مؤتمرات التنظيمات خطوة نحو الإتجاه الصحيح
بقلم الأستاذ إبراهيم فار
تعتبر الفترة من بداية عام 2006م وحتى نهاية أغسطس 2006 هي فترة المؤتمرات للتنظيمات الوطنية الإرترية المعارضة لنظام حكم القهر والإستبداد فى إ رتريا ، مما يجعل من هذه التنظيمات وعبر هذه الممارسات الديمقراطية آداة حقيقية لصنع التغيير السياسي والإقتصادى والإجتماعى فى إطار الخارطة الوطنية الإرترية. وقبل الدخول فى مناقشة التفاصيل نتقدم بأحر التهانى لنجاح المؤتمرات التى عقدت (الحركة الديمقراطية لتحرير كوناما ارتريا، والتنظيم الديمقراطى لعفر البحر الأحمر، وجبهة التحرير الأرترية″المجلس الثورى″، والحزب الديمقراطى الأرترى)، كما نتقدم بالأمنيات والتوفيق للمؤتمرات القادمة (جبهة الأنقاذ الوطنى، وحركة الإصلاح الإسلامى الإرتري). وإذا تمعنا فى مفهوم المؤتمرات نجد إنها تمثل أحد ركائز المؤسسية فى أى عمل ولاسيما السياسي لأن هذه المؤتمرات هي محطات لتقييم أداء فترة منصرمة ووضع معالم لفترة قادمة ، كما أن هذه المؤتمرات لها جوانبها النفسية لقواعد التنظيم لأن طبيعة الإنسان مجبولة على التغيير والإستماع وابداء الرآى وخاصة فى منابر تجمعه مع زميله فى العمل حتى يخرج الرأى المجمع عليه أكثر صوابية وتتحقق فيه نسبية الحقيقة ونحن فى إرتريا وفى إطار عملنا السياسي ومنذ الثورة كانت تمثل المؤتمرات التنظيمية وكذلك مؤتمرات المنظمات الجماهيرية أحد أدوات النجاح فى العمل النضالى ، كما كانت الإجتماعات الدورية على مستوى القيادات التشريعية والتنفيذية إضافة لترجمة هذه العملية الديمقراطية،ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا تنظيم الجبهة الشعبية ، لأن هذا الفصيل ومنذ نشأته كرس الشمولية والقبضة الحديدية على كل مفاصل العمل، وعسكرة العمل السياسي كان المفهوم السائد مما جعل هذا الفصيل يسخر من العمل السياسي المنهجيى الذي يرتكز على المناقشة وإبداء الرآى وعقد المؤتمرات والسمنارات ، وكانت قيادة هذا الفصيل تتهكم على ممارسات التنظيمات الأخرى التى كانت تسلك عقد المؤتمرات والإجتماعات والسمنارات طريقة للإصلاح لأن هذه الطريقة ومهما إعترتها من معوقات هى الطريقة الأسلم لبناء عمل ديمقراطى حقيقى والنقيض لها هوالتسويف وخلق مبررات واهية لتعطيل العملية والجنوح نحو الديكتاتورية والفساد والإستبداد وبالتالى الفشل الذريع، وحتى ماعقده فصيل الجبهة الشعبية من مؤتمرات كانت لتفريخ قيادات فردية(المؤتمر الأول عام 77والثانى عام 87 والثالث عام 1994م)، ونحن اليوم ماأحوجنا لممارسة هذه العملية وخاصة فى إطار الدولة ولاسيما ونحن نناضل من أجل الديمقراطية التى تبدأ بخطوة واحدة والى ما نهاية فى رفاهية الإنسان وتطبيق العدالة والمساواة فليس للديمقراطية سقف معين تقف عنده، بل فضائها متحرك دوما،وفقا لمتطلبات الإنسان ووضعيته الإجتماعية التي يعيشها بين الفينة ولأخرى، فكلما حقق مطلب تزداد المطالب وفقا للتطور،مما جعل العالم اليوم يدرس فى جامعاته وخاصة فى الكليات النظرية التنمية السياسية. ففى إطار الدولة تتداول السلطة عبر الإنتخابات الديمقراطية، وهذه الإنتخابات تخوضها قوى سياسية منظمة فى إطار أحزاب وتنظيمات ولابد أن تخوض هذه القوى الإنتخابات عبر برامج ورؤية سياسية تتبناها من مؤسساتها سواء كانت مؤتمرات أو إجتماعات رأسية او أفقية مما يجعل هذه البرامج والرؤية تكتسب المشروعية، وبالتالى شرعية القوى السياسية التى تأتى الى سدة الحكم نتيجة هذه العملية الإنتخابية. ونحن فى إرتريا وخاصة فى تنظيمات المعارضة الإرترية ورغم كل الظروف التى مازالت تعيق عملنا وخاصة العمل خارج الوطن نستطيع أن نقول حققنا إنجازات لايمكن الإستهانة بها، فالبعض يعتقد بأن مهمة هذه التنظيمات هى إسقاط النظام ، لكن أنا أعتقد بأن هذه المهمة جزء من مهام ، والتى تبدأ بتهيئة الأرضية التى تقوم عليها كل العملية النضالية والمتمثلة فى تكريس مفاهيم صحيحة لبناء وطن حقيقي وليس وطن هلامى نعيشه فى الخيال ولحظة نشوة الإنتصار. ففصائل المعارضة الإرترية حققت خلال فترة الخمسة عشر عاما وهى عمر الدولة الإرترية مالم يحققه النظام الديكتاتورى القابض على السلطة، ولو كانت متاحة لها الفرص لحققت أكثر مما هى عليه اليوم ، فمناقشة أسلوب الحكم ووضع تصورات لعملية التنمية فى البلاد (الوحدة الوطنية ، الديمقراطية ، والعدالة، الحكم الللامركزى، قضية الأرض، الدين والدولة ، الإقتصاد ،أسس العلاقات الإقليمية والدولية). كل هذه المفاهيم حاضرة فى كل مؤتمرات وإجتماعات وسمنارات التنظيمات الإرترية، مما يجعلنا نتفاءل بالمستقبل لكن هذا التفاءل يجب أن لايصل بنا الى حد الغرور لأن هذه الإنجازات هى قطرة فى محيط بحر من المهام والإستحقاقات ، كما أننا نؤدى هذه الأعمال بإعتبارها واجب علينا وليس إمتيازلنا، كما أنها حقوق وإستحقاقات لنا ولغيرنا تنص عليها قوانين وطبيعة العمل السياسي، وأكثر ما يلفت إنتباه الإنسان فى هذه المؤتمرات التى عقدت والمزمع عقدها إنها تؤكد على التعددية كنهج سيرلسلامة العملية السياسية فى البلاد، ومحصلتها النهائية الإعتراف بالأخر سياسيا وثقافيا وإجتماعيا. وتبلور هذا النهج فى الدعوات التى قدمتها هذه الفصائل لحضور مؤتمراتها للفصائل النظيرة لها فى ساحة العمل السياسى وإتاحة الفرصة لبعض مكونات المجتمع وإشراكها فى هذه المؤتمرات بصفة مراقب فى كل أعمال المؤتمر بإستثناء الأعمال التنظيمية الداخلية وهذه الأعمال تصب فى خانة الخصوصية ، كما أن من ضمن الملاحظات الأخرى التى تبلور مفهوم الديمقراطية والإعتراف بالأخر، أشادت هذه التنظيمات التى عقدت مؤتمراتها بالتحالف الديمقراطى الإرترى بإعتبارها مظلة سياسية تمثل طوق نجاة من حالة التشتت ، والتنظيمية الضيقة وحالة الإنكفاء والإنعزال على الذات. كما إنتهجت هذه التنظيمات أسلوب الشرعية فى تداول السلطة داخل مؤسساتها متمنين أن تتوسع مواعين هذه التنظيمات لهيئات قيادية متخصصة فى الفترة القادمة، فأول الغيث قطرة المهم هو تثبيت مبدا التداول وتأتى لاحقا المعايير الذى يقوم عليه هذا التداول.كما أن هذه المؤتمرات أكدت فى قراراتها تجاوبها مع إيقاع العصرومفرداته، وخاصة فى جانب الدفاع عن حقوق الإنسان ، هذه المهمة التى ستظل قائمة حتى يتم أنسنة كل مناحى الحياة ، سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا ، وهذه المهمة لاتتأثر بتغيير الأنظمة وستظل حاضرة حتى تتحقق كرامة الإنسان بمجمل مضامينها. وفى خلاصة الأمر بأن هذه المنجزات تمثل رصيدا لصالح المعارضة الوطنية الإرترية، وخصم على نظام الإستبداد والقهر والتجهيل والفساد ، فمهما تذرع هذا النظام وكابر، أسقطت عنه كل أوراق التوت وإنكشفت عوراته والأدلة ماثلة للعيان لاتحتاج لإجتهاد. وعلى قوى المعارضة الوطنية أن تطور من أساليب نضالها اليومى من الإرتقاء بخطابها السياسى، وأدوات بلورة هذا الخطاب على مستوى الجماهير الإرترية، وفى مقارعة نظام الإنعزال والجهل الذى يسبح خارج حركة التأريخ. وأخيرا لايصح الآ الصحيح ، فالناس لاتستعجل النتائج ،بل تعمل على تثبيت المفاهيم والأسس الصحيحة للعمل والتخلص من نظام الدكتاتورى أسياس وزمرته، يتحكم فيه عامل الزمن، ولكل أجل كتاب.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6755
أحدث النعليقات