شمس تاريخ ارتريا تنحني نحو ادال.. اجلالا واكبارا للرعيل الأول
تحية اجلال وإكبار للرعيل الاول
البومة تحملق وتوزع نظراتها، يمنة ويسرى.وقال أحد الجنود عندما رآها :
-الله واكبر على نذير الشؤم .
-رد عليه زميله :
قل لن يصيبناإلاماكتب الله لنا.
هذا اليوم لم يكن طبيعيا .رغم امتلاء المكان بشعاع الأمل وتمدده، وتزداد كل صباح رقعة الأمل جغرافيا وديمغرافيا..وتخرج القضية على الملأ مخترقة جدار الصمت ،ومتزينة بلون البحر ، و ضحكات أمواجه التي تزداد القا ، كلما رفرفت الراية وأخضر غصن الزيتون. هذا هو أمل الانعتاق يزحف خطوة خطوة نحو الشمس ، وشمس الحرية تظهر في نهاية النفق كلما تراكمت خطوات الثائر، بالتضحيات .. وتقترب أكثر ،لتحاصر الظلام لصالح تحقق الحلم ..
اصطف طابور الصباح كعادته من أجل ترتيب كل الامور العسكرية والسياسية، لأن المشوار يحتاج الى زاد من هذا النوع ، زاد مادي ومعنوي . وينصرف الطابور كعادته بعد تحية العلم ، وتجديد القسم ، قسم غسيل العار الذى لحق بالوطن ورموزه .
هذا الصباح كان صوت القائد ورفاقه من الرعيل منخفضا، إنها حالة غريبة لم يعتادوا عليهآ من قبل ،غصة في الحلق تعيق تدفق هدير شلال أصواتهم ، قبل هذا اليوم كان الصوت يلامس سقف أعمدة الثورة ،الملاصق لسقف سماء الشموخ .
اما اليوم يمر الصوت بحالة لم يمر بها من قبل ، منذ أن بدأت مارشات العمل النضالي ، من ادال إلي هذه اللحظة…
إنها لحظة تلون المشهد بلون السواد ….
يخرج محمد ادريس حاج ، من وسط هذه اللحظه الداكنه محاولا إزاحة لثام الحزن عن المكان ، مرددا على مسامع زملائه المناضلين : أنتبه… استعد ، يكرر بشكل آلي انتبه… استعد ..انتبه أستعد… لم تسعفه تجاربه ، وبسهولة أبتلعته بركة الاحزن ، برغم محاولاته السباحة عكس تيار اللحظه المخيمة في المكان بكل ثقلها .
لم تشفع له المحاولات المتكرره ،ألتي قام بها . لان الجلل كان كبيرا جدا بحجم ، ووزن الوطن.
قال موجهها كلامه الي رفاقه :
- يجب ان نواجه اللحظة ، و نتحلى بالصبر ولإرادة الصلبة .و ان شاء الله النصر حليفنا …وبسرعة أخفى حزنه…و تصرف بطريقة مختلفة عن محاولاته السابقة ، و أرسل نظراته الى وجوه رفاقه حتى تحمل له شحنات الصبر والعزيمه .
وبدأ بجولة نظرات الإغاثة بـ ( عثمان ابو شنب ومرت نظراته دون ان تتوقف لتشمل عمر ازاز – طاهر سالم – ديناى – دنقس أرى..وقبل أن تكتمل الجوله . توقف فجأة عندما وصل الي قندفل وبهدوراي . ردد سرا لا حول ولا قوة الا بالله. بهذه العبارات جمع قوتة النفسية والجسدية المشتتة في دهاليز الحزن ورغم المحاولة لم يخرج الصوت كما ينبغي..توقف برهة . واسعفه ايمانه حتى اشتعل في داخله حس حرارة إيمان القضية ..و جمع الإرادة المطلوبة ،و بدأ قائلا : - أسمعوا أيها المناضلون ، كما قال الشهيد عواتى :
- *طريق الثورة صعب وطويل ووعر .. وان هذه اللحظه تجسد هذا القول لان فقدنا بشكل مبكر دليل عمل الثورة . ثم كرر قول آخر حتى يشتت هذه الغيمة الداكنة من فوق رؤسهم ..
– ولهذا نحن على ما نحن عليه ، تسير الامور خارج اردتنا .وان شاء الله نرتب الأمور بسرعة..ونعود إلي الدرب بأكثر عطاءً..وانا واثق من عزيمتكم ، وهكذا هو حال الثوار. يمرون بالمطبات. وتحديات كثيره لكن في النهايه النصرحليفهم ..
ثم أضاف، اننا عازمون على المضي قدما فى درب النضال… تحت شعار الشهادة أو النصر .
وتعالت الصيحات وتمايلت أشجار الدوم مع شعلة الثورة على شكل رقصة هيبو ، وصفق سعف النخيل ..وفي وسط هذا الهدير رددوا قول عواتى بصوت جماعي : *اننا عازمون على ابقاء شعلة الثورة مشتعلة ، حتى تحرير كامل تراب الوطني … ثم رفعوا الأكف ترحما على روح الشهيد..ورددوا الدعاء خلف محمد إدريس حاج :
– يارب أسكنه مع الصدقين والشهداء وأجعلنا من بعده خير خلف لخير سلف ، يارب أنصرنا على أعداء الامة. وبقية المناضل يردون ورائه.. آمين.. آمين .. ومحمد ادريس حاج يكثر من الدعاء ..حتى اجتمعوا فى قول امين يارب العالمين، امين ……. ورددت معهم جبال ووديان ارتريا آمين ، آمين . ومات العدو رعبا من الدعاء المقرون بالعمل . وصعدت رآية النضال عبر محطات تاريخيه ، سلالم النصر المبني من الشهداء والجرحى،والجنود البواسل .. و تُوّجت البلاد بميدالية رحيل آخر جندي للمستعمر.. والي الابد….
مرجع .. * كتاب عواتي حياته وبطولاته – المهندس – سليمان فايد..
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46472
أحدث النعليقات