الرأي الآخــــر .. سيظل له وضعه ووقعه!!!
بقلم : مهندس سليمان دارشح
18/6/2022م
الاستبداد والتسلط بمختلف ألوانه وأشكاله ، هو شيء أعمي ، يسير عكس حركة التاريخ والحضارة ، والحياة الإنسانية الطبيعية .. أنه يقف علي طرف نغيض من حرية الرأي ، وحرية الاختيار السليم.
وعندما يقفز مثل هذا الوضع الاستبدادي القمي ، إلي سدة الحُكم ، فإنه من الطبيعي أن يسعي منتفخاً بين الناس ، ومتباهاً ، يدفعه وهمه النرجسي ، بأنه هو الوحيد علي صواب ، وأن الأخرين أصحاب الرأي الآخر هم علي خطأ.!!
وخير مثال لتلك الأنظمة الاستبدادية القمعية ، هو نظام الجبهة الشعبية الحاكم في أسمرا ، فإذا نظرنا إلى تاريخ الجبهة الشعبية ، نظرة فاحصة ومدققة ، لرأينا العجب ، وتأكد لنا أن فكرة أنا والاستعلاء وتهميش الآخر واسكات صوته ، معشعشة في عقلها منذ ظهورها في الساحة الإرترية عام 1970م ، وأدخلت هذه الفكرة السيئة في وهمها ، أن أي رأي مخالف لرأيها ، هو عدوها اللدود ، والذي يمكن هزيمته بقوة الحديد والنار ، أكثر من الإصغاء لصوته ومحاورته.
وهذه الحالة المرضية ، ناتجة في الأساس من نزعتها الطائفية وعقدة النقص ، وعدم الثقة في النفس وبالأخرين.
وبالتالي زرع هذا المرض في وهمها ، أن الرأي الآخر أو الطرف الآخر ، دائماً هو إلغاء لرأيها ووجودها ، وليس إكمالاً لرأيها ، ودعماً وتسديد خطى!!.
وهذا جعلها تري كل مواطن حر شجاع يخالف رأيها ، أو يكون خارج منظومتها الإرهابية – الهقدف- هو خائن ومتآمر ، يجب تصفيته جسدياً أو سجنه في الحفر المظلمة تحت الأرض ، ليعذب ويموت ببطء!!.
وهنا طبيعة الحال تجعلنا نتسأل : أليس الوطن وطن الجميع والكل معنين بأمره ؟.. أليس الكل شركاء في الوطن دون تمييز .. فلماذا أذن عندما يبدي أحد المواطنين وجهة نظره حول أمر من أموره ، تعذبه الجبهة الشعبية بهذه الصورة البشعة ، المجردة من كل القيم الإنسانية !!
أنه بلاء مراء الخوف .. أنه الرعب .. أنه عدم الثقة في النفس .. وانه فوق هذا وذلك تربية الشعبية الطائفية العنصرية السيئة ، والتي ملأت نفسها بالعقد والإحن والتسلط ، وجعلتها ترى أي رأي مخالف لرأيها هو عدو ، تجب محاربته بقوة القمع والعنف والحرق ، ليرتاح دماغها من هذا الوجع – الرأي الآخر – الذي يقلق منامها ، ويقض مضاجعها ، ويسبب لها التعكير والتكدير.
فإذن هذا معناه ، بالتأكيد أنها – الجبهة الشعبية – تريد أن تسير علي هوي رأيها الواحد ، وهذا لا يمكن ان يحدث قط ، لأن التاريخ لم يقل به من قبل ، ولن يقوله من بعد.
ولتأكد لنا أيضاً أن هنالك مرضاً مزمناً آخراً ، يسكن عقل الشعبية المستبدة الذى ابتليت بها إريتريا المنكوبة المغلوبة علي أمرها ، والتي لا وجيع لها ولا شفيع ، وهذا المرض اسمه التآمر الخارجي ، حيث تدّعي – الشعبية – كذباً وزورا ً ، أن كل دولة من دول العالم والمنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية ، الذين طالبوها بإطلاق سجناء الرأي وأدانو بقوة ممارستها التعسفية ضد الإنسانية ، وضد حرية الرأي ، هي دول ومنظمات متآمرة!!.
لا .. ألف لا .. ليس هنالك تآمر دول خارجية ، ولا تآمر منظمات عالمية على الجبهة الشعبية .. بل كل الذي حدث هو أن هذه الدول والمنظمات ، فضحت سجلها السىء في ارتكاب الجرائم البشعة بحق الشعب الإرتري، وصنفت حكومتها من أسوا الحكومات في مجال حقوق الإنسان في المنطقة.
وهنا نصل إلي القول : من أين تجد الشعبية المتسلطة المستبدة ، الأمان والاطمئنان ، والرضا علي الذات ، إذا كان هنالك ، رأي آخر مغاير لما تراه هي ، وتحدده هي ، وتحكم به هي ، وتسير به الأمور في اتجاهها .. سيظل الرأي الوطني المغاير ، موجود وجوداً حقيقياً ، له مكانته وتأثيره ، ومهما بذل هؤلاء الطغاة لضربه وطرده والتنكيل بأصحابه ، فسيظل له وضعه ووقعه!!!
فأين المفر؟.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46294
أحدث النعليقات