النخب الحلقة 146: إرتريا بين سندان الجلاد ومطرقة المصالح: نداء إلى النخب الإرترية في زمن الانقسام والخذلان

التحليل السياسي: ابسلاب ارتريا

المقدمة:

في عالم تهيمن عليه حسابات المصالح والصفقات، تُترك الشعوب المستضعفة لتصارع مصيرها في صمت، بينما تُغلق النوافذ الدولية على آهات المقهورين. والشعب الإرتري، الذي ناضل لعقود من أجل حريته، يجد نفسه اليوم وحيدًا، ممزقًا بين فئات متصارعة، وسط خذلان دولي مريع، وصمت إقليمي مخزٍ، وانقسام داخلي قاتل. آن الأوان أن نُخاطب النخب الإرترية، ليس بخطاب سياسي بارد، بل بنداء جياش ينبع من عمق المعاناة، ويجسّد آمال وطن يحتضر في سجون الطاغية.

المقال:

الشعب الإرتري اليوم ليس كتلة واحدة كما يتوهم البعض، بل أمة تقف على حافة التفكك. هناك فئات تتصارع على تعريف الوطنية والخلاص، بينما تتربص قوى أجنبية تنتظر الفرصة لنهش ما تبقى من جسد الوطن. النخب السياسية والفكرية تتحمل اليوم مسؤولية تاريخية أمام الله وأمام هذا الشعب الذي ضحّى بأغلى ما يملك لأجل استقلال لم يكتمل.

أولاً: فئة المطالبين بالدخول على ظهر دبابة إثيوبية

هؤلاء، في لحظة يأس وربما طمع، يروجون لفكرة التغيير بالقوة عبر الاستعانة بعدو الأمس، مُتناسين أن الاحتلال لا يجلب حرية ولا كرامة. إن الرهان على الإثيوبي لخلع إسياس أفورقي لا يختلف عن من يسلم مفاتيح بيته للغريب لطرد لص، فينقلب عليه الغريب لصًا آخر.

ثانيًا: فئةُ “لا يهمهم سحقُ إرتريا”

هناك من لا يمانع أن تُغتصبَ أرضُنا ويُنهبَ ميناءُ عصب على أيدي المعتدي الإثيوبي، شريطة أن يسقطَ الهقدفُ وإسياس. هؤلاء لا يدركون أن التضحيةَ بالوطن ليست فداءً مقبولاً للخلاص من طاغية، بل هي جريمةٌ مزدوجةٌ في حقّ الشعب والتاريخ والكرامة الوطنية.

ثالثاً: فئة “ تدعي الوطنيين الملتفين حول النظام”

هذه الفئة تعتقد أن الوقوف مع النظام، رغم كل جرائمه، هو السبيل الوحيد لحماية الدولة من التفكك والاحتلال. لكنهم ينسون أن من يهدم المجتمع ويذل الناس ويسجن الشباب لعقود، ليس حامي الوطن بل جلاده.

رابعاً: الانتهازيون الموالون للنظام

الواقفون مع النظام “حتى النخاع” لا يخفون طمعهم في المال والمناصب والمصالح. إنهم أدوات الطاغية في الداخل والخارج، والذين يصنعون من الولاء أداة للقمع، ويقايضون صمتهم عن الجرائم بالامتيازات.

خامساً: نخب غوغائية تُستخدم كبيادق

من المؤلم أن نرى نخبًا تتلقى دعمها من جهات معادية لتاريخ إرتريا مثل جبهة التيغراي والمستعمر الاثيوبي، وتُستخدم كأدوات إعلامية لإعادة تدوير الصراع، كما يفعل أمثال برقيد نيحميدو. هذه النخب الغوغائية تُضيع القضية، وتخدم أجندات غير وطنية.

سادساً: الشعب المقهور في الداخل

أما المواطن الإرتري في الداخل، فهو الحاضر الغائب. مقهور، مسجون، ملاحق، لا صوت له، ينتظر بارقة أمل من إخوته في الخارج، ينتظر من يُعيد له الأمل، لا من يزايد عليه أو يستخدمه كذريعة لصراع النخب.

سابعاً: المجتمع الدولي وصمت المصالح

كم من دولة تدّعي الصداقة تقف اليوم إلى جانب الديكتاتور؟ كم من دولة تمده بالتقنيات والأسلحة والبقاء؟ كم من حكومة تُغض الطرف عن المعتقلات السرية والاغتصابات والتهجير، وتجارة البشر، فقط لأنها ترى في النظام مصلحة أو حليفًا مؤقتًا؟
إن المجتمع الدولي، وللأسف، يُعيد سيناريو رواندا وسوريا واليمن. يسجل التاريخ أسماء المتواطئين كما يسجل أسماء الشهداء.

ثامناً: المعارضون الشرفاء في المهجر

بين هذا الضجيج، تبرز فئة من المعارضين الحقيقيين، ممن يعملون بجد وهدوء على التغيير السلمي، ويؤمنون أن الوطن لا يُبنى بالسب والشتم او الغوغائية، بل بالوعي والتنظيم والعمل. هؤلاء هم الأمل الباقي، رغم ضعف الدعم والانقسامات.

الخاتمة:

  • يا نخب إرتريا، الوطن ينزف، فإما أن تكونوا ضمير هذا الشعب، أو تكونوا شركاء في خذلانه. آن الأوان للوقوف فوق الحسابات الضيقة والانتماءات المريضة.
  • آن الأوان لصوت العقل والضمير، لصوت الوحدة الوطنية، للمصالحة التاريخية، لخطة إنقاذ حقيقية تنبع من رحم الوطن، لا من رحم العواصم الإقليمية.
  • لا تتركوا إرتريا لقراصنة السياسة وتجار الحروب. التاريخ لا يرحم.

المصادر المقترحة للمزيد من القراءة والتحليل:

  1. Fikrejesus Amahazion. Human Rights in Eritrea: Political Prisoners and Global Inaction. (African Arguments)
  2. Human Rights Watch. Eritrea: Events of 2023.
  3. Michela Wrong, I Didn’t Do It for You: How the World Used and Abused a Small African Nation. Fourth Estate, 2005.
  4. International Crisis Group. Eritrea Briefings and Reports.

إلى اللقاء في الحلقة القادمة، …….

ابسلاب ارتريا


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47514

نشرت بواسطة في أبريل 22 2025 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. يمكنك ترك رد او اقتفاء الردود بواسطة

رد على التعليق

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010