8 مارس…. والمرأة الأرترية
بقلم/ أم علــــــــي
منذ أن إجتمعن نساء العالم في مؤتمرن الشهير، وطالبن رجال العالم بمنحهن حقوقهن الإجتماعية والسياسية، وتقرر تحديد 8 مارس من كل عام يوما للمرأة، ظلت أصوات نسوية تتعالى في مناسبات كثيرة نسوية وغير نسوية بالمطالبة بتحقيق تلك المطالب، ومافتئت تلك الأصوات تنادي الى اليوم بهذه الحريات التي ربما لم يتحقق منها شئ على أرض الواقع في كثير من المجتمعات المتخلفة اجتماعيا واقتصاديا.
ومايزال الرجل أنانيا، ممسك بكل شئ ولايتنازل عن شئ، والمجتمعات بطبيعة الحال هي ابوية، وكل شئ ينسب الى الأب من مال وأملاك وزوجات وابناء وماملكت الايمان، ولاتزال المرأة تابعة للرجل سواء كان ابيها أو أخيها أو زوجها.
ولايمكن أن نتحدث في هذا المضمار عن بعض من الأشياء دون الأخرى، فالحقوق تسبقها واجبات، وما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة والعكس صحيح والمرأة تؤدي الواجبات مثلما يؤديها الرجل. ففي الحالات العادية كالسلم مثلا يفتُـل معشر الرجال الشوارب ويعمدون على إطالة النظر في الطرقات التي حول البيوت، ويفتحون عيونهم على اتساعها للتدقيق اذا ما رأو أثر اقدام هنا أو هناك. ثم يصدقون الشكوك التي تراودهم ويتمادون في زرع المزيد منها.
السؤال الذي يشغل بال الرجل منذ أن عرف المرأة وعرفته هو هل لايزال هو الوحيد الذي يشغل بالها ويحظ على جميع اهتماماتها أم أن رجلا آخرا ربما قد ظهر في الأفق، ويكاد يجزم بالتأكيد اذا ما تناقص اهتمام المرأة به حين تنشغل هي بأمور أخرى كالبيت مثلا والشؤون الأسرية الأخرى، وبنفسها أيضا، وحينها تثور ثائرة الرجل، ويقلب الحياة جحيما لا يطاق. فهو يغضب لأتفه الأسباب، ويتضايق من أصغر الهفوات، ويظل غير متعاون ولا متسامح، وتظل معه مطالبه التي لا تنتهي قائمة كاملة غير منقوصة.
قد يرتكب الرجل بحق زوجته وبيته ما لايغتفر لها لو ارتكبته، لكنه يُسامَح أو لا أحد يولي الأمر اهتماما، ويمارس كل شئ قد يخطر على باله دون رقيب، بينما تمارس هي حياتها الطبيعة بما تسمح به رقابته هو، وعندما يصل القهر بامرأة الى العيش مع زوج تكرهه تصبح حياة عائلتها أيضا جزءً من هذا العذاب. وتضطر في أحايين كثيرة للزواج من رجل في سن والدها، وتدفن ريعان شبابها مع رجل لا تشعر معه بأي حياة، ، والمرأة هنا في عقل الرجل سواء كانت أم ، أو زوجة أو إبنة فهي على حد سواء، اذ يهجر الرجل أمه التي احتضنته ومنحته الحب، يهجرها الى أول امرأة تقع تحت عصمته، فيحتضنها ويمنحها كل حبه واهتماماته، وقد تدخل في حياته امرأة أخرى فينتقل اليها بما يملك وما لا يملك وهكذا لايقف عند هذه حتى يغادر الى أخرى، وكأنه يقول: امرأة واحدة لا تكفي!
والرجل لا يستطيع إخفاء حوجته الى المرأة دائما، ففي المرض وحين الفزع يتوسل اليها .. يمه… يمايي… يمتيت! وعلى الرغم من الحصار الصارم الذي يطوق عنق المرأة من قبل قبيلة الرجال، الا انها تظل تؤدي عملا يوميا لا ينتهي بانتهاء اليوم، فالى جانب رعاية الزوج وترتيب شؤؤون الأسرة، تزرع الأرض وتفلحها، وترعى الماشية وتسقيها، فضلا عن طرد السباع والقردة، وفي الملمات تقاتل الى جانب الرجل وتحارب، تتقدم الصفوف الأمامية في الوغي وتواجه العدو، فتقتل أو تُقتل. تبلو في احايين كثيرة بلاء حسنا.
ان التاريخ الحديث لم يقفل الجانب المشرق من مجاهدات المرأة في الميادين المختلفة في المدارس والمصانع والتجارة والسياسة وقيادة الآليات والطائرات والسفن المختلفة، وقد عرفت المرأة طريقها الى كل هذا بعد أن اتيحت لها الفرص، فكانت تتقدم الخطى بكل عزيمة وثبات.
والمرأة في بلادي لم تكن لتختلف عن أي من هؤلاء اللائي ولجن مختلف الميادين والمجالات التي أتيحت لهن في بلادهن، وبقدر المتاح وبقدر الميادين التي ولجتها، أظهرت المرأة الأرترية امكانات خارقة في العمل والتفاني والاخلاص في شتى دروبها، ولا أدل على هذا من مشاركتها في عملية النضال وقتالها الى جانب أخيها الرجل في حرب التحرير بكل مافيها من التزامات، كالتدريب العنيف، وتحمل تبعات العمليات العسكرية وغيره الكثير.
وقد دفعت المرأة الأرترية حياتها رخيصة من أجل الوطن من خلال الإستشهاد في ميادين القتال والتعرض الى الإعاقة الجسدية المستديمة والتشوهات الخلقية، وعلى الرغم من كل هذا فان وضعيتها لازالت مثلما كانت عليه في السابق وربما أسوأ منه أحيانا، فهي لاترث من ارض أسرتها شئ وحتى من الأملاك لأن التوارث لا يزال بين الذكور من الأب الى الأبناء وليس للأنثى حق بالتملك، وكأن ما فعلته من عمل عظيم في النضال والتحرير لم يشبع نهم الرجل وعليها تقديم المزيد.
مقطــع أخيــــر: (ادريس محمد علي)
عَـقـد وَََدو دِيـب مرعـات كمسـب حـلال وسنيـت أنكـولَـلـت اب عَـقـدا إيْـتحَـدَقـت وإيـتْهَــديـت!
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6460
أحدث النعليقات