الحية التي نفخ لها المهرج المزمار
بقلم / متكل أبيت نالاي
الحرب هي موتا وخرباً ودماراً تنشئ المآسي للخاسرين والأفراح للمنتصرين, إلا أن الطرفين يتذوقان الفقد الذي لا محالة منه. ولا يوجد منتصر إلا على حساب ضحايا ومآسي أتباعه, والرئيس الإرتري غير معني بما حدث لشعب الإرتري, فأمجاده مربوطة بنتائج حروبه مع خصومه من عهد طويل, ظل دائماً يحول حروبه الخاسرة والمتعثرة إلى شعر وأغاني وتاريخاً وأحاسيس ملئت بالقوة والرضا عن النفس حتى حينما انكسرت جيوشه كان يحمل تنظيمه نفس الأغاني القديمة, وهي موضوعة ليبهر بها الشعب بطريقة كفاحه الأولى أو ليعرف من جديد هزائمه على إنها انتصاراً , حتى وإن كانت من أجل البقاء في السلطة.
على كل حال أن الحرب صعب تقدير نتائجها تقديراً سليماً, والحرب الإرترية الإثيوبية مازالت تشكل اختبارا كبيراً للبلدين وحلولها مازالت مجهولة. ولا احد منهم كان يعرف ما يجب أن يعملوا لتجنب الحرب من البداية.؟ وبعد التورط في الحرب اتضح للحكومة الإرترية بأن الارتهان إلى القوانين الدولية وحده لا يحقق السلام. كما أن نصوص المحكمة الدولية تكون ذات معنى فقط عندما ترعها أمريكا والدول الغربية. وهذا العامل غير متوفر على صعيد الواقع.(الشاهدة أولبرايت ماشافتشي حاجه.)
وللحق علينا أن نقول بأن الحرب الإرترية الإثيوبية, كانت مجرد عبث وجنون فتكت بالبشرية, فالحرب التي تقع نتيجة تهور الرئيس هي حرب غير عادلة سقطوا أبطالها وهم على يقين قاطع بأنهم يموتون لسبب يراه الرئيس إنه عظيم. فتمجيد الشهداء هو تمجيد للحظة التي سقطوا فيها. وكانت هذه ألحظة في هذه الحرب الجنونية تشبه أثرها أثر نقطة ماء على حجر ساخن, كانت عليهم أي الطرفين أن يتحلى بالصبر بقدر الإمكان لتجنب وقوع مثل هذه المآسي, ولكن تصرف إرتريا كان يبعث على الحيرة ومبني من بداياته إلى منبع واحد يتمتع بعقلية خرافية مفرطة في الحرب. وهنا كان يكمن الخطأ الإرتري القاتل, أي في الإمعان في الحروب والبلبلة في المنطقة وصيد في الماء العكر.فقد دخلت إرتريا النفق بكامل وعيها وتوغلت فيه وكلما توغلت أكثر بدأت تبتعد عنها بؤرة الضوء وأصبحت الخروج منه صعب للغاية نتيجة للعربدة السياسية التي تبنتها إرتريا والتي أفقدتها شعبها وجيرانها والدول الصديقة لها.
ومنذ توقيع اتفاقية الجزائر شعرنا بأن إرتريا بدأت تهادن إثيوبيا بأءنسحابها25 كيلومتر في الأراضي الإرترية من طرف واحد. حصل ذلك حينما وجدت نفسها أمام فرص ضئيلة للنجاة من الكماشة الإثيوبية. وهنا نتساءل ما معنى أن ترضخ هكذا أمام القوة الإثيوبية, وتدخل في الاتفاقية وأنت لا تملك شياً صالح للمناورة السياسية, لهذا أسلحت الدولة الإرترية الدبلوماسية من البداية لم تكن صالحة للمواجهة, فالرئيس أيبح لنفسه أن يأخذ مسؤولية توقيع على القرارات كلها. وإنه كان على دارية بأن هذا القرارات يمكن أن تحافظ على السلطة ولكن لم يكن متأكداً أنه سوف يسترد الأرض كلها,
وفي جانب أخر أن إرتريا وإثيوبيا تحظى بقبول عند الغرب ولكن إثيوبيا سبقت إرتريا على تأثرها السياسي في الغرب, واستحوذت على كل القوى الفاعلة في الغرب وتنامت دبلوماسيتها بشكل غير مرئي لدبلوماسية الإرترية الغافلة في أمور دارفور وجنوب السودان. في بعد الأحيان كان إسياس يتذمر بمشاعر من المرارة نتيجة عجز الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأفريقية في حل مشاكله. وكان في بحث دائم حول من يدفعوا بالمفاوضات التي تجبر إثيوبيا قبول قرار مفوضية الحدود كما نزل على البلدين. كما حاول عبر وسائل دبلوماسية فردية وشخصية, مثل تلك التي قام بها إلى الرئيس مبارك والقذافي, شرحاً لهم أبعاد الكارثة الإنسانية للاجئين وعرض مخاوفه فيما لو استمرت إثيوبيا على العناد وعرض النوايا الحسنة من جانب إرتريا. وهكذا بقيت الطريق متعثرة أمام الدبلوماسية الإرترية.ومع ذلك تحرص أمريكا على أن يتم تسوية هذه الأزمة سلمياً كما تقول. ولأنها شعرت بأن الرئيسان الشريكان لها أصبح وضعهم غير ثابت وهم يواجهون صعوبات جمة, والحرب نفسها تهدد وجودهم ولا تسمح لهم بشن حرب جديدة لاستعادة بادمي أو لدفاع عنها.. ثم وجدت أمريكا فرصتها في الرئيس الإرتري الذي وضع بلاده أما خيارات غاية في الصعوبة والتعقيد لعدم فهمه لمتطلبات التعايش في المنطقة. بالإضافة لإدارته سياسة خارجية فاشلة بكل المعايير.
أن هذه الحرب حتى وإن هدأت سوف تخلق وضعاً جديداً وإستراتيجية جديدة في المنطقة لأن المنطقة بهذه الحرب أخذت مجرى أخر وبدأت المفاوضات المعقدة بين البلدين برعاية أمريكية, ومهارة إثيوبية تطبخ في المطبخ الأمريكي, بحجة معالجة وضع المنطقة أي في إحداث توازن بين المطالب الإثيوبية وقرارات المحكمة العدل الدولية. وإيجاد علاقات سليمة بين الدولتين وتفحص معايير حقوق الإنسان في المنطقة. وهذا ينطوي على مضامين خطيرة على إرتريا, مازالت إرتريا تدرس اقتراحاتهم وهي يائسة تماماً بأن الوضع ليس في صالحها. وورطة النظام تكمن في إيجاد حل لا يعارضه الشعب الإرتري ويسخط عليه حزبه.أما إثيوبيا تعول على المبادرة الأمريكية النجاح.
أن العالم يحاول أن يكتشف الرجل الذي يملك مفاتيح القوة حقاً في المنطقة, وإثيوبيا تعرف كيف تتكئي على المصادر التي يعتقدون بأنها تفيد توجهاتهم وتخدم أغراضهم السياسية, يعرفون كيف يثبتون ما يشاءون من المعلومات ضد إرتريا. أما إرتريا ظهرت بمظهر الكاذب لن تقدر أن تحرك ساكناً ضد جيرانها أشاعت وهماً بالكذب للغرب. وأن أي قضية تبناها نظامها حدث فيها مفعول عكسي وهذا ما يؤكده الغرب, بأن الرئيس مهووس بالتأويل الأشياء وعكس سلبياتها وهولا تعجبه غير نظامه ولا يرى سواه ولا يقبل أحد أن ينتقده.لأن خبرته الدبلوماسية لا تؤهله للقيام بدور القوة الإقليمية في المنطقة وهو نشط فقط ومتخصص بتفجير بالونات من الدعاية الإعلامية المستبدة ضد جيرانه.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6863
أحدث النعليقات