هكذا أراهم وهكذا المس
بقلم / متكل أبيت نالاي
كان الاجتماع لكبار رجال الحزب مع المعارضة السودانية تحدث فيها رأس لدولة هكذا:” نحن لا ننكر حق كل جماعة تريد أن تحكم نفسها, وأن علينا أن ندافع عن حقوق كل شعب يرى نفسه محكوماً عليه بتهميش لأسباب كثيرة, الآن لا ندرك منها إلا القليل, إنهم ضحايا تهميش في ميدان التعليم وفي المجال الاجتماعي ولاقتصادي والسياسي وعليكم أن تعلموا يوجد في تاريخ المنطقة صور لأناس تحدوا كل هذه القوانين, ولتأكيد فتشوا وغلبوا التاريخ أو أنظروا حيث أنتم لتروا كيف رفض الشعب الإرتري كل القوانين التي تجاوزت على حقوقه.”
واصلت التفكير في كل ما قاله الرئيس ونظرت إلى المجتمعين فأبصرت إلى كوكبة من الحزبيين مثلي لكن كل واحد منهم يشعر بخوف غير طبيعي من الأخر وكل واحد سجين عالمه الصغير.
الضيق الموسوس في صدري كان يقول : الم يقل الرئيس أن علينا أن ندافع عن حقوق المهمشين وكيف لنا أن ننتصر على ذلك؟ ولكن الاجتماع كان يجمع جميع شرور النظام ترى فيه التغرنية تتدافع وتتزاحم داخل الاجتماع وكلهم يقولوا: ودبنا ذي بالو (أي سمعتم ما قاله تنظيمنا أمام الملا) حينما يتكلموا معه يتحدثوا إليه كأنه الأب الذي يعلم كل شيء ويملك إمكانية مساعدتهم, يصافحونه بكل خشوع والنساء تعانقه بحرارة, أما الآخرون مستلمون راضون بالهزيمة وبالتبعية, وراح شاب تشجع من بين المدعوين يتساءل بموضوعية وهدوء أمطر الرئيس بأسئلة عن المتناقضات في كلام أورده قبل قليل, كما عبر عما في داخله بكل حرية, وأخراً قال له بحق الله يا سيدي الرئيس فعلاً تقصد ما تقول!! وفيما كان الرئيس يصغي إليه
تصدت له, إمرة صحفية ضخمة الجسم بفمها الكبير كانت تقود” انطباع ووجهة نظر الحضور” وباللهجة جازمة قالت له:” ليس لك الحق أن تتكلم بهذه اللهجة أمام الرئيس, كما أن أسئلتك توقيتها غلط, هذا يسما تدخل فيما لا يعنيك سنطلب رأيك حينما نكون في حاجة إليه, وللمعلومية بسبب أمثلك بدوا الكثيرون يتطاولون على تنظيمنا” وساد الصمت لفترة طويلة جداً, ولم يسأل أحد سؤال بعدها, وبدأ الرجل يجفف العرق من وجهه, استدار مندهشاً وغمغم دون حصوله على الكلمات المناسبة تخرجه من ورطته, لم أدري وقتها ما دهاه, ولكن كانت أمور كثيرة تحول بينه وبين الحضور ولد من أبوين مسلمان وتخرج من سوريا وهو مقاتل قديم في جبهة التحرير الإرترية. أما أنا أفقت بالمهانة والمذلة وسيطر عليه شعور بغيض لهؤلاء القوم, شعرت كمن ألقى بنفسه في أحضان من لا يستحق خدماته, وجدت نفسي تنقسم إلى ثنين بين الجبهة الشعبية التي الحظ فيها انحرافا كبيراً عن خطها الموعود, وجبهة التحرير إرتريا الديمقراطية التي لم تنتصر, كنت قلق ومهزوز استعيد كلامهم وتعبيرهم ومع ذلك لم أحرك ساكنا, تم قررت أن أذهب إلى مدينتي لا قيم فترة بين أهلي وبدأ الاكتئاب ينهشني, كنت أتعرض لعذاب ذهني,أحباؤنا يتعذبون في زنزانات قذرة والرئيس يقول لا يعلم مكانهم, وهذه المطالب يشكل كارثة في مدينتي الناس يتساءلون عما حصل لهم, ولا أحد يعرف من المعني عن هؤلاء السجناء,؟ بدأت أرى الظلم يخنق كل شيء في بلادي, تبخرت كل مشاعري الوطنية التي كانت مثل الحمى ترتفع حرارتها إلى أعلى درجة كلما رأيت الشعب الإرتري ينتصر على أعدائه, تفانيت في خدمة شعبي كمقاتل من طراز الأول قبل وبعد التحرير واليوم أشعر قد تحطم كل ذلك, أشعر إننا ضعفاء عاجزين أمام هذا الإذلال المتعمد وحتى أنا أصبح حلمي أن يعفني الحزب من مهمتي إنني أريد أن أعيش بلا حزب ولا سلطة في بلادي وحلمي وعطشي أن أخرج من هذا الحزب الذي أره كظلمة السجن, فكرت كيف أهرب منه إلى السودان ومازلت أفكر كلما أرقد على سريري كل يوم, حتى مجرد التفكير في الهروب يرعبني, وجدتها ليس بالمسألة السهلة, تحتاج لجناح طائر, ومع ذلك نفسي لم تهدءا بعض, وأدى بي هذا الوضع إلى ألم كبير,أقمت حول نفسي عزله وقطعت اتصالاتي مع كل من رأيت يتراقص بالخبث وأبعدتهم عني فوراً, وأخيراً ندمت على كل خدمه قدمتها لهؤلاء القوم.
ويوم عودتي من مدينتي إلى أسمرا كان يوافق عيد الاستقلال وفي فعاليات الاحتفالات رأيت شرطي من منظمي الاحتفال يضرب امرأة حامل بقسوة ووحشية, رافع نصف قميصها إلى عنقها ومستمر يجرجرها على طول الطريق وفيما كان يضربها كانت أضواء الكاميرات في الموقع تلمع وتتابع لاقطاتها وهو ويركلها ركلات برجله حتى سقطت على ظهرها وأخذ الدم يتدفق من وجهها كما أدمت أسنانها ثم وضع الأغلال على يدها وهي تترنح ترجوه أن يتركها , ولكنه يرفض تركها بل بدأ زميله يفرق الجمهور المحتشد حولهم والمجرور خلفهم إلى أن أوصلوها إلى مركز الشرطة. تبين للجمهور الأمر الذي أوصل إلى هذه المأساة هو أن المرأة لم تقف في الصف كما كان الجمهور يقف. أما النساء قالوا لم يخجل هذا العسكري من نفسه كيف يضرب امرأة ضعيفا هشا كعود الصفصاف هكذا؟ وهناك من الشباب الصغار من يقول ارتفع ساقاها عالياً حينما أنحنا عليها بالضرب هل رأيت هذا المنظر وهي في طريقها إلى سيارة العسكرية. ثم بدأت تظهر قصتها في السنة الناس بين مصحح والمخطئ, ولكن الأكيد الضرر قد حصل كما أهينت كرامة هذه المرأة المسكينة من لا يميز الخطاء من الصواب.
وفي مناسبة عائلية وجدت صديقي المسلم يشكك بصلاحية الإسلام لهذا العصر, وأن الدين والدولة يجب أن يكونا منفصلان, وهو من منظمة الشبيبة التي تفرد الإلحاد كشرط للعمل بحرية في صفوفها. وكان سؤال وجهه له أحدي الحضور وهو من المغتربين أذا كان ما تقوله صحيح لماذا يحد القانون الإرتري الكيان القانوني لمؤسسات الدينية الإسلامية؟ واضح ليس لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم وتشريعاتهم السماوية مثلاً في الدستور الإرتري يوجد نصوص صريحة تقيد حقوقهم منها.
1- النص الذي يقول حقوق مشتركة متساوية للزوجين في علاقتهما الزوجية, وللزوجة لها حق الخروج دون إذن زوجها حتى ولو كان مع غير محارمها ولها النصف عند الطلاق وكذلك في الوراثة وهذا يتناقض مع تعاليم الإسلامية.
2- للأطفال الذين يولدون خارج نطاق الزواج الشرعي لهم حقوق متساوية. وهذا له أبعاد خطيرة تترتب عليها مشاكل اجتماعية وأخلاقية.
3- كما يعتبر القانون تعدد الزوجات إهانه لكرامة المرأة
4- ويكفل للمواطن حرية تغير دينه كما يشاء
5- وعلى المفتي الذي تختاره الدولة للمسلمين عليه أن يراعي قوانين الدولة الإرترية وأن يفصل نفسه عن القواعد الإسلامية المتطرفة والحط من المعارضة الإرترية في أعين الناس, والعمل على جذب الهيئات الإغاثية التي تريد أن تساهم في مشروعات خيرية لصالح جميع الناس وليس المسلمون فقط مع تقديم تسهيلات للمعتمرين والحجاج تستفيد من دخله الدولة الإرترية وعليه شرطوا له شروطاً مالية قاسية.
هكذا تم إلغاء فعالية الأحكام الشرعية الإسلامية واستبدلت بحقوق أخرى والحكومة تنكر تجاوزها على حقوق المسلمين والجميع ينكر للجهاد الإسلامي حقه في تعبير يريدوا لكل الناس أن تسكتوا ويوجد منهم في المعارضة من ارتجفت يدهم من حمل السلاح أليس هذا عداء مفرط تضمره الشعبية للمسلمين؟
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6418
أحدث النعليقات