ما هو شكل الخطاب السياسى الجديد الذى يجب ان تتبناه المعارضه الارترية

بقلم : ابواحمد لندن

اذا امعنا النظر فى قراءة بيانات جميع فصائل المعارضة الارترية مع بعد استثناءت ، سنجد ان اهدافها اكبر بكثير من قدراتها. وهذا مايجعلنا نشير الى ما اكدته التجارب والممارسة ان ا لزمن قد تجاوز الخطاب القديم الذى كان ينطوى على كثير من التقديرات الخاطئة ، بل احياناً ينطلق من اوهام لاسند لها من الواقع اوالتاريخ. فلا يجوز فى العمل السياسى ان تظل تنظيمات المعارضة بكل فصائلها ورموزها اسيرة لذلك التراث من المفردات والأفكار والبرامج والأهداف. والمعني هنا بالمفردات السياسية وليس المبادئ والقيم.

و فى اعتقادى فأن ماتحتاجه قوى المعارضة الارترية اليوم – اذا ارادت ان تتبنى خطاباً سياسياً ” جديداً” موضوعياً و فعّالاً ، عليها ان تبحث بجدية عن ارضية مشتركة . وأن تمهد بذلك الى إجراء حورات شامله وان تلتزم بتقاليد واخلاقيات الحوار التى لا تحاسب الناس من منطلقات الشك والخوف والتآمر وقراءة النوايا ولكن تحاسبهم بأقوالهم وأعمالهم … وتقرأ افكارهم بموضوعية ونزاهة ما دام الجميع يتحرك فى ميدان عام ومفتوح . وهى فى كل ذلك تدرك ان ميدان الصراع لا يخلو من الأنتهازيين وضعفاء النفوس ولكن رغم ذلك لايجوز القاء الكلام او التهم جزافاً فى حق اى احد او اى طرف من اطراف قوى المعارضة دون دليل او برهان.

هذا التحول نحو الحوار الجدى والموضوعى لايمكن ان يحدث دون العمل من اجل ترسيخ دعائم ثقافة الحوار الهادفة الى التوصل الى اهداف استراتجية تصب فى خانة العمل من اجل الخلاص من نظام الفرد القمعى فى اقصر فترة زمنيه ممكنة.

ومن ضرورات تجديد الخطاب السياسى ان يتعامل مع الواقع محاولاً ان يرتفع بمستوى هذا الواقع (اى واقع المعارضة الارترية) اولاً وواقع مجتمعنا الارتري ثانياُ؛ وهو واقع يتطلب عملاً متواصلاً ومتعاوناً. فلا يجوز ان تظل تنظيمات المعارضة كل منها يفكر على حدة وبطريقته الخاصة معتقداً ( أو واهماً) انه لا لقاء بينه وبين الأخرين. ولا معنى او قيمه لتجارب المعارضة ما لم تستفد من اخطائها وما لم تعترف بتلك الأخطاء ، وتعمل على وضع حد لأسباب وقوعها …..

ان عدم القدره على توحيد الخطاب السياسى فشل ذريع للعقل المعارض.. ولابد من مراجعة وعمل جماعى للخروج من مناخ الفشل الى مناخ النجاح بألانتصار على ضعف النفس او كبريائها.

بناءاً على ماتقدم ذكره فإننى ارى ان يعتمد الخطاب السياسى الجديد على الركائز الأتيه:-
المرتكز الأول:

تحديد الخطاب يكون بممارسة النقد الذاتى وهو فى صميمه عمل ثقافى ينطلق من وعى متقدم بحركة التاريخ ، وما تحمله من تطورات مهمة. وهذا النقد لابد ان يمارس داخل كل جماعة من جماعات المعارضة وبين شخصياتها. وما لم تسمح برامج تلك الجماعات بهامش معتبر لتطبيق النقد الذاتى ومراجعة وتقييم الماضى البعيد والقريب فلا امل فى ابداع خطاب جديد.

المرتكز الثانى:

الأهتمام بمسألة حقوق الأتسان: لتجديد ذلك الخطاب فيجب التركيز على التطورات السياسية المتلاحقة فى العالم والتى تؤثر بطريقة ما على الأوضاع فى ارتريا. ومن اهم تلك التطورات الأهتمام بملف حقوق الأنسان ، و الأرهاب ، ( ارهاب الدولة ضد مواطنيها) … وخاصةً سجناء الرأى والصحفيّن والكتّاب، الأمر الذى ادى الى تكوين منظمات المجتمع المدنى ، وبالرغم من محدودية فعالياتها الآن الأ انها تعكس حالة دفاعية تؤكد وجود
خرق كبير وتجاوزات لحقوق الأنسان فى ارتريا . وملف حقوق الأنسان يفتح المجال واسعاً امام قوى المعارضة لتجديد خطابها فى هذا المجال، وجعله مدخلاً واسعاً لكشف عورات النظام بأسلوب هادئ وعلمى (أمام الرأى العام العالمى) وكذلك فضح الواقع السياسى الذى يمارس عملية الهروب من الألتزام بالمواثيق والأعراف الدولية – كما يمارس الهروب من كل ما يمكّن الشعب من ممارسة حقوقه الأساسية .

المرتكز الثالث:

إفساح المجال امام جيل جديد ليكون مؤهلاً لتحمل المسئولية فى المراحل المقبله. يقوم هذا الجيل بصياغة مايراه مهماً لمرحلة جديدة ، يعمل من خلالها تمليك خطاب مؤسسى الى ما يليه من جيل آخر. وهذا الجيل هوالذى سيتحمل مسؤولية بلورة فكرة رؤيته لأدارة الصراع السياسى والثقافى فى المراحل القادمة ، ومن هنا يبدأ استحداث الأضافه المطلوبة لسريان الخطاب المنشود الى ممن بعده من اجيال.

المرتكز الرابع:

إبتعاد تنظيمات المعارضة عن سياسة تصّيد اخطاء بعضها . كما يجب فى نفس الوقت ان يعبر خطاب المعارضة عن رؤيه واضحه تجسد ما يتطلع اليه الشعب الارتري الذى فقد الثقه فى تجربة حكم الفرد الواحد.

هذا هو التحدى الذى يواجه تنظيمات وقيادات قوى المعارضه الارترية اليوم … انه عملية التجديد ، وهو نقيض الركود وتكرارالذات واجترار انجازات الماضي. ان التجديد دليل على القدرة والإبداع, بينما لايدل الركود الا على العجز والإفلاس الفكري والإجتماعي الذي يعاني منه نظام الفرد في ارتريا في الوقت الحاظر.