تاريخ ثقافة الحرية في ارتريا
بقلم / متكل أبيت نالاي
تاريخ ثقافة الحرية في ارتريا قديم صنعته الديانات الإرترية بأفكارها الإيمانية العميقة يعززها في ذلك تماسك الفضائل الاجتماعية لشرائح الارترية المعروفة.
وفي الأربعينيات من القرن الماضي يتحدث التاريخ الإرتري عن حضور بارز للأفراد والأحزاب التي عاركت مختلف أشكال القمع والمؤامرات. وهي فترة تميزت بإبداع سياسي حر شيد فيها شعبنا أفضل الدساتير الأفريقية وأحياء فيها مبادئ الحرية وحقوق الإنسان.
ومن وقتها لم يهدأ أبناؤها ظلوا في حراك دائم يقاومون التهميش وإذلال والقمع والطغيان.
وفي دراسات تاريخية يمكن أن توثق هذا الكلام للأشخاص تحدثوا ملياً أمام الإمبراطور والشعب الأثيوبي وهيئة الأمم المتحدة , تحدثوا فعلاً بما يؤمنوا من مبادئي وحقوق مستحقة لشعب الارتري دون خوف من أحد. ونذكر منهم أكيتو وعبد القادر كبيري ومحمد عمر قاضي وعثمان هندي المعروف بكلمة( اتقوا الله) وأتو أبرهام سجيد كأحدي رواد الأحرار الذي نطقوا بثقافة الحرية أمام أعدائها وفيهم أبطال من سلموا رؤوسهم للمشانق الأثيوبية.
ثم استطاعت الجبهة أن تنهض بهذا المشروع الوطني معتمده على نصوص الدستور الإرتري حتى لا تنقطع الثورة من المعطيات الإرترية التاريخية الأولي .وبهذا أصبحت اللغة العربية والتغرنية من صلب مبادئ النضال الإرتري المتصل بذلك النص الشرعي الدستوري الذي وضعها شعبنا لثقافة راسخة فيه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحرم منها أحد.
ولا أعرف لماذا نرفض التطور المنطقي الذي جاء به تاريخنا الارتري إلى الحد الذي جعلنا نسجن ونقتل عليه المدرسون؟
وفي تأريخنا النضالي قضينا فترة طويلة نقول للقائد الارتري أنت يا فلان بدون ألقاب ورتب الفضفاضة حتى نبرهن له أنه يعمل لخدمة هذا الشعب الحر الذي سقط منه في مبادئ الحرية واستقلال ما يفوق 100 ألف شهيد من أبنائه.
لكن الإمبراطور اسياس الذي يريد اقتلاع جذور هذه الثقافة واختزالها في أنماط من الأفكار الدكتاتورية قدم لنا وصفاً لا يتوافق مع الرؤية الأصلية لنضال الإرتري وهي أساليب كلها تندرج في العمالة والبلطجة.
وفي جانب أخر تقصينا بعمق في بعض الظواهر الارترية التي تعارض من الخارج وهي الأخرى وجدنا فيها من يريدون أن يقفزوا فوق الحقائق التاريخية لشعبنا, مؤكدين لنا مرة أخرى أنهم مازالوا تعشعش في نفوسهم الأفكار المضادة للحرية والديمقراطية.
للأسف الإرتريون هم هكذا مهما تعلموا وسافروا وقرأه لا يفهمون الحقائق الارترية ,في داخل نفسهم تسكنهم رغبة الهيمنة التي تمنعهم من فتح طريق الحرية والديمقراطية لكل الناس.هؤلاء وحدهم يعتقدون أن صياغة البنيان الثقافي الارتري هو حق من حقوق القائد الحزبي هو الذي له الحق أن يفكك ما يشاء ويركب ما يشاء. شغلهم الشاغل هو إصدار بيانات باسم الشعب الارتري وهذا أيضاً ليس من حقهم تعميمه إلا بالتوافق. وعلى كل حال تهدمت ثقافتنا على أيدي هؤلاء وجرفت البلاد إلى المهالك الخطيرة ومازلنا نحاور ونناور بألفاظ الجميلة.
والهم الثاني الذي نريده من التحالف الارتري أن يجنبنا هو السعي والاجتهاد بالعمل من أجل السلام واستقرار في منطقة القرن الأفريقي, حتى لا نتعرض للمزالق المهلكة, عليهم مسؤولية
أن يسعوا بتعاون مع دول المنطقة في بناء الأمن الجماعي لخلق توازن في القوى والمصالح والاستقرار في المنطقة.
وهذا تطور منطقي خصوصاً لما لهم من العلاقات المميزة بدول المنطقة وأن يبدوه بناء هذا العمل من الآن – لا يهم حتى لو كان بدأ ببطء واستغرق بضع سنين, المهم أن تكون دول المنطقة مكملة لبعضها البعض ,ولتأخذ المنطقة اتجاها الطبيعي في محاصرة الدول المخربة التي تتلاعب بالسلام في المنطقة .
فالسلام الذي نريده مع إثيوبيا والسودان يجب أن يكون السلام الذي يخدم المنطقة كلها- ويمكن صياغته بعيداً عن وردود الفعل وبما يضمن المصلحة لكل دول.
والقرن الأفريقي ينقسم إلى وجود فرنسي وأمريكي وهى منطقة توتر دولي ذو مواقع تطل في البحر الأحمر لها مؤثراتها الخارجية في توازنات العالمية. دائماً تبرز منها تناقضات إستراتيجية وعقائدية كثيرة تعكس مشاكل غير محدودة للناس في المنطقة.
ولا يمكن لنا القضاء على هذا الخطر القائم دون حزام أمني عريض ندافع به عن وجودنا ككتلة متحدة لها مصالحة واحدة وترفض سياسة الحصار والاحتواء التي تعودت أمريكا أن تلعبها في المنطقة. وهي سياسة أمريكية قديمة جربت لفترة تزيد عن 50 عام.
أن إحباط هذه النزعة لا يمكن إلا بتطويقها عبر دول المنطقة بجدار ضاغط يمنع اختراق المنطقة وإعاقة أعمالهم الهدامة ثم يجبرهم على التفاوض في الحلول السياسية.
أن دبلوماسية دول المنطقة هي دبلوماسية منفلتة ولدت لنفسها كثير من المشاكل في مجابهات لا تخدم إلى مصلحة الدول الغربية وولدت الفقر والمجاعة واللجوء والتخلف ويجب هذه الأمور أن تكون مقروء للغرب قراء صحيحة حتى لا يضيفوا ويلات أخرى تمزق هذه الكيانات الهشة.
وللأسف دول المنطقة حينما تفجرت عليهم الأوضاع عرفوا بأن أمن المنطقة هش يمكن أن يدمر كل الدول وأصبحت كل دولة تخاف من قنابلها المؤقتة القابلة لتفجير.مما جعلها تخاف من أدواتها جيرانها القادرة على نقل القنابل إلى عقر دارها في وقت قصير. وهكذا أصبح الحرب يفرض نفسه في كيانات مليئة بالشروخات والتصدعات الاجتماعية. لأن المنطقة نفسها هي التي استضافت مشاكل ومحاور التي أسهمت في بروز هذه النزاعات لم تكن موجودة أصلاً.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6839
أحدث النعليقات