الشهيد
بقلم / عمر جابر عمر
ملبورن – استراليا
يحتفل الارتريون كل عام بذكري الشهداء وبغض النظر عن الاتفاق علي يوم موحد لاحياء تلك الذكرى فان الحقيقة هى ان كل يوم من أيام شعبنا هي ذكرى للشهداء.
.
لهذا فاننا حين نذكرهم في وقت محدد ونحتفل بتلك الذكرى انما نفعل ذلك لابراز الحدث واعلان المناسبة أما لأحاسيس والمشاعر فهى في دواخلنا لاتفارقنا ليل نهار وهي في ذاكرتنا الجمعية لاتنفصل عنها ولاتغيب عنها .
كل الأديان وحتى النظم العلمانية تقر وتعترف بخلود الشهداء.
القران الكريم يقول : ” ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ” والمقصود : الحياة في الاًخرة والخلود فيها وهي خير وأبقى من الحياة الدنيا . والمعنى لمن يقتل في سبيل الله الذى مات دفاعا عن أرضه وعرضه ودينه وماله _ هكذا قال المفسرون والمجتهدون والدول الحديثة تقيم نصبا للجندي المجهول رمزا لمن ضحى بحياته في سبيل وطنه وذلك بهدف تخليد ذكراه في الحياة الدنيا . واذا كان الخلود في الحياة الأخر مفهوما فكيف يكون الخلود في الحياة الدنيا وقد رحل الشهيد بجسده عن الدنيا ؟
المقصود هو خلود الذكرى – بعبارة أخرى :
نذكر حياته – دوره – مواقفه والعطاء الذى قدمه . كيف يتم ذلك اذا رحل من يعرفه وعاش معه ؟
انها الذاكرة الجمعية وليس الفردية – اى ان المعلومة تنتقل من فرد الي اخر ومن جيل الي جيل.
في الماضي كان النقل يتم شفاهة مع مافي ذلك من احتمال تغيير في مضمون المعلومة بتقيير الرواة زيادة أو نقصانا بحيث تكون النتيجة اما ” أسطورة ” يصعب تصديقها أو صورة باهتة لا تتضح معالمها وتكون في الوقت نفسه مجحفة بحق الشهيد .
ولكن في العصر الحديث فان النقل يتم من خلال التسجيل والتوثيق وتثبيت المراجع والتاريخ مع استخدام الوسائل التقنية الحديثه ( فيديو – تسجيل صوتى.. الخ )
والنتيجة هي الحدث كما هو دون مبالغة أو تهميش مع التأكيد علي المعنى الأساسى لقيمة الا ستشهاد في المجتمع . التخليد في الحياة الدنيا لايكون من أجل اثبات الاعتراف بالجميل لمن قدم حياته فداءا للوطن فحسب بل ولابراز قيمة أساسية تحفز من يأتي بعد ه ليقوم بدوره تجاه مجتمعه وللحفاظ علي ماتم انجازه لأنه تحقق بسبب تضحيات من سبقه، الخلود في الدنيا يكون بتسجيل ماسبق وتدريس وتحفيظ النشئ سيرة الشهداء وتضمين ذلك في كتب المدارس ووضع الأسماء في الساحات العامة والشوارع والاحتفال الجماعى من قبل قطاعات المجتمع والدولة .
* اليوم نذكر كل من وهب الدماء.
* اليوم نذكر كل من نشر الضياء.
*اليوم نذكركم ياكل الشهداء.
ان ذكراهم تصبح جزءا لايتجزأ من ذاكرتنا الجمعيه – بل انها جزء من النسيج الاجتماعى والوعي الثقافي للأمة ، في بيانات جبهة التحرير ومن بعدها فصائل الثورة الأخرى كانت عبارة الختام:
الخلود لشهدائنا الأبرار.
الوطن – ذلك الذى نحن منه وهو فينا- له في أعنا قنا دين مستحق- انه أعطانا الانتماء والهوية والمرجعية الجغرافية والتاريخية لوجودنا ومهما قد منا له وضحينا في سبيله فلن نرد الجميل – وحدهم الشهداء هم الذين ” سددوا ” ذلك ” الدين ” وبقى لهم في أعناقنا دين مستحق ! والفئة الثانية التى سقط عنها ذلك الاستحقاق هم جرحى حرب التحرير _ انهم شهداء يمشون علي أقدا مهم وتحمل أجساد هم ” نياشين ” الشرف . وهذه الفئة تضم كل من أصيب بعاهة جسدية أو نفسية أو افة اجتماعية تسرد بسببها وفقد الاستقرار الأسرى ولم يعد يملك أسباب البقاء ومواجهة تحديات الحياة وذلك نتيجة تفرغه في الثورة واتحراطه الدائم والمتواصل في الكفاح المسلح .
ولكل الشهداء , وضحايا الثورة نقول :
* اليكم جميعا عظيم السلام.
* وكل التحايا وكل احترام.
* يابشرى البراية ومسك الختام.
*جلوسا أما مكم يا أشرف مقام.
ارتريا أصبحت بحق أرض الفداء والتضحيات وأسم الشهيد أصبح لها وقع خاص في قلوب ونفوس كل الارتريين. وكلما كثرت وعظمت التضحيات فان التمسك بالمنجزات يكون جزءا أساسيا من التراث والحرص علي المكاسب يكون مضاعفا حتى لا تذهب تلك التضحيات هباءا .
يالتلك الملاحم وذاك الفداء.
نحن شعب تحدي الفناء.
نحن نعرف معني الوفاء.
لن تكون الوصايا ياهباء.
طريق الاستشهاد لايعني الموت فقط.
بل انه يحمل معني ماقبل الوصول الي تلك الخاتمة.
انه يعني العطاء الدائم والمتواصل ـ الالتزام القاطع والثابت بالمبدأ والايمان الذي لايتبدل ولا يخسر بالوصول الي الهدف.
الاستشهاد : رسالة لاتتوقف ولا تتواري أو تتراجع مهما كانت العقبات والمصاعب.
انه عطاء متدفق كالنهر لايغير مجراه حتي يصل الي المصب.
انه معني ورمز للحاضروتراث ونبع للأجيال القادمة.
انه “الميزان” لتقويم دور دور الفرد في علاقته مع المجتمع تحديداً وخصوصية ومن أجل تأكيد انسانيته شمولاً واتساعاً.
ارتريا أنت أرض الشهيد.
ياخلعة للصمود والمجد التليد.
ارتريا أنت أم الجميع.
ياواحة للشيخ والرضيع.
نغنيك مساءً.
نغنيك صباحاً.
نغنيك دواما.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6555
أحدث النعليقات