مؤتمر بروكسل هل هو الطريق الى أسمرا أم وحدة الصف الوطنى ؟!
بقلم / أحمد نقاش
تتواتر الانباء هذه الايام عن عقد مؤتمر بروكسل بهدف توحيد الرؤية والسياسات الاوروبية والامريكيا تجاه أريتريا،والتى كانت الى وقت قريب متباينة ومتضاربة فى ما ينبقى فعله لتعديل او تغير نظام أسمرا، والذى يبدو حان الوقت لوضع حد لما يجرى فى القرن الافريقى،وهذا المؤتمرالذى يعقده مجموعة من النشطاء السياسيين والحقوقيين الاوروبيين ونظرائهم الاريتريين من ذوى توجهات مدرسة هقدف وبعض المثقفين الذين يبحثون عن السلطة اكثر من التغير الذى يريده الشعب ، في العاصمة البلجيكية بروكسل في يومي التاسع والعاشر من نوفمبر 2009 الجاري بغرض التداول بشأن السياسات الاوروبية والامريكية تجاه ارتريا وبقية دول القرن الافريقي.و يأتى هذا المؤتمر فى وقت تتسارع فيه الاحداث فى القرن الافريقى بشكل مخيف،بل فى جزيرة العرب.
وفى الصومال مازال الوضع فى اشد الحرب والاحتراب،والنظام الاريترى اول المتهمين بدعم حركة الشباب الصومالين المعارضين للحكومة الصومالية، التى اعترف بها العالم اجمع وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكا وحلفائها الاوروبيون،ودولة جيبوتى الحليفة لامريكا واوروبا تعانى من خلافات حدودية مع نظام اسمرا والذى لم يجد طريقه للحل الى الان،والاوضاع فى السودان فى اشد ازماتها سواء فى دارفور او مع شريك حكم فى الخرطوم،واذ تشير كل الدلائل ان حكومة جنوب السودان قد حسمت امرها فى الرحيل بعيدا عن الشمال وسط خلافات حدودية قد تكون شرارة الصراع المحموم بعد الانفصال، فى ظل اطماع خارجية لاتبقى ولا تذر.والانتخابات القادمة فى الخرطوم وما قد تفرزه من النتائج والتناحر الدخلية والتدخلات الخارجية.
وفى جزيرة العرب الامر ليس اقل توترا عن القرن الافريقى،والحرب الداخلية فى اليمن بدأت تأخذ ملامح اقلمية ودولية،وتدخل سلاح الجو السعودى فى الحرب مؤشر واضح بتطور الحرب وتشعباتها،ونظام اسمرا اول المتهمين فى تدريب الحوتين بدعم سخى من الجمهورية الاسلامية الايرانية.
وكل هذه الاحداث والتطورات فى هذه الايام بدأت تأخذ إهتمام بشكل جد فى اروقة الدول الكبرى على وجة التحديد فى امريكا واوروبا والتى مازالت تحتفظ فى يدها بكثير من خيوط المنطقة.
وجدير بالذكر ان السياسة الامريكيا وصلت منذ وقت بعيد الى قنعات بأهمية احداث التغير فى اسمرا،الا ان التردد الاوروبى والفيتو الاسرائيلى من ناحية، وعدم وجود البديل من ناحية اخرى،هو الذى حال دون إتخاذ خطوات عملية ضد اسمرا،الا ان تسارع الاحداث فى المنطقة من جنوب البحر الاحمر الى شماله،ومن السودان الى إيران وباكستان وافغانستا،ووجود بصمات اسياس افورقى فى كثير منها،كل هذه الاشياء مجتمعه هى التى تحرك الان ملف اسمرا فى بروكسل، والمؤتمر المزمع عقده خلال هذه الايام،قد يعتبر من الخطوة الاولية فى وضع ملامح لتغير المراد إحداثه فى اريتريا،ومن المعلوم فى السياسة الامريكيا والاوروبية، ان اى قرارات عملية تبدأ بمثل هكذا المؤتمرات ليلحقها التركيز الاعلام، وتحريك كل الملفات الاخرى مثل حقوق الانسان وعدم الممارسة الديمقراطية فى الحكم ،ثم الحصار الاقتصادى ودعم المناوئين المختارين والمحددين وتحريك دول الجوار لدعمهم ثم محاولة،اقناع النظام بتقاسم السلطة مع الشبيه المناسب وفق رؤية جديدة لسياسته الخارجية اكثر منها داخلية، او الرحيل الهادئ مع تأمين حق اللجوء السياسي فى اى دولة من دول العالم. وقد يتطور الامر الى التدخل العسكرى اذا تطلب الامر لذلك،مادام قد تحدد البديل المناسب.
الا انا هناك أسئلة كثيرة تثار حول مشاركة بعض الاريترين دون بعضهم وقبول هذا البعض بذلك رغم وجود المظلة الجامعة (التحالف الديمقراطى الاريتري ) ومؤسساته التى هم جزء منها…لماذا… وكيف… ؟!
من المعلوم ان سياسات الدول الخارجية فى المقام الاول تنطلق من مصالحها اكثر من امال الشعوب فى التغير الحقيق،وبتالى تبحث عن الشبيه فى من يؤمن مصالحها ولو كان على حساب الشعب فى الاقليم،وفى عوالم السياسة مصالح دائمة،وليس حق دائم اوصدقات دائمة او عدل ينبغى رعايته،والانتقاء اذن ينطلق من هذه القاعدة فى المقام الاول،( الشبيه فى الثقافة،الشبيه فى التوجه،الشبيه فى الانانية السياسية والمصالحية…)وهذا التشابه يسهل عملية التناغم الرائع فى الغرف السياسية فيمابعد،بصرف النظر عم يعانيه الشعب فى قضاياه الداخلية سواء كان من الحكم الحالى او من القادمون الجدود الى اسمرا.
هذا الاقصاء وقبول المنتقون بذالك مقدمة لا تشير الى الامن الوطنى والتغير الحقيق الذى يبحث عنه الشعب الاريترى،بل هذا الانتقاء والقبول به هو بداية الصراع الداخلى من جديد بعد ان كادت ان تتوحد الكلمة الوطنية نتيجة تصرفات نظام اسمرا فى العقود السابقة.
اذا ما قدرة لهذا المؤتمر ان يكون هو الطريق الى اسمرا،ان التغير سوف يكون شكلى اكثر منه جوهرى مع استخدام الشعارات الجميلة والرنانة مثل نظام الحكم الديمقراطي وتشكيل احزاب متشابها لاكتمال الديكور والخ.. دون ان تجد اريتريا السلام والامن ولاستقراروالوحدة والمحبة.
على القوى الوطنية المعارضة التى لم تدعا او تشارك فى هذا المؤتمر ان تنتبه وتكثف من حركتها الدبلوماسية لتوضيح الرؤية للجانب الامريكى والاوروبى،قبل ان تكون امام الامر الواقع الذى قد لايكون لصالحها او لصالح شعبها،وكما عليها ان تتحرك لدى دول الجوار الاريترى خاصة اثيوبيا والسودان وغيرها من دول ذات العلاقة بشأن الاريترى،بإعتبار اى تغير لا يستند على الشعب والديمقراطية الحقيقية سوف لن ولم يجلب السلام والاستقرار الى اريتريا ودول الجوار.
وتغير وجهات النظر لدى الامريكين والاوروبين الان اسهل بكثير من بعد اتخذ القرار وتحديد الاستراتيجية ووضع الخطة لتنفيذها.
وعلى التحالف الديمقراطى الاريترى ان يلعب دوره المنوط به دستوريا وقانونيا قبل فوات الاوان، وان لا يستسغر شأن هكذا مؤتمرات وخاصة اذا وضعنا فى الاعيتار ان كثيرمن اوراق قضايا دول العالم الثالث وافريقيا على وجه التحديد مازالت فى اروقة الدول الكبرى.
وكما يجب من مؤسسات التحالف الديمقراطى الاريترى وإعلامه ان يضع الشعب الاريترى فى الصوره الكاملة لمثل هذه التطورات والتأكيد على اهمية الوحدة الوطنية اكثر من التغير الشكلى والوهمى الذى قد لا يسمن ولا يغنى من الجوع.
ahmednagash@yahoo.com
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=41166
أحدث النعليقات