اجتماع السفراء في مصوع : أ..ب..ت..ث .. درس في الدبلوماسية
ان تصاعد دور المقاومة الارترية في الخارج، بوتيرة عالية جعلها تكسب اصدقاء جدد ، وصداها يصل الى اكثر من باب كان مغلقا في السابق، كما جعل جماهير المهجر تلتف حولها بعد الانتصارات التي حققتها دبلوماسيا واعلاميا ضد سدنة الحكومة الذين يتمتعون بحصانة دبلوماسية في هذه البلاد. كما ان المقاومة اصبحت تطور من اساليب عملها وأدواتها في فضح سياسات النظام الذي أصبح معزولا في الخارج الا في بؤر محددة، هذا مما جعله يفكر مرارا بأن وكالاته في الخارج والمسمى جزافا بالسفارات لا تقوم بدورها وعملها بالكيفية المطلوبة منها وذلك بعد خسارتها في أكثر في موقع . لهذا لاغرابة في ان يدعو النظام مبعوثيه الى الخارج في اجتماع هو أشبه بفصول محو الأمية ، وهو اسلوب يستخدمه رأس النظام مع موظفيه الذي يمكن ان يتخلله التوبيخ والشتائم والضرب ” بالبونيات” و” الروسيات ” ، والا فان وزارة الخارجية التي اصبحت تابعة لمكتب الرئيس اكثر من وسيلة للتخاطب مع سفاراتها في الخارج عبر الحقيبة الدبلوماسية. فهل هذا الاجتماع هو دلالة واضحة على انتكاسة النظام خارجيا؟
من المعروف ان النظام الارتري استغل الارتريين في المهجر واستنزف مواردهم المحدودة بصورة بشعة تخللها التهديد والوعيد وبيع سندات بنكية واجبارهم على شراء العقارات المسروقة من اصحابها الحقيقيين، خاصة وان ارتريا كأحد الدول الافريقية الفقيرة لم يكن لها مصادر اقتصادية معروفة سوى حصيلة ما كان يدفعه الارتريين في الخارج ، وهذا الدعم الاقتصادي المتمثل في دولارات المهجر بدأ في التناقص بعد هزيمة القوات الارترية النكراء على أيدي الاثيوبيين وزاد عليها حنق الارتريين في المهجر على السياسات الرعناء للنظام التي أغلق بموجبها ابواب الصحف المستقلة وأودع الصحفيين والكتاب والمثقفيين واساتذة الجامعات في السجون والمعتقلات ، ثم أخذت هذه السياسات منحدرا آخر بعد بدء القطة في أكل بنيها من الرفاق القدامى الوزراء والعسكريين والعاملين في الخدمة المدنية، واعتقالات طلاب جامعة اسمرا والمجازر التي تلتها في كل من ” دسيت ” و ” عدي أبيتو” و ” قلعالو” ..الخ كل هذا أدى الى تناقص الدعم الذي كان مصدره الاقتصادي الوحيد ، وهذا بدوره تسبب في خلق أزمات اقتصادية خانقة في الداخل منها لا للحصر عدم مقدرة النظام على دفع فاتورة مواد الطاقة والمحروقات مما أدى الى شلل تام لقطاع النقل والكهرباء واصاب المشاريع الزراعية التي تستخدم الرى الصناعي بالجفاف والانتقال الى المحاصيل الموسمية بدلا من المحاصيل النقدية ومنها البصل والموز التي كانت تصدر الى السودان فقط!؟ وأدى شح المواد الغذائية الى ان يشاهد طوابير الخبز ولأول مرة بصورة فظيعة في العاصمة اسمرا وبعض المدن الرئيسية ، كما ان بعض المناطق التي لم تنل حظا وفيرا من الامطار كانت مهددة بالمجاعة ، ومع توالي النظام الازمات الاقتصادية وشح المواد الغذائية دخل النظام في مشكلة مع وكالة الاغاثة التي كانت تقدم الغذاء لمئات الآلآف وكان النظام يستفيد من ذلك من خلال جعل متلقي الاعانة يعملون في مشاريعه الالهائية منها ترقيع الطرق التي بناها الايطاليون أكثر من مئة عام مضت فيما سمي ببرنامج ( العمل مقابل الغذاء) ، والذي اوقف ايضا من قبل النظام بعد استيلاء جنرلاته على مخازن وكالة الاغاثة ومنع الوكالة من التصرف فيها أو توزيعها على مستحقيها مما استدعى رئيس برنامج الوكالة في القرن بزيارة ارتريا ومقابلة رئيس النظام الذي أخبره :” لا يمكن الافراج عن الاغذية لأنها تدخل ضمن سياسة الأمن الغذائي للحكومة”، وهو تسمية أخرى ” للسرقة المنظمة”. ووما زاد الامر سوء توقف الدول المانحة من دعم ارتريا في الشهور الماضية واشاروا على ارتريا ان تقترض من البنك الدولي والا فان ليس هنالك اى منح أو قروض معفية ، حسب تقرير أوردته “أفريكا كونفدينشال” ، وبهذا يتوقف باب ” الهبر” المجاني ليضاف الى توقف الجاليات المهجرية دعمها وتحويلاتها المالية. هذا ادى استصدار النظام الى مشروع قانون بموجبه منع التداول في العملة الصعبة الا عبر مصارف الحكومة الرسمية و تم اعتقال اصحاب الصرافات الخاصة ، والاستيلاء على ايداعات الشركات الاجنبية تأتي على رأسها خطوط الطيران مثل الخطوط المصرية والخطوط الألمانية ” لوفتهانزا” التي دخلت في خلاف مع النظام في ذلك ، كما يخضع القادمون الى البلاد الى اجراءات تفتيش دقيقة لحصر ما معهم من العملة الصعبة ومن فشل في ذلك فمصيره السجن حسب القانون المصاغ بصورة مزاجية يائسة.
ان النتيجة التي ذكرناه سابقا ما هي الا نتاج وعى الجاليات الارترية التي تعيش في دول تحترم حقوق الانسان ويتمتع قاطنيها بحقوق ديمقراطية كاملة ، أما الجاليات الارترية التي تعيش في دول الانظمة الشمولية المتمثلة في دول المنطقة العربية ، وهي جاليات لها ظروفها الخاصة المتمثلة في أوراق اعضائها القانونية المتمثلة في الاقامات وتصاريح السفر وغيرها ، فلا يسعها الا ان تمارس الاحتجاج الصامت أو أن تحمل أوراق سفر لدول الجوار مثل الصومال والسودان واثيوبيا وتلك ايضا لها التزاماتها وان كانت أخف ضررا ، ومازالت جاليات المنطقة العربية تستخدم وكالات صرافات النظام المتمثلة في القنصليات التي هي فروع لشركة ” هنبول ” والبنك التجاري لعدم وجود وسائل وبدائل أخرى ، وهذه هي الرجل الوحيدة الواقف عليها النظام فقد جفت معظم المصادر الأخرى.
من الازمات الحقيقية ايضا والتي توجه النظام متمثل في الحصار الدبلوماسي الذي يعانيه النظام عالميا فقد منعت معظم الدول الاروبية والامريكية اعطاء تأشيرات لممثلي النظام ووزرائه واسرهم ووضع قيودهم على حساباتهم البنكية في الخارج ، مما دعى النظام الى وضع اجراءات مماثلة خاصة على الامريكيين ، وهي علاقة وصلت الى القطيعة الشاملة بين العشيقة والمعشوق ، فقد شطب اسم النظام من قائمة الدول المتحالفة ضد الارهاب ، وهو دورا كم اطلع النظام للقيام به خاصة لاستخدامه ضد دول مثل السودان واليمن ، واستماتة النظام لاعادة اسمه الى تلك القائمة الى درجة كان يدفع فيها ما مقدراه ستين ألف دولار شهرياً لموظف مغمور في وزارة الخارجية الامريكية ؟ وعندما لم يتمكن بدء بسياسات المكايدة وذلك باعتقال موظفين بالسفارة الامريكية بأسمرا من ذوي الجنسية الارترية باتهامات تجسسية وزاد حدة الاتهامات الارترية للامريكيين بالقوى الاستعمارية وغيرها بعد رفض الامريكيين لطلب تقدمت به ارتريا لمنح قاعدة عسكرية في البحر الأحمر واختارت بدلا عن ذلك جيبوتي.
وعندما فشلت المحاولات السابقة حاول النظام الارتري تسويق نفسه كصانع سلام في المنظقة وذلك محاولة بحثه عن دور في المنطقة ولأن فاقد الشئ لا يعطيه فان محاولاته لم تلتفت اليها سوى القوى الاقليمية بدليل يوم توقيع اتفاق الشرق اعطت الوكالات الاجنبية جحما اكبرلزيارة مسؤل أمريكي الى دارفور ولولا تغطية الفضائية السودانية وقناة الجزيرة لما وجد الاتفاق اى صدى. وضمن السياسات الكيدية للنظام ومحاولة النيل من الولايات المتحدة ، ارسل مبعوثه الشخصي ” عبده هجي ” الى طهران مع بدء المشكلة النووية الايرانية وقابل وزير الخارجية ” منصور موتاكي” والذي وافق على طلب ارتريا باقامة سفارة لها بطهران وهو قرار أرجئ أكثر من خمسة عشر عاما رغم ان ايران كانت احدى الدول التي دعمت نضالات الشعب الارتري وخاصة الجبهة الشعبية ؟ فما هي الاسباب من قامة نفس العلاقة سابقا وماالذي جعلها تقيمها في عام2006 نتركها لحكم القارئ.
وأخذت العلاقات منحدرا اخطرا في الشهور القليلة الماضية مع الانتصارات التي حققها الاسلاميون في الصومال على أمراء الحرب والحكومة الانتقالية حيث برز اسم ارتريا كأحد الدول الداعمة لقوات المحاكم حيث قام ضباط من الجيش الارتري بمرافقة شحنات من الاسلحة الى مطار مقديشو خارقة بذالك قرار مجلس الأمن الدولي حول حذر نقل الاسلحة الى الصومال القرار رقم (1407) وأصبحت الصومال أحد أهم المواضيع التي يتناولها الاعلام الارتري وبدأت تكتب صحفه عن الاسلام ودور الاسلام في الصومال وهي ذات الحكومة التي حاولت جاهدة ومازالت طمس المعالم الاسلامية في ارتريا. ان نزول ارتريا الى حلبة الصراع الصومالي – الصومالي استقطب حليف للحكومة الانتقالية وذي مصلحة مباشرة واستراتيجية فيما يحدث في الصومال وهو اثيوبيا التي تلقت ضوءا أخضرا من الولايات المتحدة ، ومنذ ذلك الحين تناول الاعلام الارتري القضية بوصف الاثيوبين بالمرتزقة للامريكان حيث وصفت كاتبة النظام باللغة الانجليزية ” صوفيا تسفماريام ” الاثيوبين ( بالحليف الامريكي الوحيد في المنطقة ) وتباكت على الفرصة التي ضيعتها الولايات المتحدة بعدم اتخاذ ارتريا كحليف ، ولكنها تناست ان العلاقة الامريكية – الاثيوبية بدأت منذ ثلاثينيات القرن الحالي ، بينما بدأت علاقة الشعبية بالولايات في ” كانيو استيشن”.
وتمكنت القوات الاثيوبية بانزال الهزيمة بقوات المحاكم بمباركة امريكية وبدعم غير محدود من قواعدها في البحر الأحمر ، وهو ما دعى رئيس النظام الارتري من لوم امريكا على هزيمة قوات المحاكم في مقابلة تلفزونية له مع قناة الجزيرة القسم الانجليزي ، وبدء اعلامه في وصف الولايات المتحدة بالعدو التأريخي ، ولكن لم يمنع رئيس النظام من الذهاب الى مصر في الاسابيع الماضية والطلب من الرئيس حسني مبارك التوسط لدى الامريكان !! وهو أمر يدعو لأكثر من علامة تعجب.
اذن يأتي اجتماع السفراء الغريب في ظل هذه التطورات والظروف التي تمر بالنظام المتهالك والمحاصر اعلاميا ودبلوماسيا، فقد قام عدد من الوزراء والمسؤلين بالقاء محاضرات محو الأمية الدبلوماسية هذه – وهي حقا كذلك – اذ بين هؤلاء بعض الذين لم يكملوا الشهادة الاعدادية ، من المحاضرات التي بامكانها تلقي لنا بعض الضوء في نافوخ الحكومة هي محاضرة علي عبده الذي تحدث عن جعل الاعلام الارتري مصدرا للحقيقة على الصعيدين الاقليمي والعالمي، وهو اعلام دأب دائما على الدعاية فقط للنظام وهذا كان اسمه ودوره قبل التحرير وبعض التحرير ، وطمس الحقائق فكيف يمكن لصاحب التأريخ الاسود ان يكون مصدر للحقيقة ولماذا لم يقل على الصعيد الداخلي وهو الذي اغلق ابواب الصحف المستقلة واعتقل محرريها أم الحقيقة في الداخل لا وزن لها وان الحقيقة على الصعيد الاقليمي والعالمي لها وزن لما يعانيه النظام من هذا الاختناق الاعلامي المفروض حوله ، وأردف يقول ” لدى الوزارة رؤية قوية لتعزيز نشر تكنولوجيا المعلومات وتحقيق التقدم والتوسع في التغطية للوصول بفعالية الى الجمهور المنشود”. من البديهي ان يسلك النظام هذا الطريق لأنه تلقى من خلاله على أكبر هزائمه بعد ان تمكنت قوى المقاومة من النشر المعلوماتي على الشبكة الدولية في فضح وتعرية النظام واكاذيبه الصفراء ، واصبحت صفحات المقاومة اكثر تصفحا في ارتريا نفسها واصبح الجمهور يتفاعل معها ويراسلها على سبيل المثال تأتي ارتريا من اكثر الدول التي تتصفح “فرجت” أكثر من قطر ومصر حسب آخر احصائيات لدينا مما يؤشر بوضوح خسران النظام للمعركة الاعلامية، وتأتي القضايا التجسسية للسفارات من أهم واجباتها بجانب مراقبة صفحات الانترنيت حيث خاطب جمهور السفراء ممثل وكالة الأمن القومي أبرها كاسا وشدد على عزل النشئ الجديد في المهجر عن المقاومة وربطه بالحكومة بمعنى حصره ومعرفته والتجسس عليه مالم تتمكن السفارات من أرهابه من الملاحظ ان وكالة الأمن القومي ، والأعلام ووزارة الخارجية كلها تابعة لمكتب الرئيس والمتحدثين عنها عبارة عن مجرد ممثلين,
ثم الحصة التالية في فصل محو الأمية الخاص بالسفراء كانت من نصيب وزير الطاقة والثروة المعدنية الذي اشار بوضوح على جهل السفراء بالفرص الاستثمارية في الوطن قائلا :” على السفراء دور يجب ان يلعبوه بالتعرف بصورة صحيحة على الفرص الاستثمارية المتواجدة في البلاد”. وما هو معلوم ان ارتريا تعاني من شح استقطاب الرأسمال الاجنبي نتيجة لخوف المستثمرين من الوضع السياسي على سبيل المثال لا للحصر في الشهور الماضية هلل سدنة النظام فرحا عندما قامت بعض الشركات الكندية باكتشافات معدنية فقد قامت شركة “سانوريسورسيس” والتي تملك رخصة اكتشاف لما مجموعه 2600 كلم ، وشركة ” صن ريدج كوربوريشن ” التي قامت باكتشافات معدنية مهمة ايضا في منظقة ” امبا درهو” ولكن حسب قول صفحة ” افريكا أون لاين نيوز” لم تباشر اى عمليات أو حفريات تعدينية لعدم وجود مستثمرين يخوضون المغامرة لعدم استتاب الأمن والاستقرار السياسي في البلاد. فدعوة الوزير : تسفاى قبرى سلاسى للسفراء ان يجلبوا مستثمرين الى البلاد للقيام بهذه الحفريات.
أما السيدة وزيرة السياحة ووزيرة العدل سابقا التي تشح الافكار في رأسها مثل شح الشعر في حاجبيها فانها طلبت من السفراء الاتيان بالسياح وهي محاولات باءت بالفشل أكثر من مرة لا من الارتريين الذين كان يجذبهم “الاكسبو” والاحتفالات الدينية ولا من الاجانب بعد ان استصدرت معظم الدول الاجنبية تحذيرا الى رعاياها من السفر الى ارتريا.
هذا وضمت مجموعة المتحدثين كل من وزير التربية ووزير الصحة الذين كانو عبارة اضافة تجميلية ليس الا ، لم يأتو بجديد يستحق الذكر واما قديمهم فقد اثبت فشله بالتجربة العملية.
يمكننا الآن الاجابة على السؤال الذي طرحناه في بدء حديثنا عما اذا كانالنظام يواجه انتكاسة دبلوماسية فالاجابة هي نعم ، وما هذه الاجتماعات سوى ترتيب البيت من الداخل والقيام بمحاولة أخرى يستخدم فيها النظام اسلحته الاعلامية والأمنية من اعادة الاعتبار الى نفسه خارجيا ، ويخرج من الازمات الاقتصادية الخانقة داخلياا.
أما على مستوى جماهير المقاومة خارجيا فيجب تنظيم أنفسها وتجديد أدوات المقاومة وسائلها بصورة مستمرة لمواجهة اى سياسات يمكن ان تتمخض عن اجتماع ممثلي النظام في الخارج ، وان تحافظ على انجازاتها خاصة تلك التي تحققت في عام2006 وان تبدأ بالتخطيط لهذا بحيث يتم خنق النظام وعزله تماما، وكما فان مسلسل الهروب مستمرا لاعضائه ففي الوقت الذي يجتمع فيه السفراء في مصوع فقد عبر القنصل الارتري في روسيا حدود الاتحاد الاروبي الى بريطانيا.
مزيد من الانجازات للمقاومة الارترية.
والاندحار والفشل لجميع سياسات النظام البائد.
23 يناير 2007
فرجت.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5745
أحدث النعليقات