محطات إريترية ترسم المستقبل .. نحو تغيير سلمي للمشاركة الشعبية في الحكم والديموقراطية
المصدر : الأنباء
وأنا اكتب اليوم رؤيتي المستقبلية لاريتريا وللشعب الاريتري العظيم في اخلاقه ومسلكه وصبره وانتمائه وتاريخه، لا يهمني ولا يعنيني اي بيان تصدره سفارة دولة اريتريا لانني ارتبطت بالشعب الاريتري ولم اكن يوما بوقا لأي حزب او نظام حاكم او فئة لان الرد سيأتي اريتريا وبالتالي اعفي مسؤوليتي عن الرد، يقول الله تعالى في كتابنا المقدس القرآن الكريم: (أفمن يمشي مكبا على وجهه اهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) ـ الملك: 22.
على الشعب الاريتري الباسل اليوم «بمسلميه ومسيحييه» ان يعي ان قوتهم في وحدتهم نحو التحرر الوطني الكامل لإحداث التغيير.
اعرف ان الشعب الاريتري الكريم بكل فئاته وشرائحه مع التغيير السلمي، لانه عانى من حروب طويلة ممتدة، وان التمرد والرفض في التغيير هو مزيج تمتلئ به العقول والقلوب، وهو قاسم طبيعي قد يؤلف او يباعد النفوس والحجة لمن يملك الدليل والحجة، غير ان الرباط والقسم والعهد الذي غرس في قلوب الاريتريين على حد سواء هو الذي يشدهم نحو الحقيقة الواضحة الجلية اليوم، وهي ضرورة المشاركة في الحكم والديموقراطية والعدالة والمساواة وحرية الاديان وان «سيف الدكتاتورية» الى زوال ولن يظل سيفا مصلتا على رقاب الشعب الاريتري الذي وعي لأهمية وجود دستور حقيقي ومؤسسات مدنية تحكم البلاد.
ان القوة الحقيقية اليوم في اريتريا هي «قوة الشعب» الذي يريد ان يمارس حقوقه وواجباته على اسس مدنية وليست عسكرية يحكمها الدرك، فلقد ولى عهد سيطرة الاباطرة والدرك، واستطاع الشعب الاريتري ان يسقط هيلااسيلاسي وهلي مريام منفستو وهما في اوج سيطرتهما وسطوتهما.
الشعب الاريتري اليوم يملك رؤية واضحة في المسلك والممارسة لمستقبله، ولعل هذا هو سر تلاحم وتقارب جميع القوى السياسية في الداخل والخارج ونبذ التباعد والتنافر والجدل المحموم السابق ما بين جميع الحركات الوطنية المعارضة والتي وجدت من مصلحتها الا تضيع الوقت في اتون الصراعات وتأجج الصراعات مما يجعلها قابلة للانشطار.
وهذه فرصة لأذكرهم بأهمية التعجيل في البعد عن الجدل العقيم حول التصورات المستقبلية لان الافراط في النقاشات يبعد كل الاهداف المرحلية عن تحققها، وهنا اذكر بأهمية معرفة التاريخ الاريتري، فكل الجيل المخضرم يذكر الانشقاقات التي ظهرت في محيط السياسة الاريترية في اواسط الستينيات حينما ارتفعت الاصوات المطالبة بعقد مؤتمر عام لاجراء مسح كامل للمسيرة ولتقييم الممارسات القيادية وتقويمها ولمناقشة جميع القضايا العالقة والبت فيها.
واذكر الشعب الاريتري الباسل العظيم بان طبيعة هذه المرحلة للتوحد تدعوهم ايضا لتذكر صفحات من تاريخهم لتجنب الزلل، لذلك ارجو صادقا من كل المخلصين الا «نضيّق واسعا» كما حصل حينذاك يوم انضم المقاتلون الى الجماهير في تأييد هذه المطالب واستجابت القيادات العسكرية لمطالب الشعب وعقدت مؤتمرات قاعدية لها بمعزل عن القيادات السياسية العليا فشهدت الساحة الاريترية: «مؤتمرات عرادايب 16/6/1968 ومؤتمر عنبا 10/9/1968 وادوبحا 1 ـ 25/8/1969».
لعل هذه كانت البذرة الاولى للانشقاقات الاريترية وللممارسات غير الديموقراطية وكان الاجدى حمايتها من الخلافات مما ادى في النهاية الى «تفريخ» تنظيمات اضعفت القوى الوطنية مما اضاع المنطق وذهب معه العقل والحلم.
أعرض هذا الملف التاريخي لطي ماض وجدل عايشته في الثورة الاريترية وهدفي الاسهام اليوم بتأطير حوار المعارضة للتدبر والاتفاق على المساحة المشتركة التي تصلح كأرضية لمشروع اريتريا المستقبل.
الأولوية
تملك اريتريا جالية مثقفة في كل دول العالم وهذه الجالية الكريمة بكل ما لديها من طاقات وخبرات تستطيع ان تعتلي «الكاميرا» وتعلن مشروعها السلمي لقيام دولة مدنية على أسس ديموقراطية، فالعالم اليوم لا يسمع لصوت البارود والدبابة وانما يستمع ويستجيب لصوت «الشعب الواحد المتماسك» ويصدر القرارات الدولية لصالحه وهناك نماذج من الشعوب التي أسقطت «الحكام الديكتاتوريين» الذين استباحوا شعوبهم ولعل آخرهم «ملك ملوك أفريقيا القذافي المقبور في مزبلة التاريخ»، وغيره كثير في طريقهم الى هذه المزبلة بإذن الله.
وعلى الشعب الاريتري في الخارج عبء بدء هذه المرحلة الصعبة من الصراع، فالداخل يزرح تحت «قوى شر لا ترحم وتسحق من يتنفس»، لذا على الاريتريين في المهجر اليوم التجمع لإبداء حرية الرأي والتعبير واظهار النقد وتبني المطالب الجماعية والتمسك بضرورة اعادة الانتخابات بإشراف دولي حقيقي وتجنب اسباب الخلاف واحترام قوانين الدول التي يعيشون فيها فمادمنا ارتضينا الحل السلمي يجب ان نكون سلميين.
القوى الفاعلة
أعني بالقوى الفاعلة من الشعب الاريتري العظيم جميع العمال والمزارعين والنساء والمقاتلين والطلاب والشباب والمعلمين والكتاب والصحافيين والحقوقيين والنقابات والأطباء وهم باختصار كل أطياف الشعب الاريتري في الداخل والخارج، هذه القوى الفاعلة تستطيع ان تقوم بدور اليوم عظيم اذا توحدت لها الرسالة وهي القادرة بحق على ان تعبر عن نفسها وطموحاتها بإدارة البلاد وحمايتها واستقرارها ووحدتها.
من خلال استعراض التاريخ الاريتري القديم والحديث لعبت هذه القوى الجامحة الدور الكبير في نيل اريتريا استقلالها وانا شخصيا اعرف تماما ماذا قدم الفلاحون البسطاء وكانوا أكثرية اضافة الى القوى النقابية والاتحادات بكل فروعها وعضويتها.
ان تحرك هذه الجماهير الاريترية في دول العالم اليوم سيلفت الأنظار الى اريتريا وسيسهم هذا الحشد في جلب الانتباه الى المطالب الاريترية للتعجيل في التحول الى «اريتريا المستقلة».
ان التعددية السياسية المتحركة على صعيد الداخل ومؤازرة الخارج تشكلان مرتكزا يمثل الجوهر في المعادلة مع النظام الحاكم في أسمرا.
من الضروري تعميق الوحدة الاريترية في المهجر، فالداخل موحد بإذن الله.
مشروع التيجرانية
على المثقفين الاريتريين اليوم مسؤولية عرض مشروع التيجرانية الذي يعارض وجود اريتريا وانتمائها العربي.
عندما أعلنت الثورة الاريترية على يد القائد العربي المسلم الشهيد حامد ادريس عواتي ثورتها الباسلة في عام 1961 صدر البيان الأول باللغة العربية.
وكان أول من بادر في دعم هذه الثورة هي الدول العربية ومنها الكويت.
كما ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية حسب المادة 38 من الدستور الاريتري.
وتبقى الحقيقة ان تسمية اريتريا نسبة الى الاسم اليوناني القديم للبحر الاحمر (سينوس اريتريوس) في عام 1890م لم تؤثر في الشعب الاريتري كثيرا فلم يتكلموا اللغة اليونانية ورغم الاحتلال الايطالي وغيره من الطغاة الذين حكموها لم تتأثر أو تندمج إلا من خلال أمة العرب ومنذ هجرة الصحابة رضوان الله عليهم واحتلال الأمويين لجزيرتي (دهلك ومصوع) في القرن الثامن الميلادي.
إن محاولة القلة الحاكمة جعل اريتريا اليوم (مشروع كيان تجرنة) ضمن منظورها القومي بمعنى ان تكون بكل فئاتها وأقوامها وثقافتها وأديانها في إطار هذا المشروع الذي لن يقبله الشعب الاريتري ورغم التذويب الثقافي الذي دل على (الشيفونيه) والطائفية وقوة سطوة التطبيق تحت شعار «بكل شيء أو لا شيء» هذا محسوم ديموقراطيا في ظل انتخابات واستفتاء جديد يوضح رغبة الشعب الحقيقية ولم هذا الخلاف والرعيل الاول السياسي (مسلمون ومسيحيون) حسموه في 1950 حيث قرر البرلمان الاريتري باتفاق الطرفين وضمن مادة دستور اريتريا (38) أن اريتريا تتكون من طرفي (عربي مسلم ـ وتجريني مسيحي) والأجمل ان المسيحيين الاريتريين أصبحوا اليوم جميعا يتحدثون اللغة العربية ويعتزون بها بما لا يقل عن 25% من المسيحيين ولو خيروا في الأمر لقالوا سنختار اللغة العربية لأنها لغة محيط اريتريا واللغة التجرينية لا تصلح للتعامل الخارجي وهي لغة ليس لها صلة بآليات العلم الحديث، فاللغة العربية لغة عالمية.
الدور الأميركي في إريتريا
في يوليو عام 1965 أسرت جبهة التحرير الإريترية طيارين أميركيين هما
الكابتن رونالد دولكي والضابط جاك كالباخ وكانا في مهمة مسح خرائطي جوي لإرتيريا
سألني كثير من الشباب الاريتري عبر الايميل عن الدور الاميركي في اريتريا قديما لأنهم يعرفون التاريخ الحديث الذي قاده الرئيس السابق كارتر والتجمعات الكنسية في دعم أسياسي أفورقي وصولا الى وصوله مدة الحكم في اسمرا.
ومن واقع قراءتي ومتابعتي للشأن الاريتري القديم أعرض رسالة (ريتشارد لوبان) وعنوانها: التدخل الاميركي في اريتريا كتبها في فبراير 1973. وهو من الكتاب التقدميين الذين كشفوا أبعاد التورط الاميركي السياسي والاقتصادي والعسكري في اريتريا وكشف بالوثائق أبعاد الحرب السرية التي تشنها المؤسسة الاميركية في قهر الشعب الاريتري لتحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والديموقراطية والسلام والتقدم وكان الكاتب ريتشارد لوبان قد زار اريتريا ومكث فيها أسبوعين متجولا بين الفصائل وجماهير الريف وقراه وكتب العديد من المقالات عن التجربة الثورية الاريترية، وعن الحرب العادلة التي يخوضها الشعب الاريتري ضد الغزاة المعتدين البرابرة كما دعا كل القوى الديموقراطية المحبة للحرية والسلام الى أن تعمل جاهدة لتوضيح حقيقة التدخل الاميركي القبيح في اريتريا، كما دعا الى إزالة كل حجب السرية عن الحرب العدوانية التي يخوضها امبرياليو الولايات المتحدة في اريتريا ونادى برفع الاصوات لتمزيق العدوان الاميركي الخفي خدمة للحرية والسلام والتقدم، وأنشرها كاملة بالنص للحقيقة والتاريخ يقول:
التدخل الأميركي في إريتريا
لقد حاولت في مناسبة سابقة أن أكتب عن تاريخ وطبيعة النضال الاريتري من أجل التحرر الوطني. وفي هذا الكتاب أركز على كشف دور الامبريالية الأميركية التي تقف وراء نظام هيلاسلاسي الاقطاعي. ان حجم التورط الأميركي لا يتمثل فقط في المساعدة الاقتصادية والعسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للنظام الاثيوبي للاستمرار في خوض الحرب في ارتيريا، بل أيضا في تمكين الامبراطور من المحافظة على هيبته كأسد يهوذا المنتصر.
قاعدة كانيو للمواصلات اللاسلكية
تعتبر قاعدة كانيو للمواصلات اللاسلكية الواقعة بالقرب من مدينة أسمرا عاصمة اريتريا على رأس قائمة الافضليات التي تتمتع بها الولايات المتحدة في اثيوبيا.
وكانت هذه القاعدة في السابق قاعدة ايطالية للمواصلات اللاسلكية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1953 بدأت المساعدات الأميركية تتدفق على اثيوبيا.
واعتبرت قيمة هذه المساعدة كإيجار لقاعدة كانيو، وسينتهي امتياز استعمال القاعدة في عام 1978، وقد انتهت لجنة سيمنجتون وهي لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي الى ان قاعدة كانيو قد أصبحت فنيا غير صالحة، وان جزيرة ديجوجارسيا البريطانية في المحيط الهندي ربما تكون أحسن موقعا بالنسبة لتسهيلات المواصلات اللاسلكية مستقبلا. وتقارب الميزانية التي ترصدها الولايات المتحدة الأميركية لقاعدة كانيو 13 مليون دولار سنويا، وهذه الميزانية الضخمة ترجع الى أهمية هذه القاعدة الأميركية الضخمة، وهناك ترتيبات أمن صارمة تمنع قيام هجمات لجبهة التحرير على القاعدة التي تبث رسائل عسكرية وديبلوماسية، ومن وظائفها القيام بأبحاث فضائية ذات طابع سري (نيويورك تايمز 27 سبتمبر 1968)، والمعروف ان من بين المهام الملقاة على هذه القاعدة حفظ أشرطة تسجيل عن حركات التحرر الافريقية. مثل فريليمو في موزمبيق. وتستعمل القاعدة موجات التقاط لاسلكية معقدة لتحديد مواقع قوات العصابات في موزمبيق وفي أماكن أخرى. وتعتبر هذه القاعدة أكبر قاعدة ذات تردد عال خارج الولايات المتحدة.
وتتمتع بميزتين مطلوبتين للإرسال اللاسلكي هما موقعها المرتفع (7600 قدم) وقربها من خط الاستواء. ويعكف المتخصصون في أعمال الشفرة على حل رموز الرسائل التي تبثها البلاد العربية والاشتراكية. كما أن الوسائل الخاصة بالبيت الابيض تمر أحيانا عبر هذه القاعدة.
وفي عام 1967 كان هناك حوالي 3.200 أميركي وعائلاتهم في قاعدة كانيو وحولها. وتشير التقديرات الرسمية في عام 1970 الى زيادة هذا العدد ويقول شاهدوا عيان ان الرقم الحقيقي يقترب من 4500 شخص. ومن هنا يتضح أن هذه القاعدة ليست ذات أهمية عادية. ولكنها حلقة اتصال حيوية في جهاز المخابرات الأميركية.
وقد أقام في قاعدة كانيو ثلاثة ضباط غير متخصصين أحدهم برتبة رائد. وذلك قبل زيارة الجنرال وستمورلاند بطل مهزلة فيتنام للقاعدة في فبراير 1971 وبعد شهر زاد القاعدة أيضا البريجادير جنرال روبرت ماير قائد هيئة المواصلات الاستراتيجية الأميركية، وذلك لتقوية نظام الأمن في القاعدة. ويقيم في قاعدة كانيو فريق من مجموعة المستشارين العسكريين الأميركيين في اثيوبيا. وقد أطلقت وزارة الدفاع ستارا من دخان الانكار على ان هؤلاء الرجال هم من أصحاب البريهات الخضراء ويقومون بتدريبات في مقاومة حرب العصابات، الا انه ليس هناك أدنى شك في حقيقة مهمة تلك المجموعة. ويقوم قائد القوات الأميركية العاملة بزيارة سنوية لإثيوبيا واريتريا ليكون عن كثب من الاحداث التي قد تتطلب منه نقل قواته السريعة الحركة الى هذه المنطقة اذا تطلب الأمر ذلك.
التورط العسكري الأميركي
لقد تخطى تدفق المساعدة العسكرية الأميركية 150 مليون دولار منذ بداية عام 1953 ولا يشمل هذا الرقم الكبير الملايين الاضافية من الارصدة السرية التي يجهلها دافع الضرائب العادي. ومن المعروف أن أكثر من نصف المساعدات العسكرية الأميركية لأفريقيا السوداء يذهب الى اثيوبيا التي تتمتع ببرنامج مساعدات طويل الأمد.
وهناك ثلاثة ألوية من الجيش الاثيوبي تحارب ضد وحدات العصابات التابعة لجبهة التحرير الاريترية دربت وسلحت بواسطة خبراء أميركيين، والحقيقة ان الجيش الامبراطوري الاثيوبي والبالغ عدده 40.000 رجل، بنته ودعمته الاموال الأميركية. وكانت المساعدات العسكرية الأميركية قليلة نسبيا من عام 1953 الى عام 1963 ولكن منذ عام 1964 بدأ الانفاق على الجيش يتزايد باطراد. واعترفت واشنطن بأنها قدمت سربا من الطائرات النفاثة ف – 5، وفريقا من 55 رجلا لشؤون مقاومة التمرد، وازداد عدد هذا الفريق الى أربعة أضعاف في السنوات الثماني الاخيرة. ويقال ان وجود المستشارين الأميركيين في اريتريا أصبح أمرا عاديا كما هو حادث في كمبوديا، ولاوس وفيتنام. وقد دعم سلاح الطيران الاثيوبي بطائرات مقاتلة نفاثة وقاذفات مقاتلة أميركية وقد اختيرت هذه الاسلحة بحيث تتناسب مع الحروب التي تشن ضد حركات التحرر، واستعملت في الكونغو (زائير) في سحق مقاومة السيمبا. وقد أثار انتباه العالم الضربات الانتقامية التي وجهها سلاح الطيران الاثيوبي ضد منطقة كرن في المرتفعات الوسطى الاريترية والتي قتل فيها المئات بالقنابل الشديدة الانفجار والنابالم. وقد قدمت الولايات المتحدة الأميركية أخيرا سربين من الطائرات الحربية على الاقل الى الحكومة الاثيوبية وتشتمل على طائرات من طرازات ـ 28، ف ـ 86، س ـ 119، وقد اختطفت في يونيو 1972 طائرة من طرازات ـ 28 الى عدن بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية. وتتكون البحرية الاثيوبية المتمركزة في مصوع بإريتريا من سفن أميركية الصنع. وتقوم هذه السفن بدوريات سريعة وتحرس الشواطئ، وذلك لمنع نقل الأسلحة بحرا من اليمن الى اريتريا في مدخل البحر الاحمر. ويعتبر اسكندر دستا حفيد الامبراطور وقائد البحرية مسؤولا عن ترتيبات فرض الحصار. ولكن سمعته العالمية كفتى الملذات تطغى على النتائج غير الفعالة نسبيا للحصار.
هذا وقد انيطت مهمة حفظ الأمن والدفاع عن اريتريا الى الفرقة الثانية من الجيش الاثيوبي. وأجبر الآلاف من المواطنين في اريتريا على ترك ديارهم واللجوء الى السودان القطر المجاور نتيجة الحملات الوحشية التي قامت بها هذه الفرقة. وتحارب قوات الفرقة الثانية الاثيوبية البالغ عددها 10.000 رجل جنبا الى جنب مع رجال الكوماندوس البالغ عددهم 5000 رجل والمدربين على أيدي خبراء إسرائيليين.
ان سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها البريجادير جنرال مريد بييني من الفرقة الثانية للجيش الاثيوبي كان من نتيجتها تخريب وتدمير قرى أم حجر، عد شوم، عد فكى، سنحيت، توكمبيا، ساوا، وفلكت وغيرها. وقد طبقت هذه السياسة بهدف عزل جبهة التحرير الاريترية عن التأييد الشعبي. وقد أوقفت السلطات تسليح سكان القرى لمجابهة الثوار بعد أن وجدت أن معظم الأسلحة قد تسربت الى جبهة التحرير الاريترية. وانتاب اليأس قوات الفرقة الاثيوبية وغيرها بقيادة الجنرال ديبيبي هايلي ماريام، وانسحبت وقررت التمركز في قرى محصنة ومراكز عسكرية محددة. ان هذه المناطق التي جلت عنها القوات الاثيوبية بعد قتال عنيف تمثل الجزء الأكبر من الأراضي المحررة التي تسيطر عليها جبهة التحرير الاريترية. وفي غمرة الغضب الذي استولى على الجيش نتيجة الهزيمة ارتكبت العسكرية الاثيوبية الفظائع التي تشكل صفحة من صفحات إرهاب أصحاب البريهات الخضراء، ونفذت حكم الإعدام علنا في ثوار جبهة التحرير والمتعاونين مع الجبهة. وفاض بهم الحقد عندما قام ثوار جبهة التحرير بهجوم في وضح النهار على طريق كرن ـ أسمرا الرئيسي أثناء مرور قافلة للجيش الاثيوبي في 21 نوفمبر 1970 وقتلوا الجنرال تشومي أرجتو قائد الفرقة الثانية للجيش الاثيوبي.
وتعتبر قوة الكوماندوس التابعة للبحرية الاثيوبية القوة الوحيدة التي لم يدربها الأميركيون وقد درب هذه القوة خبراء إسرائيليون، وتتركز مهامها في وقف تهريب الاسلحة عبر البحر الاحمر.
التدخل السياسي الأميركي
في عام 1941 حررت القوات البريطانية افريقيا الشرقية الايطالية. وبعد سنوات من النقاش بادرت الأمم المتحدة الى إصدار قرار في 2 ديسمبر 1950 ينص على أن «اريتريا وحدة قائمة بذاتها ومتحدة فيدراليا مع اثيوبيا» ونفذ القرار في سبتمبر 1952. وقد توصل الى هذا الاتفاق بعد محادثات سرية بين الأميركيين والبريطانيين وعقدا اتفاقا رسميا وسريا فيما بعد عام 1960 بين هيلاسلاسي والولايات المتحدة الأميركية، ويجسد هذا الاتفاق استمرار الولايات المتحدة في التزاماتها السابقة تجاه اثيوبيا.
وينص هذا الاتفاق على تقديم أسلحة إضافية الى اثيوبيا لتواجه حرب العصابات في اريتريا ومشاكل الحدود مع الصومال في الجنوب. وقد أكدت الولايات المتحدة في هذا الاتفاق السري حرصها على الأمن والاستقرار في اثيوبيا ومعارضتها لأي نشاطات تهدد وحدة أراضي اثيوبيا. وقد نشط وكلاء المخابرات الأميركية خلال السنوات التي تلت هذا الاتفاق لتنفيذ الوعد بتأييد النظام الاقطاعي الاثيوبي. وقدمت الى اثيوبيا شخصيات مهمة مثل صمويل دراكيولش من مخابرات الجيش والبحرية، وراي فوريكر مفتش الشرطة السابق في الجيش الأميركي الذي انتدب كمسؤول أمن في أديس أبابا، كما انتدب ضابط آخر من وكالة الاستعلامات كضابط أمن في أديس أبابا ـ وانضم إليهم وليم يونا مصمم أسلحة الجيش، وعميل وكالة المخابرات الأميركية في مكتب الأمن القومي.
أما قنصل الولايات المتحدة في أسمرة فهو توماس ملفيل متخصص في الاستخبارات العسكرية سابقا، وخبير في شؤون ليبيا ونيجيريا حيث عمل عدة سنوات.
وهناك أيضا جورج كينتر من الجيش وعضو في المخابرات الأميركية ويتكلم اللغة الايطالية بطلاقة وكان يقيم بأسمرة لفترة، وينانت هيوربارت من مخابرات الجيش ومدير سابق لشركة مناجم، وكذلك وارن هولي، خبير كيميائي بالپنتاغون وقد أقام في أسمرة كنائب للقنصل وهذه المعلومات ليست إلا جزءا من حقائق يصعب الحصول عليها.
التدخل الاقتصادي الأميركي
إن حجم ومستوى الالتزام الأميركي نحو اثيوبيا يمكن أن يقاس بمقدار المساعدة الاقتصادية التي تبلغ قيمتها 240 مليون دولار، قدمت الى النظام الاقطاعي في العشرين سنة الاخيرة. وهذا علاوة على المساعدة العسكرية المذكورة آنفا وقيمتها 150 مليون دولار.
إن ما يسمى بـ(برنامج التنمية) لم يجد شيئا لتطوير اثيوبيا التي تعتبر من أقل بلاد أفريقيا رخاء، رغم أنها تتلقى الجزء الأكبر من مساعدات أميركا الاقتصادية الى أفريقيا السوداء. ان هذا الوضع المزري يرجع الى اكتفاء الأميركيين بالاستفادة من الاستحواذ على موارد اثيوبيا الطبيعية والأيدي العاملة الرخيصة والموقع الاستراتيجي لهذا القطر في القرن الافريقي.
وتقدر كمية احتياطي خام الحديد في اريتريا والتي لم تستخرج بعد بأكثر من 225 مليون طن. وقد منحت شركة رالف بيرسون للمناجم، وهي مؤسسة أميركية، اعفاء من الضرائب المفروضة على صناعة التعدين وذلك بالنسبة لكثير من موارد اريتريا الطبيعية. وتقوم مؤسسة كايزر باستخراج البوتاس في الشاطئ الشرقي من الأراضي المنخفضة في اريتريا. وتوجد مصالح لما يربو على 200 شركة أميركية في كل من اثيوبيا واريتريا. وتقوم شركة الخليج (غلف أويل وموبيل ـ اسو) باستكشاف البترول في مواجهة الشاطئ بالقرب من مصوع، وتتمتع هذه الشركات بحقوق الامتياز منذ عام 1963 ـ هذا ويستخرج الذهب في اريتريا منذ نهاية القرن الماضي ويبلغ الإنتاج السنوي حوالي 20 مليون دولار. وهناك محصول يعتبر مورد دخل رئيسي في اثيوبيا وهو البن، وكما هو معروف في العالم الثالث فإن مصدر الدخل الرئيسي يتركز على محصول زراعي تقليدي واحد.
هناك مساحات شاسعة تخضع لنظام اقطاعي، خصصت لزراعة هذا المحصول الذي يعتبر مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة في اثيوبيا. وعلى الرغم من غنى وخصوبة الأراضي الاثيوبية فإن استحواذ زراعة البن على أغلبها يسيء الى اقتصاد البلاد لدرجة كبيرة ويتعرض الريف أحيانا الى انتشار المجاعات في مناطق واسعة.
وفي هذا المجال تتشابه اثيوبيا مع أنغولا أو البرازيل وهي أيضا من الأقطار الرئيسية المنتجة للبن والتي يستفيد من إنتاجها الامبرياليون الأميركيون.
والمعروف أن إنتاج البن وجمع المحصول بالذات في هذه الأقطار يحتاج الى أيدي عاملة كثيرة ورخيصة للحصول على ربح وفير، إذ يعمل الحكام الرجعيون في تلك الأقطار على تثبيت السعر الرخيص للبن على حساب العمل الشاق الذي تقدمه شعوبهم.
إن سكان اثيوبيا الذين يئنون من ضغط الفاقة يشكلون طاقات عمل رخيصة ومستعدة دائما للتنافس للحصول على العمل مهما كانت درجة الاستغلال والا واجهوا المجاعة، ان الاوضاع الاقتصادية تزداد سوءا بتحالف الامبريالية الاميركية والطبقة الحاكمة الاثيوبية وقد طرد الكثير من الفلاحين من اراضيهم لانهم لم يستطيعوا منافسة المؤسسات الزراعية الكبيرة او لعجزهم عن دفع الايجارات الفاحشة التي فرضها ملاك الاراضي المتعسفين، لقد احتوت الازمة الجماهير الاثيوبية، تماما كالجماهير الاريترية، ولكن اي احتجاج يقابل باجراءات قمع عسكرية وبوليسية، وقد زادت التكاليف العسكرية في الثلاث سنوات الاخيرة بين عام 1964 ـ 1967 بنسبة 68.2% وتجاوزت نسبة الزيادة في الدخل الوطني الاجمالي الذي بلغ 57.9% ـ وزادت المساعدة العسكرية الاميركية بنسبة 1.7، ويتضح ان المساعدة الاقتصادية والعسكرية الاميركية كما تبدو الان، لن تحجب الانتصار عن الثورة الاريترية، او تمنع الانهيار الكلي للطبقة الحاكمة في اثيوبيا.
الأميركيون يتعرضون للهجوم في اريتريا
اذا كانت قلة من الناس قد سمعوا عن حركة التحرير الوطنية في اريتريا، فان الاقل قد سمعوا ان هناك اميركيين اصيبوا في الصراع الدائر هناك، لقد بقيت الخسائر الاميركية في طي الكتمان وذلك لتفادي لفت الانظار الى النضال القائم هناك والذي تتجاهله الطبقة الحاكمة الاميركية ـ ولكن بعض الاحداث فرضت علانيتها على المستوى العالي.
ففي يوليو 1965 اسرت جبهة التحرير الاريترية طيارين اميركيين هما الكابتن رونالد دولكي والضابط جاك كالباخ، وكانا في مهمة مسح خرائطي جوي ـ وقد فشلت حملة البحث عنهما والتي اشترك فيها 10.000 جندي واستمرت اسبوعين قبل ان تفرج عنهم الجبهة، وقد اضطرت الولايات المتحدة في عام 1965 ان تخلي قواعدها السابقة ايام الحرب في جبل حامد، ومرتفعات رور احباب بالقرب من الحدود السودانية، لتعرض قوافل الامداد المتجهة اليها لهجمات مركزة من جيش التحرير الاريتري، وفي مارس 1967 خصصت قوات اميركية لمتابعة مشاكل المنطقة وفي عام 1967 ايضا اعتقل اثنان من العاملين في مقصف الضباط بقاعدة كاينو بتهمة العمل لحساب جبهة التحرير الاريترية. وقد حدثت معارك طاحنة بين جيش التحرير الاريتري والقوات الاثيوبية من 23 ابريل الى 7 مايو 1969 ضمن نطاق حملة لسحق جبهة التحرير الاريترية وواجت القوات الاثيوبية مقاومة صلبة وقتل ستة مستشارين اميركيين اثناء القتال، واعتقل اربعة آخرون من فريق الابحاث الجغرافية الوطنية وافرج عنهم بعد 16 يوما ـ وقد وقعت حوادث بين جبهة التحرير الاريترية والاميركيين ونسبت الى الشفتا «العصابات». وفي 13 فبراير اعلن وليم روجرز وزير الخارجية الاميركي ان القنصل الاميركي العام «موراي جاكسون» قد اختطف بواسطة جبهة التحرير الاريترية قرب أسمرا، وبعد ذلك اتخذت اجراءات امن مشددة، واعطيت تعليما للاميركيين بالسفر فقط ضمن قوافل سيارات، وعدم الابتعاد عن منطقة اسمرا، وفي نهاية عام 1970 اعلن الامبراطور حالة الطوارئ وقيام الحكم العرفي في كل انحاء اريتريا.
وفي يناير 1971 هاجمت جبهة التحرير الاريترية الاميركيين مرة ثانية، وقتلت في كمين ريكاردو ايكانديا الذي كان مكلفا بتسليم رسائل خاصة بالجيش الاميركي، هذا وقد قدمت اثيوبيا اخيرا طلبا بتزويدها ببنادق آلية م ـ 16 وقد حول هذا الطلب الى الكونغرس الاميركي، ويقول البعض ان الكمين الذي قتل فيه الاميركي (ريكاردو) قد خطط بواسطة الاثيوبيين للضغط على الولايات المتحدة حتى تقدم لهم اسلحة اضافية.
وتشير هذه الاحداث الى زيادة التدخل الاميركي في اريتريا، بعد تعاظم نشاط جبهة التحرير الاريترية، وعجز حكومة الامبراطور الاثيوبي عن الدفاع عن نفسها ضد الشعب دون الحصول على مساعدة خارجية من الولايات المتحدة الاميركية.
رسالة معارض من الجالية الإريترية في الكويت: أستاذ يوسف.. مقالاتك مضللة وتقلب الحقائق
عملا بحرية الرأي ولإيماني بالحوار وحق الرد أنشر رد الأخ علي وهو كما يدعي من الجالية الإريترية في الكويت وأترك الرد عليه من شعبه في الداخل والخارج يقول:
لقد تابعنا من خلال جريدتكم الموقرة مجموعة المقالات المنشورة للأستاذ يوسف عبدالرحمن وكان آخرها المقال الصادر بتاريخ 31/10/2011.
وعملا بحرية الرأي وبحق الرد في مثل هذه المقالات المضللة للرأي العام وخاصة لقراء «الأنباء»، وعليه يرجى نشر هذا الرد أو التعليق في العدد القادم.
نريد وقبل الدخول في الرد أو التوضيح لبعض المغالطات وللشطحات التي حملتها مقالات الكاتب، أن نشير إلى أننا مع حرية الرأي المنضبطة والناقلة لحقيقة الواقع بكل صدق والبعيدة عن التجنيات المزاجية وبإشعال نار الفتنة بقصد أو دون قصد.
لقد تناول الكاتب الوضع في اريتريا بنوع من السطحية وبقلب الحقائق عن عمد وذلك لشيء في نفس يعقوب، والغريب في الأمر أن الكاتب يعلم علم اليقين ما جرى ويجري على الأرض الاريترية من إنجازات ملموسة وقد سبق له أن أشاد بها وبالمنهج الوطني في مناسبات وطنية وأصبح الآن يتنكر لها أو يتجاهلها في كتاباته والتي تحمل في طياتها أجندة لا تخدم اريتريا الوطن والمجتمع.
ان انقلاب الأستاذ يوسف لـ (180) درجة ضد النظام في اريتريا وخاصة بعد تصريحاته النارية الممجدة للقيادة وللإنجازات الوطنية وفي مقابلة أجرتها معه الفضائية الاريترية في الكويت 25/5/2010 وذلك بمناسبة احتفال الجالية الاريترية بالعيد الـ (19) لاستقلال اريتريا وبثتها الفضائية على الهواء مباشرة، وفي هذه المقابلة يشيد الأستاذ يوسف بالدولة الاريترية وبما حققه الشعب من تغيرات جذرية ونقلات نوعية خدمية واجتماعية وثقافية واقتصادية في وقت قياسي مقارنة بدول الجوار المحيطة باريتريا.
لقد قامت الجالية الاريترية بالكويت بدعوة الأستاذ يوسف عبدالرحمن لحضور حفل الاستقلال الوطني (20) في 25/5/2011 وفيه تم تكريمه تقديرا لدور قلمه المناصر والمساند للثورة الاريترية، والكاتب على علاقة جيدة بقيادة الجالية ويعرف مقرها، ومع ذلك فقد أقحم اسمها (تحت جالية وهمية وشخصية مجهولة) وهو تصرف أقل ما يقال عنه انه مخالف للنزاهة المهنية، فالجالية هي (وعاء جامع) أو مظلة لكل أبناء اريتريا على أرض الكويت المضيافة، وتتمحور أهدافها في حل قضاياهم وربطهم بوطنهم، وبالتالي فهي لا تتدخل من قريب أو بعيد في الشؤون السياسية.
اليوم يبدل الكاتب من خلال مقالاته مواقف الإشادة بمواقف العداء للنظام، وهي مواقف فاجأتنا وغيرنا أيضا. وليس هذا فحسب، بل يطالب ويحرض الاريتريين على القيام (بربيع) وهو ان كان يدري أو لا يدري فإن (ربيع) شعبنا من أجل الحرية والكرامة وضد الظلم والعدوان والقهر الاجتماعي قد سبق بأكثر من (100) عام ربيع المنطقة ومن نتائج أو ثمرات (ربيعنا) الطويل والمرير هو انتصار ثورتنا (1991) وإلحاقها الهزيمة النكراء بالجيوش الاثيوبية والخزي والعار لكل من كان مساندا للاستعمار الاثيوبي المتعاقب من صهاينة وقوى الشر العالمية، وسراق خيرات الشعوب ومصادري إراداتها وخياراتها.
لو كلف الاستاذ يوسف نفسه وقام بمراجعة لحلقات (حول اريتريا) والتي أعدها ونشرها وفد «الأنباء» في الربع الأول من هذا العام بعد عودته من الزيارة الرسمية لاريتريا وبرئاسة الأستاذ عدنان الراشد نائب رئيس تحرير الجريدة ومدير تحريرها الأستاذ محمد الحسيني حيث أشاد الوفد بوحدة النسيج الاريتري، كما عبر عن إعجابه لما شاهده من تماسك وطني ومن نقلة نوعية في مجالات البنية التحتية والخدمية والتعليمية والصحية وكلها تشكل الأعمدة الأساسية للنمو والتنمية الاقتصادية لاريتريا الواعدة.
الإنجازات التي تحدث عنها ووثقها وفد جريدة «الأنباء»، قد تحققت بفضل صمود وصبر وجهود شعبنا الجبار وخاصة في ظل حصار اقتصادي أممي ظالم ومؤامرات خارجية وحروب اثيوبية حاقدة وغير مبررة (1998 – 2000) مدفوعة الفواتير من أسيادها.
لو قرأ الكاتب هذه الحلقات وقبل نشر مقالاته المحرضة لوفر على نفسه الانغماس في دعوات غير عقلانية انفعالية ولا يمكن لها ان تمر لدى شعب مناضل وواع بدقة لأهدافه مثل شعبنا، نقول للأستاذ يوسف الذي مازلنا نكن له كل التقدير والاحترام ونعرف مواقفه الإيجابية في مرحلة الثورة عليك أن تتبين حقيقة من يصطادون في المياه العكرة ومن يفبركون الأكاذيب وهم بعيدون عن ساحة الوطن لأعوام طويلة.
ونقول أيضا يكفينا ما تتعرض له منطقتنا من هزات وحرائق ودمار للكيانات وللحضارات العربية والإسلامية وتحت مظلة أو أغطية الديموقراطية وحقوق الإنسان المزيفة أي سياسة (فرق تسد) بثوبها الجديد.
لقد حدد شعبنا خريطة حياته بمراحلها وبأهدافها وبأولوياتها وبأدواتها وهو ماض بكل ثبات في سبيل تحقيقها، مرحلة وراء مرحلة وهدفا وراء هدف وأولوية وراء أولوية وصولا ببلدنا الى دولة المواطنة والديموقراطية والعدالة والمساواة، دولة توفي بأمانة الشهداء وتسعى لخلق اريتريا مستقرة وآمنة ومزدهرة ومرفوعة القامة بين المنطقة والأمم.
بقلم: مواطن اريتري ـ الكويت ابوعلي
رسالة إلى عواتي
ما أحوج الجيل الاريتري الجديد لأن يتوقف قليلا أمام «كاريزما» المرحوم بإذن الله المجاهد الشهيد حامد إدريس عواتي – طيّب الله ثراه – وكل صحبه الكرام الذين كانوا معه أثناء فجر الثورة الاريترية المسلحة ضد الانجليز عام 1934 وكل ما يملكونه بندقية وحيدة (أبوعشرة) من عيار 303 وبارودهم وذخيرتهم القليلة ودماؤهم الزكية، فلم يكن فجر يوم 1/9/1961 في «ربى ادال» إلا بداية لربيع ثوري وكفاح مولود بإرادة اريترية شامخة شموخ شجر الدوم الباسق وليقولوا للمحتلين والتاريخ ان فجر تحرير اريتريا بدأ ببندقية إنجليزية متهالكة رصاصها اريتري الصنع قبيل خروج الانجليز من اريتريا وساعده من أبناء المنطقة عثمان لونقي الذي اصبح ساعده الأيمن واستطاع هذا الاريتري ان يأخذ من الجيش الانجليزي المسمى بال «فيلدفورس» مصدرا أساسيا للتسليح ضد الاثيوبيين.
رسالة عواتي للإنجليز في مديرية اغوردات حول
قتل قطاع الطرق للماشية ونهبها دون أن تضع السلطات البريطانية حدا لنشاطاتهم رغم البلاغات المتكررة
واريتريا مقبلة على التغيير المرتقب، دعوني معكم نحيي جميع أعضاء «جمعية حب الوطن» واسمها «محبر فقري هقر» وهي أول تجمع «إسلامي – مسيحي» ينطلق عام 1938 وهو مكون من 12 شخصا من كل طائفة كريمة عزيزة على اريتريا، حيث تم الاتفاق عل صيانة وحماية الوحدة الوطنية من شرور المحتلين والمخابرات والمندسين الذين حاولوا ان يضعوا الألغام ويفجروا الخلافات التي انكسرت على «الوحدة الاريترية المثبتة في التاريخ» والتي رفضت الفتنة والطائفية وتمسكت بالوحدة الشامخة التي عُرفت بها اريتريا على مر السنين وتوالي الأحداث الجسام من تاريخها القديم والمعاصر.
أيها الاريتريون في كل مكان، ارفعوا أكف الدعاء مسلمين ومسيحيين وترحّموا على أبطالكم «عواتي» الرمز الاريتري الأسطوري الذي خرج من منطقة القاش و«هزّ» عروش الاحتلال وأصبح اليوم رمزا وطنيا ليس لاريتريا وانما لكل الدول الباحثة عن العزة والكرامة أقلق منام الانجليز وهز عرش الامبراطورية الحبشية والطليان وغيرهم، وان سر تخليده هو مقاومته للمحتلين الغزاة ونضالاته التحررية البطولية بمبادرة تفجير الفاتح من سبتمبر 1961.
أيها الاريتريون في الداخل والمهجر، علّموا أولادكم من هو القائد ابراهيم سلطان، والقائد عبدالقادر كبيري والقائد الاريتري المسيحي البطل وولد اب ولد مريام هؤلاء هم أبطالكم، لكم أن تفخروا بهم فهم قادة زمانهم، هم الرموز الغالية التي يجب ان تعلق صورها في مؤسسات الدولة وفي بيوتكم وقبلها في عقولكم وقلوبكم وضمائركم لأنهم أبطال قوميون بجدارة شهد لهم التاريخ والجيل الأول من المقاتلين الشجعان.
أيها الاريتريون، إن كان هناك حاكم عربي يجب أن يُكرم وأن يُحفر في ذاكرة تاريخكم المشرف فهو صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.. يوم طرح القضية الاريترية بكل جرأة ومبدئية في المحافل الدولية وأروقة الأمم المتحدة وكان حينذاك يشغل منصب وزير الخارجية الكويتية ولايزال الرجل يعطي اريتريا من دعمه ولعل الكثير من الإنجازات التي تمت في اريتريا والمرتبطة بالتنمية من شوارع وكهرباء.. وغيرها كان وراءها دائما هذا الأمير الشهم الذي سجل موقفا متقدما في وقت كانت فيه اريتريا بحاجة الى النصرة وعز النصير فكان صباح الخير مبادرا وداعما.
وأخيرا: عذرا عواتي، وعذرا لكل القادة الاريتريين الأبطال من الرموز على تقصيرنا جميعا، فقد ضحيتم بأرواحكم في سبيل تحرير اريتريا ولكن اريتريا كُتب عليها الصراع اليوم وغدا.. وإن غدا لناظره قريب.
يوسف عبدالرحمن نصير الشعب الاريتري
y.abdul@alanba.com.kw
إريتريا السياحة والاستثمار
وردت في بريدي الإلكتروني أسئلة كثيرة من بعض أبنائي وبناتي الاريتريين في المهجر من إيطاليا وبريطانيا وفنزويلا وبعض الدول العربية مثل السعودية والكويت والامارات ومعظم الاسئلة تدور حول رأيي في فرص الاستثمار وقيام السياحة في دولة اريتريا؟
طبيعة إريترية جاذبة للسياحة والاستثمار
اريتريا دولة تمتلك ارضا قديمة قدم الوقت ولكنها جديدة كالغد المشرق، فهي بلاد دافئة تملك اراضي جميلة ومساحات خضراء تصلح للزراعة خاصة البن وشواطئ نقية وعيونا، متدفقة وجبالا وسهولا ومعادن اشهرها الذهب وشعبا، كريما مضيافا حيويا ساهم في بناء دول وهو في الهجرة خارج وطنه ويملك خبرات استثمارية وسياحية. اريتريا تصلح للاستثمار لأن مقومات الاستثمار موجودة وتحتاج الى جلب رؤوس الأموال والى استقرار وتسهيلات، كما ان السياحة تحتاج الى العنصر البشري وهذا متوافر في الشعب الاريتري الكريم الذي يرحب بالأجانب كترحاب اريتريا بكل ضيف، كما ان الجغرافيا والثروات الطبيعية والمناخ والموارد البشرية ووسائل النقل البحري والجوي والبري ووجود البنوك والاتصالات كلها أمور تساعد على تحقيق سياسة الاستثمار خاصة ان الضرائب ان اعفي منها المستثمر اقبل دون تردد، كما ان تعديل قوانين العمل وايجاد الضمانات امر ميسر،خاصة ان اريتريا عضو في صندوق النقد الدولي، كما ان اريتريا تؤيد اتفاقية منظمة العمل الدولية، وهذا يساعد المستثمر على القدوم ان وجدت الحكومة القادرة على الجذب والإقناع وإعطاء التسهيلات.
ان اسمرة وكرن وعيلا برعد ونقفة ومصوع وعصب وامتدادات الجزر على سواحل البحر الاحمر تجعل المستثمر والباحث عن السياحة يسيل لعابه حتى يصل الى مبتغاه. ان وجود فنادق جديدة ومنتجعات ومراكز تسويقية ورياضية وبحرية ومطاعم عالمية وشاليهات وملاعب غولف واكواريومات وبانورامات امور ستساعد على جلب السياحة، خاصة ان فكرنا في البداية بحملات إعلامية تسوق اريتريا في المجال الاستثماري والسياحي، اضافة الى الاهتمام بقضية وجود مراكز للمؤتمرات ومضامير للسباقات المختلفة (سيارات ـ دراجات)، كما ان الاهتمام بالأماكن الأثرية وتطويرها جالب للسياح المهتمين، خاصة في عدوليس وقوحاتو وكسكسي ومطرا وهام ودهلك ومصوع. باختصار: اريتريا دولة تملك مقومات طبيعية استغلتها اثيوبيا ايام احتلالها وتحتاج الى المخلصين لاعادة التنمية الشاملة كي تدور عجلة الحياة، فاريتريا عندها مقومات الدولة وتحتاج الى رؤى تنموية من اصحاب القرار كي تبرز كإحدى أبرز الدول الافريقية التي تملك المقومات الطبيعية والعناصر البشرية المؤهلة لتواصل دورها الطليعي في القرن الافريقي القابل للاشتعال بعد الربيع المغاربي.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39705
أحدث النعليقات