إلي روحك السلام
أمام مدرستنا في العادة كنا نتجمع نحن الصغار في تلك الساحة بعد أن نسلم القطيع للراعي عقب صلاة العصر وننفض منها قبل الغروب .. الفضول وحده هو الذي جعلني انتظر في هذا اليوم حتي حان الموعد المحرم علينا وهو موعد ( غروب الشمس ) في هذه الأثناء رأيت والدي وقدوتي في هذه الدنيا رحمات ربي عليه .. فوليت مدبرا إلي أن وصلت إلي أطراف السوق الذي كان يحازي الساحة من الناحية الشمالية كل ذلك دون أن يراني أبي .. وبعد عدة دقائق ساد الظلام فعدت إلي الساحة لأجدها إمتلأت تماما شرقا وغربا شمالا وجنوبا إلا ممر صغير .. لأول مرة في حياتي أري رجالا ونساء يلبسون زيا عسكريا كانوا يغنون للوحدة والجبهة بكل لغات الشعب الإرتري لكني لم أعرف حينها سوي لغة التغراييت ، أذكر أن إحداهن كانت تغني وتقول ..
” حَقُو بَدِير أقسمنا يِنَقبِل ڨز قِرا .. حَوْيِ حَتْيِ تِڨبأ لإدينا أباي هلا فِنڨينا ” في هذه الأثناء تفاعل الحضور وذهبوا جميعا إلي المنصة يبشرون فذهبت معهم وأنا عائد من المنصة وقعت عين والدي علي تيقنت تماما أنه رآني لأنه كان في واجهة الصفوف الأمامية بإعتباره أحد أعيان المكان .. تملكني الخوف وتواريت عن أنظاره .. ظللت أراقب المشهد من الصفوف الخلفية وأحيانا كنت أشق صفوف النساء .. رأيت أحدهم يتحدث في المنصة كان يقول كلاما لا أفهمه لكنه كان يحرك تلك الجموع الغفيرة .. تعالت الأصوات وزغرطنا النساء التي كن حولي .. سمعنا صوت الرصاص الحي الذي كان يطلقه رجل الأمن السوداني محمد أحمد كركبة فرحا وترحابا بالرجل الذي كان يتحدث .. انهي الرجل كلماته تفرقت الجموع بعضهم عاد لبيته وآخرين التحقوا بالميدان .. كنت من الذين عادوا لبيوتهم حاملا هما ثقيلا لعقاب ينتظرني في الليل أو في الصباح .. تسللت إلي سريري دون أن تراني والدتي ونمت دون عشاء حين دخل والدي إلي الكوخ الذي كنا ننام فيه أضاء المصباح ثم عاد .. نمت مضطربا في ذلك اليوم كنت خائفا من الصباح .. وفي الصباح لم يحدث أي شئ .. سألت نفسي لماذا لم يعاقبني والدي ؟ قلت ربما نسي .
مع الأيام أدركت المغزي الذي لم يسألني والدي بسببه عن ذلك اليوم .
كان المتحدث القائد الشهيد عبد الله إدريس .
جعفر ابراهيم وسكة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43060
نشرت بواسطة فرجت
في مايو 1 2018 في صفحة المنبر الحر.
يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0.
باب التعليقات والاقتفاء مقفول
أحدث النعليقات