هل من يجنب هذا الشعب المخاطر

للأسف هناك فجوة كبيرة بين المسلمين والنصارى ( المسيحيين ) في إرتريا والنظام الحاكم يسعى الى تعميقها ، كما فعل النظام الإثيوبي وفشل في نهاية المطاف .  

يعود سبب هذه الفجوة إلى عوامل عدة منها لغوية – طبيعية – إستعمارية :-

1-      فإن المسيحيون اللغة ( اللهجة ) الناطقين بها هي التقرينية وهي إمتداد للغة إقليم تجراي ذات الثقافة المحدودة .. ولا يزيد تعداد من يتحدثون بها عن العشرة ملايين نسمة في الجانبين ولا ممانعة من أن تكون هي اللغة الرسمية للناطقين بها في دولة ارتريا بجانب العربية .

2-      المسلمون لغة ثقافتهم الدينية ولغة تفاهمهم والرابطة بين قومياتهم التسعة هي اللغة العربية ومحيطها العربي هو جميع الدول العربية ( وهي من اللغات الخمس الحية ) وهناك الكثير من أفراد شعوب العالم يتقن اللغة العربية بجانب لغته الاصلية وإصدارات الكتب العربية غني عن التعريف .. وهناك بعض الصعوبات في التواصل بين الثقافتين لإعتقاد المسيحيون أن كل من يتحدث اللغة العربية فهو مسلم ، وهذا الخطأ أوقعهم في إشكالية سوء فهم عندما زارهم قسيس مصري وتحدث معهم باللغة العربية فقال أحدهم بأن هذا القسيس مسلم فكيف نستمع إليه ؟ ولهذا يؤيدون النظام لحرمان المجتمع من اللغة العربية أما المسلمون العربية كانت لغتهم الرسمية ولا زالوا يطالبون بها حتى الآن .

3-      معظم المسيحيون يقطنون في المرتفعات الارترية ( الهضبة ) وبالذات الناطقين بالتجرينية وهي تشكل عائق طبيعي لصعوبة المواصلات واللقاءات .. إلخ .

4-      ومعظم المسلمون يعيشون في المنخفضات الارترية بوديانها وسهولها وشواطئها وهذا ولد فاصل طبيعي ( جغرافي ) وتسبب في عدم التواصل .

5-      الأهم من كل هذا فقد لعب الاستعمار الاثيوبي دوراً خطيراً ساهم في التباعد بين الطرفين المسلم والمسيحي ، وذلك عندما احتضن وقرب المسيحيين وتعامل معهم بصفة خاصة ووفر لهم التعليم والعمل والأمان إلى ما قبل إنتهاء عهد هيلي سيلاس عام 1974م .

6-      في حين عاقب المسلمين إبتداء من دخوله إرتريا عام 1952م لرفضهم فكرة إنضمام إرتريا إلى إثيوبيا ، فقام بحرمانهم من كل شيء وترتب عليه العصيان والتمرد ثم إعلان الثورة المسلحة من قبل المسلمين ، وكانت النتيجة تدمير القرى والمدن المسلمة وإبادة السكان والمواشي وتهجير الشعب إلى الحدود المجاورة ، وفي النهاية إنتصر الحق وهزم الإستعمار شر هزيمة .

 

-2-

 

وان ما يحدث اليوم في عهد نظام اساياس منذ خمسة عشر عاماً بعد التحرير من حرمان المسلمين من اللغة العربية وإعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية والإستيلاء على ممتلكاتهم ومضايقتهم في العودة إلى ديارهم وحرمانهم من كل ما يخطر على البال ، فهذا السلوك هو أكبر وإخطر إجرام يرتكب في حق المواطنين ، بل انه لمصيبة كبرى تقترف من اناس يفترض عليهم أن يتصرفوا كمواطنين بعد أن اعتلوا سدة الحكم بإسم تحرير الوطن ومارسوا أجندتهم الخفية ضد الشعب ومعظم الناطقون بالتجرينية لا يحركون ساكناً لمساندة المسلمين في مطالبهم هذه .

 

فإلى متى السكوت على إستمرار هذا النهج من قبل نظام اساياس أفورقي ، الذي لديه عشق مطلق للسلطة وزرع الفتنة الطائفية ، جاعلاً من نفسه البيئة الحاضنة للحقد الطائفي لإستمالة ضعاف النفوس إلى صفه ، ولتيسير وتحقيق مصلحته على حساب الوطن وشعبه الذي يدفع ثمن تلك النرجسية .

 

فطالما المعارضة عاجزة وليست بقادرة لفعل شيء لإيقاف هذا الإنجراف ، فهل ننتظر إلى أن تقع الكارثة ، أم هناك ضمير حي داخل النظام يستطيع أن يتحرك للحفاظ على هذا الكيان قبل أن ينهار ويجنب شعبنا ما لا تحمد عقباه .

 

فإن لم تكن هناك أجندة خفية ، فهل هذا هو جهلاً منه أم تجاهل في فهم الأسباب الحقيقية للأزمة الارترية والحلول المناسبة لها ، وماذا يعني هروبه منها للأمام واللجوء إلى خنق المجتمع وتضييق سبل عيشه والتظاهر بأنه رجل التحديات والمهمات والسلام والحلول الإقليمية ويعجز عن حل مشكلته ، بل وإفتعاله للحروب بالوكالة في المنطقة ( اليمن والسودان والصومال ) علماً بأن هذا كله ليس في صالح الوطن، بل بالعكس الأمر أخطر وأعقد من ذلك ، حيث الأضرار وقعت في المجتمع لدرجة أنه أصبح يفضل الهجرة إلى الخارج ، والمغترب صعب عليه العودة للوطن .

 

فإذا أراد النظام أن يجنب شعبنا المزيد من التدهور والإنهيار ، ويحقق له الأمن والإستقرار قبل فوات الأوان ، عليه أن يبحث عن مبادرة تتبناها فئة مستنيرة من النظام وترعاها أحد الدول المجاورة والصديقة ، على أن تتضمن هذه المبادرة عوامل العدل والمساواة والوحدة والإتفاق والتنمية والتعايش المشترك لتضع المسيرة في مكانها الطبيعي والصحيح . فهل هناك من يتبنى هذه المبادرة من المقربين للنظام لإقناع السلطة العليا ؟ أم يخشون أن يكون مصيرهم كسابق عهد النظام مع زملائهم ؟

 

لربما يظن الرئيس ونظامه وأتباعهم أن طلب هذه المبادرات نابع عن الضعف والهوان ويجهلون أن الحرمان والظلم والضغط قد يتولد عنه الإنفجار وحينها قد تنقلب الموازين ، مثلما حصل مع حكام إثيوبيا .

 

-3-

 

ويجب أن يكون ماثلاً أمام أعين هؤلاء الطغاة أن تحمل الحرمان إذا تعد حدوده قد ينتج عنه الإحباط واليأس وخيبة الأمل ولا يجد المظلوم أمامه من خلاص أو مخرج سوى اللجوء إلى العنف ، وهي المعركة التي لا يوجد فيها غالب ولا مغلوب سوى الخسارة المشتركة للشعب والتي ظل المظلوم يتفاداها طويلاً على أمل أن يفيق الظالم من غشاوته وسكراته ولكن دون جدوى .

فليعلم هؤلاء أن إسترداد الحقوق المسلوبة بالنسبة لنا هي مسألة حياة أو موت ، ولا يمكن أن نفرط بها مهما كان الثمن .

 

فإن لم يكن اليوم فغداً .

 

علي فرج الله

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6707

نشرت بواسطة في ديسمبر 6 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010