الى أين تتجه الأوضاع في اثيوبيا ؟
منذ اندلاع النزاع المسلح في نوفمبر من العام الماضي بين الحكومة الفدرالية الإثيوبية بقيادة رئيس الوزراء دكتور ابي احمد وطاغية أسمرا آسياس افورقي ومليشيات إقليم الامهرا من جانب وحكومة إقليم التقراى التي تقودها الجبهة الشعبية لتحرير تقراى، زهقت الآلاف من الأرواح من العسكريين من الجانبين بالإضافة إلى إعداد مماثلة من المدنين في إقليم
التقراى الذي تدور الحرب فيه ، تلك الحرب التي أطلق عليها رئيس الوزراء ابي احمد معركة إنفاذ القانون ، تراجيديا هذه الحرب اللعينة شردت المواطنين الآمنين من ديارهم وتغيير حالهم ليعبروا الحدود لاجئين في مخيمات بائسة تاركين ورائهم منازلهم وممتلكاتهم يعبث فيها العسكر، فلم تكن النتيجة إنفاذا للقانون ولكنها حرب الانتقام والحقد الدفين التي اعمت القلوب والابصار.
عودة الحبهة الشعبية لتحرير تقراى الى عاصمة الاقليم (مقلى) بعد قتال شرس كبدت فيه الجيش الفدرالي الخسائر في الارواح والممتلكات بعد ان قتلت ما قتلت وأسرت الالاف منهم كما شاهدنا في وسائل الاعلام وانسحب ماتبقى من الجيش الفدرالي يجر اذيال الهزيمة والعار، بيد ان الحكومة الفدرالية وتغطية لهزيمتها اعلنت وقف القتال من جانب واحد حجتها ادخال المعونات الانسانية للاقليم ، ولكنها الهزيمة المرة والضغوط الدولية والاقليمية التي كانت تراقب مجريات الاحداث عن كثب وسجلت كل الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت هناك وتملك كل ما يدين قوات الحكومة الفدرالية والقوات الارترية التي دفع بها الطاغية اسياس وكذا مليشيات الامهرا.
السؤال الحيوي هنا ما هى دواعي استمرار القتال من قبل الجبهة الشعبية لتحرير تقراى مادامت قد استرجعت اراضيها وهي الحاكم الفعلي في الاقليم الان؟
من الواضح ان القتال الذي مازال مستمرا هدفه الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بطرد جيوش ابي احمد وأعوانه، وقطع الطريق الرئيس وشريان الحياة لاثيوبيا وهو طريق جيبوتي –اديس ابابا وهو طريق بري وسكك حديد شريان الاقتصاد الاثيوبي في الصادر والوارد فكانت المعارك التي دارات في اراضي اقليم العفر الاثيوبي وأسر قائد الجبهة الشرقية العقيد يسن ، كما توغلت المعارك داخل اراضي اقليم الامهرا الامر الذي يشير ان تطور الاحداث نقل المعارك الى خارج اقليم التقراى الذي استهدفته حملة انفاذ القانون.
العديد من المصادر الغير رسمية تقول ان تغييرا قد يطول مركز القيادة في حزب الازدهار والحكومة الفدرالية ، وذهبت تلك المصادر الى ان مستقبل أبي أحمد السياسي ربما توضع خاتمته بان يخلفه (لما مقرسيا) وهو الرجل الذي شغل موقع وزير الدفاع وكان قبلها حاكم اقليم الاورومو وقد غادر الى امريكا واكمل دراسة الماجستر وقد يكون هو الشخصية المناسبة لقيادة البلاد في هذه المر حلة ، وقد يقود حوارا وطنيا لم يستثني احد. بقية القوميات الاثيوبية التي هى الاخرى ترى ما اقدم عليه ابي احمد قد وضعها على المحك لهذا سوف تعمل من اجل ان تكون شريكا اصيلا في التغيير المتوقع حدوثه في البلاد.
اما ارتريا والتي اصبحت جزءا من الصراع الداخلي الاثيوبي نتيجة زجها فيه من قبل الطاغية اسياس ، سوف تكون اكثر من يتاثر بنتائج هذه الحرب ، النتيجة الظاهرة الان هو فقداننا للالاف من ابنائنا وان النظام مازال متسترا على العدد والذي تشير بعض المصادر بانه تجاوز ال45 الف هذا فضلا على ما يفوق هذا العدد من المعاقين والذين فقدوا جزءا او اجزءا من اجسادهم، فاصبحوا خارج دائرة الفعل ، كما ان المعركة والتي مازالت مستمرة وقد تنتقل الى الحدود الارترية هى الاخرى غير مضمونة العواقب ، وان الوضع المعيشي في ادنى مستوياته جراء الاغلاق المتعمد للدولة والحد من حركة المواطنين تحت غطاء وباء الكرونا، وفي حقيقة الامر هو لاخفاء حجم الكارثة الكبيرة التي حلت بالبلاد جراء الحرب وان جميع المستشفيات عسكرية ومدنية تعج الان بالجرحي وان الاسر لم يسمح لها السؤال عن ابنائها او البحث عنهم في المستشقيات التي يتواجد بها الجرحي خوفا من معرفة حجم الكارثة.
وجود هذه الزمرة على سدة الحكم في ارتريا وسمة عار علينا جميعا فنحن شعب هزم اعتى الجيوش في افريقيا فكيف لنا ان نستكين لهذا الظلم والاستبداد الذي نعيشه منذ ثلاثين عاما ، في تقديرنا تقع على عاتق القوى السياسية الارترية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني المسؤلية الكبيرة في ذلك. ليس امامنا الا توحيد الجهود والعمل سويا من اجل التخلص من هذا الكابوس وتأجيل كل شيئ لحين اسقاط العصابة ، وعلى جميع افراد شعبنا الابي الالتفاف حول قوى التغيير ومدها بكل اسباب القوة والنجاح.
علي محمد صالح شوم
لندن- 26 يوليو 2021م
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=45011
أحدث النعليقات