كسلا من جنة الإشراق إلى بركان الإحراق
بقلم / دفع الله منتصر
مدينة كسلا
وأنا أطالع المواقع الارترية التي أصبحت القبلة التي يتابعها الشعب السوداني بمدينة كسلا لتلقي أخبار الولاية والتحليلات الخاصة بها وذلك لأن صحفنا القومية لا تنقل ما يحس به إنسان الولاية من خوف وترقب لما تسفر عنه سياسات الوالي وحكومة المؤتمر الوطني وقد وقفت في احد المواقع الارترية
( موقع النهضة ) لمقال للأخ النذير عبد المحمود بتاريخ 25/06/2013م بعنوان والي ولاية كسلا والفتنة النائمة وهذا ما دفعني للكتابة وهي المرة الأولى في حياتي في هذا المنحى وذلك لما أراه وأحسه في الولاية وباعتباري من مواطنيها حيث يهمني أمرها وأحس بكل ما يحس به إنسانها.
بدايةً : من نافلة القول ومكروره اتهام المؤتمر الوطني بالسعي لإحراق البلاد فبسبب سياساته الخرقاء اشتعل السودان كله بالحرائق فحريق دارفور ناتج من دعم المؤتمر الوطني لبعض أبناء دارفور ضد بعضهم بقصد أو بجهل مبني على تقارير خاطئة ترفع للمركز من رجال أمنه في الولايات وقيادات المؤتمر الوطني المحلية بالإقليم – دارفور – مما تسبب في إحراق الإقليم بأكمله بل والسودان عامة ربما جهل الساسة السودانيين الحاكمين في الخرطوم لمكونات الشعب السوداني وامتدادته بين تشاد والسودان وأفريقيا الوسطى والسودان وارتريا والسودان وأثيوبيا والسودان وما يعنيه ذلك من تحرك حذر عندما يتعلق الأمر بقبائل وقوميات متداخلة عبر الحدود دون ممارسة التعالي الموهوم والعنصرية البغيضه والتي كانت سببا في انفصال الجنوب.
وللأسف فان الكثيرين منا نحن أدعياء الثقافة من الشماليين نبذر بذور الفتنة والشقاق بين الشعب السوداني دون ان نشعر بتعليق يكتبه شخص في موقع من المواقع تتلقفه الأيدي والألسن وتكون الردود، فقبل يومين قرأت تعليقا يهاجم فيه كاتبه رئيس المجلس الوطني ويقول انه موريتاني ويتهم وزير الداخلية ويقول انه ارتري ويتهم نائب الرئيس بأنه تشادي فقلت سبحان الله هل وصل الهوان بالشعب السوداني أن يحكم بالأجانب فهذا قبل ان يكون اساءة للمذكورين يعتبر اساءة لنا نحن السودانيين كيف رضينا بذلك وأين القضاء ولجنة الانتخابات التي تمنع ترشح الاجانب لتولي هذه المناصب ؟!!!! كاتب التعليق ربما لم ينظر الي ابعاد ما كتب فقد يتأثر قطاع كبير من هذه التعليقات باعتبار ان الاشخاص الثلاثة ينتمون الي الهامش والسؤال الذي تبادر الي ذهني هل السودان بلد مغري الي هذه الدرجة التي يترك فيها الشخص جنسيته ليختار الجنسية السودانية ؟!!!! ولا أدري لماذا هذا الغباء المستحكم الذي يحكم مثل هذه العقول التي تكتب عن سيادة البلاد وجنسيتها عبر الشبكات العنكبوتية (الانترنت) هكذا وبكل سذاجة وبله تحسد عليه.
إن ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو خوفي على ولاية كسلا لأني أري وميض نار وأخشى أن يكون له ضرام فالنار بالعودين تذكي والحرب مبدؤها كلام فإننا في ولاية كسلا على الرغم من انني لست من أبنائها باعتبار التاريخ البعيد فانا من شمال السودان بالأصل ولكني من أبناء ولاية كسلا ميلادا وتربية انا ووالدي وكل أسرتي الموجودة حاليا فلا نعرف من شمال السودان إلا الارتباط التاريخي وان مدينة كسلا المعطاءة لم نحس في يوم من الأيام بأننا وافدون إليها ولكن هذه الدعوات التي ظهرت في عهد المؤتمر الوطني وسعيه الحثيث للتفريق بين سكان الولاية واتهام مكونات منها بأنها وافدة إلى المدينة وليست من سكانها فانا وبحكم وجودي بالمدينة اعرف جيدا أن هنالك وافدين ارتريين إلى مدينة كسلا وبأعداد كبيرة ولكن لا يقلقني ذلك لاني اعرف ان مدينة كسلا وكما كان يحكي لي والدي عندما كان صغيرا وذلك في عام 1958م كان اغلب سكان الولاية من قبيلة البني عامر وكان تدفق اللاجئين الارتريين متواصلا ففي اعتقادي ان القبائل الحدودية لا يمكن التحكم فيها وذلك لان هذه القبائل هي سكان هذه المنطقة ولا ذنب لهم في تقسيم أراضيهم بواسطة القوى الاستعمارية بين دولتين.
أعود إلى موضوعي الذي أريد التحدث عنه هو إقدام والي ولاية كسلا وأجهزته الأمنية على اعتقال قيادات من المجاهدين بما فيهم رئيس المكتب العسكري لحركة الإصلاح الإسلامي الارتري فنحن في مدينة كسلا بحكم وجودنا فيها والتي كان يتواجد فيها المجاهدون – جماعة أبو سهيل – بكثرة في وقت سابق بمظهرهم المألوف على الرغم من تشابه السحنات والألوان بين سكان المدينة إلا أننا كنا نعرف المجاهدين من أشكالهم ومظهرهم بخفة حركتهم وصرامة وجوههم وبهائها ونعرف دعاتهم وشيوخهم الذين يتحدثون في المساجد والشهادة لله لم يتناولوا السودان لا حكومة ولا شعبا إلا بالخير والحب والدعاء لهم بالتوفيق والسلام وكنا ونحن نراهم في أحلك الظروف التي كانت تمر بها حكومة المؤتمر الوطني كنا نحس بالأمان لوجودهم بيننا وكان الناس يتحدثون بأنه لولا وجودهم لدخل جون قرنق إلى الخرطوم عن طريق كسلا قبل أن يدخلها بواسطة نيفاشا لاحقا ولم يكن ذلك الكلام من فراغ فقد عرف أهل كسلا من هم المجاهدون الذين كانوا يحمون حدود السودان الشرقية فمعركة توقان وراساي مازال سكان كسلا يذكرونها وعندما دخل المتمردون إلى مدينة كسلا أليس الذي ردهم هم المجاهدون؟ الكل يعرف ذلك ويعرف الدور الذي قام به أبو العباس رئيس المكتب العسكري المعتقل حاليا في سجون رجال امن الانقاذ فقد اصدر اوامره للمجاهدين بالدفاع عن كسلا وعن السودان .
بل وقد التحق الكثير من ابناء الشعب السوداني بالحركة وجاهد في صفوفها حتى استشهدوا معها منهم الشهيد أبو هاجر عوض الكريم الفاضل وهو شايقي القبيلة ولكنه استشهد في ارتريا وكان من شيوخهم المعروفين على مستوى الولاية وكانوا يحبونه ربما اكثر من الشيوخ الارتريين !!!ومنهم الشهيد عاطف عز الدين وهو سوداني جعلى استشهد في ارتريا.
والآن بعد اعتقال قياداتهم اصبح القلق هو سيد الموقف في المدينة والكل يترقب ما ستسفر عنه الأحداث والكل يدعو الله ان لا تتطور الاحداث الى أكثر من ذلك لأننا نعرف حجم وقوة الجناح الذي ينتمي إليه المعتقلون ونعرف إقدامهم وبسالتهم في القتال فلو اقدمت حكومة المؤتمر الوطني على أي خطوة غير مدروسة أو حماقة فسيكون ثمنها غاليا.
خاصة وإننا لا نعرف أي سبب لاعتقالهم فقد كان سكان المدينة متضايقون من ممارسات أتباع الجبهة الشعبية الذين دخلوا إلى المدينة بكثرة فقد انتشرت القهاوي التي يعمل فيها الحبشيات بصورة ملفتة إضافة للاحتفالات التي تقوم من وقت لآخر وتستمر إلى منتصف الليل ورجال الأمن السوداني لا هم لهم إلا مداعبة الصبايا الحبشيات وربما يكون الاعتقال ناتج من طلب إحدى المومسات من بعض رجال الأمن القيام بهذه الخطوة والكل يعلم كيف أن أجهزة الاستخبارات استخدمت هذا الصنف في جمع المعلومات وتحديد المواقف للخصوم فكم من شخص تم تهديده بالفضائح ونشر الصور هذا ما نخشاه وهو ما يتردد في المدينة.
وهنالك تبرير اخر سمعته من يومين عن سبب الاعتقال هو انه تم احراق مشروع زراعي في على قدر شرق كسلا بما فيه من اليات ومعدات يمتلكه مسئول في النظام الارتري – تخلي منجوس – بالشراكة مع والي ولاية كسلا واتهم تخلي منجوس الشريك في المشروع حركة الاصلاح فطلب من الوالي اعتقالهم فنفذ سيادته الطلب دون التبين والتثبت وهذه هي مفاسد ممارسة المسئولين في الدولة للعمل التجاري واذا سالت سيادة الوالي عن ذلك ربما اجاب باجابة الدكتور المتعافي ( ماعندي حاجه باسمي انا ما كيشه ) هذا ما سمعته من تحليلات البعض عن سبب الاعتقال وبغض النظر عن صحة المعلومة من عدمه فلا يخفى على شخص في ولاية كسلا علاقة الحب والغرام بين الوالي والنظام الحاكم في اسمرا .
إن نظام المؤتمر الوطني لا يهمه من السودان إلا أن يحكم وان يظل على الكرسي حتى ولو كان ذلك على جماجم وأشلاء الشعب السوداني بأكمله فهو يختلق المشاكل والفتن والقلاقل حتى يصرف الأنظار عن ما يدور بداخله من صراعات في خلافة البشير ومشاكل السائحون والاصلاحيون الذين يريدون القفز من السفينة قبل غرقها ولكن هل يجدي ذلك وقد ساهم الجميع في ما وصل إليه السودان من ضعف وتردي وكل السودان مهدد بالتشتت والتفتت والانقسام .
والشيء اللافت للنظر في أحداث اعتقال قيادات جماعة أبو سهيل أن اقبل سكان مدينة كسلا ومثقفيها على المواقع الارترية بعد أن فقدوا الثقة في الصحف السودانية التي لم تتناول الحدث الذي تناولته كبريات وسائل الإعلام من الجزيرة ووكالة الأنباء الفرنسية وغيرها وتحدثت عنه منظمات عالمية ولكن صحف الخرطوم لم تتناول الحدث ولم تحذر حكومة السودان من مغبة ذلك على الولاية والشرق عموما باعتبار التداخل القبلي للمنطقة ومما يستغرب له عدم تناول الخبر أو التدخل لإنهاء الحادثة قبل أن يستفحل أمرها من قبل هيئة علماء السودان التي تتحدث عن كل مشاكل الدنيا صغيرها وكبيرها وصمتها المطبق عن ما يهدد أمن السودان الحقيقي عبر بوابته الشرقية بل ونشطت في إصدار الفتاوى التي تمنع الرئيس من السفر الخارجي ولم يفتح الله عليها بكلمة للحفاظ على السودان الأرض يهمها الحفاظ على الجنرال الراقص والسودان لا يهم.
والخال الرئاسي الأستاذ / الطيب مصطفى صاحب مبادرة إطلاق سراح الشباب المتهمين في خلية الدندر بالانتماء إلى تنظيم القاعدة وقتل شرطي سوداني يطالب بإطلاق سراح أفرادها هو فعل خير أشد من أزره لإطلاق كل المعتقلين في قضايا سياسية وسجناء الرأي الذين يمتلئ بهم سجن كوبر وغيره من السجون وأوكار رجال الأمن وكم كنت أتمنى منه أن يكتب ولو مقال واحد يطالب فيه بإطلاق سراح المعتقلين من قيادة المجاهدين الارتريين أن لم يكن حباً فيهم فدرءً لفتنة نرى أنها في طريقها لحرق الولاية اقصد كسلا والشرق عموماً.
فيا رجال الإعلام والأمن والحكومة في الخرطوم واخص منها السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية الاستاذ على عثمان محمد طه إن مدينة كسلا تغلي كالمرجل وتعيش حالة من الترقب الحذر من إقدام حكومتنا على خطوة غير موفقة خاصة وان المجاهدين في المدينة يحكون روايات سابقه عن إقدام الحكومة على تسليم بعض من قياداتهم إلى نظام اسياس أفورقي وأنهم يقولون سوف لن تمر هذه المرة بسلام إذا أقدمت حكومة الإنقاذ على خطوة مثل هذه فباسم سكان مدينة كسلا أطلقوا سراح المعتقلين واكفونا الفتنة في مهدها يا من تقيمون في القصور في الخرطوم فأهل مدينة كسلا يتعايشون من عشرات السنين في انسجام فلا تجعلونا ندفع ثمن خطوة غير مدروسة تاتي بفتنة تأكل الأخضر واليابس اقرءوا المشهد بصورة كلية مع الدعوات التي انطلقت منادية بفصل شرق السودان وقيام دولة البجه والتي ينتمي إليها بالأصالة المعتقلين وان كانوا ارتريين. وموقف برلمان البحر الأحمر من قضية المياه وتهديده بالانفصال وإعلان الدولة والتي هرعت لحل المشكلة عندما طار إليها النائب الأول الأستاذ / على عثمان فهذه سياسة الإنقاذ أصبحت معروفة لا تستجيب للحدث إلا بعد إن يستفحل أمره وتنام على التقارير المكذوبة التي ترفع لهم من أجهزتهم الاستخبارية التي لا تعرف شيئا إلا ما يعرفه الإنسان العادي من قراءة الصحف فكيف دخل الدكتور خليل بجيشه إلى أم درمان؟ وكيف دخلت الجبهة الثورية إلى أبكر شولا؟ وكيف دخلت أم روابة(700كم في العمق)؟ وكيف دخلت كادقلي؟ وكيف وكيف… فتاريخ الاستخبارات والأمن السوداني هو تاريخ الفشل لا يفلح إلا في تعقب الأحرار المسالمين الذين ينتقدون الحكومة بغرض الإصلاح فهل من مجيب قبل أن تتحول كسلا – لا سمح الله – من جنة الإشراق إلى بركان الإحراق أتمنى ذلك.
امرتهموا أمري بمنعرج اللوى فلم يسـتبينوا النصح إلا ضحى الغد .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39848
أحدث النعليقات