رحيل فارس أخر من فرسان الحركة الوطنية يدفن في واشنطن
مركز “الخليج” GIC إبريل 17 2007م
رحل فارس أخر من فرسان الحركة الوطنية الإرترية وأحد روادها المناضل عبدالله عمر ناصر بعد خمسين عام 35 منها من النضال ضد الاحتلال و15 عام ضد النظام الديكتاتوري وافته المنية في المنفى بأمريكا أثر نوبة قلبية لم تمهله قليلا ليوارى الثراء الجمعة الماضية في واشنطن بالولايات المتحدة بعيد عن الوطن وأفنى الراحل ريعان شبابه في النضال من اجل تحرير إرتريا وقدم في سبيله الغالي والنفيس لتكمن المأساة أن يدفن كغيره من الفرسان الذين دفنوا في المهجر وأحد تلو الأخر وأنضم الراحل ناصر إلي قافلة المناضلين الذي حرموا من أن يحضنهم ثرى إرتريا حتى بعد الممات لتنعكس المعاناة في الشعب الإرتري الذي لم يستطيع تبادل التعازي في داخل وطنه ليكشف حجم المأساة التي يعيشها الشعب الإرتري الذي حرم حتى من تقاسم الأحزان والأفراح ليؤكد جبروت النظام الذي لم ينحني أمام عظمة الأقدار ، وحرم المناضلين من أبسط حقوق المواطنة بأن يدفنوا في أوطانهم
ونشأ الراحل في بيت وطني كبير بمنزل جده ناصر بيه” المفعم بحب الوطن وكان جده من ابرز القيادات الوطنية في إرتريا حيث لعب دور مشهود في الحركة الوطنية وترك بسمات واضحة في النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي بإرتريا من خلال تحالفه مع الكتلة الاستقلالية وتأثر الراحل ناصر بتلك الأجواء الوطنية ومما انعكس ذلك على فكرة وتطلعاته الوطنية.
ولد الرحل في منطقة (أيرومليه) تعني باللغة “المحلية” (لا توجد الشمس) بالقرب من مدينة (فرو) بإقليم سمهر عام 1944، ودرس الابتدائية بها وثم أكمل الإعدادية في مدرسة حرقيقو وثم الثانوية بالعاصمة اسمرا، وثم هاجر إلى مصر في 1965 والتحق بالمعهد العالي للدراسات الأفريقية ليتخرج من قسم الزراعة به والتحق بركب بالحركة الطلابية المناهضة للاحتلال الإثيوبي وشارك في العديد من المظاهرات التي نظمها الطلاب باسمرا وأشهر تلك المظاهرات عامي 1963-1964، كما ساهم الراحل في تأسيس مع زملائه خلية طلابية تابعة جبهة التحرير الإرترية، وكان من الناشطين في صفوف الطلاب الإرتريين وخاصة فرع الجبهة بالقاهرة، كما ساهم في تأسيس الاتحاد العام لطلبة إرتريا، وكان عضو في اللجنة التنفيذية بعد مؤتمر الأول للاتحاد في عام 1969 في دمشق بسوريا، وقام بجولات شرقاً وغرباً للاتحاد الطلابية في العالم لحشد الدعم للقضية الإرترية، وتمكن من انتزاع العضوية للاتحاد الإرتري في الاتحاد العام العالمي للطلاب، وتوجه الراحل بعد ذلك إلي الميدان في عام 1975 ليشرف علي مشروع علي قدر الزراعي ثم اصبح المفوض السياسي للجبهة في إقليم القاش ثم عمل في القسم الاقتصادي، وكان من كوادر الصف الأول للجبهة وتميز بأخلاق عالية وحمل مثل الثورة وقيمها، وكان مثقفاً امتلك عدة لغات عالمية ، وكان موسوعة في فهمه وواقع شعبه، وكان شجاعاً في مواقفه حمل قيم الثورة ودافع عنها لم يتزحزح يوماً من مواقفه، ورفض أن يقوم بزيارة وطنه بعد الاستقلال، وازداد عناداً في خصومته للنظام بعد الاستقلال وانخرط في معركة التغيير الديمقراطي حتى اللحظة الأخيرة كان مدافعاً عن قضايا شعبه حتى وافته المنية.
وعاش الراحل انكسارات الجبهة وانتصاراتها وعلي خلفية التناقضات التي حدثت داخل تنظيم جبهة التحرير عام 1981 وأثر تطور الخلاف بين قياداتها التي أفضت إلي انقسام واعتقالات امتدت صراعاتها في العمق السوداني، وكان نسيب الراحل من تلك الاعتقال لمدة عام وتم ترحيل العشرات من المعتقلين إلى الدول الأوروبية، إلا أن الراحل رفض التوجه إلي الغرب في ذلك الوقت عام 1983، وتبنى خيار النضال رغم الانتكاسة والأزمات التي واجهت الجبهة، إلا أن الرياح اتجهت عكس ما تشتهي السفن ووجد الراحل نفسه محاصر نتيجة تكالب التحالفات واكتمال عوامل الإقصاء، وقرر الهجرة إلى كندا في عام 1988 إلا أن جهوده الوطنية لم تنقطع بعد الاستقلال في مقارعة النظام حيث ساهم في تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في شمال أمريكا المجلس الذي يعتبر ابرز الوجهات الإسلامية في أمريكا ونشط المجلس في مجال القطاع التعليمي والتربي الديني وكان الراحل من الناشطين في العمل الإسلامي في شمال أمريكا وكانت طموحاته كبيرة لربط بقية الجاليات في أوروبا.
هكذا آفلت شمس المناضل عبدالله عمر ناصر بعد حياة حافلة بالعطاء والإنجازات التي انخرط فيها منذ نعومة أظافره من أجل إرتريا بعد أن شغل هموم وطنه سابقا واليوم جراء الكابوس الجاسم في صدر الشعب الإرتري.
رحم الله الفقيد بقدر ما قدم لوطنه وشعبه.
وله المغفرة والرحمة وألهم ذويه الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=40676
أحدث النعليقات