علي سيد وتساؤلات ما بعد الرحيل
بقلم : اسماعيل عمر
كان ينظر اليه في يوم من الايام علي انه الرجل الثاني في الدولة وانه خليفة رفيقه اسياس في الحكم ، وبأعتباره من المؤسسين الاوائل والمناضلين القدامي كان لهذا الاعتقاد ما يسنده ويؤيده .. .. ولكن جاءته ضربة النهاية علي غير المتوقع لتنسف ما تبقي لنا من اعتقادات او قل اوهام… وتعزز ما كنا نشكك فيه من ان نظام الحكم تحت سيطرة مجموعة من التماسيح لا تكف عن زرف الدموع وراء كل ضحية من ضحاياها …..
لقد عاملوه كشجرة ناموا تحت ظلالها فترة … ثم قطعوها ليتدفأوا بها …… ضحوا به مثلما ضحوا بالعشرات من امثاله ولم يعد يستحق منهم سوي وجبة (زقني) مسمومة ( حسب الشائعات التي يرددها الناس في الداخل و الخارج ) ثمنا لتاريخه وتضحياته ……..
انها اشهر خصالهم .. التخلص من الخصوم مهما كانت مكانتهم بلا تردد بلا رحمة .. بلا خطوة واحدة الي الوراء … فقد حدث ذلك مع العشرات فمنهم من وجد مقتولا داخل مكتبه واخرين في الفنادق و البعض علي قارعة الطريق …
ان من ينتهي دوره يشعلون فيه النار .. من يفقد صلاحيته يشحنونه الي الجحيم ولكن اكثرنا لا يقراء التاريخ و لو كان قد قرأه فانه بالقطع لم يستوعبه …
اننا بالرغم من ايماننا بقضاء الله وقدره الا ان توقيت الحادث وظروف الوفاة تفرض علينا الكثير من علامات الاستفهام ،،،،، ان الصدمة هائلة يصعب علينا بلعها وهضمها بسهولة خاصة وانه لم يكن يشكوا من اي اعراض مرضية قاتلة بل كان في كامل صحته وهو يدخل قاعة الحفل ويتجازب اطراف الحديث مع اصدقائه القدامي لاخر مرة ..
وما يدفنا الي الشك هو ان الامور بينه وبين الرئيس لم تكن علي ما يرام … فهناك حديث عن حسابات قديمة جديدة ….. يدخل فيها استياء علي سيد الشديد من الطريقة التي ادار بها الرئيس مسألة الخلاف الحدودي مع اثيوبيا .. وتعامله المثير للجدل لاحقا مع مجموعة ال15 وهي القضية التي خرج بعدها اسياس في شخصية تجمع ما بين النبي موسي وصدام حسين وراح يصرح عبر اجهزة الاعلام بأنه قد خلص البلاد من شر العملاء والمتامرين …. وهناك احاديث اخري عن اعتراضاته المتكررة فيما يتعلق بتجاوزات ما يعرف بمكتب الرئيس ( السلطة الفعلية المتحكمة في تصريف شؤون البلاد ) وتدخلها في اختصاصات الوزراء …. فكان يرفض ان يدير جهازا يتم التحكم فيه من علي البعد ( بالريموت كنترول ) .
انه باختصار لم يكن ممن يمسحون الغبار عن وجوههم مع كل طلعة شمس في اضرحة الاولياء طلبا للستر او طمعا في منصب …. ولم يكن ممن يرفعون شعار ( لو كان لك عند الكلب حاجة قل له يا سيدي ) كما يفعل البعض … بل كان جريئا متحديا ، مما ادي بالرئيس الي اللجوء للبلطجة في التعامل معه …. وربما ابلغ دليل علي ذلك واقعة الاشتباك التي قيل انها حدثت في احدي النوادي الليلية التي يرتادها كبار رجالات الدولة جنوب العاصمة اسمرا ، بين اسياس وكل من علي سيد ووزير الاعلام السابق براخي بعد مشاداة كلامية سرعان ما تحولت الي معركة استخدمت فيها الايادي وزجاجات البيرة الفارغة ، وانتهت بتدخل الحرس الشخصي للرئيس واصابة وزير الاعلام بجرح في العين نقل علي اثره الي السعودية للعلاج ..!
لا احد يستطيع تفسير تلك الحادثة او يملك نفيها او تأكيدها ، لكن سرعة انتشارها وسط الشعب وفي المقاهي والشوارع يدعونا الي تصديقها ولو جزئيا طبقا لمقولة ( ان لا دخان بلا نار ) ، و خاصة وان شعبنا يتميز بحاسة شم فريدة في التقاط الخبر دون ان يبدئ اي ردة فعل ، خوفا و يأسا وعجزا في التغيير .
ان سهم الله قد نفذ ولا نملك سوي الدعوة للعودة الي التاريخ والاستفادة منه ، وان طريق الاستقامة الوطنية فيما هو شائع اصبح لا يوصل الي شئ …… بل الي الجحيم ..!!!!
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6219
أحدث النعليقات