يكفيك تزويرا للحقائق يا محمد عوض
بقلم/ ايمن احمد
لعبت الصحافة على مر العصور ولا تزال دورا هاما في توجيه الرأي العام في المجتمعات المختلفة وكانت لها الريادة في التصدي ومعالجة العديد من القضايا الملحة. ولان دور الصحافة كان هاما وحاسما عبر التاريخ استحقت صفة السلطة الرابعة في المجتمعات الديمقراطية التي تؤمن بحرية التعبير والرأي الآخر وهي ثقافة نناضل من اجل إرسائها جميعا في بلداننا التي لا تزال ترزح تحت الظلم والقهر. وحتى تتمكن الصحافة من أداء دورها ورسالتها السامية التزم رجالاتها على اختلاف بلدانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية أو الزموا أنفسهم بمثل وقيم سامية كانت في مقدمتها نقل الحقائق كاملة بأمانة وحياد وعدم ممارسة دور الوصي على المتلقي وهو أمر نفتقده تماما في من يمتهنون الصحافة ارتزاقا في عالمنا الثالث أو كما قال احد أصدقائنا يوما “إن الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له”.
إن ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة هو المرافعة الضعيفة التي قام بها الصحفي السوداني محمد عوض عن نظام القمع والتسلط في إرتريا ومحاولته إظهار أن هذا النظام هو حالة مثالية يجب أن يقتدي بها الآخرون وأنموذج مشرف في منطقة القرن الأفريقي.
وأنا هنا لست بصدد محاكمة الأخ محمد عوض فهو حر فيما كتب ولكني فقط أود التعقيب على مقاله الذي نشره في صحيفة الوطن القطرية وأعاد نشره موقع عونا والذي جاء تحت عنوان:- المعارضة الإنشائية والتجريح الالكتروني-.
وقبل أن ادخل في تفاصيل ما كتب الأخ محمد عوض كنت أتمنى لو أدى عمله الصحفي بمسئولية وأمانة وانحاز إلى الحقيقة بدلا من إطلاق تسميات وصفات قل ما نجدها في الصحافة الحرة والمسئولة في عالمنا المعاصر، وهي كتابات غالبا ما تصدر من صحفيي المقاولات الرديئين أو مندوبي الإعلانات، ولذلك يندرج ما كتبه تحت مسمى مقالات العلاقات العامة أو ما يعرف في الصحافة باسم “حملات تحسين الصورة” وهو أمر درجت عليه العديد من المؤسسات الصحفية التي تنتهج هذا الأسلوب كوسيلة لجني الأرباح.
تحدث الأخ “عن الشفافية وانعدام الفساد في إرتريا التي وصفها بدولة رائدة لولا تكالب الحساد عليها” استغرب أن يصدر مثل هذا الكلام غير الدقيق وغير الأمين من صحفي يعرف تماما الأساليب والنظم العلمية التي تتبع لمعرفة مستوى أداء أي حكومة وتقييم حالة الفساد فيها. ويبدو أن الأخ استمد معلوماته من أصدقائه داخل النظام الإرتري وعليه يمكن اعتبار ما ذكره عن انعدام الفساد في إرتريا ما هو إلا محاولة تضليلية أخرى وتبرير غير مقبول لموقفه المتجاهل لمعاناة شعبنا الذي يرزح المئات من أبنائه في السجون والمعتقلات.
وبالمناسبة يا أستاذ محمد عوض أن الأموال التي تجنيها من النظام للتطاول على المناضلين والشرفاء ولتزوير وقلب الحقائق هي انصع دليل على فساد هذا النظام، لان هذه الأموال هي من مقدرات امتنا ولا يحق لأي من كان أن يبعثرها في غير وجهتها ويصرفها لأغراض شخصية، ولو أراد أصدقائك في إرتريا منحك أي هبات مالية كان يفترض أن يمنحوك ما يشاءون من مالهم الخاص لان إرتريا أحوج لأموالها وأنت أكثر من يعلم هذه الحقيقة.
ثم تطرق الأخ إلى المناضلين الشرفاء الذين افنوا جل شبابهم من اجل قضايا وطنهم حتى تحقق الاستقلال وعاد البعض منهم إلى البلاد للمساهمة في أعماره بعد أن خدعوا بالأكاذيب التي أطلقها النظام مدعيا أن باب المشاركة في مستقبل إرتريا مفتوح للجميع، ولم يختاروا أن يكونوا سياحيا ولكنهم اجبروا على التسكع في شوارع اسمرا بعد أن حرموا من كل الوظائف التي تتناسب مع قدراتهم العلمية وتاريخهم النضالي المشرف، وعلى العكس من ذلك وجدنا أن أعضاء الايسبا وعملاء الدرق يحظون بالوظائف والتكريم. وكان الاعتقال والاختطاف مصير معظم هؤلاء الأبطال الذين حاولوا المطالبة بحقوق الشعب وتصحيح الأخطاء القاتلة التي ترتكب ضد أبناء الأمة.
أما الحديث عن الشيكات وتحريرها فهو أمر ليس من شيم ثوارنا الأوفياء وإذا نسي الأخ محمد عوض من الذي يستلم الشيكات للمتاجرة بالآم ومعاناة امتنا اذكره فقط انه وعندما كان النظام يدعوه إلى إرتريا ويستضيفه في أفضل فنادقها كان هؤلاء المناضلين يلاقون اشد أنواع الذل والمهانة في معتقلات النظام لا لجرم اقترفوه ولا لذنب ارتكبوه وإنما فقط لمطالبتهم بالحقوق، ولو كانوا كما ذكرت لتبدل حالهم كثيرا وما عبد القادر حمدان والحثالات أمثاله إلا دليل واضح على ما أقول.
أن إرتريا اليوم وبشهادة كل المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال حقوق الإنسان هي أكثر الدول قمعا لشعبها وان عدد المعتقلين والسجناء من الصحفيين ورجال الإعلام فيها هو الاعلي على مستوى القارة السمراء، ولكن ما يبعث للدهشة والحزن أن يأتي من يدعي انه صحفي ويحاول أن يغيب هذه الحقائق عنا. لا يا أخي لن تستطيع حتى ولو أردت وإذا كنت لا ترى ما يحدث في إرتريا أو أصبت بضعف في النظر أتمنى أن تطلب من أصدقائك في النظام أن يشتروا لك إحدى النظارات التي تسمح لك بوضوح الرؤية حتى تتمكن من رؤية ما يحدث…
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6168
أحدث النعليقات