في حوار مع مركز الخليج : أمين عام الحركة الفيدرالية :مشروع الجبهة الشعبية الحضاري أضغاث أحلام وغير قابل للتطبيق.
إذا لم نتفق على كيفية التعايش فإن إريتريا كدولة ستكون في مفترق طرق
برزت الحركة الفيدرالية الديمقراطية الإريترية بقوة علي الساحة السياسية ببرنامجها الفيدرالي الذي رأى فيه البعض صمام أمان لاستمرارية إريتريا ككيان في المنظومة الدولية ، حيث تضمن برنامجها أسس واضحة للتعايش السلمي والاعتراف بكينونة الآخر بما في ذلك تمتين الوحدة ونشر روح التسامح بين المجتمعات الإريترية ذات المرجعيات الدينية والفكرية المختلفة والتي أصبح وجودها في إطار الوحدة والتعايش السلمي في خطر نتيجة إفرازات برنامج الجبهة الشعبية الإقصائي الذي يعزف على الأوتارالقبلية والدينية ،إلا أن الحركة لم تسلم أيضا من مناهضين لبرنامجها الذين وصل بهم الحد إلى وصفها بأنها شيء مبهم لا لون له ولا طعم وبأنها كيان خاص بالنخب يلعب وفق مصالحه على جميع الإيقاعات والاتجاهات.
مركز الخليج انتهز فرصة وجود الأستاذ بشير إسحاق، سكرتير عام الحركة الفدرالية بالخرطوم لحضور اجتماعات الدورة الثالثة لهيئة قيادة التحالف، وأجرى معه هذا الحوار الذي وضع النقاط علي الحروف بخصوص بعض المحاور التي تتعلق بالحركة الفدرالية والمعترك السياسي الإريتري المعارض .
حاوره في الخرطوم : حسن رزاق وعبدالحفيظ يس
ما هو المنطلق الذي رأيتم من خلاله أهمية الحكم الفيدرالي في إريتريا ؟
المنطلق لهذا الطرح السياسي الفكري نابع من إحساسنا وملامستنا بوجود مشكلة تعايش بين مكونات الشعب الإرتري ومشكلة مشاركة في السلطة واقتسام للثروة، وهذه المشكلة ليست جديدة بل كانت موجودة عبر التاريخ الإرتري ولا يخفى على احد ما جرى إبان فترة تقرير المصير أي بعد خروج القوات الإيطالية من إرتريا, حيث تعددت الأطروحات والأفكار فهناك من نادى بالوحدة مع إثيوبيا وهناك من نادى بالتقسيم وآخرون نادوا بالاستقلال.
هذه التباين في الأفكار أدى إلى انشقاق بين مكونات الشعب الإريتري وحدث نوع من الاستقطاب الحاد بين وجهتين متناقضتين في الأطروحات استمر حتى مجيء الثورة الإريترية و تكررت نفس الخلافات التي كانت قائمة حتى في الثورة.
منتهى القصد أريد إن أقول إن إرتريا تمر بمشكلة تعايش، ونحن كحركة فيدرالية نري بما أن الشعب الإريتري قد حقق أهم شروط تكوين الأمم وهي أولا الوحدة الجغرافية وثانيا الرغبة في العيش المشترك والذي تأكد من خلال رفض الشعب الإريتري للتقسيم ومن خلال دعمه للثورة ومن خلال الاستفتاء علي الاستقلال، تبقى خطوة مهمة في نظرنا كحركة لم تقم بها إريتريا وهي (الاتفاق على كيفية التعايش) وأنا أرى بأنه إذا لم تحققت هذه الخطوة فأن إريتريا كدولة ستكون في مفترق طرق
هل في نظرك إن النظام الإريتري غافل عن هذة المشكلة ؟
لا، النظام الإريتري واعي جدا بملابسات هذه المشكلة، ووضع لها حلول ولكن على طريقته الخاصة وهي الطريقة التي كانت تمارسها أوربا في العصور الوسطى والتي تقوم على الآتي:
1 – الاحتلال/ أي احتلال المنطقة.
2 – الضم / أي ضم المنطقة لتكون جزء من الدولة.
3 – الإلغاء / أي طمس معالم ومكونات وثقافة تلك المنطقة وتهميش أهلها.
4- الإلحاق/ أي إلحاق الأرض وأصحابها المهمشين بالجهة الغالبة.
دول كثيرة قامت في السابق بمثل هذه الطريقة، ونظام أسياس يستخدم هذه الطريقة في الإلغاء وفي طمس معالم ومكونات الشعب الإريتري المختلفة واختزالها في مكون واحد وهذا – في نظري- كنتيجة نهائية قد يؤدي إلى التوحد (القسري) لكن هل هذه الوسيلة للتوحد ممكنة في هذا العصر، وهل نحن عل استعداد لدفع الثمن المطلوب لهذا التوحد الميكانيكي القسري الذي يضحي بالإنسان من أجل الكيان الموحد.
إذا نحن في الحركة نطرح نظام حكم فيدرالي كبرنامج بديل لقانون الشطب والإلحاق، برنامج يدعو إلى بناء عقد اتفاق والوصول إلى ميثاق اجتماعي سياسي للعيش المشترك وذلك من خلال التراضي .
البعض يقول إن الفدرالية غير قابلة للتطبيق في إريتريا . ماتعليقك ؟
الفدرالية قامت أصلا كحل لإشكاليات شعوب تعاني من التنوع في الثقافات والأعراق والأديان وإرتريا دولة تمتاز بهذا التنوع إذن فالفدرالية قابلة للتطبيق في إرتريا، إضافة إلي ذلك الفدرالية تجربة ناجحة بكل المقاييس فنحن إذا رفضنا هذه التجربة سنكون غير مستفيدين من رصيد التجارب العالمية، وتطبيقنا للفيدرالية سوف يكون وفق واقعنا وظروفنا الخاصة‘ ونحن نعتبر أن الفيدرالية كانت موجودة في الإرث الثقافي الإريتري للحكم قبل أن يزيلها النظام بآليات الهندسة الاجتماعية، الفدرالية تعني أن يحكم الناس أنفسهم في مناطقهم وأقاليمهم وقراهم من خلال ما يرتضونه من أعراف وشرائع، الفيدرالية تعني حق دستوري لحكم الذات المحلية، لا يمنحه الحاكم في المركز للأطراف ولا يمنعه عنها، فماذا يمنع أن يتمتع الإريتريين بمثل هذه الحقوق الإنسانية؟ هل الإرتريون هم صنف من البشر لا يستحق التمتع بحقوقه الإنسانية؟ لماذا نعتبر الشعب الإريتري وأقاليمه ومكوناته غير راشدة وغير وطنية وغير واعية وعلينا أن نقفلها في أقفاص من القهر حتى نحافظ علي وحدتها‘ الإرتريين هم بشر مثل غيرهم ووحدتهم تكمن في تراضيهم وتعاهدهم وتواثقهم وليس في التعامل معهم وكأنهم حيوانات تساق بالسياط نحو الوحدة المزعومة وإلا تفتت وحدتها وتناثرت أوصالها.
هناك من يقول أن الحركة الفيدرالية عبارة عن مجموعة نخبوية صفوية تعيش في برج عاجي تجهل نبض الشارع ولا تمتلك قاعدة جماهيرية . ما ردك ؟
هذا الكلام غير صحيح وفيه قليل من الصحة ، غالبا الأفكار التي تقود التغيير تأتي من النخب والمثقفين بالذات في المجتمعات المدنية، وتم تأـسيس الحركة في البدء من نخبة في أوربا مثلا كانت المبادرات التي تقود إلى التغير تأتي من الفلاسفة والمفكرين لكن المحك العملي لقوة هذه الفكرة هو مدى قبول الجماهير لها وقربها من مشاكلهم و واقعهم ، والحركة الفيدرالية عندما طرحت فكرتها انتشرت كالنار في الهشيم وكانت ردود الأفعال عليها كبيرة، وثق تماما إن أية فكرة جديدة تطرح وتأخذ حيز كبير من النقاش فكرة جديرة بالاحترام‘ وقد تم تبني طرح الحركة بشكل واسع بين شعبنا في الداخل والخارج وحتى داخل التنظيمات الإرترية الوطنية.
لكن نحن لم نرى لكم أي قاعدة أو فعاليات جماهيرية تؤكد هذا الكلام؟
هناك فعاليات ونشاطات كبيرة أأسف بأنك لم تراها ، وهناك فروع وعمل، ولكن نحن لا ننكر وجود قصور في هذا الجانب أيضا، لكن في الوقت نفسه نرى إن يكون لديك جيشاً جراراً من المتفرغين للعمل السياسي كالسكين الحادة يشكل عبء على العمل السياسي وبالتالي عبء على الشعب الإريتري وهذا في نظرنا لا يخدم العمل، أما الاعتماد علي الذات في العمل وإيصال الفكرة من خلاله في رأي يأتي بالتغيير المنشود وهذا لا يعني عدم وجود القصور.
هناك من يقول أنكم لا تملكون معالم كيان سياسي محدد، تارة إسلاميين وتارة علمانيين وتارة قوميين . ماقولك ؟
برنامج الحركة ليس أيديولوجي، ونحن لم نأتي لحقن الناس بأيدلوجية معينة، ليحفظوا مقولاتها ويجتروا مبادئها ،الفيدرالية هي عبارة عن آليات لإيجاد السلام والتعايش في إرتريا، بالعكس نحن نريد لكل إريتري أن يتمسك بما لدية من معتقدات ومكونات‘ ونتعايش جنب إلى جنب ، في داخلنا الإسلاميين والمسيحيين وغيرهم وكلهم يؤمنون بفكرة التعايش مع الآخر ،اذا فالحركة ليست هلامية بل حركة تتجاوز الأيدولجيات للوصول إلى وثيقة للتعايش المشترك.
ماذا عن زيارتك الاخيرة لإثيوبيا(عدوالشعب الإريتري كما يقول إعلام النظام) ؟
أولا نحن لا نعتقد إن إثيوبيا هي عدو إريتريا الأبدي، أو إن حالة العداء والاحتراب بين الشعبين الجارين حتمية لا مناص منها ، أو أن النظام الإثيوبي الحالي معادي للشعب الإريتري، النظام الإثيوبي هو أول من اعترف باستقلال إريتريا فكيف يمكن أن يكون بين عشية وضحاها عدو الشعب الإريتري.
نحن كمعارضة إرترية نبحث عن مساحة للتعبير عن أنفسنا‘ وهذا حق مشروع حرمنا منه في بلادنا’ ولبلوغ أهدافنا في إسقاط النظام وإقامة دولة ديمقراطية يحكمها القانون ومتعايشة ومتكاملة مع جوارها ومحيطها الإقليمي‘ نسلك الممكن والمتاح من السبل.
وتلاقت هذه الأهداف مع رغبة الحكومة الإثيوبية للرد علي إريتريا بالمثل‘ لذلك نعمل من إثيوبيا، أما إذا تجاوزت إثيوبيا هذا التلاقي المشترك إلي تحقيق طموحات الإمبراطورية الإثيوبية القديمة فالمعارضة ستقف في خندق واحد مع الشعب الإريتري ضد إثيوبيا، وهذا بالطبع لا يعني وقوفها مع نظام أسياس‘ لأن أسياس ونظامه يقف دائما في موقف مغاير للشعب الإريتري ومصالحه الإستراتيجية.
هل في استطاعة التحالف إدارة إريتريا اذ ماجاء كبديل لنظام أسياس؟
نعم ولم لا، التحالف ربما لم يرتقي إلى مستوي السقف الذي يرضي الجميع ولكنه خطا خطوات إلى الأمام ضمن الممكن والمتاح ولا يوجد أفضل منه في الساحة الإريترية، على أقل تقديرا لتحالف أفضل من نظام أسياس فكريا وسلوكيا وأخلاقيا، في نظري التحالف هو البديل الوحيد المتوفر حاليا.
ما هدف مؤتمر الحوار الذي أقره التحالف ؟
مؤتمر الحور يهدف إلى تأطير الشعب الإريتري خلف المعارضة لإسقاط الدكتاتورية، كما يهدف إلى تحديد كيفية حكم إرتريا مستقبلا وإلى كيفية التعايش و احترام حقوق بعضنا البعض وإلى إيجاد صيغة لتقاسم السلطة والثروة.
ما أهم انجازات التحالف في نظرك ؟
أهم إنجاز هو تجميع هذا الكم الهائل من الآراء المختلفة والتنظيمات المتباينة في وعاء واحد وخلق الاتصال بينهم ، جميع الملاسنات والتراشقات التي كانت تحدث سابقا بين التنظيمات كان سببها عدم الاتصال ، أيضا من إنجازات التحالف إزعاج النظام لدرجة أن وصل ببعض أفراد الجبهة الشعبية الحديث_على استحياء_ عن إمكانية التفاوض مع المعارضة ،أيضا الاتفاق علي مشروع دستور إرتريا المستقبل إنجاز يحسب للتحالف .
وسائل إعلام المعارضة تتحدث عن قرب زوال النظام . ما تعلقيك ؟
النظام الإريتري فشل في مشاريعه السياسية والاقتصادية و وصل مرحلة اتكاءة سليمان المتوفى على عصاه.
وقد أتضح للجميع بأن مشروعه الحضاري أضغاث أحلام وغير قابل للتطبيق.
كلمة أخيرة توجهها للشعب الإريتري
أقول للشعب الإريتري أنت شعب مناضل, اثبت بجدارة بأنك شعب تستحق الحياة.
واصل المشوار والعمل على دمقرطة البلاد وذلك من خلال تمتين وحدتك والحفاظ على الأرض والسلام والتنمية .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5537
أحدث النعليقات