رسائل عبر الحدود

عمر جابر عمر

ملبورن استراليا 

الرسالة الرابعة : إلي الشعب السوداني .

 

* إلي أهلنا وجيراننا .

* إلي القوى الحديثة ومنظمات المجتمع المدني

* إلي الهيئات الاجتماعية والثقافية

* إلى الاتحادات النقابية والمهنية .

إلي كل فئات المجتمع من محامين وأطباء وصحفيين وتجار وفنانين وطلاب ومعلمين ورجال دين وعمال وفلاحين .لقد بدأ الشعب السوداني مرحلة جديدة وهامة من تاريخه السياسي ، ولما كنا نتبع المثل القائل : أهل مكة أدرى بشعابها – فأننا علي ثقة بأنكم ستعبرون النفق المظلم وتصلون إلي الفجر الصادق والوعد الحق . كان قدرنا نحن الإريتريين – معكم جوار جغرافي وتداخل وارتباط تاريخي يمتد إلي قرون طويلة – كانت الغزوات والحروب ليس بين الشعبين وإنما درءا لخطر محتمل من طرف ثالث ( إثيوبيا ) أو نشر ( لرسالة ) ربما كانت مقروءة ومفهومة بمقاييس ذلك الزمان فتوسع مملكة سنار وزحف جيش المهدي ترك أثاراً اجتماعية وثقافية ما تزال  ظاهرة حتى اليوم خاصة في المنطقة الغربية من إريتريا ، ولم يكن التواصل والاتصال متوقفاً علي تلك الحملات بل كان مشاهداً في أوقات السلم – وفي غرب السودان ! كانت ( نقارة ) الحباب ( المنصورة ) تشارك في المهرجانات الثقافية والأعياد الدينية في مدينة ( الفاشر ) في عهد السلطان ( علي دينار ) ووقع البلدان بعد ذلك تحت الاحتلال الأوروبي ( البريطاني والإيطالي ) ولم تنقطع الصلة أيضاً وبعد الحرب العالمية الثانية دخلت إريتريا تحت المظلة البريطانية أيضاً وتدفق المئات من المعلمين السودانيين والموظفين إلي إريتريا وبدأت مرحلة جديدة من التفاعل الثقافي والتزاوج الاجتماعي .

وأذكر أن الشهيد الشيخ ( محمود محمد طه ) بدأ دعوته في قرية  ( علي قدر ) علي الحدود السودانية الإريترية حيث كان يعمل مهندساً زراعياً . ونال السودان استقلاله وبقيت إريتريا تواجه مصيرها حتى انتهى بها الحال إلي الاحتلال الإثيوبي . ومنذ اندلاع الثورة الإريترية المسلحة خاصة بعد ثورة أكتوبر 1964 في السودان – أصبحت القضية الإريترية جزءا من أجنده الأحزاب السودانية ووجد الثوار الإريتريون ملجأ في كل بيت سوداني . في عام 1967م عندما وصلت الموجة الأولى من اللاجئين الإريتريين إلي السودان أستقبلهم الأمير عبد الرحمن نقد الله ( وزير الداخلية ) وقال لهم : أهلاً بكم في بلدكم سنتقاسم معكم كل ما نملك – لا تخافوا فنحن معكم ) كان ذلك الرجل يعبر عن ضمير الشعب السوداني ولم يكن يتحدث كمسئول في الحكومة بل كسوداني يختزن في داخله تراثاً ثقافياً ودينياً تجاه جيرانه ومن يومها واللاجئون الإريتريون يعيشون في السودان .

كنا نتابع ونقدر نضالاتكم المتواصلة والمتنوعة لتحقيق حلمكم الكبير : بناء سودان جديد يتسع للجميع ويعيش فيه الناس سواسية لا يظلم فيه أحد بسبب دينه أو لونه أو عرقه أو ثقافته . وبعد أن نال الشعب الإريتري استقلاله وجد نفسه مرة أخرى تحت نظام دكتاتوري تماماً مثل تلك الأنظمة الدكتاتورية التي مرت عليكم منذ الاستقلال . نحن نفهم ونتفهم لماذا لجأت المعارضة السودانية إلي إريتريا . تلك العلاقة أوجزها أحد قادة منظمات المعارضة السودانية والذي مكث في إريتريا فترة غير قليلة تعرض خلالها للسجن ( أمير بابكر عبدالله ) حيث كتب يقول ( أن علاقتنا بالنظام الإريتري علاقة انتهازية قائمة علي العداء المشترك للنظام الحاكم في الخرطوم – وهي انتهازية لأن أحزابنا وتنظيماتنا السياسية تدعى تبني الديمقراطية وتدعو بل تحارب وتقاتل من أجلها ومن أجل إعادة التعددية والحريات السياسية والنقابية — وفي نفس الوقت يكون مركز ثقلها ( تواجدها ) تحت وطأة تنظيم سياسي يمارس القهر والتعذيب ضد أبناء جلدته ولا يؤمن بالديمقراطية ولا بالحريات السياسية ولا بحرية التعبير ولا التنقل – ولا – ولا – ولا . أنها دولة الحزب الواحد والصحيفة الواحدة والحاكم الأوحد ولا يتوقع منها أن تقدم شيئاً إيجابياً تجاه قضايا الديمقراطية والحقوق العامة ) .

 انتهت شهادة المعارض السوداني !!.

تلك الشهادة المعلنة والمكتوبة كانت موجودة في معناها ومحتواها في عقل كل معارض سوداني في أسمرا – وهناك مثل إريتري يقول ( أسك تدالى — قيتلاي أبوك تالي ) ويعني إلي أن تحقق هدفك – أتبع قاتل أبيك ) والجبهة الشعبية ( قتلت ) الديمقراطية والحرية والتي تناضل من أجلها المعارضة السودانية ! كذلك نفهم ونتفهم نضالات المعارضة السودانية في الداخل وكيف تنظر إلي المعارضة الإريترية المتواجدة في الخرطوم وتقول ؟

كيف يدعى هؤلاء بأنهم يناضلون من أجل الديمقراطية والحريات العامة في ظل نظام لا يؤمن بما يناضلون من أجله ! ؟ وما علموا بما في قلوب وعقول هؤلاء الإريتريين وفات عليهم أن ( الحال من بعضه ) !  أن المعارضين ( السودانيين والارتريين  ) علي حد سواء رغم ما يجمع بينهم من أهداف  ومبادئ وطموحات مستقبلية آلا إنهم  لجئوا إلي الذين   تسببوا أصلاً في المأساة وخلقوا أوضاعاً راح  ضحيتها هؤلاء المعارضون . ذلك ( الملجأ ) الذي وجد المعارضون أنفسهم فيه ينطبق عليهم   المثل القائل : كالمستجير  من  الرمضاء بالنار ) !

   ماذا   نستخلص من تلك  التجارب ؟

*هل تعني  أن مصلحة أحد الشعبين تؤدي بالضرورة إلي الأضرار بالأخر ؟  .

* هل   تعني ( تأجيل )   استحقاقات أحدهما إلي حين  الوفاء بتلك التي يناضل  أجلها الأخر ؟ كلا ثم كلا – ذلك ما تريده الأنظمة الدكتاتورية وما تحاول  نشره في أوساط الشعبيين وتثبيته  في عقول القيادات المعارضة .

نحن نؤمن بأنه رغم التماثل والتشابه والتلاقي بين هموم الشعبيين وطموحاتهما – آلا أن لكل منهما خصوصيته وأدوات عمله ونهجه النابع   من بيئته وتجربته – والذي  لا يتعارض بالضرورة مع رؤية وسلوك الطرف الأخر . الخصم المشترك : الدكتاتورية – سواء  لبست  عباءة دينية أو ذي عسكرياً  أو انتعلت صندلا ووضعت علي جسدها  ( قميصاً  نصف كم ) !

  المصلحة المشتركة  : أن يعيش الشعبان في سلام وحرية ويكون بينهما تواصل وتفاعل اجتماعي وثقافي .

* نريد حدود تمثل واحة وملتقى للعابرين  من كل بلد إلى الأخر   وليس حدود – تحيط  بها الأسلاك الشائكة.

* حدود  تكون معبرا للتجارة  وتبادل المنفعة وليس للتهريب وأوكار لتجار الظلام .

* أن يتحسس الشعبان هموم  بعضهما البعض وأن يمد كل منهما يد العون   والمساعدة للأخر  عند الحاجة – وأضعف الأيمان الدعاء !!.

* أن لا نكون  ( مادة ) يتلهى بها الحكام ويصنعون منها المآسي  وهم في  أمان .

*   مصلحتنا المشتركة أن يكون  ( الجوار )  عامل أمن واستقرار واطمئنان وليس مصدر قلق واضطراب وخوف .

* الحكام زائلون والشعوب ، باقية فلنعمل من أجل  مصلحة  من يبقى  وليس من أجل    من كان مصيره الزوال .

         الماضي والحاضر والمستقبل يجمعنا

        ومن أنكر  ذلك فهو يفرقنا

       ومن أراد   غير ذلك فهو عدونا.     

 


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6567

نشرت بواسطة في يونيو 14 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010