والتي يظهر واضحاً في بكائيات خطابتها في المنافي عدم اكتراثها بقضايا الارض و التوزيع العادل للسلطه والثروه بين مكونات الوطن ، وما يتصف به تنظيرها السياسي من طابع تراجيدي قائم على حالة من التيئيس النفسي والمعنوي لينعكس ذلك على الشخصية الارتريه والتي باتت تعيش حالة من الانفصام بين حب الوطن والرغبة بالموت فيه ، وبين الهروب الى المجهول لتعيش مثالياتها الانسانية .

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36228

نشرت بواسطة في يناير 1 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010