الجنبغال هي امتداد لعصابات إجرامية قديمة
بقلم : أحمد أسناى
(شفتا قبري شفتا غيير رئينا أطال طبي حججفا تقاليت إقل تسكي و انتدننك مدر مسا ديبا) لقد قرأت ما خطه قلم الأستاذ جابر سعيد عن جنبغال الذي أصبح ينهب ويقتل بدم بارد ويتنقل بحرية في غرب إرتريا وإقليم تقراي الإثيوبي دون خوف من النظامين أو الحكومتين في كل من إرتريا وإثيوبيا وقد فصل الأستاذ جابر بعض ما قام ويقوم به الجنبغال من جرائم النهب والسلب والقتل لكل من وقف في وجههم من الأهالي والرعاة وأصحاب المواشي التي يستهدفونها ثم حدد الزمن الذي ظهرت فيه هذه المجموعة المكونة من مجموعة إثيوبية وإرترية من الناطقين بلغة التقراي- تقرينية منذ شهر يوليو عام 2001م وقد يكون من نقل له هذه المعلومات صغير سن أو لم يحالفه الحظ في الالتقاء بأسلافه الذين عاصروا الجنبغال قبل هذا التاريخ لأن الجنبغال هو اسم اقتبسه الأستاذ جابر الذي يتحفنا دوماً بإبداعاته في اختراع الأسماء التي تتوافق والتطور الحديث حيث أطلق هذا الاسم على هذه المجموعات إلا أنه في نفس الوقت أطلق نداءً إلى كل من يهمهم الأمر من أبناء إرتريا من كتاب وكوادر كما وجه نداءً إلى التحالف الديمقراطي (تحدي) وإلى تنظيمات بعينها لا لشيء ولكن لكونها تنحدر من تلك المناطق التي يستهدفها الجنبغال في الوقت الحاضر على الأقل وقد تتوسع رقعة تحركها إذا لم يتدارك الناس الأمر. كما حدد الأخ جابر نوع السلاح الذي يستخدمونه وضحاياهم بل وذكر مشكوراً أسواق بيع هذه المواشي المنهوبة بسوق المواشي في مدينة (مغلي) الإثيوبية في إقليم تقراي.
أولاً أود أن أشكر الأخ جابر على نقل هذه المعلومات الهامة والخطيرة جداً بكل ما تحمل كلمة خطيرة من معنى ومضمون كما أعتذر عن عدم الرد كفرد من أفراد هذا الشعب ولم يكن ذلك إلا مشاغل الدنيا التي أصبحت حجتنا الواهية للانصراف عن تناول قضايا في غاية الخطورة بل وقضايا تهدد الهوية والوجود في ظل هذه البرامج التي أصبحت تطبق على الواقع بعد أن كانت حبيسة الغرف المظلمة والمنشورات السرية وسوف أتناول الأمر على النحو الآتي وقد أصيب أو أخطئ في بعض الجوانب مع استعدادي التام لتقبل أي توجيه أو نقد بناء أو تصويب فيما يقع مني من أخطأ غير مقصودة بطبيعة الحال وما يخدم القضية العامة:-
1- الخلفية التاريخية للجنبغال.
2- متى ظهرت مجموعة الجنبغال الحديثة؟
1)الخلفية التاريخية للجنبغال: بعد هزيمة الإيطاليين في الحرب العالمية الثانية والتي كانت أرض إرتريا جزءاً من مستعمراتها وتولي القوات البريطانية مقاليد الأمور في إرتريا وبداية تأسيس الأحزاب الوطنية والعميلة ظهرت مجموعة عصابات الشفتا عُرفت في أوساط أهلنا في المنخفضات الارترية والتي كان يوالي اغلب سكانها حزب الرابطة الإسلامية التي كانت تنادي باستقلال إرتريا ظهرت هذه العصابة على شكل مجموعات نهب قادمة من وراء الحدود فبدأت بالنهب والسلب فكلما تصدى لها الأهالي كانت لا تترد في قتلهم وفي حال الفشل من سوق – اقتياد – المواشي من البقر والأغنام كان أفرادها يرضعون الغنم التي لن يتمكنوا من أخذها لكي يشفوا غليلهم وعند أهلنا المعروفين بنخوتهم ومروءتهم يعتبر هذا الأمر عيباً بل عاراً أن يرضع المرء البهيمة مهما بلغ من الجوع أو الحاجة فكانت النساء تتغنى بالأغنية التي استهلت بها مقالتي هذه وتعني (شفتا= قطاع طرق قبري نسبة لقائدها الذي كان اسمه قبري شفتا غيير رئينا = رأيناهم بئس الشفتا لأن سائر الشفتا كان فيهم نوع من الشهامة حيث كانوا يكتفون بنهب المواشي وقتل الناس ونهب وسلب ما يرونه نافعاً لهم ولم يُعرف عن الشفتا أنهم يرضعون الأغنام بل هناك ممن أطلق عليهم الشفتا من الذين تمردوا على الطليان والانجليز وعلى حكام الحبشة القدماء وقد كان منهم من حمى الحمى والحريم والديار فكلمة الشفتا لها معاني كثيرة لذلك لزم التنويه حتى لا يأتي من يقول بأن هناك الكثير ممن كانوا يمارسون أعمال النهب وليسوا من الناطقين بلغة التقراي-تقرينية إلخ..) هذه المجموعة قد استهدفت المنطقة الغربية وكل المناطق التي كانت ترفع شعار الاستقلال كما أسلفت وقد امتد نشاطها إلى المرتفعات الارترية لخطف الأحرار من المسيحيين ونهب مواشي المسلمين حيث حكى لي أحد الآباء – أسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية ويمد في عمره – قصة مطابقة لما جاء في مقالة الأستاذ جابر من معلومات حيث قال: (( كان الشفتا يغيرون على القرى المسلمة في محافظ سراي وينهبون مواشيها، فحينما نذهب لإبلاغ السلطات البريطانية التي كانت مسؤولة عن الأمن في البلاد يفتح المحضر في مخفر الشرطة وهاك يا سين وجيم كم عدد البقر؟ وكم عدد الثيران؟ وكم تثمنها – يعني سعرها – مجتمعة؟ ولكن دون جدوى فلم يستعيدوا أي شيء مما نُهب فتساءل أحد الظرفاء حينما سأله المحقق قائلاً: كم تثمنها؟ فرد ذلك الظريف: وما الفائدة من معرفة ثمنها؟ إذا لم يكن بالإمكان استعادتها؟ فرد عليه المحقق غاضباً بأن جاوب على قدر السؤال الموجه إليك، فذهب ذلك الرجل النبيه إلى احد أصدقاءه ممن يعملون في سلك الشرطة ليفاجأ بالحقيقة حين قال له ذلك الرجل بأن الانجليز لا يحققون معكم لكي يستعيدوا ماشيتكم ولكنهم ليتأكدوا بأن عدد المواشي التي مرّت عبر الحدود إلى تقراي مطابق لما ذكره المواطن الذي نهبت منه فإذا لم يكن العدد مطابقاً يطالبون الشفتا بالتعويض عن هذا التحايل المتعمد)). تماماً كما جاء في مقال الأستاذ جابر.
ذهب الانجليز وربطت إرتريا بالاتحاد الفدرالي الذي انهار قبل أن يبدأ بسبب مؤامرات داخلية وليس كما يحلو لنا أن نقول بسبب مصالح أمريكا وبريطانيا آنذاك فمصالحهم كان يمكن أن يضمنها لهم حتى لو استقلت إرتريا ممن يحكمها كما هو الحال الآن. ظهرت مجموعة موشي دايان وأهل أغوردات (وهران) الصامدة وكل من مرّ من ذلك الطريق يعرف تلك المجموعة وهي مجموعة مكونة من حوالي سبعة أفراد مسلحين تسليح جيّد ويتحدثون اللغة التقرينية وكانت تكمن هذه المجموعة في منطقة (هالاقة – Halaga) بالقرب من مدينة أغوردات في الطريق الرئيسية المؤدية إلى مدينة كرن وقد ارتكبت هذه المجموعة جرائم نهب وسلب لدرجة أن بعض سائقي الحافلات السفرية كانوا يأتون من تلك الجهة عراة إلا من الملابس الداخلية بسبب أن ما يرتديه من قميص أو بنطلون قد أعجب رئيس العصابة أو أحد أفرادها فيطلب منه خلعها فيتجرد المسكين من ملابسه إلى أن يأتي إلى أغوردات أو بلدة إنقرني إذا كانت وجهته كرن أو اسمرا وقد حدثت عدة محاولات من مواطنين كانوا ضمن ركاب الحافلات للامساك ببعض أفراد الشفتا ولكن معظمها انتهى بدون نجاح (وسوف أتناول بعض البطولات النادرة التي حدثت من بعض الآباء تجاه الشفتا في الماضي والحاضر في ملحق لهذه المقالة إن شاء الله)، وكان زعيم تلك العصابة المشئومة موشي ديان نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي لأنه كان ذو عين واحدة وكان يغطي العين المفقئة بقطعة قماش قد ارتكب جرائم أخلاقية بحق من تقع في طريقه من النساء ويعجبه جمالها حيث كان يطلب من أفراد عصابته أخذها إلى تحت الجسر – كوبري – ليفعل بها الفاحشة، وكما يقول المثل الشائع وشر البلية ما يضحك فبعد أن قُتل في معركة مع قوات الكمندوس وأحضرت جثته إلى أغوردات جاءت إحدى الفتيات الإيطالية وهي من سكان مدينة أغوردات يبدو بأنها من ضحاياه بصقت عليه وداست على رأسه فقال لها احد الخبثاء ماذا صنع بك حتى تفعلين به هكذا فردت عليه غاضبة (stai zito) وتعني أصمت – أخرس- ومن ضمن الجنبغالات التي أغضت مضاجع الناس عصابة من قوات المليشيات العميلة للاستعمار والتي تم تجنيدها بواسطة العدو لملاحقة الثوار والتي اتخذت من قرية فردقي بمنطقة بقو مكمناً لها لقطع طريق السيارات والشاحنات والحافلات وكلها تقع في محافظة سنحيت في الطريق الرئيسي الذي يصل كرن بأغوردات وقد سرت إشاعات من قبل عملاء العدو بأن افراد تلك العصابة هم من الجبهة، فما كان من الجبهة إلا أن أرسلت إليهم مجموعة من الفدائيين الذين تمكنوا من القبض عليهم أحياء بعد أن جاءوا – الفدائيين- ضمن ركاب إحدى الحافلات فأنكشف المستور واتضح بأن العصابة كانت من المليشيات العميلة (nech lebash) وكانت تنهب بمعرفة بل وبمباركة العدو لأن الحامية التي كانت فوق قمة زبان كانت تراقب ما يجري بواسطة المناظير وبعض القبض عليهم بواسطة الفدائيين تم إرسالهم ضمن الحافلة التي أتى معها الفدائيين إلى مدينة كرن ليعلم العدو بأن الثوار أكبر مما يصورهم وتطول القائمة وقد يأتي من يضيف أو يحذف مما ذكرت آنفاً وقد اختصرت الموضوع وحصرته على وقائع ومسميات بعينها ولم أسهو عما كان يحدث لأصحاب المواشي في القاش من قتل ونهب للمواشي وسوف أتناوله في الفقرة التالية بإذن الله.
2)متى بدأت عصابة الجنبغال الحديثة؟ لقد بدأت بالتحديد بعد المؤامرة التي اشترك فيها أصدقاء الأمس أعداء اليوم في إخراج الجبهة من الساحة الارترية في عام 1981م فبعد أن تأكد الجنبغال خلو الساحة الارترية إلا ممن يغضون عنهم الطرف تحركت خلاياهم النائمة أو تحركت شرايينهم التي كانت قد أوشكت على الموت والهلاك والانحصار بلا عودة فبدءوا يقطعون طريق المسافرين من إرتريا إلى السودان لأن في وجود الجبهة لم تكن هناك عصابات بل كانت كل التحركات تخدع للرقابة الصارمة ولا أحد يتحرك إلا بتصريح مختوم وكان المواطنين لا يسمحون بأي تحركات مريبة بل وكانوا يسارعون إلى الإبلاغ عن أي تحرك غريب يرونه، وقد أوقفت الجبهة عصابة نهب المواشي التي كانت تأتي من إقليم تقراي الإثيوبي وتنهب المواشي من إقليم القاش الارتري حيث وجهت إليهم إنذاراً لكي يسلموا أسلحتهم في مدة أقصاها ستة أشهر فما كان من تلك العصابات التقراوي إلا أن أكملت تسليم أسلحتها للجبهة في غضون ثلاثة أشهر فقط ليت شعري.
هذه العصابات كانت موزعة ما بين المدن الارترية الغربية كرن أغوردات تسني بارنتو وبين مدينة كسلا والعاصمة السودانية الخرطوم والجزء الذي يقوم بالنهب كان أغلب أفراده يتحركون من مدينة كسلا السودانية ، حيث تبدأ المآسي إما من الخرطوم بالنسبة للقادمين من الخارج والراغبين بالسفر إلى أرض الوطن عبر الوسائل التقليدية (جمال – حمير – مشياً على الأقدام) وإما من كسلا ويستفسر أفراد العصابة عن كل ما يملك المسافرين عبر وسائلهم الخاصة من أموال والطريق التي سيسلكونها مثل أن يكون طريقه عبر بلدة عواد والماريا ثم عن طريق (كتاي كش) مروراً بالقدين إلخ… فيرسلون معه خفية من يترصد طريقه أو من يسبقه إلى حيث الكمين المتفق عليه فيقع الضحية بكل سهولة ولا يستطيع أن يخبئ شيئاً لأن الذي يقطع طريقه قد تلقى معلومات كافية عن مكان إخفاء النقود والمجوهرات وغيرها من الأشياء الثمينة وقد تعدت تلك العصابات إلى نهب المواشي من المواطنين في بركة والقاش وبيعها في مكان مجهول ولكن جزى الله أخانا جابر خيراً حيث كشف لنا السوق التي كانت ومازالت تباع فيها مواشينا المنهوبة رغم ما يبديه الطرفان من عداء وقد ذكر لي احد المواطنين الذين كانوا يعملون في نقل البضائع والمسافرين من كرن إلى كسلا في العام 1989م بأن من يقومون بهذه الأعمال المشينة أناس معروفون وقد ابلغ الجبهة الشعبية عنهم وقال لم يعيروا شكواه أذناً صاغية. وأخلص إلى القول بان الجنبغال ليست جديدة ولم تبدأ أعمال النهب في العام 2001م ولكن يمكن القول بأنها قد استحدثت نظام تسليحها وعلمت بأنها غير ملاحقة من قبل الحكومة أو المعارضة فكشفت عن وجهها وأصبحت تتحرك بحرية تامة تجوس جلال الديار زارعة الرعب في كل مكان استهدفته.
وبعد أن علمنا بأن الحكومة تغض الطرف وكذلك حكومة إثيوبيا تغض الطرف فهل نحن أيضاً نغض الطرف ألم يكن بمقدورنا حتى استنكار هذا الأمر أم ننتظر حتى يطالنا الأمر فنتحرك بعد فوان الآوان؟ المسئولية تتفاوت حسب المواقع فليت الكل يعمل حسب موقعه ويعتبر نفسه مسؤولاً أمام الله ثم أما الوطن وكنت قد كتبت مقالا تحت عنوان ( حتى لا يأتي يوم نقول فيه .. أكلت يوم أكل الثور الأبيض) وكان ذلك بعد هدم النظام لأربعة مساجد في مدينة مندفرا ولم يحرك التحالف ساكناً بينما رأينا ذلك التباكي من البعض على اضطهاد نظام الجبهة الشعبية لأتباع ديانة (شهود يهوا Jehova).
فالمطلوب من التحالف ليس إدانة واستنكار فقط بل رفع هذا الأمر إلى الجانب الإثيوبي الذي سوف لن ينجو من الضرر إذا توسعت رقعته ومشاكل الشعوب المتجاورة إذا قامت فلا يمكن لكائن من كان إطفاءها وفي الختام أوجه النداء إلى كل المواقع الحُرة تناول هذه الأمور الحساسة وتحليلها ووضع الحلول لها.
والله من وراء القصد
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6156
أحدث النعليقات