كـــفى خــــداعـــــــا
التحالف الديمقراطي الإرتري
18.04.2006
منذ مدة ونظام أسياس يحاول إخفاء حقيقة أوضاعه الداخلية . البعض يعيد ذلك إلى عادة درجة عليها منذ نعومة أظفاره وما تزال. ولكن السؤال الذي يتبادر هو ما دام الأمر كذلك لماذا إذا الحديث عنها وكأنها ظاهرة جديدة طرأت على سلوك النظام الآن ؟ . والإجابة ببساطة ، الحديث عنها ليس لجدتها أو لأنها حالة طارئة على النظام ، وإنما ذلك نتيجة إلحاح وإصرار النظام على إخفاء حقيقة أوضاعه الداخلية ، في مقابل التظاهر بتبني قضايا الآخرين ، وتجسير العلاقة مع بعض دول الجوار على قاعدة ” عفا الله عن ما سلف ” والبحث بلا حياء عن دور إقليمي جديد لنظامه غير واضح المعالم .
وما يؤكد ذلك تسخير النظام كل وسائل إعلامه في الاهتمام بشئون دول الجوار وتأجيج الصراعات فيها ، كما تعقد مؤسسات النظام العليا اجتماعات حول قضايا الدول المجاورة وكيفية التعامل معها . والمفارقة العجبية أن نظام أسياس يتهم الدول المجاورة بمعاداة الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان وتهديد وحدة شعوبها ، مع أنه يأتي على رأس قائمة الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان والحريات العامة في العالم ، ولا يحق له التشدق بها إلا على طريقة ” تنهى عن خلق وتأتي بمثله …. وعفوا للتحوير .
الحقيقة على نظام أسياس إزالة الغشاوة التي على عينه ، والكف عن مطالبة شعوب دول الجوار بالضغط على أنظمتها لتبني الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون ، أولا حتى لا تفقد تلك المضامين مصداقياتها ، وثانيا أنه غير مؤهل للدعوة إليها في وقت يتصدى هو لذبحها في إرتريا ، وثالثا لأنها دعوة تدعو للإستغراب والدهشة أكثر من أي شيئ آخر ، وفوق ذلك تمثل استخفافا واستحقارا بالشعب الإرتري ، الذي عليه الآن ألا يقف عند حد الاستغراب ، بل لابد أن يقول للنظام ما يجب أن يقول له الآن وقبل الغد .
من الصعب التصديق بأن نظام الشعبية هو من دعاة إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان وإعلاء قيم الحق والعدل والقانون ، في وقت يحتكر وحده السلطة في إرتريا ، ويقوم باعتقال الأشخاص دون جريرة وزجهم في سجون مجهولة ودون محاكمات ، ويقوم بفرض غرامة مالية تبلغ ( 50.000 ) نقفة على أسر وأقارب الشباب الفارين من جحيمه بتهمة التواطؤ معهم وتسهيل هروبهم ، وفي وقت ما تزال القيادات التي طالبت بعقد الاجتماعات تقبع في السجون ولا يعرف مصيرها حتى الآن ، وهو الذي أشعل الحروب مع دول الجوار التي تمخض عنها لجوء ونزوح أعداد كبيرة من الشعب الإرتري إلى دول الجوار والداخل . نظام ينتهك حرمة الأديان ويعرض وحدة شعبنا للخطر ، وفشل في الحفاظ عليها .
ونظام هذا سلوكه وواقعه ليس بوسعه بالتأكيد خداع أحد وإخفاء هذا الواقع ، وإقناع أحد أنه حريص على انجاز الديمقراطية والاستقرار في أثيوبيا والسودان واليمن في وقت يذبحها في بلاده . وإنما يدل هذا على مدى سخرية واستخفاف هذا النظام بالشعب الإرتري ونظرته الاستعلائية تجاهه . ولا يساورنا أدنى شك بأن هذه المحاولات لا ولم ولن تنطلي على أي إرتري أو تجد قبولا لديه .
ولكن من يدري ربما هناك بعض الإرتريين الذين يرون الصحة في ادعاءات نظام الشعبية ، ويتمادون في مواصلة ولائهم له وقرروا الاستمرار في طريق الضياع نظير بعض المصالح الشخصية الآنية التي يحصلون عليها من نظام الشعبية وعلى حساب شعبهم وبلادهم . وهؤلاء ليس فقط أختاروا الطريق الخطا ومعاداة الشعب ، بل هم مسئولون عن وضع النظام الذي ينحدر نحو الهاوية بسرعة . وأن ما آل إليه مصير الرئيس اللبيري السابق ” شارلس تايلور ” لن يكون بعيدا عن أسياس أفورقي … ووقتها هل سيصفق له هؤلاء الذين يصفقون له الآن أم لا ؟ وعندها أيضا لن يتناسب الأسف الذي يمكن أن يعبروا عنه مع ما ارتكبوه من تفريط في حق الشعب والوطن في السنوات التي خلت … وللنأي من هذا المصير المحتوم نقول لهؤلاء الآن ومن على البعد وقبل فوات الآوان عليكم باغتنام الفرصة الضيقة التي بقيت قبل السقوط الكبير الذي لاينفع عنده الندم مهما كان حجمه وطرق التعبير عنه ، الإنحياز لمصالح شعبكم وبلادكم ، وإلا فالطامة الكبرى آتية لا محالة ، وإن غدا لناظره قريب ..
لقد أفادت الأخبار الواردة خلال الأيام القليلة الماضية بأن مجلس وزراء النظام قد انعقد وناقش استراتيجية الأمن الوطني وعلاقاته بدول الجوار ، حتى أن بعض بنود الاجتماع كانت تتعلق باختيار نوع الحكومات المناسبة لبعض الدول المجاورة ، وهو أمر يدعو للدهشة والاستغراب ، خصوصا وأن النظام يحاول تسويق نتائج اجتماعاته لدى الشعب الإرتري باعتبارها معنية بقضاياه وهمومه .
وقناعتنا أن نظام الشعبية يقوم بالتدخل في شئون الغير وفي ما لا يعنيه ليس عن جهل ، وإنما يحاول إقناع الشعب الإرتري بأن هناك شعوبا أخرى تعيش أوضاعا أسوأ من أوضاعه . ولكن في حقيقة الأمر لا يوجد نظام في الوقت الحاضر بعيد كل البعد وبكل المقاييس عن آمال وتطلعات شعبه كما هو حال نظام الشعبية . ومن ثم لا يمكن أن يكون نظام الشعبية نموذجا لنظام يمكن أن يحتذى أو يتطلع إليه الآخرون . وهو جدير فقط بمعادات آمال وتطلعات مواطنيه وهي مكانة بالتأكيد لا يحسد عليها ولا تتطلع إلي بلوغه الأنظمة السوية التي تحترم شعوبها .
وأيا كان وكما يقال ” الحولاء تكتحل لناظريها ” فالنظام يحاول استخدام وسائل الخداع التي ماعادت تنطلي على أحد ولا بمقدورها إخفاء وجهه القبيح . وأن نهج النظام ليس فقط يثير استغرابنا فقط ، بل يثير استغراب العالم أجمع . فكل التقارير التي صدرت في عام 2005 م ، من مختلف الهيئات الحقوقية العالمية نددت بانتهاكات النظام لحقوق الإنسان في إرتريا وكشفت سوءات النظام وممارساته . وبالتالي فإن محاولة إخفاء الحقائق لا تصلح إلا لتكون إحدى وسائل إضعاف النظام نفسه.
الجهات الخارجية التي تراقب الوضع في إرتريا بدأت في تخفيض مساعداتها التي كانت تقدمه لنظام الشعبية ، كما أن الإرتريين الذين كانوا يدعمون النظام ويسيرون في ركبه حتى وقت قريب بدأوا في التخلي عنه وحجب دعمهم المادي عنه . وهذا الوضع أدى لتدهور خزينته مما جعله يخنق أنفاس المواطنين بفرض غرامات مالية باهظة تفوق إمكانياتهم .
الموضوع الآخر الذي لا نود تجاوزه دون تناوله والتطرق إليه هو ممارسات هؤلاء الوزراء الذين نشاهدهم يحيطون بأسياس الذي اعتقل زملائهم لمجرد أنهم نادوا بالإصلاح السياسي ، وطالبوا بعقد اجتماع بموجب القوانين السائدة الذي أقره النظام بمحض إرادته ، هؤلاء الوزراء الذين يرددون ليل نهار وعلى الملأ وبلا خجل ( أن أسياس يملك بيده نماؤنا وتخلفنا ) ، أي بيده الخير والشر إذا أراد نفعنا وإذا أراد أضرنا. وفي الحقيقة أنه أحقر من ذلك .
هؤلاء الوزراء على الرغم من أن أسياس من أجل إطالة أمد بقائه يقحم الشعب الإرتري في قضايا لا تمت بصلة لقضاياه وهمومه إلا أنهم لا يكترثون لمعاناته ، وقساوة الحياة التي يكابدها الشباب الإرتري في اللجوء ، ولامعاناة من هم بالداخل ، كيف يهتمون ويكترثون وأبناءهم يعيشون في رغد العيش . لقد فضل هؤلاء الوزراء الاسهام في بناء مجد أسياس الزائف والمؤقت ، بدلا من الإنحياز للشعب الإرتري الذي اغتصب أسياس ثمرة تضحياته.
ولكن عليهم فقط ألا ينسوا وبغض النظر عن متى يكون ذلك أن الشعب الإرتري الذي ما يزال يخفي جراحاته وآهاته ، سينتفض يوما وينتصر لذاته ويرمي هؤلاء في مزبلة التاريخ .
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6972
أحدث النعليقات