التحالف والضرب المبرح

بقلم :- محمد محمود عبدالله

العتاب ملح الاحباب والنقد مصحح المسيرة وموجه الغافلين والنقد قد يكون تبكيتا وتحطيما والزاما للخطأ وقد يقصد منه اصلاح وترشيد وتصحيح ، ونحن في مسيرتنا نحو التطور الحياتي فكرا ومماسة بحاجة ماسة اليه ، كما كان يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( رحم الله امرءا اهدى الي عيوبي ) وبالمقابل نحتاج الى تحويل القيم الى برامج والفكر الى الفعل والناس في تقبل النقد مذاهب فمنهم من يرفضه بالكلية من غير اعتبار للقائل والمقال ، وآخر يقبله بالكلية من غير ان يتمحص منطلقه ، ومنطقه ، وثالث  يناقشه على ضوء فكرته وامكاناته ، ويتفحص المقاصد في حالة استواء الطرفين في وجاهة الفكرة من عدمها ، كما يستبطن غائية القائل ، ومحاكمته على ضوء الخبرات السابقة.

  في الفترة الماضية كتب وتحدث عدد من المهتمين عن ضعف التحالف وعجزه عن تحقيق اي انجاز على الأرض  ، وأقرر هنا في البدء ان جل من قرأت لهم اعتقد جازما انهم احرص مني على نجاح المعارضة ، والتحالف ، وان منطلقاتهم من باب الإصلاح والحرص على المصلحة العليا ، وعلى الجميع ان يتقبل ذلك بصدر رحب ونتمثل بقول الشاعر ( لعل عتبك محمود عواقبه **وربما صحت الاجسام بالعلل )  ولكن لا بأس ان نناقش بعض تلك الاقوال ومدى انطباقها على التحالف وهل الفشل الذي تحدث عنه الأخوة يرجع للبرامج ، أم للافكار والتصورات ام أن سببه عجز القيادات وأقول:ــ

1. صحيح كلنا يحرص على الإنتصار العاجل ، ووضع نهاية سريعة  لهذه المأساة التي يعيشها وطننا العزيز ، الا أن الإشكاليات التي عمرها بعمر القضية لا يمكن ان تحل من خلال مؤتمر واحد او رغبة جماهيرية فقط فالعمل المشترك يحتاج الى ردم الهوة ، وبناء جسور الثقة بين الساسة والقادة والكادر المستنير وهذا يحتاج الى وقت كافي يزيل كدر وغبش ما خلفته سنين التيه والى مناقشات صريحة واتفاقات واضحة

2. ليس منتهى امل وامنيات قيادات التحالف هو ما تحقق ولكن ما تم انجازه ولو على الصعيد الفكري والسياسي هو شيئ مقدر ، مع التسليم بأن هذه القضايا ليست غاية في ذاتها ، الا أن استيعاب تلك القضايا التي خاض فيها التحالف هي من صميم ضمانات استمرار التعايش والثقة والفهم المشترك اليوم وغدا ، وحتى لو اختلف الناس حولها فيعتبر هنا الوضع في الاتجاه الصحيح حيث الخلاف بعد الفهم وبعد تحديد منطقة الاتفاق وتوسيعها وتحرير نقاط الخلاف وتطويقها ؛ ولو وجد مثل هذا الفهم والنقاش المعمق وسعة الصدر لسماع رأي الآخر وتقديره لما عشنا في هذا الظلام عقودا

3. يتطلب الانتصار الى توفر اسبابه وفي حالتنا فان الأدوات قسمة بين الذاتي والموضوعي  والظرف الاقليمي والعالمي وان الفعل الحاسم يحتاج الى ادوات ووسائل غير تقليدية وهذا ماليس متوفرا لقضيتنا فارتريا ومعارضتها لا يشكلان اي اهمية في الوقت الحاضر بالنسبة للقوى الدولية كما ان {الديكتاتور الإرتري} لا يهدد اي مصالح لهم ، والا فان معارضات اقل شأنا واكثر خمولا قد نفخ فيها اعلاميا حتى تورمت وكأنها شحما ، ودعمت ماديا لتصبح واقعا ، كما ان دول الجوار بيوتها من زجاج فهي احرص على طلب السلامة ، وان لم يرق لها الوضع هناك ، فلا يرجى منها فوق ذلك ، هذا اذا تجاهلنا مدى امتلاكها لاستراتيجية واضحة بشأن المنطقة ، ولا اعتقد ان الشعب الارتري في الداخل قادر اليوم ان يحمي ويدعم المعارضة مهما كان تواقا للتغيير حيث اختلفت ظروفه عن بداية الثورة ، ففي ظل غياب الدعم الحقيقي تصبح الرغبات اماني واحلام تنتظر الفرج والمدد ، فلو كان امر تحقيق الانجاز الذي يطمح اليه اليوم كل ارتري غيور في الوطن والشتات متيسرا لكانت قيادة التحالف وقيادات الفصائل احرص عليه بغية تسجيل نقاط لصالحها وتقصير أمد الظلم والمعاناة

4. يطالب عدد مقدر من الارتريين ان تعتمد المعارضة خيار المقاومة المسلحة وهو خيار قوي وشرعي في ظل نظام مستبد طاغي دموي كالذي في بلادنا كما ان مسوغاته حاضرة دائما باعتبار ان أغلب فصائل المعارضة التي تجابهه هي فصائل موجودة منذ فترة الكفاح المسلح لم تضع اسلحتها فاستمرار العمل المسلح يبدو طبيعيا ولكن الذي يظهر بان مزاج الارتريين بعد التحرير قد تغير نسبيا بالنسبة لحمل السلاح فهم يحسون ان لحظة وضع السلاح قد حانت وكلما سمعوا عن عمليات في الأطراف طالت بعض الأهالي ثارت الثائرة وان بغض بعضهم للنظام ناتج من انه يوقد نارا للحرب كلما اطفئت وقد دلت تجربة احد التنظيمات الارترية الذي حشد قرابة خمسمائة من الشباب اللاجئ في معسكره باعتبارهم من انصاره ولأنهم كانوا جنودا داخل ارتريا ولكن لم يصبح منهم في اليوم التالي في المعسكر الا بضعة عشر شخصا ولاينفي ذلك ان عددا من التنظيمات تمتلك قوى مسلحة تشكلت في ازمان غابرة كان الجميع يعشق البندقية او دفعتهم قناعات عقدية للاستمرار في ذلك ويمكن من خلال الاعلام والتوعية ان نعدل هذا المزاج ولكن اين المقومات الأخرى للعمل المسلح بحيث تحسم القضية اقتدارا

5. لا يزال هناك دعم معنوي من الجماهير الارترية للتحالف واستبشار بكل خطوة يخطوها نحو الامام أملا في تحقيق انجاز على الأرض ، ولكن الدعم المادي لا يزال غائبا فالتحالف يعاني من عجز مالي ويقاسي الأمرين من اجل ان يسدد ايجار المكتب او يوفر تذاكر سفر لقياداته واليوم لا يجد الميزانية الكافية لعقد مؤتمره بصورة لائقة فما بالك بالبرامج اليومية ، وقد وضع التحالف برامج طموحة للعمل المسلح الا ان هذه البرامج لم تجد التمويل اللازم حسب تصريحات المسئولين فهل النية والرغبة من غير ان يسندها عمل ملموس تحقق الانتصار ؟

هذا لا ينفي ان هناك قصور في بعض اوجه العمل وضعف احيانا في ترتيب الأولويات ولكن الجلد الساخن والتأنيب المتواصل الذي يمارسه الأخوة احيانا بحسن النية أخشى أن يصيب القيادات الصامدة باحباطات تمارس معها اسقاطات او سقوط وعندها ينطبق قول الشاعر

اذا كنت في كل الامور معاتبا    ** صديقك لا تلقى الذي لا تعاتبه

فعش واحدا او صل اخاك فانه   ** مقارف ذنب مرة ومجانبه

ولا يقولن احد ان لم تكن لديهم القدرة فاليتنحوا جانبا ، هم لم يحجروا الطريق على احد فمن يأنس على نفسه الكفاءة فاليتقدم ، فالتحالف في رأيي بكل سلبياته وايجابياته لا بديل عنه فاننا جميعا جربنا العمل كتنظيمات فقد كان الكل يعمل على شاكلته وانطوائيته فتجاوزنا ذلك اختيارا الى العمل المشترك فهو كدر امة خير من صفاء فرد ، والمطلوب من الأخوة الوقفة القوية وتقديم المقترحات العملية وتسويق التحالف لدى الجهات النافذة في كل بلد نستطيع ان يكون لنا فيه دور او علاقات ونبشر الأخوة أنه لا يزال في الأفق السياسي الكثير مما يبشر بالنصر والنصر صبر ساعة .

ودمتم دام الوصال،،،،،

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6806

نشرت بواسطة في ديسمبر 4 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010