رسالة مختصرة الى مؤتمر الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي المزمع عقده – الحلقة الرابعة
بقلم : الكاتب الصحفي والمحلل السياسي/ أبوعادل
الحلقة الرابعة
السلم الوظيفي لمواليد إرتريا (1960م- 2015): بلغت مواليد عام 1960م سن الثامن عشر عام 1978م ولذلك لم تشارك في الثورة منذ إنطلاقتها بل بعد إنقسامها الى تنظيمات متناحرة ، وبالتالي لم يكن لهذه الشريحة دور نضالي يذكر ، خاصة أن الثورة إنسحبت للسودان مع مطلع الثمانينات ولم يتبق سوى المنتمي للجبهة الشعبية ، ولا ننسى أنه بعد عقد من ذلك الزمان جاء الإستقلال . والفئة المشاركة من مواليد الستينيات بسيطة لأن الشعب الإرتري معظمه كان نازحاً في تلك المرحلة. ولعل مشاركة القلة منهم لم تجعلهم في قيادة تنظيمية أو ميدانية لها تأثير من شارك سابقاً من مواليد ماقبل الستينيات(1905م-1955م)، لذا لم نضع مواليد 1955م في الجدول لأن مهامهم من المفترض أن تبدأ عام 1985م وتنتهي عام2015م. وحسب الجدول أعلاه فإن عام 1990م هو النصاب القانوني لنيل مواليد عام 1960م مقعدهم التنظيمي كواجهة لكيان الشعب وممثل شرعي يمارس وظيفة تفعيل إرادة الشعب الإرتري ككيان مستقل الإرادة والقرار، وأن خضوع هذا الكيان لمبدأ الشراكة التنظيمية مع قوى سياسية أخرى تتداول معه جزء من الصلاحيات التنظيمية وتمارس العمل الوظيفي كجهة فنية تملك قدرات وإمكانيات ــ الشعب بحاجة للإستفادة منها ولذلك ــ يمنحهم الشعب مقابلها رواتب تكفي حاجتهم، وهذا لا يعني أنه نصَّبَ هؤلاء السياسيين أسياداً عليه كيف يصح ذلك وهو رب عملهم ومن وظفهم في تلك الوظيفة كي يخدموه ويحققوا له مصلحة تنظيمية محددة ليس أكثر، ولذلك نقول لابد للشعب أن يستعيد كيانه ويستقل بقراره ليصبح له مقام محفوظ من خلال أجياله التي تمارس دوره السيادي بصورة شرعية ومستقلة عن الأجيال التي تمارس دوره السياسي، وبالتالي علينا كشعب بعد اليوم أن لا نقبل هذا السلوك الإنتهازي الذي يريد أن يطبق علينا مجدداً (أدوار الوصايا) بعيداً عن منطق التداول العادل للأدوار التنظيمية الموكلة للقوى السياسية ، ومن ثم إقترحنا هذا السلم الوظيفي الجديد لترتيب البيت الداخلي لكيان الشعب ليمارس وظيفته كرب عمل ومشرف على كل الموظفين في الهيكل (السيادي والسياسي) للدولة ، فلا يوجد فرد ينتمي إلي الشعب يملك صلاحية قانونية لتجاوز مقرراته ومواقفه التنظيمية تجاه شئون دولته العامة والخاصة ، ومن مميزات هذا التنظيم مثلاً أن ظهور مواليد عام 1960م يواكب بدء مواليد عام 1930م بمهام المرحلة بعد بلوغهم سن الثلاثين، وعندما يكتمل نصاب مشاركة مواليد عام 1960م في إدارة الحقوق والصلاحيات والأدوار المخصصة لكيان الشعب ، أي بحلول عام 1990 يظهر الى الوجود مواليد 1990م، وبعد 18سنة ينتقلون الى المسرح التنظيمي ليقومون بمهام الخدمة ولمدة 12 سنة وفي عام 2020م حيث سيبلغ عندها مواليد التسعينيات عامهم الثلاثين ، تبدأ عملية التسليم والتسلم بين جيلين يفصل بينهما ثلاثة عقود (3ع -d 3( وهما جيل عام 1960 و جيل عام 1990،وستتكرر هذه العملية كل خمسة أعوام، فمواليد 1965م مثلاً يبدأ نصابهم القانوني لتولي مهام المرحلة عام 1995م ومواليد هذا العام (1995) سيتولون مهامهم لحظة إنتهاء صلاحية مواليد عام 1965م أي في عام 2025م ، ومواليد عام 1970م يبدأون في ممارسة المهام التنظيمية عام 2000م بينما مواليد نفس العام يتولون مهامهم مع إنتهاء صلاحية مواليد السبعينات في عام 2030م وهكذا تنتظم كل الأجيال داخل عقدها التنظيمي المحقق لها كل المطالب الحيوية المعززة لكرامة شعبنا الإرتري والمؤكدة لعلو مقامه وبراعة أبناءه في تسيير شئونهم التنظيمية .
أما الأحزاب السياسية فلها مطلق الحرية في تنظيم أفرادها لكن إنتسابهم الى العمل التنظيمي المخصص لخدمة الشعب داخل إطار الدولة يجب أن يتقيد على النحو السابق ، لتأكيد خضوع تلك القوى السياسية لمقررات الشعب وقوانينه التنظيمية ، ولكي يخضع الهيكل الإداري والتنظيمي للدولة لقواعد بناء كيان الشعب الإرتري لأنه أساس البناء التنظيمي للدولة .
وهي عملية موازنة بين القرار الحكومي والشعبي لدولة إرتريا المستقبل التي عليها أن تعير مبدأ الشراكة الواقعية بين الكيان السياسي للدولة والكيان الشعبي للدولة كل إهتمامها ، لأن قيام كيان الدولة على قدم واحدة لن ينجح في إحداث التوازن التنظيمي المفقود منذ مرحلة الثورة ، وبالتالي لابد من قدم أخرى تسند جسم الدولة وتجعله قادر على الحراك الطبيعي الموافق لمعادلة التوزيع الديمقراطي للسلطة بين الكيانيين ، وذلك بناءاً على مبدأ الإعتراف الرسمي بوجود هذا الكيان (الشعبي) إعترافاً واقعياً ليس لفظياً وحسب، بل يتبعه حراك عملي وتنظيمي، وعدم تطبيق ذلك يمثل عودة إرتدادية للفجوة الكبيرة وللخلل السياسي الفادح الذي أصاب الثورة الإرترية سابقاً ، وهو مايجب أن نسميه بالتكرار الببغائي لذات الممارسة اليوم رغم إدعائنا العكس وحملنا شعار التغيير لنصبح رواد مرحلة لا ننتمي إليها، إن عدم المصداقية في تناول شئوننا الشعبية والسياسية أضفى واقع إنتهازي حال بين الأجيال ومقام التداول التنظيمي لذات المهام النضالية والتنظيمية التي إنتهت أدوارها بالنسبة لمن شارك في الثورة وهم مواليد ماقبل الستينات ، وأصبح المسرح مهيَّأ للأجيال التي ولدت بدءاً من عام 1960 لأنها لم تشارك في قيادة الثورة ، وهي قسمة تنظيمية عادلة بين من ينتمون لمرحلتين منفصلتين لتخليص المجتمع من بعض أعباءه التي كانت قد أثقلت كاهله بسبب قدرة هؤلاء على تمديد مدة إحتكارهم لتلك الأدوار التي نريد أن تكون هذه المرة غير مفصلة على مقاسهم أو مرتبطة بهم ماداموا أحياء ، إن جميع الأجيال الإرترية اليوم لها هذا الحق المحتكر من قبل فئة قليلة تظن بأن غيرها أقل وعي ودراية بمفاصل هذا العمل التنظيمي الكبير، هذا مع أن هذه الأجيال الشابة لم تحظى بعد بفرصة التجريب والتعاطي مع أدوار المرحلة فكيف أصدرت النخبة عليها هذه الأحكام بعدم الكفاءة إن لم يكن هذا التطاول منها مبرر لٌلإستمرار، إن مثل هذه الأساليب التي غابت من قبل عن وعي جماهيرنا الإرترية وشبابنا المناضل في مرحلة الثورة لن تتكرر مرة أخرى في ظل وجودنا الواعي على المسرح، فنحن أجيال نملك ذات الحقوق الوطنية ومن حقنا أن نحظى بالصلاحيات والأدوار التنظيمية التي مارستها النخبة قبل خمسين عام ومع ذلك لازالت متعلقة بها وتريد الإستحواز عليها من جديد.
إن إحترامنا للتضحيات البطولية التي أداها من ينتمي للنخبة ويجلس اليوم على سدة العمل الحكومي أو المعارض، لا يعني تنازلنا عن أدوارنا لهم أو فقداننا لشرعيتنا التنظيمية لدرجة الخضوع مجدداً لخيارات النخبة المتجاوزة لمنطق العدالة والديمقراطية، ألا ترون من ينتمي منهم للمعارضة كيف يحلمون بدوام هذا الحال حتى لا تسقط خياراتهم ، تماماً كما يفعل من ينتمي للهقدف ، فالجميع مغرم بحال السلطة التي تمتعوا بها ثلاثة عقود، وعاشوا في أوهامها عقدين ونصف آخرين من الزمان كان من المفترض أن يمارس مواليد عام 1960 أدوارهم كرواد للمرحلة حتى عام1990 وأن تنتهي هذه الأدوار في الوقت الذي ستبدأ فيه أدوار مواليد عام 1990م عام 2020م حيث تبقى لها أربعة أعوام لتنقضي، ومواليد عام 1965 التي من المفترض أنها بدأت أدوارها كرائد للمرحلة عام 1995 وستنتهي عام 2025م أي بعد تسعة أعوام من الآن، ومواليد عام 1970م التي من المفترض أنها بدأت أدوارها كرائد للمرحلة عام 2000م وستنتهي عام 2030م بعد أربعة عشرة عاماً من الآن، ومواليد 1975م التي من المفترض أنها بدأت أدوارها كرائد للمرحلة عام2005 وستنتهي عام 2035م بعد تسعة عشرة عاماً من الآن، ومواليد عام 1980م التي من المفترض أنها بدأت أدوارها كرائد للمرحلة عام 2010م وستنتهي عام 2040م ومواليد عام 1985م التي من المفترض أن بدأت أدوارها كرائد للمرحلة العام 2015م وستنتهي عام 2045م ، إن كل هذا الزخم والنشاط التنظيمي الهائل إختفى لعدم وجود آلية لإجراء عمليات التسليم والتسلم بين الأجيال المتعاقبة بصورة عادلة وخالية من محاولات التمييز الطبقي بين أفرادها، أليس من الظلم بمكان أن يتجاهل مثل هؤلاء النخب (الحاكمة والمعارضة) حق الأجيال الشابة بهذه الطريقة التي لا تقل قسوة عن الديكتاتورية التي باتت تستعمر إرادتنا وتسرق ثمارنا وتطوي أعمارنا في سلة العدم الوظيفي.
ومن هنا جاء مقترحنا لسد هذه الثغرة التنظيمية التي ظل يتسلل عبرها مثل هؤلاء السياسيين، ليدركوا بهذا الإعلان أن القطار قد فاتهم وأن الوقت لم يعد في صالحهم ، وليكتفوا بإستحقاق الجدارة لأنهم شاركوا في مرحلة نضالية سجلها التأريخ كأقوى ملاحم النضال الإرتري قاطبة ، وليملأوا بذلك شاشات التلفاز بذكر مآثرهم وتفاصيل مشاركاتهم وليصور كل واحد منهم جانب من تلك الملاحم ليكتمل المشهد أمامنا لرؤية التفاصيل الغائبة ، تلك هي المهام التي تبقت لهم، فإن أدوها أكملوا مشوارهم وكان الله يحب المحسنين ، وإن لم يفعلوا فليطووا صفحتهم في صمت بعيداً عن الواقع الجديد الذي لن يقدروا على التفاعل معه لإختلاف معطيات المرحلة الراهنة عن سابقاتها ، لأن معاول البناء التي أعددناها اليوم تختلف تماماً عن معاول البناء الذي بحوزتهم، ومشوارنا سيطول بفضل مجهوداتهم السابقة في الهدم وخلقهم بؤر صراع بيني لخلخلة التماسك الإرتري وإطالة أمد بقاءهم ، ولهذا فإن البناء اليوم يحتاج لقوى متعلمة بعلم حقيقي يملك مفاتيح الحل لكل المشاكل التي تم تأصيلها أثناء وجود هؤلاء الساسة في السلطة الثورية سابقاً والحكومية لاحقاً، وهم لازالوا على حالهم متأثرين بالصراع الذي خلقوا قواعده ولم يتمكنوا من السيطرة على مجرياته كما فعل إسياس ، ومن هنا نقول بأن جيل الشباب اليوم أوعى مما يتوقعونه ويظنونه ، إنهم نفحة الأمل التي طالما حلم الشعب بها ، إنهم بلسم الجراح التي تسببوا هؤلاء الساسة بها ، نتيجة إعتقادهم أنهم الطليعة لكل المراحل السابقة والآتية ، فإن كانوا حقاً كذلك فهل سيفهمون المغزى من هذا المقترح ..؟ هل سيقفون الى جانبه أم كالعادة سيقللون من شأنه لأنه لم يصدر منهم ولم يستوفِ شروط سلطتهم الدائمة ؟!!
لايوجد بإعتقادنا من يجهل تفاصيل الأزمة وبالتالي فإن تكرار تفاصيلها مملٌّ للغاية ، ويكفي الإشارة الى وعي الشباب بما يفعلون وقدرتهم على إبطال مفعول السلطة الإنتهازية متى ما حانت لحظة الإنفراج المنتظرة للواقع الإرتري لتجد مثل هذه المقترحات العملية طريقها للتنفيذ بدعم الشباب ولا غير سواهم ، ومن يعتقد العكس فهو حالم بواقع إنتهازي كإمتداد لواقعنا الحالي ، لأنه فقد قدرته على التحرر من تلك تسلط الثقافة الغريبة على أخلاقنا الإرترية ، ومثل هؤلاء لا يمكن الإعتماد عليهم أو الإعتداد بأقولهم أو السماح لهم مجدداً ليعتلوا منصة القيادة التنظيمية .
قرصة أُذن:
أيها الشاب والشابة أيها المثقف والمثقفة أين أنتم …؟!! ولماذا غبتم كل هذه المدة من عمر نضالنا الحقيقي من أجل شعب يئن من وطأة الدكتاتورية ، كيف صبرتم كل هذا الوقت وتركتم المساحة خالية دونكم …؟!!
من سيملأ فراغكم .. ومن سيؤدي دوركم غيركم…؟!!
إن كان عذركم أن الصورة لم تكن واضحة أمامكم من قبل فما هو عذركم بعد وضوح الرؤية الآن…؟!! ماهو عذر من طلبنا منه القيام مثلاً بدور الترجمة الى التجرينية والإنجليزية لهذا الجهد الوطني المخصص لمصلحة الشعب دون غيره …؟!! فماذا تنتظرون…؟!!
أنتم الخلاص الذي طالما إنتظره الشعب وآمن بوجوده وظهوره يوماً من الأيام… أنتم الأمل …..فلا تخيبوا ظنه بكم كما فعل من فعل أيام الثورة والدولة …
لو كنت أعرفكم بأسمائكم لذكرتكم واحداً تلو الآخر … لكن العذر يكمن في جهلي بالتفاصيل التي تعرفونها عن أنفسكم والقدرات التي تملكونها ويعجز عنها من هو مثلي … إنني أدعوكم كي نتكامل لملئ الفراغ الذي تشكل بسبب غيابكم … أدعوكم للقيام بدور تأريخي لن ينساه الشعب الإرتري يوماً … مثلما لم ينسى ذكر الشهداء والأبطال الذين سطَّروا ملاحم من الفداء كانت الجسر الذي أوصلنا لواقع الإستقلال ولكن الهقدف نزع عنه ثمار الحرية فبات الإستقلال عنوان رئيسي لممارسة العبودية على أفراد الشعب الإرتري… ومن ثم جاء دوركم المغيب من المعادلة لتسطروا ملاحمكم المعبرة عن جهدكم النضالي الخالص المعين لشعبكم كي ينتقل من مرحلة الخنوع والإستسلام الى مرحلة أخرى تعبر عن الإستقلال الحقيقي لإرادته الحرة وكيانه الشرعي المعبر عن وجوده كأساس دائم لبناء الدولة الإرترية القادمة، حتى تهنأ أجيالنا القادمة بثمار هذا النصر التأريخي الكبير.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37913
أحدث النعليقات