شــــــفاكـم اللـه يا شـباب شـاخ على درب النضـال
حـوار صـامـت مـابـين الشـيوخ والشـباب:
كان عنـوانه تسـاؤل وتحسـر فـرضـتهم ظـروفنـا التي تعـانى مـن الظمأ والحيـرة.
بـدأ المتسـائـل حـديثه بتسـاؤل كانـت كلمـاته أيضـا عطشى ـ وكان مطلعهـا:
هـل حقـا شـاخ الشـباب الذي شـارك في صـنـع تاريخنـا الحـديـث .!!؟.
والإجابة على هـذا السـؤال كانـت دائمـا حصـرا على الشـباب، وسـتظل كـذلك حتى يتحـقق الحلم، فهـل مـن مجـيب ..؟.
ولـكن عـادة تتـداول الـرايـات بـين الشـيوخ والشـباب بشـكل طبيعي، وحكايات الأمـس تتجـدد على أيـدي الشـباب بإيقاعات حـديثة يأتي فعلهـا مـع بـزوغ شـمـس كل صـباح جـديـد، وعظمـاء القـوم هـم كالأسود يتجـددون مـن خـلال أبنائهم البكـر وأحفادهم التابعـين، أيضـا تتضاءل قسـوة الصـقـور مـع الأيـام فتتحول إلى وداعة فهـدوء فسـكون، واليـوم قـال المنـادي مخاطبـا الشـباب والشـيوخ بصـوته الكسـول والمتحشـرج، نعـم شـاخ شـباب الأمـس وتحـولـت أسـمائهم مـن شـباب إلى شـيوخ، فإن كان الأمـر كـذلك، فالتجـديـد حـق وواجـب وفـروض ملـزمة يؤكـدهـا تنـاوب الأزمـنة وتبـادل الليـل والنهـار، ويوثقهـا عشـق الظـلام للغـروب واٍحتفـاء النـور بالشـروق، فمـاذا يقول الشـباب ..؟.
إن كان قـد قـال المنـادي ـ الأمـس مضى واليـوم واحة للغـد الجـديـد، فقـد أصـاب في تـرتـيب تـداول الأيـام والسـنين وكـذلك الآبـاء والأبنـاء وأحفـاد يعـدهم الـزمـان لغـد لا يتأخـر ولا يغــيب، وان قـال هـذا زمـن الاٍنتـزاع الذي لا يـؤول فيه الإرث للـوريـث ولا يحكم قاضـيه في سـاحة عـدل يحتـرمهـا الخصـم مـع الصـديق والمعـارض مـع الموالي، إن قـال ذلك فقـد قـرأ مـن كتـاب عاصـرنـاه معـا في ليلة حالكة الظـلام عنـدمـا غـاب الشـيوخ في رحـلة أبـدية وحـل الظـلام مـن حولنـا مبتلعـا كافة الأضـواء، وحينـئـذ بـدت لنـا الأشـجار وظـلالهـا كالأعـداء المحيطـين بنـدهم، عنـدئـذ فقـد الوريـث الأغـر دليله، ومـرا النضـال بمفتـرق الطـرق المتعـددة المهالك، فجاءت النجـدة العاجـلة مـن جانـب شـعبنـا البطـل الذي قـدم أبنـاءه قـربانـا مـن أجـل عيـون الحـرية وتحـقيق الاٍسـتقـلال، وسـارت القافلة بنفـس خطاهـا المألـوفة والهـادفة رغـم غيـاب البوصـلة والـربابـين، أمـا اليـوم هـذا يمـضى في رحلة مؤقتة أو أبـدية والآخـر قـد يأتي أو لا يأتي أبـدا، والفـراغ يتسـع ويتسـع وتتباعـد إحداثياته فتسـود ثقـافة الخـلاف والاٍختـلاف التي توصـل الكائـن والكيـان إلى شـاطئ العـدم، حـيث لا حـرية ولا تحـريـر في غيـاب العـدل والمطالـبين به، ونهـاية المجتمعـات عـادة تبـدأ بغيـاب شـبابه وبالتالي يتـدحـرج المجتمـع نحـو الهـاوية، وهـذه هي الطامة الكبـرى التي تبكينـا كلمـا غـاب نجم مـن العقـد الـوطني الفـريـد.
ولـكن هنـاك تسـاؤلات متفائلة تتحـرى الحقيـقة ولسـان حالهـا يقـول:
هـل حقا شـاخ شـباب الأمـس قبـل أن يبلـغ الأبنـاء سـن الـرشـد المسئول، هـل صـدق المنـادى في دعـوة الشـباب وحلـول تبـادل الأدوار والـرايـات .!!؟
وفي التـو جـاءت إجابات الشـباب العامـل ـ متماسـكة ومتتالية عبـر ظـلال جبالنـا الشـمـاء وأمـواج شـواطئنـا الهـادرة، حـيث أكـدوا في إفادات قاطعة وقالـوا: الشـيوخ عناويننـا ونحـن رسـائـلهم المقـروءة، والشـيوخ أمسـنا المخـطط ونحـن أدوات التنفيـذ العاقلة الطيعة التي يعـول عليهـا شـعبنـا للولـوج إلى الأفـاق الـرحبة، ونحـن إن شـاء الله لهـا.
فقـال أحـدهم: إن قالـوا هـذا فقـد صـدقـوا وتفاءلوا وسـموا الأشـياء بأسـمائهـا، فالشـيوخ منـا ولـكن هـل نحـن حقـا منهم ..؟، هـم كانـوا للبنـادق ذخيـرة وللنبـال سـهـام فهـل نحـن نصـبح الـزرع والضـرع والـدواء والقـطن والشـاش ..؟، هـم تسـلمـوا الأمانات ممـن رفـع رايـات الثـورة الفـتية وأضـافـوا لنضالنـا سـلبيـات واٍيجابيـات، فهـل نتسـلمهــا نحـن فنمضى بهـا نحـو الأهـداف الوطنية السـامية .. يفتـرض أن نتسـلمهـا تواصـلا لتبادل الأدوار وبالعـدم ننتـزعهـا اٍنتـزاعـا لتسـتقيـم مـوازيـن العـدل في الأرض والسـمـاء .؟.
وقـال الشـيـخ الجليـل: سـنـرضى عنكم إن فعلتم، وأعلمـوا أن رضـاء الله مـن رضـاء الوالـديـن، كلنـا في انتظـار الفجـر الجـديـد وعلى أيدي الشـباب الذي سـيحمل القلم والـدواية والمنجل والمشـعل وكـذلك السـهم والمـدفـع.
شـفاكم الله يا شـبابـا شـاخ على درب الكبـريـاء والنضـال، شـفاكم الله وألبسـكم ثـوب العافية ومتعكم بنعمة النظـر إلى الـوطن المحـرر أرضـا وبشـرا.
اللهم أشفهم وعافيهم واخلفنـا عنهم بـدمـاء شـابة تتلمـذ عليهم وتتعـرف على مصـدر اٍنتصاراتهم وانكساراتهم ثـم تتهيأ لقـيادة الأمة نحـو أهـدافهـا السـامية مسـتخـدمـين آليـات جـديـدة تتناسـب مـع روح العصـر ومقتضـياته:
شفي الله الفـرسـان المناضـلـين:
عبـد الله إدريس محمـد
محمـد إسماعيل عبـده
محمـد عمـر يحي
عمـر جابـر عمـر
عمـر محمـد أحمـد
أنـور محمـد نـور
وكل الـذيـن حملـوا المشاعـل عبـر سـنوات الكفـاح المسـلح ومازالـوا يفعلـون.
هـؤلاء الشـيوخ جـاؤوا بالأمـس إلى سـاحة الفـداء والنضـال يحملـون أكفانهم وأوراقهم والأقـلام، جـاؤوا شـبابـا نقيـا يحمـل قلـوبـا صـافية لا تعـرف الخصـومة والحقـد ومقاسـمة العـداء، جـاؤوا شـبابـا غـضـا زاده الطهـر وهـدفه النضـال الشـريف، جـاؤوا يحملـون همـوم الأمـس المـوروثة والعـزم كان سـلاحهم الذي يصنـع الغـد، فكان منهم الأسـيـر والجـريح والشـهيـد، ومنهم مـن ظـل يحمـل الـرايات شـابـا وشـيخـا وهـو في اٍنتظـار مـن يحملهـا عنه، ولأن لـكل أول آخـر يأتي متثـاقـلا، ولأن الحيـاة تـداول بـين الخيـر والشـر، الصـحة والمـرض، العطـاء والصـد والخمـول والشـباب والكبـر، وهـؤلاء الفـرسـان مجـرد عـينة صـادقة مـن ذلك الـكم الـوطني الشـريف الذي شـارك في صـنـع تاريخنـا الحـديـث، إذن لا نمـلك اليـوم إلا الـدعـاء لهم بالشـفاء العاجـل حتى يسـتـزيـد شـبابنـا مـن علمهم وتجاربهم وخبـراتهم التي قـد لا تتوفـر إلا في جيلهم ومـن سـبقهم مـن الـرعيـل الأول الذي مضى بعـد أن رفـع الـرايـات عاليـا في سـمـاء الـوطن الحـبيب.
فأدعو الله معي طالـبين لهم الشـفاء العاجـل، وفى ذات الـوقت فلندعوا الشـباب ليأتي متـدافعـا ليملئ الفـراغ الـذي تـركه الشـيوخ الـذيـن رحلـوا عنـا عبـر السـنوات الماضـية أو الذي سـيظـل شـاغـرا نتـيجة لمـرض هـؤلاء الفـرسـان.
جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6759
أحدث النعليقات