ماذا بعد؟
إلى الفنّان الكبير/ إدريس محمد علي
بقلم/ موسى أحمد إسماعيل
هل من مصدق أن المناضل والفنّان الكبير/ إدريس محمد علي، الذي تغنى بإرتريا وشعبها ونضالها الوطني، وأفنى جل حياته يناضل باللحن الشجي والكلمة المؤثرة والمعبرة، يكون نزيل أحد سجونها، لاأحد يدري أين هو، ام ماهي الجريمة التي ارتكبها !!! أيعقل أن يكون شخص مثل إدريس وبقامته سجيناً في وطنه الذي تغنى به ومن أجله؟
نعم !!! هذا هو الواقع الأليم الذي نعيشه اليوم في إرتريا، ولكن إذا سألنا ماذا بعد في جعبتكم لتفاجئونا به يا عصبة الصعاليك التي تحكم باسم العدالة والديمقراطية في إرتريا وهم عنها بعيدون بعد الثريا عن الثرى. ما ذا بعد، بعد أن هتكتم الأعراض والشرف، وفتكتم برموز ديننا وثقافتنا من يوم بدأتم اعتقالاتكم الليلة التعسفية للشيب والشباب، وأخفيتم أماكن تواجدهم عن أسرهم، وحتى عن بعض العاملين داخل النظام نفسه.
السؤال الذي يكرر نفسه ………. ما ذا بعد؟؟؟ ….. ما ذا بعد؟؟؟؟ ثم ماذا بعد؟؟؟؟؟
وسؤالي هذه المرة يتجه إلى الشعب الإرتري عامة وإلى الناطقين بلغة التجري على وجه الخصوص وأنا واحد منهم …….. ما ذا نحن فاعلون؟؟؟؟؟؟ ها هو إسياس وزمرته يقولون لنا كل يوم يعتقلون فيه ويبطشون برمز من رموزنا الوطنية ……… ما ذا أنتم فاعلون؟
ها هم يقتلون أبناءنا وبناتنا، ويسخرونهم عبيدا لهم ولمآربهم الخاصة، وبقصد الإذلال والإمعان فيه مرة تحت مسمى الخدمة الوطنية، ومرات عديدة بل غالباً دون أي مبرر. ها هم يقولون لنا نحن نقتل شيوخكم وأمهاتكم ونصادر أراضيكم، وهذا يحصل يوميًّا، وعلى مرأى ومسمع الجميع، ثم يقولون لنا ما ذا أنتم فاعلون للمرة الألف. والسؤال الآخر موجه إلى تنظيمات المعارضة التي من المفترض أن تكون مأوى وملجأً لشعبنا، لكنها بدلاً عن ذلك نجحت تلك التنظيمات في تكريس وتعميق حالة التشرذم والتفتيت…. لا في إنقاذ شعبنا. ما أنتم فاعلون؟
أعود مرة أخرى إلى موضوعي الأساسي الذي كان السبب في كتابة هذا الموضوع ….. وهو اعتقال عدد من الوطنيين الإرتريين الذين تشهد لهم عطاءاتهم وإسهاماتهم بدور وطني مشهود، من بينهم بل على رأسهم الفنان/ إدريس محمد علي. لست هنا بصدد رصد إسهامات إدريس وسردها للقارئ الكريم، لكنني أرى أنه من الواجب عليّ اليوم أن أحكي شيئًا من ذكرياتي مع إدريس الفنّان والمناضل. مرة كنت أعزف مع إدريس في حفلة بمناسبة انعقاد مؤتمر اتحاد العمال التابع لقوات التحرير الشعبية، في عام 1977، في معسكر “قروّيت”، وكان في تلك الحفلة أيضاً الفنان الكبير/ عثمان عبد الرحيم، والفنّانة/ سعدية. في هذه الحفلة بدأ الفنان إدريس يغني أغنيته الشهيرة:
إب سبتكم مسؤولين وحدت أفيات إي أتيت
سنين ديبا تكلسا حلم قبأت وتمنيت
لام حلم لتفسر ناينا من كلّو أكيت
لو حولنا ترجمة هذه الكلمات لمن لا يجيد لغة التجري فهي تقول: ” بسببكم أيها المسؤولون، لم تتحقق الوحدة. ومضت السنين ونحن نحلم بها ونتمناها. وحتى الأحلام يجد لها الإنسان من يفسرها له، أماّ حالنا نحن صار أسوأ من ذلك بكثير”. في هذه الأثناء قام أحد المسؤولين، رحمه الله، بصرف أوامره بإطفاء التيار الكهربائي حتى لاتستمر الحفلة، وهذا ما حدث فعلاً.
في الختام لايسعني يا أبا خالد إلاّ أن أقول لك، مني كل التحية والإكبار لك. وأنا على يقين أنك رجل التاريخ دخلته من أوسع أبوابه، وهي بوابة الفن، وسجلت فيه اسمك بمداد من ذهب حتى لو حاولوا تغييبك في السجون فهم لن يستطيعوا ذلك لأن اسمك سيبقى محفورا في ذاكرة هذا الجيل جيلي أنا، وكذلك في ذاكرة الأجيال القادمة. ولن يتمكن تجار القبور، ومشعلي الفتن والحروب، قتلة الأبرياء من الشيوخ والنساء والشباب أن يغيبوك في مثل هذه الأيام العصيبة التي يمر بها شعبنا. وأنت واحد من رموز هذا الشعب الأبي ، وأبيت إلاّ أن تشاركه حتى في السجون. اللهم ياالله يا حي ياقيوم فك أسر شعبنا من هؤلاء الطغاة …. وما ذلك على الله بعزيز.
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6890
أحدث النعليقات