تقرير عن احتفال سبتمبر الذي نظمته الرابطة الإرترية للوفاق – السويد
بسم الله الرحمن الرحيم |
تقرير عن احتفال سبتمبر الذي نظمته |
الرابطة الإرترية للوفاق – السويد |
بتاريخ 28/8/2005 |
نظمت الرابطة الإرترية للوفاق – السويد احتفالاً بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لثورة الفاتح من سبتمبر التي قادها المناضل الشهيد/ حامد إدريس عواتي، ومعه ثلة وفية من الرعيل الأول، الذين يعتبرون من أنبل من أنجبتهم إرتريا. والرابطة إذ تحتفل بهذه المناسبة تفعل ذلك انسجاماً مع مبادئها الواضحة في الحفاظ على تاريخ، وتراث، وتضحيات، ونضالات هؤلاء الذين يشكلون المرتكز الأساسي والمتراس الأول والأهم في الدفاع عن هويتنا عن انتمائنا عن قناعاتنا عن أرضنا. باختصار شديد الدفاع عن وجودنا أمام من يزيف هذا التاريخ أولاً بسرقته مناّ، وإذا لم يتمكن من ذلك بتشويهه وإلحاق الأذى به بكل ما أوتي من قوة، لأن من يقوم بمثل هذا الفعل الجبان والغادر يدرك تماماً أهمية مايمثله هذا التراث من تكذيب لكل ادعاءاته المبنية على تزييف الحقائق.
بدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم تلاها على الحاضرين الشيخ عمر أحمد، إمام الجالية الإسلامية الإرترية، ثم أعقب ذلك موعظة دينية تحدث فيها الشيخ عمر عن معاني الوفاق والتكافل والإخاء في الإسلام، سواء كان ذلك بين المسلمين أنفسهم أم تجاه شركائهم في الوطن أو الإنسانية، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية. وكانت الموعظة متماسكة وقيمة قدمت روح التسامح الإسلامي، ما جعل منها مقدمة موفقة للنقاش الذي تلاها، سواء كان ذلك في كلمة رئيس إدارة الرابطة أم المناقشة العامة التي شارك فيها المناضلون الذين عاصروا حركة الثورة الإرترية والحركة الوطنية الإرترية.
يتضمن هذا التقرير كلمة الرابطة الإرترية للوفاق التي ألقاها رئيسها الأخ/ ياسين جعفر محمد، بهذه المناسبة، والتي تضمنت معاني هذه المناسبة الكبيرة في تاريخ ووجدان شعبنا، والأهداف والقيم التي تجسدها الرابطة، بالإضافة إلى النقاشات التي تدور حالياًّ في معسكر المعارضة، خاصة بعد أحداث المواجهة التي حدثت بين قوات المعارضة وقوات النظام، فانبرى البعض للدفاع عن من أسموهم بحماة الوطن وحماة السيادة الوطنية. كما ألقى الأخ/ فسهاظيون ناير كلمة باسم الجمعية الإرترية للديمقراطية والسلام – السويد، تضمنت إشارات مليئة بالمعاني إلى سبتمبر المجيد، وإلى البدايات الصعبة لكفاحنا الوطني. كما يتضمن هذا التقرير اللقاء المشوق الذي تم مع الإخوة المناضلين الذين واكبوا الحركة الوطنية الإرترية عموماً، وحركة الثورة الإرترية على وجه الخصوص، وهم: الأستاذ المناضل/ عقباميكائيل مسمر، والمناضل/ صالح حيوتي، والمناضل/ إبراهيم محمود قدم، والمناضل/ خليفة عثمان، والمناضل/ محمد سعيد مفلس. وتخلل الحفل أيضاً تقديم فقرات فنية تضمنت الأناشيد والأغاني شارك فيها الإخوة/ حامد أحمد محمود وعبد القادر حبيب، إضافة إلى فقرة خاصة بالشعر في نهاية الحفل شارك فيها كل من الإخوة/ ياسين إدريس محمد، ومحمود محمد نور. وقام الأخ/ ناصر إبراهيم محمود، عضو إدارة الرابطة بتقديم فقرات هذا الحفل الناجح الذي جاء تتويجاً لجهود الرابطة في جمع التبرعات لصالح اللاجئين الإرتريين في السودان الذين تخلت المنظمات الدولية عن مساعدتهم.
ملحوظة: لايفوت الرابطة هنا أن تقدم اعتذارها عن تأخرصدور هذا التقرير لأسباب خاصة بالشخص الذي كان مكلفاً بإعداده ، وتشكر في نفس الوقت كل الذين ساهموا بأشكال مختلفة في أن يخرج التقرير إلى القراء لأهمية ما فيه من مواضيع، والتي لا تفقد قيمتها حتى لو تقادم عليها الزمن. كما ننوه في هذا التقرير إلى أننا سوف نحاول أن ننشر الندوة القيمة والحافلة بالمعلومات التي شارك فيها المناضلون الذين ذكرت أسماؤهم على صفحات الإنترنيت صوتاً وصورة لمن يرغب في المزيد من الاطلاع.
كلمة إدارة الرابطة
أيها الإخوة والأخوات،
نلتقي اليوم هنا مجتمعين و محتفين بمناسبة وطنية عزيزة على قلب كل إرتري، أو هكذا ينبغي أن تكون. وقد دأبنا في سبتمبر من كل عام أن نذكر تضحيات وبطولات أولئك الرجال الذين حملوا شعلة الانطلاق، وعلى رأسهم الشهيد البطل/ حامد إدريس عواتي.
أيها الإخوة والأخوات …..
إننا اليوم لسنا في حاجة لترديد سيرة أولئك الأبطال وما أحاط كفاحهم المجيد من صعوبات تفوق تصوراتنا؛ لكننا بحاجة لأن نستوعب ونجسّد تلك القيم والمعاني الكبيرة التي تمثلت في نكران الذات الفردية من أجل ذات الجماعة ووجودها والتي تمثلت أيضاً في المثابرة والتضحية من أجل تحقيق حلم غال، ألا وهو استقلال الوطن وحريته وكرامة إنسانه.
الإخوة والأخوات
إنها مسؤليتنا جميعاً اليوم أن نفتش عن الحرية الضائعة والكرامة المستلبة؛ مسؤوليتنا أن ننفض عن كاهلنا هذا الشعور بالمهانة، كما فعل أولئك الرجال العظام، فخرجوا في الفاتح من سبتمبر إلى جبال إرتريا ووديانها يبحثون عن شمسهم أوالشهادة.
الإخوة والأخوات ………………..
أنتهزهذه السانحة لأحدثكم بإيجاز عن الرابطة الإرترية للوفاق، والتي تقيم اليوم هذا الاحتفال. لقد تأسست الرابطة في عام 2000 بمبادرة من بعض الإخوة، وعلى رأسهم الأخ/ أحمد محمد صالح و الأخ جمال إبراهيم في مدينة فيستروس وقد تم تقديم الدعوة للجميع، أي الاخوة أعضاء التنظيمات المعارضة وسواهم.
تلى ذلك الاجتماع التداولي انعقاد المؤتمر التأسيسي في نفس هذا المكان الذي يضمنا اليوم. عقب المؤتمر عقدت اجتماعات مفتوحة كان الغرض منها أن يعبر الجميع عن آرائهم ورؤاهم حول أوضاعنا السياسية ودورنا الذي يمكن نلعبه من موقع تواجدنا هنا في السويد، وحتى نتمكن من بلورة رؤية مشتركة. إن رابطة الوفاق تولي أهمية كبرى لمشروع الثوابت الوطنية الإرترية وتعمل لبلورة مفهومها لتتبناه القوى السياسية المعارضة، وليكون واقعاَ ملموساَ فى سلوكها السياسي و الاجتماعي و الثقافي، وترى فيه أحد أعمدة دستور وطني إرتري يؤمّن وحدة الوطن وتعايش مكوناته المختلفة معاَ.
أظن أن الوقت لايسمح لي للتحدث بالتفصيل عن مانفتقده بخصوص مشروع الثوابت الوطنية الإرترية، لكن الأمر الذي لاجدال حوله يتمثل في استحالة بناء أمة أو وطن دون ثوابت يرتضيها الجميع ويحترمها كأساس للتعايش المشترك دون إضطرابات وحروب. هكذا تكونت الأمم والدول عبر تاريخ البشرية الحديث، كما أن انتفاء ثوابت مشتركة تحظى بقبول واحترام الجميع ضمن حدود بلد ما، كانت السبب الرئيس في زوال وتمزق دول عديدة، والأمثلة كثيرة جدًّا فى عصرنا الحاضر.
الإخوة والأخوات ……………
لقد رفعت الرابطة في مؤتمرها التأسيسي شعار” أن يكون وجودنا في السويد مفيداً لشعبنا في الداخل وللاجئينا في دول الجوار”، وإننا نسعى حسب قدراتنا لأن نضع هذا الشعار نصب أعيننا، ونسعى لتنفيذه بالتعاون مع كل الخيرين، واجتماعنا هذا في ذكرى سبتمبر المجيد مثال حي على ذلك. كما أننا أولينا أهمية خاصية إلى حد ما لقضية الالتقاء والتحاور مع فروع تنظيمات المعارضة، وغالبية منظمات المجتمع المدني. ونحث الآن الجميع كما فعلنا سابقاً لإعلاء القضايا الأساسية فوق قضايانا الخاصة. إن وضع شعبنا المأساوي يحتاج إلى جهودنا جميعاً، والتي يتعمد البعض لإهدارها في أمور وقضايا ثانوية، بل الأدهى من ذلك يقحم في القضايا العامة إحباطاته الشخصية. إننا في الرابطة نتعامل بصراحة ووضوح، ونؤمن بضرورة مشاركة الجميع، لذلك نعلن دائماً للملأ حين نعقد اجتماعاتنا ومؤتمراتنا، ونقدم الدعوات بصور عديدة حتى تصل إلى كل الإخوة، فمن له رسالة عامة فى قضية عامة لايجوز أن يتعامل فى الخفاء إلاّ إذا كان يحمل رسالة لايثق فيها، أو لديه مآرب بعيدة عن الهم العام.
الإخوة والأخوات ………..
إن أمرًا خطيرًا جدًّا يجري هذا الأيام، ونحن الوطنيين الإرتريين، مسلمين و مسيحيين في غفلة عنه. أقول يجرى هذه الأيام لكن جذوره تضرب عميقاً في تاريخ بلادنا الحديث. أمر يستدعي يقظة كل فرد ومسؤولية كل فرد مناّ، خاصة القوى الاجتماعية التي كانت ضحية العقلية الشوفينية في إرتريا. إن جرائم لاحصر لها تمثلت في القتل بالجملة، والتنكيل، والطرد من الأرض، وزج أساتذة المعاهد الدينية في المعتقلات والسجون، وحرمان الناس من مزاولة شعائرهم الدينية في جو من الأمن والسلام، وحرمان أبنائهم من الذهاب الى المدارس عبر استخدام أساليب وحيل شتى، كل هذا وكل ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، أفرزته نفس العقلية الشوفينية والتي تعبر اليوم عن نفسها، بل تواصل التعبير عن نفسها فيما ذهب إليه الحزب الديمقراطي الإرتري، وشبكة مسكرم الإلكترونية، والنظام الإرتري في أسمرة بالاضافة الى الشبكة الإلكترونية ” دقي أبّات”. إن هذه القوى ورغم اختلاف مواقفها، التقت في مسألة تراها جوهرية وبالتالي تتجاوز في سبيلها أموراً تدخل في إطار حكومة ومعارضة وإعلام ….الخ
لقد التقت هذه القوى، بل أفصحت وعبرت عن أمر لم تختلف عليه في يوم من الأيام، وإلا كيف يمكن أن يفسر إصدار الحزب الديمقراطي الإرتري بياناً يدين فيه بشدة العمل العسكرى الذي نفذته حركة الإصلاح الإسلامي الإرتري، حين استهدفت قافلة عسكرية تابعة للنظام، ما أدى إلى مقتل أربعة من جنود النظام. ويعتبر الحزب في بيانه ذلك الحدث عملاً تخريبياً استهدف أبطالاً دافعو عن السيادة الوطنية وحموها؟، ثم تشعل شبكة مسكرم حملة إعلامية مسعورة ضد حركة الإصلاح والتحالف لصمته حسب ماذهبت إليه مسكرم، وعلى نفس المنوال تملأ دقي أبات صفحاتها. إن هذه الجهات تستخدم لغة تحريضية خاصة هدفها إشعال فتنة طائفية، محاولة أن تصل تعبئتها إلى جميع من ترى فيهم معنيين بالأمر، مستخدمة عبارات تحريضية، مثل التطرف الإسلامي الذي يحل سفك دماء المسيحيين، ومتهمة الحركات الوطنية الإسلامية الإرترية بأنها جزء من حركة الإرهاب العالمية.
أيها الإخوة والأخوات ……………
إن هذه الحالة تكشف لنا من ناحية وضع المعارضةالإرترية ومدى ضعفها حين تحتوي ضمن ماتحتوي أحزاباً تحمل هكذا مواقف. إن ما حدث يطرح سؤالاً حقيقياًّ: ما هو التحالف الديمقراطي الإرتري؟ هل أضحى ملجأً لمرتكبي الجرائم دون أية مساءلة عن جرمهم، أو على أقل تقدير أن يقدموا اعتذارا عن سلوكهم السابق، ويقروا أن في إرتريا ارتكبت جرائم تستوجب محاكمة مرتكبيها في الوقت المناسب.
الإخوة والأخوات ………….
دعونا ننظر إلى هذه الدعوات الشوفينية في إطارها العام وفي محاولاتها المستمرة للتأطير الطائفي حتى يتسنى لنا فهم مايجري. إن ما يجري اليوم هو حلقة من حلقات تضرب بجذورها عميقاً في التاريخ الإرتري الحديث، والذين عايشو أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته في إرتريا يدركون بعمق ماأعني. لكنني أود هنا في عجالة أن أذكّر بأمرين، أولهما هو عبارة عن حادثة وقعت في بداية السبعينيات من القرن الماضي عندما هرب من الميدان شخصان أحدهما يدعى قدي والآخر كيداني، وأجرى الأخير اتصالات مع القنصلية الإثيوبية في مدينة كسلا السودانية، وقام بتحريض واسع هو ورفيقه ضد جبهة التحرير الإرترية فقامت الجبهة بقتلهما. حادثة كهذه لم تكن فريدة حينها، خاصة بعد الانشقاق الذي حدث في جبهة التحرير الارترية وأفرز ظهور تنظيم قوات التحرير الشعبية، فعشرات ومئات الارتريين كانوا ضحايا ذلك الصراع، لكن العقلية التي أراها تتجسد اليوم بهذا الاصطفاف الشوفيني فعلت ذات الأمر حينها، عندما وزعت ملصقات تحمل صور قدي وكداني وأوصلتها إلى أركان الأرض حيثما يتواجد كل شخص إرتري ينتمي للطائفة المسيحية، وكونوا رأياً ورؤية شوفينية يلتقي عندها من كان يؤمن بذلك الجناح في قوات التحرير الشعبية لاحقاً، مع من كان داخل إثيوبيا أو في إرتريا، ويعمل مع الجهاز السياسي والعسكري الإثيوبي حينها. ثم كان الحدث الأكبر والفريد في تاريخنا المعاصر حينما تحالفت تلك العقلية الشوفينية مع الجبهة الشعبية لتحرير تقراي، وسموا ذلك التحالف بالتحالف الأممي. وكان من نتائج ذلك التحالف القريبة، استشهاد أعداد كبيرة من أبناء إرتريا وإجبار أكثر من 15 ألف مقاتل للخروج من الميدان. أما النتائج البعيدة فتمثلت في الشرخ العميق لوحدة الوطن. ثم بعد ذلك تحاول ذات العقلية اليوم لتتذرع بمقتل أربعة من جنود النظام لتواصل تنفيذ مشروعها الطائفي.
الإخوة والأخوات ………………
إننا مواجهون اليوم بأيديولوجية شوفينية، يجب أن نراها كما هي، لأن أول خطوة لمعالجة مشكلة ما يتمثل بالاعتراف بها. إن تلك الايديولوجية والتي صيغت في بيان “نحن وأهدافنا” تهيمن على عقول كثيرة وهي مازالت تحكم تصرفات وسلوكيات تلك العقليات.
الإخوة والأخوات …………
إنني أود أن أنوه هنا الى أن تلك العقلية الشوفينية رفضت في الماضي أيضاً من قبل الآلاف من أبناء شعبنا الأوفياء من المسيحيين، ومازال أولئك الشجعان الذين رفضوا تلك العقلية لايحلمون إلا بوطن إرتري ترفرف فيه رايات السلام الاجتماعي، ولا شيء يعلو فيه فوق كرامة أبنائه جميعاً.
الإخوة والأخوات …….
مرة أخرى أنوه إلى أن كل فرد منا عليه مسؤولية يجب أن يتحملها من موقعه أينما كان، وأن لاينتظر ليأتي آخرون لا أحد يعرف أين هم ليحرروه من هذه المهانة. علينا جميعاً أن نرتقي ونكون صادقين في التعامل مع قضايا الوطن.
نساءً ورجالاً، صغاراً وكباراً علينا أن نرفع الظلم الواقع على بلادنا وشعبنا.
المجد لذكرى سبتمبر 1961
المجد للرعيل الأول
المجد للشعب الإرتري
تلخيص لما قدمه المناضلون الذين واكبوا
مسيرة الحركة الوطنية والثورة الإرترية في هذه المناسبة:
تقديم زين العابدين شوكاي
شكرًا لكم، برنامجنا سوف يتضمن مناقشة عامة مع الإخوة المناضلين نطرح عليهم أسئلة عامة وسيجيبون عليها حسب معايشتهم لتلك المراحل التاريخية فليتفضل الأخ صالح حيوتي، إبراهيم قدم، خليفه عثمان، عقبامكئيل مسمر و محمد سعيد مفلس. بيننا أيضاً عدد آخرمن المناضلين الذين عاصروا الثورة كالإخوة إيوب بسرات،أرهي حمد ناكا، دبساي ولداي، ممهر/ فسها ناير وغيرهم. إذا رأوا أن يشاركوا فليس لدينا مانع من مشاركتهم.
أولاً: نرحب بالإخوة المناضلين الذين عاصروا الثورة، وهؤلاء الإخوة غنيون عن التعريف، لكنها فرصة للكثيرين من الشباب الذين لم يتعرفوا عليهم. وقام الإخوة المناضلين بتعريف أنفسهم في البداية.
زين:- من قبل عملنا هذه التجربة وكانت ناجحة، الإخوة المناضلون بإمكانهم عدم التقيد بكل الأسئلة.
– السؤال الاول: كيف كانت الأوضاع السائدة في إرتريا عام 1961 والسنوات التي سبقتها؟ الفترة الفدرالية التي فرضت على الشعب الارتري ولكن الشعب الارتري تماشى معها وكيّف نفسه مع هذا القرار. كانت هناك ملامح سيادة منقوصة من علم ودستور الخ…. وكان لإرتريا كيان بدأت إثيوبيا تقضمه شيئاً فشيئاً. في تلك لفترة كان هناك حراك شعبي، كانت هنالك حالة غليان في إرتريا. الإخوة عاصروا تلك الفترة، ليتهم يصفون تلك المرحلة وكيف عايشوه، نبدأ بالأستاذ عقبا ميكائيل؟
الأستاذ/ عقبا ميكائيل: في البدايةأشكر لكم دعوتكم لنا في الذكرى ال44 لاندلاع الكفاح المسلح. لو رجعنا إلى الوراء في عقد الأربعينيات، والخمسينيات، والستينيات كلها مترابطة، وهي تشكل حلقات في تاريخ واحد متسلسل. في هذه الفترة كان هناك حراك شعبي في كل مكان من إرتريا حتى قبل إزالة الفيدرالية. فحركة تحرير إرتريا، على سبيل المثال، هي امتداد لجهود الحركة الوطنية في فترة تقرير المصير. وقد لجأ الشعب الإرتري إلى الشرعية الدولية لتثبيت حقوقه المشروعة، لكن المؤامرة كانت أكبر منه، والقوى الدولية المهيمنة في الأمم المتحدة في تلك الفترة كانت مناهضة لحق الإرتريين في التحرر، لذا لم يجد من يستمع إلى شكاواه، مما اضطر الشعب الإرتري للبحث عن مخارج أخرى لحل هذه الإشكالية بوسائله الخاصة. وجاء الكفاح المسلح استجابة لهذا البحث، فاندلعت الثورة المسلحة في عام 1961، فتبعها الشباب من العمال والفلاحين والطلبة. بذلت إثيوبيا كل ما كان متاحاً لديها سياسياًّ واقتصادياّ ودبلوماسياّ، لمحو الثورة، ثم جاء الانشقاق الذي أضر بجسم الثورة، وكان أكبر من إمكانات الشعب الإرتري.
الانشقاق الذي حدث في تلك الفترة مازالت آثاره باقية حتى يومنا هذا، فالجبهة الشعبية التي أوصدت الباب أمام القوى الوطنية من دخول الوطن ناتج عن سرقة الحزب الحاكم لنضالات الشعب الإرتري عند وصوله بوابات أسمرا، وكنتيجة لذلك ها نحن نعيش في المنفى. نعم تحررت إرتريا من آخر جندي إثيوبي في عام 1991، لكن أمرين في غاية الأهمية جعلا هذا الاستقلال منتقصاً، وهما عدم اكتمال وحدة الشعب الإرتري، وعدم تحقيق حرية الإنسان الإرتري، وهذا الأمر تم الإعلان عنه علناً. المؤسف في الأمر، أنكم حين تقدموننا اليوم في هذا الحفل بكل تقدير واحترام، ليس لأننا أفضل منكم، بل لأننا اكبركم سناّّ، وكل ما أستطيع قوله هو أننا في هذا المنفى ستسوأ خاتمتنا وسيسوأ موتنا. وهنا أقول لأبناء جيلي علينا الاعتراف بفشلنا الجزئي، والشباب الذين هم أفضل منا في التعليم والتفكير، لماذا لم تقوموا بمبادرة انتزاع السلطة وسحب البساط من أبناء الجيل السابق، هذا الأمر يحز كثيرا في نفسي. والإنسان بطبيعة الحال يمكن أن يعمّر ولكنه لا يمكنه أن يخلّد ، وبالتالي هناك تعاقب الأجيال. واجتماعنا اليوم هنا مهم، لنأكل ونشرب معاً، ونتحدث بشكل جميل ، لكن ما الفائدة إذا لم نترجم في اليوم التالي كل ذلك في الواقع العملي. وهكذا تستمر الأمور بهذا الشكل لسنوات عديدة، وهذا ما يجب أن نتوقف عنده ونفكر. أنتم الشباب، ونحن من أبناء الجيل الأسبق ، يجب أن نتعاون للسيطرة على هذا الواقع، ووقف الانهيار.
س – في الفترة التى بدأ فيها الكفاح المسلح كيف كانت الاحوال فى إرتريا؟ هل كانت هناك حالة أمل أم يأس و إحباط كيف كان المشهد في الوطن هل كان معتماً أم مضيئاً ويبعث على الأمل؟ الفرصة الآن للاخ صالح حيوتي.
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً نشكر الاخوة لدعوتهم لنا في هده المناسبة، وفي العام الماضي كنت أيضاً أحد الضيوف. في الحقيقة أعطى الأستاذ/ عقبا ميكائيل وصفاً كاملاً وشافياً. فى المدينة التي أنتمي إليها وهي مدينة كرن، قبل التحاقي بالثورة عندما كنت طالباً، نحن الطلبة كان لدينا شعور بأن المحتل من غير بلادنا ولم يأت إلينا إلاّ لأخذ خيرات شعبنا. تولدت لدينا مشاعر الكراهية تجاه إثيوبيا، حتى المعلمين الذين كانوا يأتون من هناك. بدأنا بشكل تدريجي نفكر في أحوالنا وفي تأطير أنفسنا. هنا أذكر صديقي الشهيد/ محمود جنجر، رحمة الله عليه، الذي كان نشطاً ولعب دورا كبيرا في توعيتنا بالقضايا الوطنية، ثم لاحقاً الأستاذ/ محمود محمد صالح، الذي بدأ يوضح ويشرح لنا عن النضال والثورة، وأهمية هذا الأمر. التحقت بعدها بالثورة وتعلمت منها وعرفت أكثر. تعلمنا أهمية زوال الاستعمار. في هذه الفترة تلقيت تدريباً عسكرياّ في الخارج ثم عدت بعدها إلى إرتريا لأناضل في صفوف جيش التحرير، ومع الشعب الإرتري. اتبعنا في هذه الفترة تكتيكات معينة لنشر الثورة في جميع أنحاء إرتريا. لكن بعض الإخوة كانت عندهم في الثورة مآرب أخرى، مثل الانفراد بالساحة، وهذا ما حدث في الواقع، كما أوضح ذلك الأستاذ/ عقبا ميكائيل مسمر، الذي بين كيف استأثرت مجموعة صغيرة بنضالات وتضحيات الشعب الإرتري.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما ذا نحن فاعلون؟
الأخ إبراهيم قدم: السلام عليكم، سأتحدث في قضية واحدة، إن ما حدث في إرتريا لم يكن منعزلا عن ما كان يجري في المنطقة والعالم وخاصة الدول التي كانت تحت الاستعمار . ما حدث لنا كان عكس ما حدث للصومال وليبيا. ماحدث لنا كان نتيجة مؤامرة لربط إرتريا مع إثيوبيا. لم تكن هناك فدرالية حقيقية بين إرتريا وإثيوبيا، فإرتريا كان لها دستور أكثر تطورا من إثيوبيا، لكن العملية كانت مقدمة لضم إرتريا عنوة إلى إثيوبيا وهذا ما حدث بالفعل في عام 1962.
ما أود قوله هنا هو أن الشعب الإرتري حينها لم يكن بمعزل عن التطورات التي شهدتها المنطقة وتاثيراتها كالثورة في مصر بقيادة عبد الناصر، وكنا نتفاعل معها. كذلك تأثير الإرتريين الذين كانوا في الجيش السوداني، والطلاب الذين كانوافي مصر. فقد كان لكل هؤلاء رؤية تقول أنه لابد أن تنال إرتريا استقلالها . الظروف اختلفت الآن، حيث لم تكن توجد حينها وسائل الإعلام المتوفرة اليوم لكن حركة تحرير إرتريا لعبت دورا كبيرا، ليس فقط في بث الوعي للنضال من أجل الاستقلال، بل أيضا من أجل توحيد الشعب الإرتري. أي إن ما كان يجري في إرتريا لم يكن معزولا عن ما كان يجري في العالم.
ثم إن حركة الثورة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية كان لها تاثير في الإسراع لظهور جبهة التحرير الإرترية، وإعلان الكفاح المسلح بقيادة حامد إدريس عواتي. وأنا أقول الحمد لله أن عواتي خرج في عام 1961 وليس الآن حتى لا يعتبر إرهابياًّ. إذ كان ينظر في ذلك الزمان إلى كل من يحمل السلاح بأنه مناضل له مكانة خاصة.
زين العابدين – الأخ خليفة كان في تلك الفترة في القاهرة، قاهرة عبدالناصر التي أعطت للارتريين صوت إرتريا، حيث كان ركناً إذاعياًّ موجهاً لإرتريا . فليصف لنا الأخ خليفة كيف كانت الأمور حينها؟
خليفة عثمان : ذهبنا للدراسة ونحن في سن مبكر إلى القاهرة، القاهرة التي كانت مركزا آنذاك، والثورة المصرية كانت تحتضن كل حركات التحرير في أفريقيا، والطلبة الارتريين كانت قضية بلادهم هي الشغل الشاغل لهم واتحاد الطلبة الإرتريين في القاهرة لعب دورا كبيرا في توحيد الطلاب ورفع مستوى وعيهم الوطني. وكان الاتحاد يصدر جريدة حائطية تناقش مواضيع شتى. وكما ذكر سابقا فإن جبهة التحرير الإرترية قد تأسست في القاهرة .لكن بعد اندلاع الثورة تقريبا بشهرين توجهنا، أنا والشهيد يحيى جابر، إلى إيطاليا للدراسة. ما وجدناه في إيطاليا كان أمرا جديدا بالنسبة لنا، فقد وجدنا أن الطلاب في أوروبا كان لهم حماس كبير. لكن لم تكن لهم فرصة للالتقاء والاجتماع، فإثيوبيا كانت نشطة لمواجهة أي تحرك. والجميع كان يحس أن إثيوبيا في طريقها لإلغاء الفيدرالية. نحن الذين قدمنا من القاهرة كنا نحاول أن نوضح حقيقة الثورة، فالتزم كل الذين كانوا في إيطاليا بجبهة التحرير الارترية. تأسس لاحقاً اتحاد الطلبة في أوروبا الذي شارك في تأسيس الاتحاد العام لطلبة إرتريا .
في تلك الفترة كان المد الثوري همّ كل الإرتريين في كل مكان ولم تأت الانشقاقات إلاّ في عام 1970. عندما انفصلت مجموعة إسياس كانت لهم اتصالات مع الذين كانوا في الاتحاد السوفيتي وألمانيا وفي مؤتمر عقد في ميونيخ فجروا الموقف وبثوا شريطاً من ولد آب ولد ماريام يحث الطلبة للانضمام للتنظيم الجديد. وقد وصلت صور قدي وكداني وبدأوا توزيعها فأصبح الانقسام واقعاً، والمقولة الخطيرة التي سمعناها في ذلك الحين كانت تزعم أن جبهة التحرير الإرترية هي إسلامية، لذلك يجب إنشاء قوة مسيحية موازية لها وبعد ذلك تاتي الوحدة.
زين العابدين : ننتقل الآن لموضوع آخر، اطلعت ذات مرة وعن طريق الصدفة على كراسة تعبوية مكتوب عليها بالتجرينية ” سوراوي أستمهرو” هذ الدراسة الصادرة عن الجبهة الشعبية كانت تقول إن الذين بدأوا الكفاح المسلح كانوا بعض قطاع الطرق “الشفتة” وبعض المرتزقة الذين كانوا في الجيش السوداني. بالمقابل هناك وصف آخر يناقض هذا الوصف تمامًا يقدمه أحد رجالات الرعيل الأول وهوالمناضل/ أبو رجيلة، يقول فيه إن الذين كانوا في الجيش السوداني في عقد الخمسينيات من القرن الماضي كانوا قلقيين جداّ على أحوال بلدهم، يناقشون ما يجري في المنطقة وبلادهم،و كانوا يتناقشون فيما بينهم أن ظروفهم أفضل من الكثيرين من أبناء وطنهم في الداخل والخارج و تسمح لهم أن يلعبوا دورا لتخليص بلدهم فهم كان لديهم الوعي والتدريب العسكري …….
نرجوا من الأخ/ محمد سعيد مفلس أن يوضح لنا دور هؤلاء الابطال.
محمد سعيد: أشكر الرابطة كثيرا لإتاحتها هذه الفرصة لنا، ثم أن الكلام الذي يقال للاساءة للمناضلين الاوائل ومسح دورهم مرفوض تماماً، ولا أساس له من الصحة . أنا هنا أكرر كلمة قلتها قبل عامين وهي تعكس بعد نظر هؤلاء القادة .الشهيد البطل/ عمر إزاز سألني ذات مرة، ماذاسيفعل ابنك عندما تتحرر إرتريا؟ ماذا سيكون وضعه ؟ فاستغربت للسؤال وقلت له تعنيني أنا أم أنك حقاّ تعني ابني، فقال بل أعني ابنك ثم حاول تبديد حيرتي وبدأ يشرح لي أن الثورة تحتاج لسنوات طويلة حتى تستطيع أن تجذب كل قطاعات الشعب الإرتري إلى صفها، ثم بعد ذلك ستحتاج لسنوات طويلة أخرى لدحر العدو .
انني بعد ذلك بفترات طويلة بدأت أدرك ما عناه العم الشهيد والمدى الذي كان يتمتع به هؤلاء الأبطال من النظرة الثاقبة وبعد النظر، وهذا شي أسوقه كمثال لدحض تلك الإفتراءات التي تقال بحقهم. أما من ناحية المعنويات التي كان يتمتع بها أولئك المناضلون كانت كبيرة جدا، وإننا اليوم لو كناّ نمتلك 10% من تلك المعنويات، لكناّ دحرنا إسياس وزمرته. شيء آخر أود التأكيد عليه، من ليس له ماض لايمكن أن يكون لديه حاضر، إن جزءا من الرعيل الأول قد قضى نحبه، وهناك آخرون على قيد الحياة يعانون أوضاعاً صعبة جدا، إن هؤلاء الاخوه خانتهم الحكومة الإرترية، ونحن أيضاً أهملناهم، وصيتي هي أن نتباحث في أمر هؤلاء المناضلين ونرى كيفية مساعدتهم .
زين العابدين: نعطي فرصة للإخوة ليحدثونا عن أبطال الثورة، و نضالاتهم، و بطولاتهم، و معادنهم وإراداتهم، هؤلاء يتعرضون اليوم لنسف نضالاتهم، إنني لا أطرح هذا الأمر بتعصب فتجربة الجبهة الشعبية هي تجربة إرترية أيضاً، لكنها حاولت تشويه كل ما سبقها من تجارب، ولابد من تصحيح هذا الإعوجاج.
حيوتي: بالنسبة للإخوة الذين بدأوا الثورة كانوا الشموع الأولى التي أضاءت لنا طريق النضال. كثير من هؤلاء الإخوة كانوا يتمتعون بروح التضحية والفداء، لدرجة أن البعض من هؤلاء الأبطال أخذوا حلي زوجاتهم لشراء ذخيرة للثورة، الآن بعض هؤلاء الإخوة يعانون أوضاعا سيئة للغاية وقد كلفوني شخصياًّ للاهتمام بأوضاعهم، ومن أجل دعمهم حتى تتسنى لهم حياة كريمة، أنا من جهتي سوف أقوم بالاتصال بكل المهتمين، أفراداً كانوا أم جماعات، للعمل على تحسين ظروف هؤلاء المناضلين من الرعيل الأول.
خليفه عثمان : بهذه المناسبة أريد أولاً أن أتحدث عن الشهيد/ فصّوم جبر- سلاّسي حضر المؤتمر الوطني الأول، وفي نيته العودة إلى أوروبا لترتيب أوضاعه، لكن وبعد مشاهدته للواقع والنقاشات التي دارت قرر البقاء في الميدان. وبعد المؤتمر تفرغ الأخ/ فصّوم، وأصبح مسؤلاً عن الإعلام باللغة التجرينية، ثم بعدها توجه الشهيد إلى المرتفعات الارترية، وقام بأعمال جليلة جعلت إثيوبيا والشعبية تشعر بانزعاج كبير. لكن هذا الشهيد فقدناه في وقت مبكر. الأمر الآخر الذي أود أن أضيفه بهذه المناسبة أيضاً هو عن الشهيد عواتي. لا يهم إن كانوا يصفونه بأنه من “الشفتا” …. وهذه بعض الحقائق التي تدحض ادعاءاتهم. بعد تحريرموقع “كيرو” في بركة من يد القوات الإثيوبية وجدنا في مكاتب الحكومة الإثيوبية هناك كميات كبيرة من التقارير كتبها الإنجليز، بعض هذه التقارير كتبت عن الشهيد/ عواتي ذكرت فيها خصائص شخصية الشهيد، كذلك وجدنا رسالة كتبها الشهيد بنفسه. في إحدى رسائلهم تلك، كان العاملون لدى الإدارة البريطانية في البلاد يبدون استغرابهم وإعجابهم بعواتي الذي سلم إلى الحكومة أحد الشفتا، وكان قد سطا على إحدى حافلات النقل “الباصات” وقتل مواطناً. وقد سلمه عواتي إلى مركزللشرطة في قلوج بعد أن ألقى القبض عليه بنفسه .
في تقرير آخر بعد إعلانهم العفو العام عن الشفتا ذهب مدير المديرية الغربية في هيكوتة ليفاوض عواتي، فكتب الرجل تقريره وقال إن عواتي يتمتع بشخصية قوية وأنه لا يريد أن يخضع لنظار القبائل . وفي عام 1956 كتب عواتي رسالة للحكومة الإرترية في عهد الفيدرالية، وقد كتبها بالإيطالية يذكر فيها تكاثر الشفتا في منطقتهم ويطالب فيها بالسلاح لحماية أنفسهم والسماح لهم بتكوين قوة لمواجهة عصابات النهب “الشفتا” وتحت قيادة الشرطة الإرترية، ويحدد المناطق التي يريد حمايتها وهي أم حجر، و قلوج، وقرست، وهيكوتة وفانكو. ويقول ليس لحماية الأهالي من أبناء المنطقة فقط، وإنما أيضا لحماية الرعاة القادمين من المرتفعات.
إبراهيم قدم: ليس لديّ الكثير لأقوله فالرعيل الأول كانوا كل شيء، الوفاء والتضحية والاخلاص، تركوا كل شيء في سبيل الوطن . النقطة التي أود ذكرها هي في موضوع الكراسة التي ذكرها الأخ/ زين العابدين، كانوا يقولون فيها إن الجبهة إسلامية، وأنهم كانوا يكيلون سيلاً من الاتهامات للجبهة وللرعيل الأول حتى يبرروا خروجهم عن الجبهة. كما أنني قرأت كتاباً كتبه أحد المتواجدين اليوم في أسمرا من شخصيات النظام الهامة. كتب ألم- سجّد تسفاي كتاباً أسماه “ودّي حدرا” وودي حدرا هذا من الشفتا المعروفين. يقول الكاتب على لسان ود حدرا إذا كانت المسألة تتعلق بالشفتا فأنا قد كنت شفتا قبل عواتي، وكأن عواتي كان من الشفتا. وألم – سجّد تسفاي هذا خريج كلية حقوق. عندما يشوه هو بهذا الشكل تجربة حامد إدريس عواتي، فإنه يشوه بذلك تجربة الشعب الارتري. اليوم حتى في التاريخ الإرتري الذي يدرسونه لأطفال المدارس يكتبون عن تاريخ جبهة التحرير الإرترية الذي يسمونه “تاريخ عامة” أنهم كانوا يذبحون وغيرها من الأكاذيب والأوهام حتى بعد أن أصبحوا سلطة حاكمة تتحكم في كل مفاصل الحياة في إرتريا. لكنني أؤكد وأقول أن العيب ليس فيهم إنما فينا نحن، العيب في ضعفنا. الظروف التي نمر بها هذه الايام خاصة جداّ. الرعيل تركوا كل شيء وحملوا أرواحهم في أكفهم، لكنهم لم يكونوا نبتاً شيطانياّ بل هم من هذا الشعب لهم أسرهم وإخوانهم كان البعض منهم في الشرطة الإرترية، لكنهم حتماً حملوا السلاح ولم يترددوا ويقولوا أن بعض من نحاربهم هم إخواننا . المعركة التي وقعت في أوقارو بين جيش النظام ومناضلين من المعارضة الإرترية تدخل في هذا السياق. وفي طبيعة المعارك العسكرية عندما تقع سيكون هناك بالطبع قتلى وجرحى ..الخ. المعركة التي حدثت يجب أن ننظر إليها من هذه الزاوية. لكن البعض نظر إليها بصورة أخرى وقالوا كيف يحدث هذا، إن هؤلاء الجنود هم مواطنون إرتريون يحمون الوطن وهم إخواننا …الخ. كيف يستوي هذا وفي نفس الوقت نحن نقول إننا نريد تغيير النظام . كيف سيتغير النظام هل سيتم ذلك بتوزيع الورود، أم ماذا؟ بالطبع لا! المشكلة كلها تكمن في النظام. إنه يجبر الآخرين لمواجهته بالسلاح. الآن أنا لديّ سؤال كبير فيما يتعلق بالتحالف الديمقراطي، الذي يقولون إنهم يريدون إسقاط النظام، كيف يريدون إسقاطه؟ هل سيسقطونه بالأدعية؟ الطريقة التي يجب أن تتبع، أي تعزيز القوة العسكرية، هي اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام.
سؤال الأخت/ نجاة هزام :
شكرت الإخوة المناضلين وأثنت على نضالاتهم و تضحياتهم مؤكدة أن هذه الفرصة التي أتيحت للجميع للتعرف على هؤلاء الإخوة وتجاربهم النضالية كانت فرصة عظيمة. وأضافت كم نحن ظلمناكم وظلمنا أنفسنا عندما لم نحاول كل هذه الفتر ة بالتعرف عليكم وعلى تجاربكم النضالية التي أتاحت لي أنا شخصياًّ أن أعيش في زمان ومكان لم تتح لي الفرصة لمعايشته. ثم تساءلت لماذا لم يتم ذكر دور المرأة ونضالاتها في هذه الأحاديث وهذه المناسبة؟
الأخ/ إبراهيم قدم: كان للمرأة الإرترية دور كبير في النضال الوطني من بينها الدور التحريضي الذي لعبته المرأة، فمثلاً في منطقة “مسيام” كانت النساء تتغنى بالبطولات، ويحرضن الشباب على الذهاب إلى الميدان بالقول “أيها الشاب كيف تعود إلى بيتك وأنت ترى أثر الشدة (النعل البلاستيكي الذي كان ينتعله المناضلون)”. الثورة كانت محمولة على أكتاف الأمهات والأخوات، وكان دورهن في بعض الأحيان أقوى من دور الرجال، إذ حملت النساء المنشورات والرسائل وقمن بتوزيعها في مناطق خطيرة ومحظورة.
الأخ حيوتي: أحب أن أشير هنا إلى زوجات المناضلين ومساهماتهن بشكل مادي لدرجة أن البعض منهن بعن حليهن البسيطة والمحدودة لإعالة أسرهن عندما كان أزواجهن متغيبين في الميدان، ليتمكن الأزواج
من مواصلة نضالهم. لولم تكن البيوت مؤمنة بهذا الشكل لما تمكن الرجال من الاستمرار في النضال.
ثم أتاحت إدارة الجلسة فرصة للأخ المناضل/ إيوب بسرات الذي قال:إن ذكرى ال 44 لاندلاع الكفاح المسلح، هو يوم تاريخي يستحق اهتمامنا جميعاً، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل استوفينا من خلال هذا السرد تاريخ النضال الوطني حقه ؟ الإجابة هي بالتأكيد لا ! وذلك نسبة لضيق الوقت وسعة الموضوع الذي كان مطروحاً للمناقشة، بحيث جاء السرد مختصراً في كثير من الحالات. ورغم ذلك أؤكد وأقول أن ما تم تناوله لم يكن شيئاً بسيطاً. فتاريخ فصائل العمل الوطني في مختلف المراحل هامٌّ للغاية، باعتبار أن هذا التاريخ هو عبارة عن سلسلة يفضي بعضها إلى البعض الآخر.
أما بالنسبة لكتابة التاريخ فهي مهمة صعبة للغاية، وإذا سألنا من يكتب التاريخ اليوم تكون الإجابة أن من يكتبه هو المنتصر. والمنتصر لا يكتب الحقيقة كاملة، بل يكتب ما يتناسب ورؤيته للحقيقة والواقع. وهذا ما فعلته الجبهة الشعبية، فهي لم تعترف بعواتي مثلاً إلا في عام 1987، والذين يعرفون الشعبية وتابعوا تطورها التاريخي يدركون تماماً لماذا فعلت الشعبية ذلك في عام 1987، ولم تفعله من قبل. وإذا كانت الشعبية تطلق على تاريخ البدايات الأولى للنضال الوطني، وتاريخ الرعيل الأول من المناضلين، أنه تاريخ عصابات النهب المسلحة ( الشفتا)، فماذا نسمي نحن تاريخها المبني على القتل والقرصنة منذ بداياتها الأولى، حتى نالت إرتريا استقلالها، وحتى بعد الاستقلال.
لا يفوتني أيضاً في هذه الذكرى أن أحيي تاريخ الأب والمناضل الكبير، الشيخ إبراهيم سلطان، ربما ذلك ناتج عن احتكاكي به شخصياًّ ومعرفتي به وبتاريخه النضالي. وهنا أود أن أقول نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بأمس الحاجة إلى أن نتقفى أثر هؤلاء الأبطال الذين تم ذكر نضالاتهم هنا، ولتوحيد الصفوف ونصرة كلمة الحق لإزالة الكابوس الجاثم على صدر شعبنا.
اللجنة الإعلامية
الرابطة الإرترية للوفاق – السويد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=4281
أحدث النعليقات