أمريكا معنا….. حلم لا يتحقق منه إلا الكوابيس!
بقلم : كـرار هـابو (أبو علي)
عنوان المقالة هو تصريح صحفي أدلى به مسؤول ارتري معارض لاحدى الصحف اليومية ونصه كما يلي: (الامريكان موقفهم معنا ايجابي ونحن قادمون لحكم ارتريا)، قال فيه: (لقد قمنا بزيارة الى وشنطن ونظمنا لقاءات جماهرية كبيرة وندوات ومظاهرات برعاية امريكية وكانت هذه المسيرات تنادي باسقاط النظام وتطالب البنك الدولي بعدم تقديم اي دعم لهذا النظام . كما التقينا بكبار المسئولين بوزارة الخارجية الامريكية وقدمنا لهم مذكرة تفصيلية حول خروقات نظام اسياس في حقوق الانسان , وكان موقف الامريكان ايجابياً واكدوا لنا بانهم لايدعمون انظمة ديكتاتورية كما قمنا بزيارة جميع الاجهزة الاعلامية الامريكية التي تساندنا). انتهى
مقولة امريكا معنا بدعة، وكل بدعة ضلالة! وهي ليست أكثر من حلم لا يتحقق منه إلا الكوابيس. أمريكا تعرف تماما ماذا تريد، ولا تقدم على عمل الا بعد دراسة وتمحيص، رغم ان التجارب اثبتت عكس توقعاتها، في افغانستان مثلا، وكذلك في العراق. ’امريكا معنا‘ يمكن تأويله وتفسيره بشكل وآخر، فمن ناحية يعني ان امريكا فعلا معنا قلبا، لكنها ليست مستعدة لحمل أثقالنا الى أسمرا، لأن هنالك الكثير من الأحمال التي تثقل كاهلها، وهي تفضل الترحيب بالإصلاحات مع بقاء الأصل لا الترحيب بالرحيل.
الحال في موقفها حول السودان مختلف، وكان لها القدح المعلى في وصول مفاوضات السلام السودانية المتعلقة بحرب الجنوب الى نهاياتها التي انتهت بموجبها كافة العمليات العسكرية وسكتت معها أصوات المدافع وأزيز الطائرات.
وحسب ما هو متاح لنا من معلومات ، وقد تكون ناقصة، فان رجلا واحدا من المعارضة الارترية ، هو السناتور مسفن ، تمكن في الوقت القريب، من اللقاء بمسؤول أمريكي رفيع وهو مساعد وزير الخارجية في البيت الأبيض، الأمر الذي جعل البعض يربط بين هذا اللقاء والهجوم الأرتري على أمريكا. وكما يعلم الجميع فان المسؤول الآخر صاحب التصريح ’ أمريكا معنا‘ لم يلتقي حتى الآن أي مسؤول أمريكي، وربما لن يلتقي أحدا في المستقبلين القريب والبعيد وإلا لما تردد في الاعلان عن ذلك، وهو الذي يعرف عنه كثرة الاعلانات المثيرة والتصريحات القوية والرنانة منذ حقبة الثورة التحررية. ولم تتوقف حتى الآن، ويمكننا القول بأنه لايتوانى في تبني أي عملية مهما كان نوعها، ومما يذكر انه حضر تظاهرة (ارترية) في امريكا قبل عدة سنوات، كان وراءها ’ العمــودي‘ الذي اتهم مؤخرا في محاولة إغتيال زعيم عربي ، وهو ما يجعل أمريكا تعيد حساباتها قبل القفز، ألف مرة ومرة.
والحديث عن امريكا يعود بنا الى الحديث عن قرار مجلس الأمن المتعلق بمحاكمة المسؤولين السودانيين، وهو ما رفضه السودان. والرئيس السوداني كان صادقا ومحقا حين أعلن عن رفضه لهذا القرار وعدم تسليمه أي مواطن سوداني تلبية للقرار لأن ما نشاهده اليوم من الممارسات الأمريكية بحق السجناء الذين تحتجزهم في كل مكان يجعل المرء يشكك في مصداقية امريكا حول كل المبادرات التي تطرحها وتلك التي تتبناها. والسؤال الذي لابد من طرحه في خضم هذه الأحداث هو هل نحن مع أمريكا؟ والاجابة قطعا نعم طالما هي معنا ، وحتما سنكون معها قلبا وغالبا وهي تقاتل النظام في أسمرا تمهيدا لتسليمنا السلطة، ثم نحن معها وهي تقاتل نظام الإنقاذ لطرد (الجنجويد) من الخرطوم وتسليم السلطة لأولاد البلد، أثيوبيا أيضا معنا، ونحن معها حتى تدور عليها هي الأخرى الدائرة، فنحاربها حتى تسقط، ونسلم السلطة لأبناء البلد من (بني شنقول).
هذه الصورة يجب تصحيحها، واظهار الحقائق المتعلقة بالمبادئ، والأهداف وتحديد المواقف الواضحة تجاه القضايا الوطنية أولا والإقليمية المحيطة بنا ثانيا. ان تقديم الصورة الواضحة دون وضع الرتوش من شأنه وحده مساعدة الجماهير في فهم الوضع وتقييمه ومن ثم اتخاذ المواقف التي تناسب كل مشكلة وقضية. الجماهير الارترية بالداخل ليس لها وقت تقضيه في قراءة سيناريو الاحداث المصطنعة، فهي إما تحفر الأرض او تعبد الطرقات وتبني السدود، وإما ترابط في الدفاعات على الجبهات. واذا ما علمنا ان 15% من مجموع السكان يحمل السلاح، فان مسؤولياتنا تتضاعف من أجل بلورة مواقفنا تجاه كافة القضايا الوطنية، وفي مقدمتها الثوابت الوطنية. أين نحن من قضية الحدود، هذه الحدود التى ترابط فيه الاعداد الكبيرة من شعبنا على حساب الحياة المدنية التي يتطلع اليها وينتظر شروقها مع بزوغ كل فجر جديد.
لزوم الوداع:
وســـدي ……. بريميـــــر بَـعَـــلْ ســــــري…!
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6307
أحدث النعليقات