الإرتريون والهوية الإرترية. . أزمة هوية أم أزمة مواطنة

بقلم : محمد هنقلا

 

إن ميلاد مفهوم الهوية الإرترية ولد مع الإستعمار الإيطالي وتتمثل هذه الهوية ب ( الأرض التي مساحتها 119 ألف كلم ) والسكان الذين يقطنون هذه المساحة من الأرض , ولم يكن هذا وليد خيار بل يماثل في طبيعة تشكله كل الخيارات التي أوجدها المستعمر الأوروبي الذي وضع الحدود بناءاً علي رغباته الأستعمارية, وبعيدا عن مراعاة الجانب الثقافي والعرقي, ونتيجة هذا الفعل وجد الشعب نفسه في مزرعة إسمها إرتريا.

إذن أول قاسم مشترك للكيان الوليد:

 

1 أنه تحت إدارة سلطة واحدة

2 مساحة محددة من الأرض , وسكان يقطنون علي هذه المساحة التي أسمها إرتريا, وإن كانت هذه القواسم ضعيفة في منشأها, تعززت عبر التاريخ , تاريخ النضال الوطني (السلمي والعسكري)وتم إعلان ضمني عن وحدة الشعب الإرتري وهذا واضح علي مفاصل قرار التقسيم الذي رفض آنذاك ( بين المنخفضات والمرتفعات) ولهذا أنا ميال إلي قول ( حادي هزبي حادي لبي ) الذي تحقق منه الجزء الأول ( حادي هزبي ) وتم إخفاق في إنجاز الجزء الثاني (حادي لبي) فإن المشاعر والإحساس المشترك أصيبت بشرخ نتيجة إخلال أحد أطراف الإتفاق الضمني ( التقرينية ) بعد أن تحقق النصر رغم مساهمة الكل في صناعة هذا النصر .

بعد هذه المقدمة أدخل في حوار مع الدرلسة (الأرتريون والهوية الأرترية) وكتبها د. جلال الدين, أولا أسجل إعجابي تجاه الأسلوب المنهجي ثم المعرفي الذي من خلاله حاولت الدراسة أ، تضع الحصان أمام العربة , وأعزز من مقولة أرض الهرم القائل كتابات جريئة , نعم يا جابر سعيد وأيضا كتابات قتالية بسلاح المعرفة. ولهذا أحاول مجرد محاولة أن أرتقي إلي نفس المستوي, مستوي الجرأة من خلال هذا الحوار.

 

نبدأ أولا بتشخيص خصوصية الهوية. البحث عن الهوية الأرترية يجب أن ينطلق من المكونات الحالية للشعب الإرتري دون التوغل في التاريخ القديم إلا إذا كان هذا التوغل لخدمة الحاضر لأن المكونات الحالية هي المميزات الأساسية للهوية الأرترية وأقصد بهذا كل مراحل تاريخ النضال وكذلك العوامل الأخري التي ساعدت في تحديد تقاطيع الشخصية الأرترية.

 

ثانيا: كلمة نحن والآخر , إن الشخصية النضالية الإرترية كانت مصطفة تحت شعار نحن ضد الإحتلال وبعد الإستقلال إنشطرت هذه النحن إلي أكثر من أنا لأنها لم تثقف نحن المقاومة للإحتلال مع نحن ما بعد الإستقلال ولهذا أصبح يشطح أحد مكونات نحن الأرترية , وأقول يشطح لأنه لم يتعامل مع المعطي كما يجب وهكذا عبرالكيان عن هويته , إذن ما دام عبر الكيان عن ذاته لماذا تعريف المعرف ؟ من المفترض أن يكون التركيز علي هوية نحن المغيب من خلال وضع نظرية ترشد أهداف هذه النحن وعوامل بلورتها وهذا يتم من خلال قراءآت خصوصية كل (أنا) داخل حوش نحن بعيداً عن رسم الصورة الوردية, أقول هذا خوفامن المشهد السائد ليس إلا. ونقرأ هذا في مسار التاريخ الإرتري , ففي مرحلة الإستعمار أن هوية نحن كانت متماسكة نسبياً تحت شعار المقاومة وعندما جاءت مرحلة صياغة ما بعد الإستقلال ظهرت أنا المهيمنة لتعيق تفاهم نحن حول القواسم المشتركة . إذن في جو مثل هذه الثقافة ماذا يمنع نحن المغيبة إن تمارس نفس اللعبة مع نفسها أو مع الآخر لأن القواسم المشتركة حتي الآن غير مبلورة وإن عنصر توحدها هو مقاومة هوية الهيمنة السائدة, وماذا بعد هذه المرحلة ؟ ولهذا يجب أن تكون أوليات القراءة بلورة الشخصية المهمشة بأسلوب منهجي قبل مقاومة هيمنة الآخر, وإن هذا الوضوح يضيق مساحة المناورة مناوارات أنا المهيمنة في إستقطاب ما يناسب هيمنتها . وبالتالي علي معسكر ود عد كما يسميه البعض أن يقدم ذاته بشكل واضح لا لبس فيه كما هو واضح اللون في أنا الهيمنة وعبر بلورة ذاتنا أعتقد هذا لن يضيف شيئاً إلي القضية الجوهرية ولهذا يجب أن ننطلق أولاً من شعار أعرف نفسك قبل الآخر . . .

 

وفي الختام أقول إن غياب مشروع دولة المواطنة التي حلم بها النضال الإرتري وعمل من أجلها , هذا الغياب ولد ردود أفعال مختلفة ولا يمكن ضبط الإيقاع إلا بدولة المواطنة التي تنطلق من خصوصيات العناصر المتعددة في بناء المجتمع , وإن إيجاد هذه الدولة , دولة المواطنة المبنية علي التعاقد الإجتماعي هي المدخل الصحيح في تجاوز الإشكالية وليس الدولة التي الفرد فيها رعية , وانطلاقا من هذا الفهم أخالف الفهم القائل إن المواطنة تنتسب إلي هوية جغرافية وأصوغ فهمي علي النحو التالي : إن المواطنة لا تنتسب إلي جغرافية بل إلي دولة , والدولة هي ( جغرافيا ديمغرافية – سلطة) والمواطنة هي تعاقد بين الدولة والفرد الإجتماعي وفي غياب التعاقد الإجتماعي يغيب مفهوم المواطنة ويحضر مفهوم الرعية .. وهذا إجتهادنا ولغيرنا الحق في الإجتهاد فيما قلنا.

                                                                       

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6230

نشرت بواسطة في يوليو 2 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010