حرب الاباطرة في اثيوبيا
تابعنا وتابع العالم أجمع الحرب التي تفجرت في بداية شهر نوفمبر 2020 م بين الحكومة الفدرالية الاثيوبية وحكومة إقليم تقراى التي تقودها الجبهة الشعبية لتحرير تقراى ، تلك الحرب التي خلفت ومازالت العديد من الخسائر البشرية والمادية بالإضافة الى لجوء الالاف من مواطني الإقليم الى السودان ، وقد نقلت شبكات التلفزة العالمية والإقليمية المناظر البشعة لهؤلاء المواطنين من النساء والشيوخ والأطفال الذين فروا هاربين من البطش والجبروت والمذابح ، في أوضاع إنسانية قلما يقال عنها انها سيئة وتنم على ان هذه الحرب سوف تخلف اثار وثارات لا تمحها الذاكرة قريبا، وان حالة المذابح الجماعية التي شاهدها العالم ترقى الى مستوى الإبادة الجماعية التي يجرمها القانون الدولي وحقوق الانسان.
استقبل السودان الشقيق هذا البلد المضياف موجات اللجوء الجديدة بكل حفاوة وترحاب كما عهدناه ، وقدم كل ما يستطيع لاستضافة هؤلاء على الرغم من الإمكانات المحدودة وظروف مرحلة الانتقال السياسي التي يمر بها الان .
سبق وان ذكرنا في مقال سابق ان لهذه الحرب ما بعدها وانها سوف لن تكتفي بحدودها الحالية، اى حرب اثيوبية داخلية ولكنها سوف تتعداه ، وقد ظهرت بوادرها فها هو السودان يدافع الان عن حدوده في منطقة الفشقة من التعدي الاثيوبي تحت غطاء مليشيات متلفتة من قومية الامهرا المجاورة للسودان في حدوده الشرقية، ونعتقد ان ما يجري الان في الفشقة يمثل تحدي كبير لأمن الإقليم اجمع وقد يتعدى الامر لتتسع رقعة الحرب لتصبح حرب شاملة ان لم يتم تدارك الامر، وبالعودة الى الرقعة الجغرافية التي تدور فيها المناوشات بين الجانبين وهى ارض سودانية خالصة لكنها كانت مرتعا لمليشيات متلفتة اثيوبية لفترة ليست بالقصيرة وهى من اخصب الأراضي الزراعية في السودان، وقد أعاد الجيش السوداني انتشاره فيها كحق طبيعي لحماية سيادة اراضيه، لكنها النفس الشريرة وعقلية الهيمنة والتوسع والتي لم تزن الأمور بميزان العقل والصواب لهذا نجد الجانب الاثيوبي ومصحوبا بعقلية الاباطرة الذبن حكموا اثيوبيا، يدق طبول الحرب وادعاء ان ارضا تابعة له تم الاستحواذ عليها من السودان.
السودان وبما عرف عنه بصبره والجنوح للسلم كان قد اعطى للحلول السلمية الفرصة لحسم تفلتات المليشيات التي كانت تعبر الحدود بين الحين والأخر تبريرات حكومة اثيوبيا وبعد جولات ماكوكيه من التفاوض توصل الطرفان الى اتفاق لترسيم الحدود التي وضعت على الورق وتبقى العلامات على الأرض مما يؤكد شرعية السودان في إعادة الانتشار على حدوده مع الجارة اثيوبيا وباعتراف الحكومة الاثيوبية بان الفشقة ارض سودانية من خلال الاتفاق ورسم الحدود الذي توصلا اليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
ومن ناحية ثانية فان المعارك بين الحكومة الفدرالية ومقاتلي التقراى قد اندلعت من جديد خلال الأسبوع المنصرم وتناقلت الاخبار الخسائر التي وقت في صفوف الجيش الاثيوبي قوات النظام الارتري التي تدعمه من تدمير لآليات واحداث خسائر بشرية كبيره في صفوفه مما يؤكد ما ذهبنا اليه بان هذه الحرب قد يطول امدها وربما تحولت الى حرب إقليمية خاصة بعد تأكد مشاركة النظام الارتري في الحرب الى جانب الحكومة الفدرالية بالدليل القاطع، وان التصريحات التي صدرت من بعض الدول خاصة دعوة الولايات المتحدة الامريكية التي طالبت صراحة بخروج قوات النظام الارتري من الأراضي الاثيوبية في إقليم التقراى مؤشر اخر بان المنطقة مقبلة على تطورات جديدة، وقد تطال أجزاء أخرى من إقليم القرن الافريقي.
الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية اشارت الى وقوع مجاز ترقى الى مستوى الإبادة الجماعية وطالبت المنظمات الحقوقية الى اجراء تحقيق مستقل وشفاف وان تتاح لمنظمات الإغاثة للوصول الى المتضررين في المنطقة والتي تعاني من المجاعة وسوء الأحوال الصحية والإنسانية. طالت هذه المجازر اللاجئين الارتريين المتواجدين في الإقليم في معسكرات تشرف عليها الأمم المتحدة وهو امر يضع هذه المنظمة امام مسؤولياتها الأخلاقية ، وذكرت التقارير ان قوات النظام الارتري دخلت تلك المعسكرات واقتادت اعدادا كبيرة واخذتهم الى ارتريا والبعض الاخر
تم قتلهم على مرأى الجميع في مشاهد مقززة.
كل ذلك وان النظام الارتري ينفي تدخله في الحرب الاثيوبية الاثيوبية ونسى ان العالم قرية صغيرة ونحن في عصر المعلومات والتكنلوجية وان الأقمار الصناعية ترصد كل شاردة وواردة ، وان الدول والمنظمات اكدت التواجد الارتري ومشاركته في الحرب والعديد من الجهات حملته مسؤوليه المجازر التي حدثت في تقراى خاصة في معسكرات اللاجئين الإرتريين هناك.
اما الحكومة الفدرالية الاثيوبية التي رفضت كل الوساطات التي قدمت اليها وخاضت حرب اقل ما يمكن ان توصف به بانها حرب ابادة وعقاب جماعي لشعب مسالم في تقراى وهو جزء من نسيج اثيوبيا ، نجدها اليوم امام خيار وحيد وهو القبول بالامر الواقع والمتمثل في التدخل الدولي لإنهاء هذه المأساة التي كان على أبي أحمد وحكومته تداركها لو حكم صوت العقل ورضح للمبادرات التي تقدمت بها جهات عديدة كالإيقاد والاتحاد الافريقي لحل الخلاف السياسي بين الفرقاء.
علي محمد صالح شوم
لندن – 09/02/2021 م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=44710
أحدث النعليقات