ما العلاقة بين الترتيبات الجديدة و توقف وظائف كبد الرئيس ؟؟؟؟

صالح أشواك

12/05/2013م

ترددت كثيراً في كتابة هذا المقال الذي فيه إشارة إلي مرض الرئيس العضال نظراً لأحاديث كثيرة عن مرض الرئيس و وفاته و كأنما بنا نمني النفس بأن يحدث هذا و تداعيات ذلك علي القراء تارة بالإحباط ة تارة بوسم الكتاب بعدم المصداقية ولعل مرض الرئيس و توقف وظائف الكبد لديه قد أصبحت حقيقة ماثلة يعرفها الجميع و كونها لم تعد محض تكهنات أثرت أن أبتدر مقالي هذا بمرض الرئيس ولوضع حقيقة هذا المرض العضال حمانا الله جميعاً فأن (فشل الكبد هو اضطرابات وظائف الكبد المسئول عن العديد من العمليات الفسيولوجية الحرجة في الجسم وبفقدانها يتضرر الجسم بشكل ملحوظ ,ويُعد مصطلح أمراض الكبد واسعاً إذ يشمل جميع المشكلات التي تتسبب في فقدان الكبد لقدرته على إتمام وظيفته الفسيولوجية بعد أن يتأثر 75 % من أنسجته إذ يمتلك الكبد القدرة على تعويض الأنسجة التالفة مما يُميزه عن أعضاء الجسم الأخرى .يُمثل الكبد العضو الصلب الأكبر في جسم الإنسان ويغذيه الشريان الكبدي ناقلاً الدم المؤكسد من القلب والوريد البابي وناقلاً المواد الغذائية من الأمعاء والطُحال كما اعتبره العلماء أحد الغدد لتصنيعه وإفرازه للعصارة الصفراوية (.  كما ألعلاج منه و خصوصاً في الحالات المتأخرة كحالة الدكتاتور الطائفي هو فقط بالتدخل الجراحي الذي يلزم بقاءه ملازماً لفراش المرض أكثر من أربعة أشهر حتى تستعيد الكبد إنتاج ما يلزم لديمومة الحياة كما أن عملية الزرع لابد من أن تعقبها فترة نقاهة طويلة وهذا يضع الرئيس خارج مسرح حركة الدولة فأنه أقدم علي جملة من الإجراءات تمثل مخرجاً لتوريث الحكم للقومية التي ناضل من أجل أن تكون الفئة الغالبة في وطن لا يقيم فيه وزناً لأي شريك …

كما أنه من المهم جداً الإشارة إلي أنه قد كشف عن وجهه الطائفي الكالح عقب حركة 21 يناير المجيدة التي عرفت لاحقاً ( بفورتو) و بالتالي عمد إلي إقصاء كل المسلمين من مؤسسات الدولة و من تذكر أسمائهم عرضاً من المحسوبين علي الإسلام أسماً فأنهم لا يقلون عنه بغضاً للإسلام و المسلمين و هذا ما أيقنت منه في حديث الأمين محمد سعيد عندما تجاذبت معه أطراف الحديث في زيارة له للأردن و هو عائداً من بغداد ( وقصة الزيارة ربما نسردها في مقال لاحق توضيحاً لموقف قيادة الدولة و الحزب في العراق الشقيق رده الله رداً جميلاً إلي لعب دوره القومي الخلاق ) فقد أقام وفد (حزب الجبهة الشعبية للعدالة الديمقراطية ) لقاء جماهيراً تبادل فيه أطراف الحديث أعضاء الوفد الذي كان يتألف من عدد كبير و في إحدى ردهات القاعة حاصر مجموعة من الطلاب الإسلاميين الرجل و أمطروها بسيل من الأسئلة وكان منها سؤال عن نسبة المسلمين فقال لهم ( أحمدوا الله إن تجاوزت نسبتكم 40%) فقلت له لماذا تخاطبنا كأنما أنت لست بمسلم فكان رده و هو علي مقربة من إسكالو منقريوس باللغة التجرنية ( أني بهيمانوت أي قدسين ) بمعني أنا لست معنياً بأمر الديانة و ربما لاحقاً أدركت كنه إجابته لي بالتجرنية ربما أرد إيصال رسالة إنه طوع بنان سيده … هذا هو الصنف الذي (يمتطيه)  أسياس تحت عنوان الشراكة لإغواء عوام الناس بأن المسلمين ممثلين في نظامه الطائفي البغيض … و الشاهد في عملية إقصاء المسلمين هو الإجراءات التي سبقت زيارة الدكتاتور المأفون للسودان حيث إصدار تعميم إلي جميع الوزارات و المؤسسات العاملة في الدولة بتشكيل لجنة  سميت ( لجنة عليا لإدارة الدولة في ظل غياب الرئيس ) و هذه هي المرة الأولى التي تسند فيها مقاليد الحكم إلي مؤسسة خارج نطاق مؤسسة الرئاسة و تتكون هذه اللجنة من كبير الأفاعي (1-الفريق أول / سبحت افريم وزيرة الطاقة و التعدين و بقية أعضاء اللجنة  2- أبرها كاسا مدير وكالة الأمن الوطني 3- و يماني قبرأب ( مونكي) مسؤول الشئون السياسية 4- و يماني قبر مسقل مدير مكتب الرئيس 5- والفريق فلبوس ولد يوهنس قائد هيئة الأركان العسكرية 6- ومحاري برهاني وزير  المواصلات والاتصالات الذي تم تعينه حديثاً ) من الجدير ملاحظة خلو هذه القائمة من أي أسم مسلم سواء كان عسكرياً أو مدنياً مما يعني أن الرئيس ماضي في مشروعه الطائفي القديم المتجدد و الذي و جد له مبررات كبيرة بعد الحركة المجيدة ( فورتو) و هذا الإجراء الأخير يفسر بما لا يضع أي مجال للشك بأن الغاية منه هي توريث الحكم لهذه القومية فماذا نحن فاعلون؟؟؟ و ترنح الرئيس بات جلياً و خروجه من دائرة القرار السياسي بدا واضحاً إما أن يغيبه الموت أو محاولة إبقائه علي قيد الحياة عبر إجراء عملية زراعة الكبد بعد تدهور حالته الصحية التي بدت واضحة للعيان …..

و في محاولة تبدو إنها تهدف إلي مزيد من ترتيب البيت الداخلي فأن الرئيس لم يغفل الأجهزة التنفيذية لحزبه ( نحنان علامنا ) الذي سيطر علي كل مفاصل الدولة السياسية و الاقتصادية و العسكرية  فأن التعميم أيضاً حمل في طياته إنشاء لجان تسير علي غرار اللجنة المشار إليها أعلاه و التي تضمنت لجنة علاقات خارجية من المفارقات في هذه اللجنة أن وزير الخارجية لا يترأسها بل هي لجنة ثنائية تتألف من رئيس و عضو فقط حيث تم إسناد رئاسة اللجنة إلي يماني قبرءب ( مونكي) وعضوية عثمان صالح مما يعني أن الأخير فقط عليه تقبل أملاءات الأول بوصفة رئيس للجنة و عضو في اللجنة الرئاسية علاوة علي منصبه في الحزب بوصفة مسئول الشئون السياسية كما تم تشكيل لجنة عسكرية و أمنية أيضاً و تشكيلها بهذا الشكل ينطوي علي كثير من الغرابة إذا لا يترأسها من كان ذات يوم وزير الدفاع قبل نقله إلي وزارة الطاقة و التعدين و لا مدير جهاز الأمن الوطني الذين يعدان أعضاء في لجنة التسيير الرئاسية إذ يترأسها الفريق فليبوس ولد يوهنس و الذي هو أقل في الرتبة العسكرية و قطع شك في الوظيفية و عضوية كل من أبرها كاسا مدير الأمن الوطني و الفريق أول سبحت إفريم و اللواء تخلاي هبتي سلاسي و العميد تخلي كفلوم ..من الملاحظ أيضاً خلو اللجنة من أي أسم مسلم لابد من لفت عناية القارئ إلا أن منصب وزير الدفاع مازال شاغراً لكن المرشح الأقوى لهذا الموقع هو فليبوس ولد يوهنس الذي تم ترقيته مؤخراً ترقية إستثنائية إلي رتبة الفريق و يشار إلي أن ينحدر من ذات قرية الرئيس أسياس….

و في إطار تمكين القوى الطائفية تلت ذلك إجراءات في حكم المؤكدة شملت ترقية للبعض من الذين يحملون رتبة العميد إلي رتبة اللواء و تنحصر هذه الترقيات علي  قادة المناطق العسكرية و نوابهم ، علي الرغم من أن هذه الترقيات ليس لها ما يبررها في الوقت الرهان إلا إنها تأتي في إطار استرضاء هذه الشريحة و يتكهن البعض من أنها تهدف إلي إجراء أخر ربما يكون إقالات لعدد من الرتب الرفيعة في المؤسسة العسكرية التي شهدت صراعات عنيفة في الآونة الأخيرة.

و من هذه اللجان أيضاً لجنة ترقية وتحسين أداء الحزب برئاسة الوجه البائس المحسوب علي المسلمين الأمين محمد سعيد سكرتير الحزب و عضوية حقوص قبرهويت مسئول الشئون الاقتصادية و زمهرت يوهناس مسئول الشئون الثقافية و يماني قرأب ( مونكي) مسئول الشئون السياسية  و بائس أخر يوسف إدريس صائغ عضو اللجنة التنفيذية مسئول الإقليم الأوسط بالحزب ..

من المهم جداً ملاحظة غياب أي إشارة لتشكيل لجنة إقتصادية إذ أن هذا الأمر تم حسمه منذ أمد بعيد عبر إمساك أبرهام أسياس أفورقي بكل الخيوط الإقتصادية للجبهة الشعبية التي يمثل اقتصاد الدولة اقتصادها حيث تم إعادة هيكلة الشركات الكبرى كما أشرنا إلي ذلك في مقال سابق لنا تحت عنوان (هل التوريث قادم ) و أشرنا فيه إلي إسناد إدارة هذه الشركات إلي نجل الرئيس الذي خرج من القوة الجوية نتيجة خلافاته مع قائدها و وجد والده ضالته في ذلك حيث أسند إليه هذا الملف …..

أمام هذا المشهد المؤسف الذي يعبر عن سطوة فئة طائفية علي مقاليد البلاد و هذه الترتيبات التي تبدد أمال المواطن الإرتري بدنو لحظات التغيير يعد من العسير تفهم الأمر علي أي منحى نسير نحن معاشر المسلمون فأن هذا المشروع الطائفي بات حاضراً في مشروعنا المقاوم أيضاً عبر جملة من الاختراقات التي حدثت في ساحة المعارضة سواء كانت علي شكل تنظيمات كاملة أو أفراد تم زراعتهم بعناية في هياكل المعارضة …أو في أواسط الجاليات بشكل متفاوت .. و حتى الفضاء الإسفيري الرحب الذي لا يمكن السيطرة عليه لم يخلو من ذلك عبر إنشاء حسابات وهمية جعلت الكثير منا عرضة التضليل عبر شخصيات تم إختيارها بشكل فيه الكثير من الخبث و الدهاء حيث يتم تحويل مثل هذه الشخصيات إلي أبطال و رموز وطنية عبر طرحهم لجملة من المواقف المناهضة للنظام  من ثم يكون لم رأي في الشأن الخاص بالعمل المعارض و منظمات المجتمع المدني و لأننا مجتمع تأثره الشخصية و الخطاب الذي يدندن علي وتر الوطنية و روح الشهداء و ما إلي ذلك من مؤثرات نجد أنفسنا في الموقع الخطأ عبر تبني مواقف أقل ما يقال عنها أنها لا تعبر عن مقتضيات المرحلة و ما أنتجه النظام من فرز طائفي في قالب وطني ليجعل من المجتمع الأرتري مجتمع تتجسد شخصيته في الأسطورة الكبساوية فقط عبر شعار (حادي لبي حادي هزبي ) … و أن مثل هذه الاختراقات أنتجت مواقف لا تشبه أي مثقف إرتري إلا القلة و هنا أشير إلي موقف شريحة كبيرة عارضت مشروع المنخفضات و وسمته بما ليس فيه دون إجراء تحليل رصين للعوامل التي أفرزت مثل هكذا طرح لنأتي و نقدح في بعض تأريخنا الوطني دون أن ندري و نصف هذا المشروع بأنه مشروع إنفصالي و نربطه بمشاريع تاريخية كان لها ما يبررها في لحظة تبنيها مقارنة بمستويات النضج السياسي و الظروف الذاتية و الموضوعية التي كان تؤثر في رموز المجتمع لتنتج مثل تلك الدعوات  علي الرغم من تحفظي علي المشروع المنخفضات و لكل عبر قراءة مختلفة و هذا التحفظ لا يتبنى موقف التخوين و التجريد من الوطنية ….

نحن أمام وضع لا يمكن استيعابه أو التنبؤ بمآله في ظل حصار يطبق علي كل بارقة أمل تلوح في الأفق فأن الذين تحركوا في الداخل و عملوا بدأب منقطع النظير لإسقاط هذا النظام و إزالته و إجتثاث برنامجه  المدمرة عند تواصلهم مع القوى الفاعلة و المؤثرة في الخارج هذا يجعلهم عرضة للإعتقال أو الإغتيال عبر حوادث مدبرة مما جعلهم يخشون التعاطي مع أي عنصر خارج أسوار الوطن ( السجن ) نتيجة لحالات مروا بها رفاق لهم .

في المقابل نجد معارضة خارجية  بين المطرقة و السندان مطرقة دول الجوار  فلا سند إقليمي يؤسس مواقفه من قضية شعبنا وفق معايير مبدئية و أخلاقية و بالتالي يتعاط معها وفق ما تمثله قناعته الوطنية و مصالحه الإستراتيجية و هواجسه الأمنية  .. وسندان الطليعة المثقفة و الفاعلة من كتاب و ناشطين و أكاديميين و كل من له القدرة علي الإسهام في دعم عملية التغيير حيث تغيب الرؤية من جلنا في كيفية دعم هذه المعارضة إذ إننا  فقط نحسن أن نقتات علي عبارات لا تعبر عن نضخ نخب عبر الهجوم الكاسح و المدمر عليها و إتهامها بأنها فشلت في تنفيذ دورها في قيادة العمل الوطني و كأنما بقيادة هذه المعارضة هم موظفين تم إستقدامهم من كوكب أخر و ليسوا هم شخوص صعدوا إلي هذه المواقع من بين صفوفنا … علاوة علي إنصراف أغلب الكفاءات الوطنية التي من المفترض أن تعول عليها الجماهير لشأنها الخاص و تكتفي بدور المتفرج و لينتج هذا الفراغ أناس يلعبون دور المهرج في مسرح العملية السياسية … كما إنه من الضروري الإشارة إلي أن دور المثقف و الناقد هو دور مهم في حماية و صيانة العمل المعارض من أي إختراقات عبر الاستقراء الموضوعي و التحليل المنضبط للأحداث وتقديم مؤشرات لذلك و كشف مواطن الوهن.

في تقديري أن أي إختلاف في الأفكار و الآراء هو ظاهرة صحية و لكن علينا أن نضع ثمة ثوابت و مشتركات بينا تسهم في تأطير عملنا بشكل إيجابي يجعل منه عملاُ منتجاً ودافعاً للجهد النضالي الذي يهدف إلي إستئصال شأفت هذا النظام الطائفي الحاقد علي وحدة هذا الشعب و تنوعه الثقافي و الإثني و الديني الذي يشكل عامل قوة في تمتين هذه الواحدة علي قاعدة التاريخ النضالي المشترك لكل الشعب الإرتري دون إقصاء و دون تبسيط لأي دور مهما تضاءل بالمقارنة مع دور الأخر وفق سياقات تأريخية فرضت ذلك ….

خلاصة القول أن الرئيس راحل أن عاجلاً أم أجلاً و هو أعاد ترتيب سطوة مشروعه الطائفي الذي تبناه في بواكير شبابه .. النظام يحاصر أي محاولة للتغير عبر القضاء علي مقاومات نجاحها بالأساس عبر سياسات أمنية محكمة و الداخل بلا سند خارجي لا يمكن أن يحدث أي تغيير .. و الخارج أصبح مخترق عبر سياسات إستخباراتية صرف عليها النظام الجهد و المال و بالتالي هذا خلق توجس من الدخل و وسع الهوة بين الأطراف الرافضة لأستمرار هذا النظام  في المقابل معارضة غير قادرة تحقيق عوامل النصر نتيجة غياب السند الشعبي اللازم ، كما أن موقف القوى الطليعة أكثر سلبية في خارطة المكونات الإرترية و هذه الطليعة أصبحت عبء علي العملية النضالية لتبنها الدور الأكثر سلبية دور المتفرج وكما يقال( لا يجدعوا ولا يجيبوا الحجارة ) كما أنهم لا يدعون المجتهدون و شأنهم بل يسهمون في تثبيط الهمم ….

هناك ثمة نقطة جوهرية يجب أن لا نغفلها دون تعميم و هي أن النخب في الطرف الأخر ليس لهم أي خلاف في مع جوهر المشروع الطائفي و إن اصطفوا اليوم إلي جانب المعارضة فأن أي سانحة من النظام عقب غياب الرئيس ستجعل الباب مشرعاً أمام عودتهم لأنهم يرون في أسياس دكتاتور المشروع الطائفي إذا مشكلهم ليست مع المشروع إنما مع من يقود المشروع بشكل أحادي و هذا ما لم يجب إغفاله ومثل هكذا سيناريو سيضعنا أمام  إستحقاقات أكثر تعقيداً في عملية المقاومة و الأخطر في المحافظة علي الوطن و إن إنتاج الدول هو مشروع أممي تتبناه ألإمبريالية العالمية ..

أمام كل هذا يبرز سؤال مهم ماذا نحن فاعلــــــــــــــــون؟؟؟؟؟

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38346

نشرت بواسطة في مايو 14 2014 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010