مهرجان هقدف : سقوط الاقنعة والمبرارت
فرجت
8 يناير 2007م
استدل الستار على مهزلة مهرجان التسول الهقدفي ليلة يوم السبت في مشهد تراجيدي حيث طرد افراد القنصلية والسفارة والطبالون والمدعون الى خارج القاعة من قبل اجهزة الأمن، بينما الجموع التي اصطفت في الخارج وهتفت ضد الظلم في وطن زهرة كسبت تعاطف الجمهور الاسترالي الذي امتزج معها في لوحة تضامنية رائعة وسقطت الاقنعة التبريرية التي صاغتها مكنة اعلام النظام المعطوبة ليظهر الوجه القبيح على حقيقيته. ساعد على ذلك سوء التنظيم والادارة وعزوف الجماهير مما دعاهم الى توزيع التذاكر المجانية ومطالبة الجمهور بلبس الزى القومي في محاولة لاعطاء المهرجان وجه وطني ظل غائبا دائما ومتجاهلا ومهمشا بقصد في غالب الاحيان، واختلط اللحن النشاز بأصوات الاطفال الذين شكلوا نسبة كبرى من الحضور التي نامت عند المهرجان الخطابي – الذي تأنق له الزبانية واصطفو له بطول حبل المكرفون خاصة في ظل غياب ممثل لحكومة السلطان – وصحت عندما بدأ تمايل الاجساد الثملى عند اطراف الحلقة المفرغة من المحتوى والمضمون! أما سر تأخر ممثل السلطان لأنه رفض اعطاء افراد الحكومة الهقدفية التأشيرات الخارجية باستثناء الفرقة الفنية فتخلف ديك العدة وفراش مفاوضات الشرق ليحل محلهم ود مكي الوزير ليس لأنه عنده مميزات خاصة ولكنه يحمل الجنسية الامريكية ولهذا اتى مثله مثل اى سائح امريكي وليس بصفته الدبلوماسية؟ وهذا ان دل انما يدل على النضالات الحقيقية التي خاضتها المقاومة الارترية في استراليا وفي اروبا وامريكا باحكام الطوق على تحركات زبانية النظام الخارجية وتحويلاتهم المالية وغيرها. ونفس المقاومة بالامس القريب قامت باستقطاب الشارع الاسترالي بتوزيعها لأكثر من ثلاثة الآف منشور هو سجل الحكومة الهقدفية في انتهاكات حقوق الانسان كما تمكنت من جمع اكثر من ألف توقيع لدافعي الضرئب حتى لا يتم استغلال الاماكن الحكومية في انشطة داعمة للنظم الشمولية والديكتاتورية في افريقيا ويأتي على رأسها النظام الارتري. فهل من معتبر؟
لا أحد يصر على خوض المعارك الخاسرة سوى سلطان أجرب ، كالذي يحكم قبضته على ارتريا وشعبها ، سلطان استمرء صبر الشعب الارتري عليه فلهذا يتماضى في غيه ، فلا غرابة اذن ان يصر على اقامة مهرجان التضحيل الثقافي في استراليا رغم هزيمته أكثر من مرة ماديا ومعنويا، وحتى المكاسب السياسية التي كان يطمح في تحقيقها والمتمثلة في عزل الجالية الارترية في استراليا وتحويل أفرادها الى مجرد مصفقون لترهات النظام لم يحقق مثقال ذرة منها . وبرغم توظيفه لامكانياته الدبلوماسية المتمثلة في السفارة والقنصلية واللتان ثبت بالتجربة أن لا مصلحة حقيقية تعود الى ارتريا منهما سوى محاولاتهما التجسسية والكيدية ضد الجالية الارترية في استراليا وأفرادها الصامدون والذين برهنو أكثر من مرة انحيازهم التام الى الأغلبية الصامتة صاحبت المصلحة الحقيقية من اقامة نظام ديمقراطي وعادل في ارتريا. وبرغم خسارة الزبانية هذا العام ، لكننا ليس هنا لتعداد خسائرهم وهزائمهم المتتالية ، بل لتحض مبرراتم وفضح اهدافهم الحقيقية من وراء اقامة مثل هذه المهرجانات ، لعلمنا ان المبرارات التي يصوغها النظام لاقامة مثل هذه المهرجانات متعددة ومتنوعة أو تحاول دائما ان تخفي المبررات والدوافع الحقيقية ورائها أما أهم تلك المبررات التي باتت تلوكها ابواق النظام في الأونة الأخيرة هي : ربط الجيل الجديد بالوطن – المقصود منها ربطها بهقدف – والمبرر الثاني ربط ارتري المهجر بثقافتهم وتعريف العالم بالثقافة الارترية. وقضية ربط الجيل الجديد بالوطن وبثقافاتهم تأتي على رأس الدوافع التبريرية التي صاغتها ابواق لنظام في الأونة الأخيرة وركزت فيها باعتبارها خلية النحل التي يقوم على اكتافها المهرجان ، وهذا يعكس حجم التناقض ما بين ما تطرحهه بعض ابواق النظام والسياسات الحقيقية التي تطبق على الواقع اليومي في ارتريا خاصة ما يخص الشباب والجيل الجديد الذين هم في نفس الفئة العمرية في ارتريا ، فهذه الفئة ضمن سياسات الحكومة لهذا العام سوف تدفع ما بينن عشرة الى عشرين نقفة حتى تتمكن من الجلوس في فصل دراسي ومئتين وخمسين نقفة سنويا حتى تتعلم الكتابة والقراءة ، مما يرهق كاهل الكثير من الاسر التي تدفعها مجبرة حتى لا يؤخذ ابنها/ بنتها الى معسكرات السخرة اذا تخلت أو تخلى عن الدراسة ، كما ان الطلاب الجالسون للشهادة الثانوية هذا العام مطالبون باحراز نسبة أعلى من 70% والا فان المعسكر مأواهم الى يوم لا يعلمه الا الله. فهذا كله يسقط هذا المبرر والاعتبارية لأن اهتمام الحكومة لا يتجاوز حجم انتفاخ الجيب الخلفي لهؤلاء الشباب واسرهم لا اقل ولا اكثر.
ان ربط الشعب الارتري بوطنه لا يحتاج الى فرق الدلالة التى تجوب البلاد في محاولة لتسويق النظام وتبييض وجهه اعلاميا ودعمه ماديا ، ان ربط المهاجرين الارتريين بوطنهم لا يحتاج الى ازلالهم لدفع الاتاوة ،أو بالتهديد والوعيد ، أو بشراء البيوت الفاخرة أو صكوك الغفران؟ بل تعيش ارتريا الوطن في ضمائرهم عزيزة مكرمة وشريفة نقية ، فلا تحتاج الى قرع الطبول ونفخ المزامير لايقاذها في قلوبهم.
ان الأدب والفن الرخيص يرخص من يمثله ، ذلك ناسه ومجتمعه : فكيف اذا كان ذلك الشئ المنحط اى ثقافة السلطة تقوم به مؤسسات كاملة ويرصد له رأس مال بأمكانه ان ينقذ حياة الكثيرين من الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو بامكانه ان يفتح اكثر من فصل دراسي. وللتأكيد على ذلك دعونا نتناول عن خبر أوردته وسائل النظام الخرب فحواه انعقاد سيمنار نقييم الاوضاع الثقافية في ارتريا الذي عقد في منتصف شهر ديسمبر الفائت ورصدت له كل الامكانيات، والسيمنار عقد لتقييم أحدى عشرة عاما من العمل الثقافي –(1995 -2006م) – الذي لايتجاوز لطبل والمزمار ويركز بكثافة على الرحلات الخارجية للفرق الفنية. اى تقييم احدى عشر عاما من التطبيل والتضحيل الثقافي ، حيث ان أوراق المناقشة تركز كما ذكرنا آنفا على المغنيين والموسيقيين ولم تتناول من قريب أو من بعيد كلمة كتاب أو صحفيين خاصة وان النظام في نفس هذه الفترة أو دع أكثر من عشرة منهم المعتقل بشهادة المظمات الدولية المتابعة لحالات الانتهاكات المتكررة لحقوق الانسان في ارتريا ، كما لم يأتي ذكر المسرحيين الذين طالتهم الاغتيالات ايضا مثل الراحل الفنان والمسرحي الارتري : ادريس جابرة وغيرهم من الذين اصيبو بالايدز وتم رميهم في المزبلة ولم يشفع لهم عطائهم السابق لا في مرحلة التحرير ولا بعدها حيث شهدت الثقافة الارترية أكبر تردي وتشويه اى في المرحلة المقيمة. ولا غرابة في ان يكون المتحث الرئيسي في السيمنار وزير الدفاع حيث اصبح الجنرلات الحمقى يفقهون في كل شيئ ويفتون في أى شيئ الذي تحدث عن تفوق الأغنية الارترية على مثيلتها الاثيوبية ربما يود استعادة الحدود بالأغنية؟ وليختمها رئيس البحث والتوسيق في حكومة السلطان – لا موش دحلي – نقصد زمهرت يوهنس المفتتح الرسمي لاحتفالات الاستقلال والاكسبو والقعدات الخاصة للرئيس. أما السلطان صاحب الحالات العصبية والنفسية تحدث باسلوب الواعظ الصيني – الفضل يعود للرحلات المتكررة الى الصين – حيث قال ” ان ما تم انجازه من اعمالا ثقافية بعد الاستقلال كبيرة وان المهمات الصعبة يمكن تحقيقها اذا توجت بالارادة والمعرفة المتخصصة” ونحن نضع خطا تحت المعرفة المتخصصة حيث توضح بجلاء العلاقة ( المعرفة والسلطة من اجل اعادة انتاج شروط الهيمنة السياسية ) بتعبير أدورد سعيد.
الملاحظ ان السيمنار لم يتناول اى موضوع ذات قيمة ادبية أو ثقافية سوى الفرق الفنية ورحلاتها الخارجية ، وهنا يبرز ان هذه الرحلات الخارجية للفرق الفنية المدعومة من الجهاز المالي والسياسي للنظام ليس المقصود منها ربطنا بالوطن ولكن ربط الحبل حول اعناق الارتريين في الخارج وتحيدهم حتى لا يقوموا باعمال ناشطة ضده ، كما يؤكد دور هذه الفرق في تسويق افكار السلطة واطروحاتها من حرب الحدود الى مشاريع وارساى يكألو الى غيرها ، وهي محاول لقولبة الوعى السياسي والثقافي بما يخدم أهداف وتوجهات السلطة. وتزييف الواقع وتمسيخ الثقافة الاصلية وتهميش من يمثلونها واقصائهم من المسرح بالاعتقال مثل ادريس محمد علي أو بالتهميش مثل زينب بشير وتانكي، وقال انكرى، وغيرهم الكثيرين ، ولهذا نجد هذا التسابق المحموم بين المغنيين والموسيقيين لنيل رضى الؤسسات الثقافية للنظام حتى اذا أدى ذلك التنازل عن شرف وسمعة ، وبهذا تستمر حالة تزييف الوعى من خلال اعلام يصيق خطابه السياسي والثقافي والاجتماعي والمحصلة تشويه الثقافة الارترية واضمحلالها الى مجرد (بهلي) ، ينفض سامره مع انتهاء التيار الكهربي في جهازه الموسيقي!
فحتى لا يعتقد البعض انهم يذهبون لمجرد الرقص والاستمتاع بصورة اعتذارية فجة ، انما يدعمون النظام بذهابهم هذا ، وان مهرجانات الخارج ما هي الا برامج لتسويق النظام خارجيا وهي مهمة ايما أهمية لدرجة تقام من أجلها السيمنارات وتصرف من أجلها الألآف.
أما نحن بغض النظر عن الربح والخسارة فموقعنا معروف الشارع وسنهتف مع الهاتفين ” داون داون اسياس”. وعاشت نضالات المقاومة الارترية والعار لنظام الفرد البائد.
فرجت.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5672
أحدث النعليقات