إشكالية الحكم ومشروعية الدستور الإرتري بين الواقع المغبون والمستقبل المجهول !!!

بقلم : أبو همد حريراي

 

إشكالية السلطة الإرترية ليست مسألة جديدة ولكنها خضعت لعدة متغيرات إقليمية كانت أو دولية أو محلية ، والمجتمع الإرتري الذي كنا نأمل له أن يكون في مستوى يليق به بعد نيل الاستقلال نراه اليوم وقع في غبن لا مثيل لـه ولربما في غياهب المجهول على جميع المستويات الاجتماعية والثقافية والقانونية وغيرها وقد فكك النظام الروابط بينها بحجج الوطن وهو مبرر واهن فقد اصبح المجتمع الذي أنهكته حرب الاستعمار البغيض لسنوات طوال في دائرة المجهول في سكنات اللجوء مبعثر بين وطن أشبه ما يكون بسجون وأوطان غيرهم ربما يجدون فيها متنفس كي يعبروا عن وجودهم، وقد أثبتت العديد من التقارير الواردة من المنظمات الدولية : أن حقوق الإنسان في إرتريا قد وصلة إلى مرحلة لا يمكن السكوت عليها هذا ما تقوله المنظمات الإقليمية والدولية وخاصة الإنسانية منها ولو عدنا إلى المواطن الإرتري وحاورناه في هذا المضمار سنجد أنّه بلغ به الأمر إلى مرحلة وسمها البعض بمرحلة الانفصام الداخلي للمجتمع من حيث الهيكلية التركيبية والبنية الاجتماعية وتقترب من مرحلة التفكك التام في غياب مشروعية مقننة تحكم المجتمع وفي غياب آليات عملية تواكب الحداثة في مختلف مجريات الحياة .

وهنا نتساءل هل تحكم إرتريا شرعية ثورية ؟؟ أم شرعية سلطوية ؟؟

لاشك ونحن نتحدّث عن إشكالية الحكم أن نشير إلى الشرعية التي يستمدّ منها النظام الإرتري كما يدعي هو ونحن لا ننفي أن السلطة لازمة من لوازم الأمن والاستقرار لأي بلد مهما كان حجم سكانه ومقدرته فالسلطة تمثل الضمان والأساس للأمن الاجتماعي وهذا ليس لأنها تعبر عن ضرورة أمنية اجتماعية لايستقيم وجود المجتمع بدونها وإنّما لأنها أيضا تؤدي مجموعة من الوظائف اللازمة للإنماء والتجديد الحضاري الذي نطمح فيه بعد إرتريا الدولة ولكن بكل أسف أن مصداقية السلطة التي رأت أنها تحكم بالشرعية الثورية سقطة عندما زجت كل من حاول الاصطلاح في غياهب السجون وحولت الوطن إلى سكنه عسكرية لمجموعة من المتمردين بعدهم من السودان والبعض الآخر أيضا من دول أخرى وبهذا أسقطت عنها الشرعية الثورية وبقة لها الشرعة السلطوية وهذه في عملية إسناد السلطة أو تسليمها يجب أن يكون لجهة دستورية يخولها القانون الذي ترسم ملامحه ولو بشكل مبدئي أما الشرعية التي يحكم بها أفورقي اليوم فلا تمثل سوى شرعية سلطوية غير قانونية وغير دستورية ومن هنا خلقة للمجتمع الإرتري إشكاليات عدة في كلّ السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وهذه السلطات تتكامل في بناء الدولة وأمنها واستقرارها وبناءها الحضاري .

وهنا أودّ الإشارة فحسب على إشكالية الحكم ومشروعية الدستور في الواقع المغبون الذي لايحسّه إلاّ الذي عاشه عن كثب وتجرّع من آلامه ومن ثم فرّ بحياته ليحيا حياة جديدة في غربة يفضلها على وطنه لأنّه وجد فيها متنفس للحياة .   

فالحياة الإنسانية التي تسعى نحو الألفة بطبيعتها البشرية أساسها القانون وهذا القانون له فلسفته في كل مجتمع فقد يسود قانون ما في بلد ما ويمكن تطبيق بعض فقراته في بلد ما ولكن قد لا يتناسب وواقع بلد آخر أما البلد الذي يجهل فيه أو لا يعتبر فيه القانون إلاّ لسلطات التي تطلق على نفسها أنها على رأس الهرم بشرعية دستورية أو شرعية ثورية فهذه من أكبر الإشكاليات في دولة كإرتريا  لعديد من الاعتبارات ربما يذهب بنا الموضوع بعيدا لو تحدثنا عنها ولكن حتى نوصل ما وضعنا لـه عنوانا للقارئ المثقف والقانوني الواعي نقول له أن الحياة التي أصبحت جحيما على المواطن الإرتري بسبب فرط رجالات القانون إن كان في البلد رجال قانون ويفهمون الأسس التي تقوم عليها الحياة بشكل متوازن في أطرها القانونية وهذه تكون بشكل متدرج بين القاعدة الشعبية التي تمثل الأصل في المرجعية الدستورية ثم يأتي الدستور المكتوب في بيان التشريعات العادية تمّ تليه التشريعات الفرعية وهذه تراعى فيها الخصوصيات الاجتماعية للمجتمع الذي تشكل منه الدولة ثم يأتي في مرحلة العقد القرارات الإدارية والحكم القضائي المستقل .

وهنا يجب أن ننبه لأمرين مهمين هما : –

أولاً : لابدّ من الترتيب المنطقي والعقلاني للقواعد القانونية وهنا يمكن أن نقول أن كل قاعدة قانونية يجب أن تستمد قوتها الملزمة من القاعدة التي تعلوها ، وهنا نقول للبيان فحسب : ” أن الإلزامية القانونية هي في إطارها العام تشمل الجميع والخصوصيات لها شرعيتها القانونية وقد يكون العرف الاجتماعي مساعدا في حل إشكالها فالأعراف الإرترية إذا ما قننت تكون ضابطا اجتماعيا لكثير من السلوكيات التي لايطالها القانون العام وتكون الدولة في حالة حلول عنها بحجج واهية ” والأحكام والقرارات التي تستمد قوتها من القانون وهذا الأخير أي القانون يستمد قوته من الدستور وهو بدوره مستمد قوته من القاعدة الشعبية التي تمثل المجتمع ويمثلها أكفاء من الهيئات البرلمانية بمختلف مستوياتها أما مجتمع مشكل من رسم شكلي للبرلمان ورسم صوري للوزراء ومجموعة موظفين لا يمثلون حتى مواطنين أو مراقبين وكأنهم يعملون في شركة أجنبية ألا يمثل غبن غير مسبوق؟؟؟ وإشكالية في السلطة لم تعهدها أي دولة من الدول ؟؟.

ثانيا : لابد من الحديث عن السلطة التي تمثل القمة الهرمية بالشكل الطبيعي والمنطقي لأننا كلما تركنا الحديث عن القمّة ابتعدنا عن العمومية والتجريد وكلما اقتربنا من السفح دخلنا مرحلة الخصوصية وهنا يجب ألا ننسى أن ما يجب أن يتمتع به أي مستوى من مستويات الهرم التنظيمي للدولة من عمومية أو خصوصية هو مسألة نسبية وليست مطلقة كما هو الحال عند زعيم حزب العدالة والديمقراطية الذي جعل كل ما هو موجود في الدولة مجرد عن الذاتية وعن الخصوصية ، ونحن نقول حتى الدستور على سبيل المثال هذا لو كان قائما يمثل قاعدة مجردة بالنسبة للقانون ولكنه أقلّ تجريدا بالنسبة لبعض الخصوصيات التي تعلوا قمة الهرم في الدولة والقانون أيضا يعتبر مجرد تطبيق للدستور فهو أقل تجريدا من الدستور .

وعلى ضوء هذا التحليل يمكن أن نقول : إن إشكالياتنا تتمثل في الحكم والمشروعية الدستورية التي تعدّ مجهولة في إطار ألا قانون وهذه يجب أن تحتل القمة ثمّ تليها السلطة التشريعية .أمّ المرتبة الثانية فتحتلها السلطتان التنفيذية والقضائية وبهذه المثابة فلامجال – والأمر كذلك للتمييز بين أفراد المجتمع من حيث الحقوق والواجبات الوطنية وإن كانت هنالك بعض الخصوصيات فهذه تظل في دائرة القضاء الذي يمثل سلطة مستقلة ومن يتولى أمر ذلك لابدّ أن يكون ذا ضمير يقيم العدل ولا يخصص في الحكم وبهذا المنطلق أقول أن السلطة القضائية التي نفتقدها إذا ما كتب لها يوما أن تكون فلا بدّ أن تتمتع بالاستقلال العضوي وعلى العكس منها أن تكون كل الوظائف الإدارية خاضعة لجهات نقابية ولكنها في إطار القضاء المستقل والقانون العادل.

 

 

       ABHOMDHRIRY@YAHOO.COM

             


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6098

نشرت بواسطة في مايو 19 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010