هل تحول نظام هقدف إلى حمامة سلام
فرجت: 19 نوفمبر 2006م
منذ توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق في اسمرا منتصف أكتوبر الماضي ونظام هقدف يحاول أن يقنعنا بأنه تحول إلى حمامة سلام القرن الإفريقي.
وضمن الحملة الدعائية التي يقوم بها النظام للتستر على فظائعه وجرائمه التي يرتكبها بحق الإنسان الإرتري خرج علينا احمد حسن دحلي سفير هقدف لدى فرنسا بمقالة باهتة يتحدث فيها عن “إنجازات تاريخية وعظيمة للدبلوماسية الإرترية في تحقيق اتفاقية سلام شرق السودان”.
فالدكتور دحلي الذي عاد إلى فرنسا للالتحاق بأسرته بعد أن مل الجلوس في مكتب شبه فارغ في اسمرا لسنوات طويلة، لا شغل له ولا مشغلة سوى قراءة ما يكتب عن إرتريا في الصحف العربية والرد مصححا بان نقفة تكتب بالقاف وليس بالكاف يريد إن يقنعنا اليوم أن نجاح السودانيون في حل مشكلاتهم الداخلية ما كان سيتم لولا حنكة وتمرس الخارجية الإرترية التي لا وزير لها منذ رحيل وزيرها السابق علي سيد عبد الله.
وكان الأجدر بدحلي بدلا من يقول مثل هذا الكلام السطحي والغوغائي أن ينصح نظام هقدف – إن كانت له نصيحة في الأصل – بتحقيق السلام الداخلي قبل أن يسعى إلى حل مشكلات الآخرين. فالكل يعلم أن إرتريا اليوم من أكثر دول المنطقة التي تعاني من أزمات سياسية داخلية خانقة وغياب تام عن القانون وتسلط يفوق حد الوصف، وان الأحزاب والتنظيمات التي تعارض نظام هقدف فاقت أي معارضة في القارة السمراء، هذا فضلا عن آلاف السجناء والمعتقلين السياسيين الذين يقبعون في معتقلات هقدف لسنوات طويلة دون محاكمات أو حتى توجيه اتهامات رسمية لهم. وما أوردته منظمات حقوق الإنسان العالمية عن خشيتها من وفاة عدد من المعتقلين السياسيين إلا دليلا آخر على دموية وفظاعة هذا النظام الذي يطبل له دحلي وأمثاله.
وبالعودة إلى اتفاق شرق السودان فان النجاح يحسب للحكومة السودانية وجبهة الشرق باحتكامهما للعقل ونبذهما للعنف وانتهاجما الحوار والتفاوض لحل الخلافات، الأمر الذي جنب مواطنيهما المزيد من سفك الدماء ووفر على بلدهما ويلات وآلام الاقتتال والاحتراب.
وإذا كان نظام هقدف حريص على إحلال السلام فكان الأفضل أن يحذو حذو الحكومة السودانية ويتفاوض مع معارضيه بدلا من ممارسة الإقصاء وإخفاء الحقائق.
ومما لا شك فيه أن هذا النظام المتعطش لدماء الأبرياء لا رغبة له في تحقيق السلام والاستقرار ورعايته لمفاوضات شرق السودان ما هي إلا محاولة يائسة للخروج من العزلة الإقليمية والدولية التي يعاني منها بالإضافة إلى خططه الخبيثة في حل مشكلاته الداخلية.
فنظام هقدف قدم كل هذه الخدمات ليس بغرض إعادة علاقاته بالحكومة السودانية وإنما خوفا من تزايد وتنامي قوة المعارضة الإرترية التي تنطلق من السودان بالإضافة إلى محاصرة ألاجئين الإرتريين الفارين من جحيمه. وإذا كان هقدف بقطعه للعلاقات مع السودان قد أنكر وجود ألاجئين الإرتريين فان وصول الآلاف من الفارين والهاربين الجدد أعاد مشكلة ألاجئين إلى السطح ولم يعد بامكانه إنكار وجودهم.
عامل آخر ساهم في أن يسلك نظام هقدف هذا المسلك هو ألازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد خاصة الندرة الحادة في الوقود والمواد الغذائية. ويطمح هقدف أن يقدم له السودان بعض المساعدات في هذا الجانب تمكنه من تجاوز هذه ألازمات الحادة التي يعاني منها، ولذلك نراه بعد تحقيق اتفاق سلام شرق السودان يلوح بأنه يمكن أن يتوسط في حل مشكلة دارفور وهو أمر مستبعد خاصة في ظل التصريحات التي أدلى بها بعض قادة التمرد في دارفور معلنين أن نظام هقدف يمارس عليهم ضغوطا شديدة حتى يقبلوا بوساطته في حل النزاع.
ومهما كانت منطلقات هقدف بزج نفسه في قضايا ومشكلات الآخرين فإننا نعتقد أن نظاما يمارس الظلم والقهر والإقصاء ضد مواطنيه لا يمكن أن يقدم حلولا لجيرانه وكما يقول “المثل فاقد الشيء لا يعطيه”.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5742
أحدث النعليقات